ثانياً :- الثورة الصناعية فى اوربا وأثرها على القارة الافريقية:-

ومنذ نهاية عصر تجارة الرقيق دخلت أوربا مرحلة الثورة الصناعية ،
وأستثمرت ارباح تجارة الرقيق فى الأنتاج الصناعي ، وأخذت تستفد من علاقاتها التجارية العادية مع القارة الافريقية وغيرها من القارات ،
فنمت قدراتها التكنولوجية ، وتفوقت صناعياً وزادت طاقاتها الانتاجية[1]
وأوجدت الثورة الصناعية فى أوربا حوافز جديدة دفعت عجلة الاستعمار الأوربي
فهذه الثورة أدت الى الانتاج الكمي Mass production)) الذي يترتب عليه التخفيض فى تكلفة الانتاج ،

وذلك بدلاً لسد الحاجات الضرورية للمواطنيين فحسب ، فأصبحت الحاجة ماسة الى المواد الخام ثم الاسواق لتصريف الفائض من الانتاج.
ووجدت الدول الصناعية فى أفريقيا مجالا طيباً حيث تتوافر المواد الخام الزراعية والمعدنية بالأضافة الى السوق الواسعة لتصريف الفائض من منتجاتها من الانتا ج وذلك بعكس الوضع فى اوربا[2].

ومنذ عام 1880م كان التكالب للحصول على الاسواق للمنتجات الاوربية فى افريقيا من اهم دوافع التى دفعت الدول الاوربية لاستعمار اجزاء من القارة
وقد برزت منطقة حوض الكنغو والنيجر بمثابة الممرات الطبيعية نحو الاسواق الداخلية التى كان رجال الصناعة فى اوربا يبحثون عنها لتصريف فائض رأس المال[3]

وقد استطاعت اوربا ان تهدم الصناعات المناظرة لها فى افريقيا وتحل محلها ما تنتجه مصانعها فى فى نهاية الامر .

فعلى سبيل المثال ، لم يكتفِ الاوربيون بقدرتهم العالية على المنافسة فى مجال صناعة الاقمشة بل قاموا بغلق اسواق وتوزيع الاقمشة الافرىقية المصنعة محلياً فى منطقة ساحل غانا اواخر القرن الثامن عشر واغرقوا هذه الاسواق بالاقمشة المصنعة لديهم وأَطر المنتجون الافارقة الى التخلي عن مهنتهم ، وانتهت بذلك صناعة كان يمكن ان يكتب لها التقدم لولا ما صادفته من عقبات سببها المنافسة الاوربية.
__________________________________________________ ___________________

[1] محمد بهاء الدين متولي،المرجع السابق،ص83

[2] شوقي الجمل وعبدالله عبد الرازق ابراهيم ،المرجع السابق ، ص56

[3] عبد الله عبد الرازق ابراهيم و شوقي الجمل ، درسات فى تاريخ غرب افريقيا الحديث والمعاصر ، ص47