صفحة 3 من 54 الأولىالأولى 12345671333 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 531
 
  1. #21
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    2
    ـ أدَّى هذا الخضوع لإمبرياليةالمقولات الغربية، وغيره من العناصر، إلى أن أصبح العقل العربي يميل هو الآخر إلىأن ينزَع اليهود من سياقهم الحضاري والتاريخي والإنساني المختلف والمتنوعويُشيِّئهُم ويجردهم تماماً من إنسانيتهم المتعيِّنة، ومن هنا تم اختزال واقعالجماعات اليهودية المتنوع والثري وغير المتجانس إلى بُعد واحد أو اثنين أو إلىأطروحة واحدة بسيطة أو أطروحتين. ولذا، يسقط الخطاب التحليلي العربي أحياناً فيالنظر إلى الظواهر اليهودية كمعطى حسي مادي، كشيء لا تاريخ له ولا أبعاد مركبةمعروفة أو مجهولة، ومن ثم يتم إهمال التاريخ كمصدر أساسي للمعرفة الإنسـانيةوللأنماط المتكررة وللنماذج التفسـيرية التي تزودنا بمتتاليات نماذجية تفسيريةلفوضى الواقع وتفاصيله. وحينما يُستدعَى التاريخ، فإنه يُستدعَى بطريقة معلوماتيةوثائقية، فيتم قتله أولاً ويتحول من بنَى مركبة حية إلى مادة أرشيفية (أو إلى شكلمن أشكال الأنتيكة) ينقض عليها الباحث لينزع منها المعلومة الملائمة.

    3
    ـولكن الأهم من ذلك، حينما يُسقَط البُعد التاريخي والإنساني المركب للظواهراليهودية، أن اليهود يتحولون إلى كل متماسك ويبدأ الباحث في التعامل مع اليهود ككل،اليهود في كل زمان ومكان، اليهود على وجه العموم. ومثل هذه المقولات غير التاريخيةتؤدي إلى تأرجح شديد بين قطبين متنافرين:

    أ ) النظر لليهود في كل زمانومكان باعتبارهم كياناً فريداً ليس له نظير وله قانونه الخاص.

    ب) النظر لهمباعتبارهم شيئاً عاماً لا يختلف عن الوحدات الأخرى المماثلة يسري عليها ما يسري علىكل الظواهر الأخرى.

    نتج عن هذا التأرجح اختلال في تحديد مستوى التعميموالتخصيص الملائم لدراسة الظاهرة. فهناك، من ناحية، الميل نحو التركيز على التفرُّدوالخصوصية اليهودية والتفاصيل المتناثرة. ومن ناحية أخرى، هناك الميل نحو التركيزعلى ما هو عام جداً وتجاهل نتوء الظاهرة وخصوصيتها ومنحناها الخاص، ومحاولة تفسيرهافي إطار القانون العـام الواحد الشـامل وكأنها سـطح أملس ليست له شخصية أو هوية. وهذا التأرجح يسم معظم النماذج التحليلية السائدة.






  2. #22
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    4
    ـ من النتائج الأخرىلنزع الظواهر اليهودية من سياقها التاريخي الإنساني المركب أنها لم يَعُد يُنظَرلها باعتبارها ظواهر كلية مركبة لها تجلياتها على المستويات السياسية والاقتصاديةوالدينية والمعرفية، ولذا تم تسييس الخطاب التحليلي العربي بشكل متطرف، بحيثيُناقَش كل موضوع في إطار أبعاده السياسية والاقتصادية المباشرة وحسب، وتم استبعادالأبعاد المعرفية (رؤية الصهاينة للكون ـ رؤية العالم الغربي لذاته ولليهود) التيلا يمكن فهم الأبعاد السياسية والاقتصادية حق الفهم بدونها. وبذلك، تم عزل هذهالظواهر عن كثير من السياقات الفكرية والدينية والحضارية، وتم اختزالها إلى بُعدواحد واضح وسهل ومباشر.

    5
    ـ ويرتبط بهذا عيب آخر هو أن "الفكر الصهيوني" ينحل في عقل كثير من الباحثين إلى "أفكار صهيونية"، أي مجموعة من الأفكار لا يربطهارابط وليست جزءاً من منظومة مترابطة متكاملة. وعملية التفتيت هذه تؤدي إلى مزيد منالتسطح وتعوق عملية التفسير النقدية المتعمقة.

    6
    ـ ويرتبط كل هذا ببُعد آخرنطلق عليه «التطبيع المعرفي والتحليلي للظواهر الصهيونية» إذ يهمل كثير منالدارسـين خصـوصية الظاهرة الصهـيونية الإسرائيلية من حـيث هي ظـاهرة استيطانيةإحلالية ذات ديباجات يهودية. ويتعامل هؤلاء الدارسون مع النظام الحزبي الإسرائيلي (على سبيل المثال) مثلما يتعاملون مع النظام الحزبي في إنجلترا أو فرنسا متجاهلينأن الأحزاب الإسرائيلية مُمثَلة في المنظمة الصهيونية العالمية وأن لها فروعاً فيالخارج وأنها مُموَّلة من الخارج وأن لها نشاطات لا تقوم الأحزاب السياسية عادةًبمثلها. فالتطبيع هنا يعني تجاهل خصوصية الكيان الاستيطاني الصهيوني وإدراكهباعتباره كياناً سياسياً عادياً طبيعياً مثل الكيانات السياسية الأخرى.

    7
    ـويمكن أن أشير أيضاً إلى إهمال الخطاب التحليلي العربي لما أسميه «قضية المنظور» (الوعي ـ الدوافع ـ التوقعات) والمعنى، وهو الدلالة الداخلية التي يراها الإنسانفيما يقع له من أحداث وفيما يحيط به من ظواهر وفيما يقوم به من أفعال. فالإنسانليس، مثل الحيوان، مجموعة من الخلايا والأعصاب والرغبات المادية، وسلوكه ليس مجردأفعال وردود أفعال مشروطة بالبيئة المادية أو العضوية، فهو أكثر تركيباً من ذلك. فالمعنى الذي يُسقطه على الظواهر يحدد وعيه ودوافعه وتوقعاته. ولكل هذا، لا يمكنرصد الإنسان من الخارج كما يُرصد الدجاج أو النحل. وأعتقد أن كثيراً من الدراساتالعربية تُسقط هذا البٌعد المهم للظاهرة الصهيونية، أي باعتبارها ظاهرة اجتماعيةتاريخية إنسانية مركبة، وأن الصهاينة والإسرائيليين بشر لا يمكن ردسلوكهم‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ إلى مجموعة من العناصر والملابسات المادية، فدوافعهم وتوقعاتهممرتبطة برؤيتهم. ولذا، نجد كثيراً مما كُتب عن إسرائيل يدور في إطار وهم الموضوعيةالمادية المتلقية، بحيث تتحول عملية رصد المجتمع الإسرائيلي إلى مجرد رصد برانيللظواهر والتفاصيل المتفرقة لا يكترث بالوعي أو بالدوافع ويُسقط فكرة المعنى تماماً (أي المعنى الذي يخلعه الصهاينة على أفعالهم وأفعال الآخرين) ويتجاهل قضيةالتوقعات، فيأتي الحكم على مدى نجاح الظاهرة الصهيونية أو فشلها بمقاييس كميةخارجية عامة مثل «القوة العسكرية للمجتمع» و«مستوى التقدم الاقتصادي للمجتمع» و«معدلات الدخل المرتفعة للمواطن الإسرائيلي» و«مدى اتساع حدود الدولة الصهيونية أوضيقها»، دون أن يؤخذ في الاعتبار إدراك المستوطنين الصهاينة أنفسهم لهذه الظواهروكيفية استجابتهم وتفسيرهم لها، ودون تحديد لطبيعة توقعاتهم من مجتمعهم الصهيونيسواء من الناحية المادية أو من الناحية المعنوية.






  3. #23
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    8
    ـ ويرتبط بقضية المنظوروالدوافع والتوقعات والمعنى قضية حدود الآخر. فنحن، حينما ندرس الآخر، عادةً مانسقط في عملية اختزالية:

    أ ) نسقط فيما أسميه «النصوصية»، أي أن يفترضالباحث أن ما ورد في الكتب المقدَّسة لليهود يكفي أن يكون نموذجاً تفسيرياً لسلوكاليهود.

    ب) عادةً ما نأخذ تصـريحات الإسـرائيليين باعتبـارها تعـبيراً عندوافعهم وخططهم الحقيقية وليست مجرد مزاعم وآمال. ثم تتشيأ النصوص المقدَّسةوالتصريحات وتتحول من الدوافع الكامنة، والمُخطَط المُبيَّت، لتصبح القوة الذاتيةوأخيراً الواقع الموضوعي. وبذا، تتم المساواة بين الزعم والآمال وبين التوقعاتوالواقع. كل هذا يؤدي إلى إهمال حقيقة بديهية وهي أن الآخر قد يفشل في إدراك دوافعهالحقيقية (بسبب التزامه الأيديولوجي)، وأنه قد يعني ما يقول ويصدقه ولكنه مع هذا لايعبِّر عن دوافعه الكامنة الحقيقية التي تحركه لأنه لا يستطيع أن يواجه نفسه. وهناك، إلى جانب ذلك، الادعاء الواعي إذ قد يكون من صالح الشخص أن يعلن مزاعمهويخبئ دوافعه حتى يخدم مصلحته. فقد يزعم المهاجر اليهودي أنه هاجر بسبب رغبتهاليهودية العارمة النبيلة في العودة إلى أرض الميعاد ليخبئ دوافعه الخسيسة في الهربمن البطالة والبحث عن الحراك الاجتماعي والحصول على الدعم الصهيوني السخي لمنيستوطن في صهيون. وقل نفـس الشـيء عن القـوة الذاتية. فمزاعم الآخر عن قوته قد تكونخاطئة تماماً وقد تكون تزييفاً واعياً. وحينما صرح الصهاينة أن عدد المهاجريناليهود من الاتحاد السوفيتي في موجة الهجرة الأخيرة سيصل إلى الملايين، فلعلهمكانوا مخلصين فيما يقولون ولكنهم فشلوا في تقييم موقف اليهود السوفييت وعوامل الطردوالجذب العامة والخاصة التي تتجاذبهم، ولعل آمالهم الأيديولوجية قد ضللتهم. وهناكاحتمال أن يكون الصهاينة قد قاموا بتضليل الجميع عن عمد حتى يتم تخويف العرب (فيسرعوا إلى مائدة المفاوضات) وحتى تزيد الولايات المتحـدة (ومن ورائها يهودالعـالم) من دعمها المادي والسـياسي. ومن المعروف أن الملايين المزعومة منالمهاجرين لم تصل.

    وقل نفس الشيء عن مخططات الاستيطان في الضفة الغربيةالتي كانت تطمح إلى توطين مئات الألوف (على أمل أن يصل عدد المسـتوطنين إلى ثلاثةأرباع المليون). وقد حرص الصهاينة على إعلان هذه المخططات على المـلأ. ولكن منالمعروف أن هذه المخططات لم تتحقق. فلعل من أدلوا بهذه التصريحات لم يدركوا أنمصادر الهجرة اليهودية في العالم قد بدأت تجف، وأن يهود العالم مستقرون في بلادهممندمجون فيها، وخصوصاً في العالم الغربي، وأن الولايات المتحدة تمثل نقطة الجذبالكبرى لمن يريد أن يهاجر منهم، وأن كل هذا يضع قيوداً بنيوية على تحقيق المخططاتويؤدي إلى إفشالها. ومن المحتمل أنهم كانوا مدركين تماماً لأبعاد الموقف وأصدرواالتصريحات بهدف التخويف وجمع الأموال أيضاً.

    ولذا، فإن من المهم بمكان أننقرر ما إذا كان الزعم الصهيوني يُعبِّر عن آمال الصهاينة بإخلاص أم أنه ادعاءصهيوني كاذب وواع، فلو كان أملاً فسيؤثر في خطة عمل صهيونية، أما إذا كان ادعاءًواعياً أو أكذوبة فلابد أن يسقط من الاعتبار لأن الهدف منه هو تضليلنا. وعلينا بعدذلك أن نقرر إن كانت الآمال تتطابق مع الواقع أم لا، ومدى إمكان تحقيقها، وذلكبدلاً من السقوط في قبضة تشيؤ المزاعم والتصريحات والنصوص المقدَّسة.






  4. #24
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    9
    ـلكل ما تَقدَّم، هيمن على الخطاب التحليلي العربي نموذج معلوماتي موضوعي متلقٍوثائقي. فتُراكَم المعلومات والحقائق والأفكار والتصريحات والنصوص المقدَّسة وتُرصرصاً بغض النظر عن مدى أهميتها ومدى مركزيتها ومقدرتها التفسيرية. وهي عادةً حقائقلا يربطها رابط ولا تخضع لأي شكل من أشكال التحليل المتعمق إذ يأخذ التحليل شكلتحليل مضمون بدائي جداً يلجأ للتصنيف السطحي بناء على عدد الكلمات وتكرار الجُملوالموضوعات وذلك في إطار الأطروحات العامة المســيطرة. وبالتالي، تُجمَّد الظواهروالحقائق وتُعزَل عـن بعضـهـا البـعض وتُجرَد من تاريخـها وسياقها. ويكون الرصدرصداً لحقائق متفرقة، لا لأنماط متكررة، ومن ثم يمكن للباحث أن يفرض عليها أي معنىعام أو خاص يشاء، وإن قام بفرض نمط ما عليها فهو أطروحة اختزالية بسيطة. ويأخذالبحث العلمي شكل اختيار الحقائق التي يبرهن بها الباحث على البدهية الاختزاليةالأولى التي بدأ بها (اليهود مصدر الشر ـ الصهيونية شكل من أشكال الإمبريالية) بدلاً من أن يكون عملية اكتشاف واختبار للأطروحات القائمة. وقد أصبح التصور العامالآن في العقل العربي أن التأليف هو التوثيق بغض النظر عن المقدرة التفسيريةللمسلمة التي تم توثيقها، وأصبح معيار الجودة والتميُّز هو كم المعلومات أو الحقائقالتي أتى بها المؤلف، وكم المراجع التي أدرجها في ثبت المراجع، وتاريخ صدورها، فإنكانت حديثة كان هذا دليلاً قاطعاً على مدى جدية الباحث وإبداعه!

    10
    ـ سادنموذج الهزيمة وتغلغل في الذات العربية، وأصبحت الهزيمة مترادفة مع الموضوعيةالمتلقية (التي تعني التجرد من الذات والذاكرة التاريخية والقيم الأخلاقية الخاصةوالمثاليات والبطولة). وأصبح من البديهيات الموضوعية والمسلمات تَقَبُّل أطروحة أنالعدو "متقدم" وأن قوته لا تُقهَر وأننا متخلفون وضعفنا واضح ونهائي. وفي هذاالإطار، أصبح من دلائل الموضوعية التنقيب بكل نشاط وشراهة عن القرائن والاستشهاداتالتي تُثبت هذا عملياً، فيبحث الدارسون عن مواطن القوة والتفوق في المجتمعالإسرائيلي دون أن يكلفوا خاطرهم مشقة التعمق وراء هذه الشواهد والقرائن ودون أنيبحثوا عن قرائن أخرى تدل على مواطن القوة في الذات وعن لحظات الانتصار.

    وإن حدث العكس وقام باحث بإيضاح مواطن الضعف في العدو وبيَّن أن اليهود بشريخضعون لما يخضع له كل البشر من أفراح وأتراح، ومن انتصار وانكسار، وأنهم ينضوون فيإطار النماذج التفسيرية المتاحة في العلوم الإنسانية والاجتماعية ومن ثم يمكنتفسيرهم ومعرفة مواطن القوة وأسبابها ومواطن الضعف وأسبابها. إن حدث ذلك، فإنالجميع يتذمرون ويحتجون ويُلقون بالاتهام بعدم الموضوعية. بل يخلط البعض بين هذاالتفسير المركب للموقف وبين الوهم الشائع عند البعض أن إسرائيل قد تنهار من الداخلمن تلقاء نفسها.

    ويمكننا إرجاع قصور الخطاب التحليلي العربي إلى عدة أسبابتنضوي كلها أو معظمها تحت سبب واحد وهو غياب النموذج التفسيري الاجتهادي المُركَّبالذي لا يتبنى المسلمات القائمة ولا يستبعد أياً من عناصر الواقع بقدر الإمكانويسترجع الفاعل الإنساني ككيان مركب لا يمكن رده إلى عنصر مادي (أو روحي) واحد أواثنين.

    ولعل من الهام بمكان في هذه المرحلة أن ندرس الشأن اليهوديوالصهيوني دون أن نسقط ضحية لإمبريالية المقولات ودون أن نجرد أعضاء الجماعاتاليهودية من سياقاتهم التاريخية والاجتماعية ودون أن نتبنى تحيزات الآخرين سواء مع "اليهود" أو ضدهم، لقد حان الوقت أن ندرسهم من وجهة نظرنا وأن نخضع تحيزاتنا (ونماذجنا التحليلية) للاختبار المستمر لنرى مقدرتها التفسيرية بالمقارنة للنماذجالتحليلية الأخرى. ولعل الموسوعة (دائرة المعارف) هي العمل الذي يعرض بشكل شاملرؤية مجتمع ما لظاهرة ما أو لمجموعة من الظواهر.





  5. #25
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي


    موسوعة (دائرة معارف)

    «الموسوعة» يُطلَق عليها في الإنجليزية «أنسيكلوبيديا encyclopedia»، وهي كلمةمشتقة من اليونانية وتعني حرفياً «التعليم في دائرة»، أي «المنهج التعليمي الكامل». وعلى هذا فإنها تعني تقديم المعرفة بشكل منهجي من خلال دراسات يكتبها متخصصون، كلٌفي حقل تخصُّصه، تكون في العادة حسب تصنيف ألفبائي. وحينما استخدم فرانسوا رابليه (1490 ـ 1553) الكلمة لأول مرة في الفصل العشرين من بانتاجرويل Pantagruel،استخدمها بمعنى «تعليم». وكان أول من استخدمها بالمعنى الاصطلاحي للكلمة الكاتبالألماني بول سكاليش Paul Scalich حيث استخدمها كعنوان لموسوعته عام 1559. والموسوعات التي صدرت قبل ذلك التاريخ إما أنها كانت لا تصف نفسها بأنها «موسوعة» أو كانت تستخدم كلمة «معجم dictionary». وظلت الكلمة غير شائعة إلى أن استخدمهاديدرو في موسوعته. وحتى الآن، لا تزال بعض الموسوعات يُشار إليها بأنها «معجم» (وإنكان المعجم لا يُشار له بلفظ «موسوعة»). ويمكن أن تكون الموسوعة من جزء واحد، كماتُوجَد موسوعات من عشرات الأجزاء.

    وتُعرَّف الموسوعة بأنها سجل للمعرفةالإنسانية في المستوى الذي وصلت إليه وقت ظهورها. ومهمة الموسوعة هي تلخيص ماتَوصَّل إليه المتخصصون إما في كل حقول المعرفة (إن كانت موسوعة عامة) أو في حقل منحقول المعرفة (إن كانت الموسوعة متخصصة)، أي أنها بهذا المعنى تتعامل مع علم مستقرومصطلحات مستقرة ورؤى تم الإجماع عليها تقريباً من قبَل المتخصصين.

    وفياللغة العربية تُستخدَم كلمة «موسوعة» بهذا المعنى أحياناً، ولكن في أحيان أخرىتُستخدَم الكلمة للإشارة إلى أي كتاب كبير. كما يميل البعض للتمييز بين كلمتي «موسوعة» و«دائرة معارف»، ولكن ورد في المعجم الوسيط أن «دائرة المعارف» و«الموسوعة» تترادفان ويُقصد بهما: عمل يضم معلومات عن مختلف ميادين المعرفة أو عنميدان خاص منها ويكون عادةً مرتباً ترتيباً هجائياً.





  6. #26
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي


    موسوعة اليهودية
    يعود تاريخ أول موسوعة متخصصة في تراث أعضاء الجماعات اليهودية والعقيدةاليهودية إلى منتصف القرن الثامن عشر حين ظهر في مدينة فيرارا بإيطاليا عام 1750أول جزء من موسوعة يهودية، جمعها وألفها طبيب يُدعَى إسحق بن صمويل لامبرونتي (وانتهى نشرها عام 1888) وتقع في ثلاثة عشر جزءاً. والموسوعة تعالج تراث اليهودوتاريخهم، ولكنها كانت تخلط بين التاريخ والتلمود ولا تفصل بين الواقع التاريخيوالنصوص الدينية. ثم ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر موسوعة ألمانية متخصصة أخرى،جمعها وكتب مادتها جيكوب هامبرجر، كبير حاخامات إحدى الإمارات الألمانية. وكانت هذهالموسوعة، مثل سابقتها، ذات طابع ديني محض. ثم تتالت الموسوعات، فظهرت أول موسوعةعن اليهودية باللغة الإنجليزية في أوائل القرن الحالي (1901 ـ 1906)، وهي الموسوعةاليهودية ( ذا جويش أنسيكلوبيديا The Jewish Encyclopedia) التي تتألف من 12 جزءاًحررها أ. سنجر. أما الموسوعة اليهودية العالمية ( ذا يونيفرسال جويش أنسيكلوبيديا The Universal Jewish Encyclopedia )، فقد حررها إسحق لاندمان ونُشرت في نيويوركبين عامي 1939 و1943 وظهرت في عشرة أجزاء. ونُشرت موسوعة سيسل روث وجفري ويجودر فيجزء واحد عام 1958، كما نُشرت منها عدة طبعات كان آخرها طبعة 1970.

    وظهرتأول موسوعة متخصصة في الصهيونية وإسرائيل (دون تراث أعضاء الجماعات اليهودية) عام 1971 بعنوان موسوعة الصهيونية وإسرائيل ( ذا أنسيكلوبيديا أوف زايونيزم آند إسرائيل The Encyclopedia of Zionism and Israel )، وكُتبت تحت رعاية زلمان شـازار، أحدرؤساء الدولة الصهيونية السابقين. وظهرت منها طبعة جديدة مزيَّدة ومنقَّحة عام 1994وحرَّرها ويجدور. وأخيراً، في عام 1972، ظهرت الموسوعة اليهودية ( أنسيكلوبيدياجودايكا Encyclopeia Judaica )، وهي أكبر عمل موسوعي حتى الآن يختص بتراث أعضاءالجماعات اليهودية بكل جوانبه، وضمن ذلك الصهيونية وإسرائيل، وتقع في 16 جزءاً. وهيتُعتبَر تلخيصاً لكل الدراسات السابقة وتصنيفاً لكل جوانب تراث أعضاء الجماعاتاليهودية عقيدةً وتاريخاً، وتُصدر هذه الموسوعة كتاباً سنوياً يعمل على تزويد قارئالموسوعة بالمعلومات الحديثة.






  7. #27
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    وابتداءً من عام 1935، ظهرت موسوعة عبرية تحتإشراف كلاوزنر في ستة أجزاء، وظهرت موسوعة عبرية أخرى بين عامي 1950 و1961 في ستةعشر جزءاً. ولكن أهم الموسوعات العبرية هي الموسـوعة العبرية التي صدرت في 31 جزءاًبين عامي 1941 و1971. وقد ظهرت موسوعات إنجيلية مختلفة ولكنها لا تهمنا كثيراً،لأننا في مجال دراستنا للصراع العربي الإسرائيلي لا نهتم باليهودية إلا كأحد عناصرهذا الصراع، والموسوعات الإنجيلية لا تهتم باليهودية إلا كدين وحسب. كما ظهرتموسوعة لشخص يُدعَى سيجيلا فيري تصفها المصادر اليهودية بأنها كُتبت تحت رعاية «المعادين للسامية». وإن صدق هذا القول، فإن مثل هذه الموسوعة لن تنفعنا كثيراًلأنها مليئة ولا شك بادعاءات عنصرية ولا تفيدنا من قريب أو بعيد في إدارة أي صراعأو في فهم أية ظاهرة، وهي في نهاية الأمر لم تُنشَر كاملة. والملاحَظ أن كلالموسوعات آنفة الذكر (باستثناء الموسوعات الإنجيلية وموسوعة فيري) قام بتأليفهاباحثون يدينون باليهودية، بل الأهم من هذا أن معظمهم لهم ولاءات صهيونية (باستثناءمحرري الموسوعة اليهودية الروسية التي نُشرت بين عامي 1906 و1913 في 16 جزءاًوحررها يهودا كاتزنلسون وسيمون دبنوف من منظور مؤيد لما يُسمَّى «قوميةالدياسبورا»، كما يمكن القول بأن محرري موسوعة لاندمان لا يدينون بالولاءللصهيونية).

    ومعظم ـ إن لم يكن كل ـ الموسوعات اليهودية التي صدرت بعداحتدام الصراع العربي الإسرائيلي قام بكتابتها يهود متحمسون للمشروع الصهيونيالاستيطاني. وقد كان لهذا الوضع أعمق الأثر في وجهات النظر التي تُبرزها هذهالموسوعات. ولتوضيح هذه النقطة سنضرب مثلاً بالموسوعة اليهودية الأخيرة باعتبارأنهـا أهم عمل موسوعي يختص بتراث الجماعات اليهودية والصهيونية وإسرائيل.







  8. #28
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    تذكر مقدمة هذه الموسوعة أن محررها هو سيسل روث المؤرخ اليهودي المعروف "بورعه وتقواه وتدينه العميق". وأنه استقر في إسرائيل بعد أن تقاعد من عمله الجامعيفي وطنه الأصلي إنجلترا. وأنه قام بالتدريس في إسرائيل في جامعة بارإيلان الدينيةحيث اتُهم، رغم ورعه وتقواه، بالانحراف عن الشريعة اليهودية، وأُصيب بنوبة قلبيةفاستقال. وفي مجال تقديم روث للقارئ في الموسوعة اليهودية (جودايكا)، تذكر مقدمتهاأن هذا العالم سافر ليلة الخامس من يونيه من نيويورك إلى القدس ليكون مع شعبه فيإسرائيل، وأنه حينما وصل إلى القدس جلس في المخبأ طيلة هذه الليـلة. ثم تقولالمقدمـة إن روث نظر من شـرفته ورأى المعارك التي أعادت القـدس لليهود بعد ألفـيعام.. وبعد أن سكتت المدافع ورأى الحجاج بالألـوف يحجون لحائط المبكى، أصر على أنيُلقي صلاة خاصة في هذه المناسبة، ثم ألقى خطاباً على العاملين معه في الموسوعة. وقد تكون هذه كلها أحداثاً شخصية لا علاقة لها بالعمل الموسوعي الضخم الذي يُعَدُّالآن أكبر مصدر مُعتَمد للمعلومات في العالم عن اليهودية واليهود والصهيونية. وقديُقال إن ولاءات روث الدينية وحتى السياسية لا علاقة لها بالعمل الذي قام به، ولكنكاتب مقدمة الموسوعة اليهودية لا يترك لنا أية فرصة للتخمين أو المناورة من أجله،فهو يؤكد بما لا يقبل الشك أن رؤية روث لحرب 1967 جعلته يضيف بُعداً آخر للأحداثالعظيمة التي كانت تتكشف أمامه. وقد كتب روث نفسه في مذكراته قائلاً: "إن الأحداثالأخيرة في الشرق الأوسط ـ والتي تُوجت بالنصر الإسرائيلي المدهش ـ قد جعلت كلالمراجع السابقة غير متطابقة مع الواقع ولهذا السبب أصبح نشر الموسوعة اليهوديةأمراً ملحاً أكثر من ذي قبل"، أي أن انتصارات إسرائيل العسكرية قد عدلت رؤيتهالتاريخية (ولروث كتاب عنوانه تاريخ اليهود منذ ميلاد يسرائيل حتى حرب الأيامالستة).







  9. #29
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي


    وقد يُقال إن هذا التحيز أمر يختص بسيسل روث وحده دون بقيةالكُتَّاب المشتركين في الموسوعة. ولكن، مرة أخرى، حينما يفتح القارئ أول صفحة فيأول مجلد من الموسوعة يفاجأ بالجملة التالية: "لقد حشد روث جيشاً جراراً منالمحررين والمؤلفين من بين أحسن العلماء اليهود في العالم"، كما نكتشف أن الموسوعةاليهودية (جودايكا) تُوصَف بأنها أعظم "عمل أدبي يهودي" في هذا القرن! ولكن بأيمعنى من المعاني يمكن أن تُوصَف موسوعة بأنها "عمل يهودي"؟ ولم كان من الضروري أنيكتبها «يهود» وليس أي علماء متخصصين؟ هل اليهودية منهج في البحث ورؤية للتاريخ أمعقيـدة دينية وانتماء أخلاقي؟ وحتى إذ افترضنا أنها منهج في البحث وعقيـدة دينيةتشكل رؤية صاحبها، ألم يكن من الضروري أن يُبيِّن لنا الكاتب كيف توصَّل المحررللإطار النظري لموسوعته من خلال عقيدته؟ وهل يَفضُل هذا المنهج المناهج الأخرى؟ولكن بدلاً من ذلك، تظهر العبارة التالية في المقدمة: "هذه المفاهيم ـ حب يسرائيل،ومركزية القدس، وفهم رسالة الشعب اليهودي ـ هي مفاهيم كلها أساسية بالنسبة لروثوتتضح كلها في صفحات الموسوعة"، أي أننا أمام عمل دعائي يستخدم لغة البحث العلميوأساليبه ومناهجه نشره ناشر إسرائيلي في القدس المحتلة. ولذا، لابد أن نكون واعينتمام الوعي بأثر هذا الحب وهذه المركزية على ما يكتبون وعلى ما يقدمونللقارئ.

    ومن الأمـور المثيرة للدهشـة حقاً، أنه بعد مرور ما يقرب من خمسينعاماً من الصراع العربي الإسرائيلي الرسمي، وما يزيد على مائة عام من الصراعالتاريخي، لم يَصدُر حتى الآن معجم عربي واحد يُعرِّف مصطلحات هذا الصراع ويُفسِّرمفاهيمه، وبالذات المصطلحات والمفاهيم الخاصة بالعدو، سواء من ناحية وضعه التاريخيأو من ناحية رؤيته لنفسـه. (ظهرت الموسوعة الفلسطينية من 4 أجزاء، ثم ظهرت سـتةأجزاء أخرى ولكنها «موسـوعة فلسطينية»، أي أن الجانب الصهيوني هامشي، أما فيما يختصبالعقيدة وبالجماعات اليهودية فلا توجد سوى إشارات هنا وهناك). وقد نجم عن هذاالوضع أن كل باحث عربي لا يزال يتعيَّن عليه أن يبدأ دائماً من نقطة الصفر، ولايزال يتعيَّن عليه أن يُعرِّف كل المصطلحات التي يستخدمها. ولذا، فإن الدراساتالعربية للصراع تمتلئ بتعريفات مبدئية عن «اليشوف»، و«التلمود»، فماذا تعني عبارةمثل «الشعب المختار» مثلاً؟ وقد أدَّى هذا إلى تكرار الجهد وإضاعته، وانخفاض مستوىالبحث، لأن الباحث، شاء أم أبى، يجد نفسه مضطراً إلى افتراض أن قارئه لا يزال عندنقطة الصفر.






  10. #30
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    ولكن الأخطر من هذا أن غياب «معجم عربي» اضطر الباحث العربيإلى أن يعود باستمرار إلى المصادر الصهيـونية التي قد تعطيه كمية هائلة منالمعلومات هـي، في نهاية الأمر، متحيِّزة ومُوجَّهة وموظَّفة في خدمة هدف معيَّن. ولذا، يظل الباحث العربي دائماً تحت رحمة المصادر الصهيونية ومقولاتها التحليليةالتي لا تكشف له من الظاهرة إلا تلك الجوانب التي يهمها كشفها، حاجبةً عنه كلالجوانب الأخرى.

    وحتى عندما تكشف المراجع الصهيونية عن كل جوانب الظاهرة أوالواقعة، فهي تفعل ذلك بعد تفتيتها إلى عناصر متفرقة متناثرة، وهو ما يُحوِّلالظاهرة إلى كم غير متحدد، ليس له مضمون معيَّن، يَصعُب الكشف عن مدلوله الحقيقي. وقد نجم عن كل هذا أن كماً هائلاً من المفاهيم والمصطلحات الصهيونية تسرب إلىعقولنا ولغتنا دون أن ندري.


    موسوعة تفكيكية (نقدية)
    حينما بدأت أولىدراسـاتي المنشـورة بالعربية عن الصهيونيـة (نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنيةالفكر الصهيوني [القاهرة 1972])، وجدت أن معظم المؤلفين العرب يُضطرون إلى التوقفعند كل صفحة لتعريف بعض المصطلحات والشخصيات التي يشيرون إليها («الكيبوتس» ـ «بنجوريون» ـ «الماباي»). ولهذا، قررت أن أستمر في كتابـة دراسـتي دون توقُّف لتعريفكل مصطلح، ذلك التوقف الذي يؤدي حتماً إلى تشتُّت القارئ، على أن أُلحق بالدراسةمسرداً أُوضِّح فيه ما غَمُض من مصطلحات وأُعرِّف فيه بالأعلام. وتحوَّل مشروعالمسرد تدريجياً إلى مشروع كتيب معجمي مستقل ترد فيه معاني المصطلحات وتُعرَّف فيهالشخصيات بطريقة معجمية. ثم تحوَّل مشروع الكتيب إلى معجم صغير، والمعجم الصغير إلىمعجم كبير، والمعجم الكبير إلى مشروع موسوعة صغيرة (من جزء واحد) تهدف إلى توفيرالمعلومات (العربية والغربية) المتاحة حتى لا يُضيِّع الباحث العربي وقته في البحثعن المعلومات وحتى يتفرغ للعملية البحثية الحقيقية، أي عملية التفسير والتقييم. ولكنني حين بدأت في تنفيذ مشروع الموسوعة اكتشفت بعد قليل من البحث والتعمق أنمرجعية حقل الدراسات المعني باليهود واليهودية ومصطلحاته مُشبَّعة بالمفاهيمالأولية (القَبْلية) لليهودية والصهيونية، وأن عدداً هائلاً من المفردات (مثل «الشعب» و«الأرض») يكتسب دلالات خاصة تُخرجها عن معناها المعجمي المألوف، وأننانترجم، ليس فقط حين نترجم، ولكننا نترجم حتى حين نؤلف وذلك بسبب غياب الرؤيةالنقدية. كما اكتشفت أن المعلومات، مهما بلغت من كثافة وذكاء وحذق، هي عملية لانهاية لها، ولا جدوى من ورائها، فهي تشبه الرمال المتحركة، وهي لا تأتي بالمعرفةولا بالحكمة لأنها محكومة بمقولات قَبْلية محدَّدة تتم مراكمة المعلومات في إطارها.

    حينما أدركت ذلك تحولت الموسوعة من مجرد موسوعة معلوماتية صغيرة عاديةتُعرِّف بالمصطلحات والأعلام إلى موسوعة كبيرة تحاول تفكيك المصطلحات والمفاهيمالقائمة وتوضيح المفاهيم الكامنة وراءها بدلاً من تلخيصها والعرض لها. ولذا، فقدصدرت الموسوعة عام 1975 بعنوان فرعي رؤية نقدية حتى أنبه القارئ إلى أنه يتعامل معموسوعة من نوع جديد، وهى تعد أول موسوعة متكاملة عن اليهود واليهودية والصهيونية،كتبها مؤرخ غير يهودي.






 

صفحة 3 من 54 الأولىالأولى 12345671333 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السادس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 61
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:20 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML