وأما الشيخ يوسف النبهاني فلقد كان رئيسا لمحكمة الحقوق في بيروت وكان معروفا بالصلاح والتقوى ولقد اجتمع بالشيخ محمد عبده وأوضح فكرة محمد عبده ودحضها شعراً ونثراً نثراً في كتابه(شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق وشعرا في قصيدته(الرائية الصغرى)وهي قصيدة تبلغ(553) بيت ويقول منها

تراهم اباحيين أو هم نظيـرهم إذا كنت عن أسرارهم كاشف السترا
وكل امرئ لا يستحي في جداله مـن الكذب والتلفيق مهما أتى نكرا
فمـن قال صلوا قال قائلهم له يجـــوز لنا في البيت نجمعها قصرا
وإن قيل لا تشرب يقول شربتها بقصـد الشفا أو قال ليس اسمها خمرا
فيجهر كـل بالمعاصي مجادلا بـما نفـث الشيطان في قلبـه سرا
فلا صام لا صلى ولا حج لا حبا فـقـيرا وإن أودى به فـقره فقرا
وفي الألف منهم واحد ربما أتى مسـاجدنا لكـن إذا كان مضطرا
ثم يقول
أولئك أنصار الضلال وحزبه
وإن قدر الرحمــن منهم لنا نصرا

فإياك أن تغترَّ منهم بفاجرٍ
وإن أنت قد شاهدت من نعله الخيرا

أشد من الكفار فينا نكاية
وأعظــم منهم في ديننـا ضرا

من الكفر ذو الإسلام يأخذ حذره
ومن هؤلاء القوم لا يأخذ الحذرا

ويقول في التقائه بالأفغاني ويشرح هذا فيقول:
أتى مصر مطروداً فعاث بقطرها
فيا قبحه شيخا ويا حسنه قُطرا

وكنت بذاك الحين فيها مجاوراً
بأزهرها صاحبت أنجمه الزُّهرا

حضرت بفقه الشافعي خطيبه
على شيخ شربينٍ فألفيته بحرا

وجاء جمال الدين يوماً لدرسه
فألقى على الأستاذ أسئلة تترى

ففاضت عليه من معارف شيخنا
سيولٌ أرته علمه عنده قطرا

وإذ شم منه الشيخ ريح ضلالة
والحاده أولاه مع طرده زجرا

وحين أتاه ذلك الحين عبده
وأمثاله أفشى لهم ذلك السرا

أسر لهم محو المذاهب كلها
يرجع هذا الدين في زعمه بكرا

ويقول عن صداقة محمد عبده لكرومر
تولع بالدنيا وصيَّر دينه
اليها على ما فيه من خفةٍ جسرا

يميناً إذا كانت يميناً وان تكن
يساراً سعى يعدد اليها من اليسرا

فمن جهة يدعى الإمام ويقتدى
بأعمال أهل الكفر من جهة أخرى

يذم خيار المسلمين وعندما
يرى حاجة للكفر يستحسن الكفرا

وأيد أعداء البلاد بسعيه
وأوهم أهل الجهل إن بهم خيرا

وقد ضلَّ في القرآن مع عظم نوره
كما خبطت عشواء في الليلة القمرا

احذر كل الناس في كتب دينه
وبالرد والإعراض تفسيره أحرى

ثم يقول عن تصرفاته وصلاته
يعاشر نسوان النصارى ولا يرى
بذلك من بأسٍ وإن كشف السترا

ويأكل معهم كل ما يأكلونه
يشربها حمراء إن شاء أو صفرا

ويفتي بحل المسكرات جميعها
إذا هي بالأسماء خالفت الخمرا

وبأكل مخنوقا ويفتي بحله
لئلا يقولوا أنه ارتكب الوزرا

وقد كنت في لبنان يوما صحبته
لقرب غروب الشمس مع ضحوة كبرى

وصليت فرض الظهر والعصر بعده
لديه وما صلى هو الظهر والعصرا

وقبل غروب الشمس صاحبت شيخه
لقرب العشا أيام جاورت في مصرا

ولم أره أدى فريضة مغرب
فقاطعت شيخ السوء من أجلها الدهرا

اننا حين سردنا جانبا من تاريخ الحركة الماسونية واستعمال الصهيونية لها كأداة أو ذراع توصل لأهدافها سواء أكانت صهيونية يهودية أو صهيونية مسيحية, لم نسرد هذا التاريخ لمجرد السرد وإنما لتوصل فكرة بأن الكفر كله بكل بأنواعه وأسمائه يقف في وجه المسلمين ويناصبهم العداء بغض النظر عن خلافهم فيما بينهم,فواقعهم أنهم متحالفون ضد الإسلام وأهله....هذه واحدة

وأما الثانية فإننا قد اهتممنا بالتواريخ للأحداث وتسلسلها حتى نخلص إلى أن الصهاينة على خطأ ملتهم وظلم تصورهم وعدوانية خططهم وبعد هدفهم وربما استحالة وقوعه حين تصوره وطلبوه ورغم هذا وذاك ما كلّوا ولا ملّوا وإنما صيّروا من أنفسهم ومن مالهم وجهدهم طريقا ليصلوا إلى هدفهم والتسلسل هكذا

1717 تأسيس أول محفل ماسوني في لندن
1798 دعوة نابليون بونابرت لإقامة وطن لليهود
1809 تأسيس (جمعية لندن) الصهيونية المسيحية
1897 عقد مؤتمر بال في سويسرا
1917 صدور وعد بلفور
1948 إعلان قيام دولة إسرائيل

فنرى أن الفرق بين سنة 1717 و1917 هو مئتا عام هو الفرق بين وجود الفكرة نظريا ونجاحها...كفكرة وجدت ووجد وعد بتحقيق هذه الفكرة ثم ما بين 1917 إلى 1948 هو العمل على إيجاد هذه الفكرة على الأرض ثم من 1948م وحتى 2008م وجدت هذه الفكرة ورغم دعم الشرق والغرب والشمال والجنوب وتواطؤ الأنظمة العربية وغيرها لدعم وتثبيت هذه الفكرة أو جعلها دولة لم تستطع أن تتنفس طبيعياً إلا بالأجهزة المساعدة لها والدعم الدائم لأنهم ليسوا أهل دولة

وأما الفكرة الثالثة فإنهم أهل كيد ومكر وهم كما وصفهم ربنا عز وجل في كتابهَ{لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ{14}الحشر وهم ليسوا أهل قتال حتى ولو وُعدوا بالنصر لأنهم وضعوا أنفسهم موضع الضحية ولبسوا جلدها وصدق الله العظيم{و وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ{20} يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ{21} قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ{22} قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{23} قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ{24} قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ{25} المائدة20-25

وأما الفكرة الرابعة فإن الذي أدرك إدراكا عقائديا بأنه في كنف الله عز وجل وأنه يلتمس الحق ويترسم طريق الرسول صلى الله عليه وسلم لا بد أن يكون مطمئنا لقضاء الله وأنه منصور بإذن الله ووعده وأن السنين لا تعني الأمر الكثير وأنها وإن طالت لا تدل على خطأ أو صواب وأنها لا تؤثر سلباً على حامل الدعوة ولا تزعزع مفاهيمه مطلقا فسيدنا نوح عليه السلام دعا قومه بإخبار القرآن ألف سنة إلا خمسين عاما فما فتر أو تقوقع وما أعتزل ولا تنحى ولا قال إلا ما يرضي الله عز وجل,فالقضية ليست زمناً محدداً بل هي قضية التزام بأمر ونهي وتقيد