المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الداعي
أيها الشهاب, تحية طيبة, وبعد:
1. إن كنت تظنُّ أنَّني أستخدم تعبير (اللابثون فيها أحقابا ثم يخرجون) قاصدًا قول الله y: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾, (النبأ: 23), فقد أخطأتَ الظنَّ. فانتبه.
2. ولهذه اللفظة: ﴿أَحْقَابًا﴾ وجهان:

ü وجه يفهم منه أنها أحقاب منتهية, ومن فهم هذا الفهم انقسم إلى ثلاثة أقسام:
1) أنَّ أهل الشرك والكفر يخرجون من جهنَّم, ثمَّ ينسخونها بغيرها من الآيات, فيثبتون الخلود لهم.
2) أنَّ أهل الشرك والكفر يمكثون هذه الأحقاب لا يذوقون بردًا ولا شرابًا, أي الآية متصلة بما بعدها هكذا: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا﴾, (النبأ: 24). ثمَّ بعد هذه الأحقاب يأتي عذاب آخر, يخلدون فيه.
3) أنَ الآية مختصة بالموحدين العاصين.

ü وجه يفهم منه أنها أحقاب متوالية خالدة؛ لذلك أهل الشرك والكفر مخلدون في جهنم.

3. ولتحري وجه الحقِّ في هذه المسألة أقول:

- الآية تخبرنا عن أناس طاغين لا يؤمنون بحساب ولا عقاب, ويكذبون الرسل.
- جميع آي القرآن الكريم تخبرنا أنَّ من هذه حاله وتلك صفاته فهو مخلدٌ في جهنَّم أبدًا: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾, (طه: 74).
- سياق الآية يبين أن هؤلاء من عذاب إلى عذاب, ولن تصيبهم رحمة, أي رحمة: ﴿فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا﴾, (النبأ: 30).
- وعليه, فالوجه الحقُّ هو الوجه الثاني, أي تعبيره ﴿أَحْقَابًا﴾ كناية عن التأبيد في سنن العرب بطريقة كلامهم, ويؤيد هذا الفهم جميع الآيات التي تتوعد أهل الشرك والكفر بالخلود.

- والوجه الأول باطل باحتمالاته؛
1) فمن نسخ الآية فقد أخطأ؛ لأن الآية خبر, والنسخ لا يقع إلا في الأحكام.
2) ومن خصَّ هذه الأحقاب بنوع من العذاب فقد أخطأ؛ لأنه تأويل يخرج عن سياق الآيات.
3) ومن خص الآية بالموحدين العصاة فقد أخطأ؛ لأنه لا يصدق على الموحدين قوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا﴾, (النبأ: 28).

4.أخي الشهاب, وفقك الله للخير.
أخي الداعي ، السلام عليكم

في ردك على تعقيبي ، قلت ما يأتي :

اقتباس : size=5]1. إن كنت تظنُّ أنَّني أستخدم تعبير (اللابثون فيها أحقابا ثم يخرجون) قاصدًا قول الله y: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾, (النبأ: 23), فقد أخطأتَ الظنَّ. فانتبه.[/size]

و أسألك : لماذا اخترت الصيغة القرآنية تلك عنوانا للقسم الثاني ، مع أن مدلولها كما وافقتني على ذلك لا ينصرف بأي شكل من الأشكال إلى صنف عصاة الموحدين ، و المنهجية العلمية تقتضي أن يوافق العنوان سياقه الدلالي ، ليتلاءم مع مقتضى ما يندرج تحته . أما إذا كنت تقصد بالعنوان ما تقصد أي صنف عصاة الموحدين ، فقد جانبك الصواب في ذلك ، لأن دلالة السياق القرآني التي ينطوي عليها العنوان لا تطاوع مقصدك ، و لذلك عليك أن تبحث عن عنوان آخر أكثر دقة للتعبير عن محتوى القسم المراد معالجته . هذا من ناحية ، أما من الناحية الأخرى المتعلقة بمدلول " لابثين فيها أحقابا " ، فمدار خلاف العلماء هو حول مدلول " أحقابا " التي جاءت كما ترى بصيغة الجمع ، و جاءت نكرة . و هي مسألة - كما قلت آنفا - خلافية بين العلماء فيمن يقول بفناء النار و من يقول بخلودها . و لا أريد أن أفتح هذا الموضوع بيننا ، لأن التفصيل فيه يذهب بنا مذاهب شتى .
أرجو أن لا تتضايق من كلامي ، و جزاك الله خير الجزاء ، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .