أقبل على مكة نشوان مغتبطا .. صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والالم بيد أن الغاية التى يسعى اليها أنسته جراحه وأفاضت على روحه الحبور والبشور ودخلها متنكرا , كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوفوا بألهة الكعبة العظام أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه أو طال به السفر والترحال فأوى اليها يستريح ويتزود .
فلو علم أهل مكه أنه جاء يبحث عن محمداً صلى الله عليه وسلم ويستمع اليه لفتكوا به وهو لا يرى بأسا فى أن يفتكوا به ولكن بعد أن يقابل الرجل الذى قطع كل تلك المسافه لكى يقابله وبعد أن يؤمن به ان اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته ولقد مضى يتسمع الانباء من بعيد وكلما سمع قوما يتحدثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم أقترب منهم حتى جمع من نثرات الحديث ما يدله على مكانه .
فى صبيحة احد الايام فذهب الى المكان الذى دٌل عليه فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحده فاقترب منه
وقال : نعمت صباحا يا أخا العرب
فأجاب الرسول عليه السلام : وعليك السلام أخاه
قال أبو ذر : أنشدنى مما تقول
فاجاب الرسول عليه الصلاة والسلام : ما هو بشعر فأنشدك ولكنه قـرآن كريم
قال ابو ذر : اقرأ على ..
فقرأ عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام : وأبو ذر يصغى .. ولم يمضى من الوقت غير القليل حتى هتف أبو ذر " أشهد أن لا اله الا الله وأشهد ان محمدا عبده و رسوله "
فسأله النبى : ممن أنت يا أخا العرب ... ؟
فأجابه ابو ذر : من غفار ...
فتألقت ابتسامه على وجه الرسول صلى الله عليه وسلم واكتسى وجهه الدهشة والعجب .
فضحك أبو ذر كذلك فهو يعرف سر ذلك العجب الذى كسا وجه الرسول صلى الله عليه وسلم حين أن هذا الذى يجهر بالإسلام امامه انما هو رجل من غفار ... !!!

فغفار هذه قبيلة لا يدرك لها شأن فى قطع الطريق وأهلها مضرب الامثال فى السطو غير المشروع أنهم حلفاء الليل والظلام والويل لمن يسلمه الليل الى واحد من قبيلة غفار أفيجئ منهم اليوم والإسلام دينا غصاً خفيا ..؟
ويقول ابو ذر وهو يروى القصه بنفسه في الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس ‎ : فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ويصوبه تعجبا لما كان من غفار , ثم قال : ان الله يهدى من يشاء
ولقد كان أبو ذر رضى الله عنه أحد الذين شاء لهم الهدى وأراد بهم الخير وانه لذو صبر بالحق فقد روى عنه انه احد الذين يتألهون فى الجاهلية أى يتمرد على عبادة الأصنام ويذهب الى الايمان باله خالق عظيم وهكذا ما كاد يسمع بظهور نبى يسفه عبادة الاصنام وعبادها ويدعو الى عبادة الله الواحد القهار حتى حث اليه الخطى وشد الرحال .
******************
يتبع إن شاء الله

.udl hgluhvqi >>> , u], hgev,hj