صفحة 4 من 54 الأولىالأولى 123456781434 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 531
 
  1. #31
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    موسوعة تأسيسية
    وفي عام 1975، قررت تحديث موسوعةالمصطلحات اليهودية والصهيونية: رؤية نقدية (القاهرة 1975) وتعميق الجانب التفكيكيالنقدي، بعد أن أصبحتُ أكثر وعياً به. ولذا قررت أن أكتب ما سميته حينذاك «موسوعةمضادة» (بالإنجليزية: آنتي أنسيكلوبيديا anti-encyclopedia)، فدعوت حشداً كبيراً منالباحثين الشبان والمتخصصين وطلبت من كل واحد منهم أن يكتب مدخلاً في حقل تخصصه،على أمل أن أنتهي من تحديث الموسوعة في غضون عام أو عامين. واستغرقت العمليةالتفكيكية ما يقرب من عشر سنوات أي حتى عام 1985 حين اكتشفت أنني انتقلت من مرحلةإلى مرحلة أخرى دون أن أشعر، إذ وجدت أنني في واقع الأمر، شأني شأن الباحثين الذينتعاونوا معي، أقوم بعملية تمديد أفقي للمعلومات في الإطار التفكيكي العام. ولا شكفي أن التفكيك له فائدة، بل هو أمر حتمي وضروري، فهو يكشف المفاهيم الكامنة ويزيلالغشاوات، ولكنه يترك كثيراً من جوانب الظاهرة دون تفسير. فالتفكيك عملية هدم جذريةتطهيرية ولكنه ليس عملية تفسيرية. والتفسير غير التفكيك، فهو عملية إبداعية تركيبيةتتطلب نحت نماذج مختلفة والربط بينها والغوص في كل الأبعاد السياسية والاقتصاديةوالدينية والمعرفية للظاهرة، وإعادة ترتيب الوقائع وتصنيفها في ضوء النماذجالجديدة، واكتشاف حقائق جديدة مُهمَّشة ومنحها المركزية التفسيرية التي تستحقها،وتوليد مصطلحات جديدة وإعادة تعريف بعض المصطلحات القائمة.

    وقد حدث شيء مهمجداً في حياتي الفكرية عام 1985 وهو أن همومي الفكرية الأساسية (الصهيونية كاستعماراستيطاني وكأيديولوجية لأعضاء الجماعات اليهودية ـ الهيجلية والحلولية ونهايةالتاريخ ـ الاستهلاكية ومصير الإنسان ـ التحيزات المعرفية والحاجة لمشروع حضاريمستقل ـ الحاجة إلى استخدام النماذج كأدوات تحليلية)، التي كانت مترابطة بشكل ما،تلاحمت تماماً وأدركت العلاقات فيما بينها، الأمر الذي كان يعني ضرورة البدء منجديد. ومما ساعد على تعميق هذا الاتجاه، اكتشافي معلومات مهمة، أي إدراكي أهميتهاالتفسيرية (فهي معلومات معروفة ولكنها مُهمَّشة تماماً)، فقد وجدت أن الغالبيةالساحقة من يهود العالم الغربي في نهاية القرن الثامن عشر كانوا يوجدون في بولندا،وأننا حينما نتحدث عن يهود العالم الغربي (أيمعظم يهود العالم) فإنما نتحدث فيواقع الأمر عن يهود بولندا الذين اقتسمتهم روسيا والنمسا وألمانيا باقتسام بولندانفسها، ومن صفوفهم خرجت الألوف والملايين التي هاجرت إلى إنجلترا وأستراليا وكنداوالولايات المتحدة وجنوب أفريقيا ثم فلسطين. ولذا، لابد للمتخصص في اليهودواليهودية والصهيونية أن يُلم إلماماً كبيراً بتاريخ بولندا وتشكيلها الاجتماعيوالسياسي والاقتصادي الفريد. وهنا اكتشفت جهلي التام. هل سمع أحد منا بجمهوريةيحكمها ملك منتخب؟ وما علاقة بولندا بلتوانيا وما علاقتهما بأوكرانيا؟ هل سمع أحدمنا بطبقة الشلاختا (طبقة النبلاء البولنديين) أو بنظام الأرندا (نظام استئجارالأراضي من النبلاء)؟ وما دور اليهود في الإقطاع الاستيطاني البولندي في أوكرانيا؟إن هذه العناصر والمفردات هي التي تكوِّن تاريخ بولندا ومن ثم تاريخ الجماعةاليهودية فيها، ولا يمكن فهم المسألة اليهودية إلا بعد الإحاطة بهذه العناصر وغيرهاإحاطة كاملة.







  2. #32
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    هذا بالنسبة لليهود. أما بالنسبة لليهودية، فقد اكتشفت الدورالمتزايد الذي لعبته القبَّالاه اللوريانية (أي الصوفية اليهودية على طريقة إسحقلوريا) في تقويض دعائم التلمود حتى حلّت كتب القبَّالاه محله. وبناءً على هذا، فقدأحضرت عدداً كبيراً من الدراسات في تاريخ بولندا والقبَّالاه وفي غير ذلك لأملأالفراغات في تكويني الثقافي.

    عند هذه اللحظة، أدركت أنني تركت مرحلةالتفكيك بصورة تلقائية وانتقلت إلى مرحلة التركيب، وأنني لم أعد أفكك وحسب وإنمابدأت أطرح أسئلة وإشكاليات ومصطلحات ونماذج ومقولات تحليلية جديدة كان من شأنهاتركيب تصوُّر جديد لتاريخ اليهودية ولأعضاء الجماعات اليهودية. وعلى هذا، فإنالموسوعة لم تعد موسوعة معلوماتية تحاول توفـير المعـلومات للقارئ، ولا حتى موسوعةتفكيكية تحاول أن تهدم النماذج القائمة، وإنما هي موسوعة تأسيسية. ولو كانت هذهالموسوعة موسوعة معلوماتية، لأصبح هذا العمل ضعف حجمه الحالي ولتم إنجازه في بضعسنوات، ولو كانت موسوعة تفكيكية وحسـب لنُشرت عام 1983 مع انتهاء السادة الباحثينالذين قدَّموا إسهاماتهم في موعدها، ولكنها موسوعة تأسيسية كما أسلفت.

    دراسـة حـالة
    «دراسة حالة» هي ترجمة لعبارة «كيس ستدي case study» الإنجليزية التي تعني دراسة الظواهر الإنسانية من خلال التحليل المتعمق لحالة فردية (قد يكون شخصاً أوجماعة أو حقبة تاريخية). ويفترض هذا المنهج أن الباحث يرى أنالحالة الفردية موضع الدراسة هي حالة ممثلة لحالات أخرى كثيرة (حالة نماذجية فيمصطلحنا)، أي أنها جميعاً تنتمي لنفس النموذج. وهدف الدراسة هو الوصول لهذا النموذجمتمثلاً بشكل متبلور في الحـالة عن طريق التحـليل المتعمق. وبعد الوصول إلى هذاالنموذج يمكن تطبيقه على حالات أخرى تندرج تحته.

    وهذه الموسوعة قامت بتطويرنماذج ثلاثة أساسية: الحلولية الكمونية الواحدية ـ العلمانية الشاملة ـ الجماعاتالوظيفية، ثم حاولت تحديد معالم هذه النماذج، ثم قامت باختبارها عن طريق تطبيقهاعلى حالة محددة هي الجماعات اليهودية في العالم منذ ظهورها على مسرح التاريخ حتىالوقت الحاضر.

    ثلاثة نماذج أساسية: الحلولية - العلمانية الشاملة - الجماعةالوظيفية
    يمكن القول بأن الأداة التحليلية الأساسية في هذه الموسوعة هي النموذجالمعرفي التحليلي المركب الذي يبتعد عن الاختزالية والتفسيرات أحادية البُعد. فقدقمنا بصياغة نموذج مركب فضفاض يحاول أن يتناول الظواهر اليهودية والصهيونية فيأبعادها السياسية والاقتصادية والحضارية والمعرفية، بل يشير إلى بعض العناصر التيقد يعجز هو ذاته عن تفسيرها. والنموذج التحليلي المركب الذي طورناه يتسم (فيتصورنا) بأنه لا يتأرجح بحدة بين العمومية الشاملة والخصوصية المتطرفة (المتأيقنة) فهو نموذج على مستوى معقول من العمومية والخصوصية يرمي إلى وضع اليهود واليهوديةوالصهيونية، باعتبارهم حالة محددة، في سياق إنساني عالمي مقارن يضم كل البشر ويدركإنسانيتنا المشتركة، حتى ندرك أن الحالة المحددة ليست شيئاً مطلقاً وإنما تنتمي إلىنمط إنساني عام ومجرد، ومع هذا يحاول النموذج التحليلي في الوقت نفسه ألا يهملالملامح الفريدة والمنحنى الخاص للظواهر اليهودية والصهيونية. ولذا لم نقذف باليهودواليهودية والصهيونية في صحراء العمومية المُسطَّحة التي وضعهم فيها أصحاب النماذجالتحليلية الموضوعية الملساء (ومن بينهم صهاينة يريدون تطبيع اليهود) الذين يروناليهود باعتبارهم وحدات مادية، اقتصادية أو سياسية عامة، ليست لها ملامح متميِّزةولا تتمتع بأية خصوصية. كما أننا لم نتركهم في جيتو الخصوصية اليهودية، المفاهيميوالمصطلحي، جيتو التفرُّد المطلق، والقداسة والدناسة، والطهارة والنجاسة، والاختياروالنبذ. ذلك الجيتو الذي وضعهم فيه أصحاب النماذج التحليلية من الصهاينة وأعداءاليهود الذين يرون اليهود باعتبارهم ظاهرة مستقلة، مكتفية بذاتها، تحوي داخلها كلأو معظم ما يكفي لتفسيرها. وانطلاقاً من هذا التصور تم تأسيس مخصصاً "علمياً" يُسمَّى «الدراسات اليهودية».

    بدلاً من كل هذا، حاولنا أن ندخل الظواهراليهودية والصهيونية المجال الرحب للعلوم الإنسانية وعلم الاجتماع وعلمالأنثروبولوجيا والتاريخ الإنساني، حيث يمكن من خلال نماذج مركبة رؤية علاقة الكل (العام) بالجزء (الخاص) دون أن يفقد أيٌّ منهما استقلاله وحدوده.

    ولإنجازكل هذا، قمنا بتفكيك مقولات مثل «اليهودي العالمي» و«اليهودي المطلق» و«اليهوديالخالص» و«المؤامرة اليهودية» و«التاريخ اليهودي» (... إلخ) لنبيِّن المفاهيمالكامنة فيها، فهي تفترض أن اليهود لا يتغيرون بتغير الزمان أو المكان، وحتى إنتغيَّروا فإن مثل هذا التغيُّر يحدث داخل إطار يهودي مقصور على اليهود داخل حركياتوآليات التاريخ اليهودي. وبيَّنا عجز مثل هذه المقولات عن تفسير الواقع بأن أشرناإلى عدد كبير من العناصر التاريخية والاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية التيلم تتعرض لها هذه المقولات لأنها تقع خارج نطاق مقدرتها التفسيرية. وبيَّنا أن هذهالمقولات تتسم بالعمومية المفرطة (اليهود في كل زمان ومكان) والخصوصية المفرطة (اليهود وحدهم دون غيرهم). وأوضحنا كذلك أن من المستحيل أن نفهم سلوك اليهود،وآلامهم وأشواقهم وخيرهم وشرهم، من الداخل، أي بالعودة إلى كتبهم المقدَّسة (التوراة والتلمود) أو شبه المقدَّسة (القبَّالاه) أو غير المقدَّسة (البروتوكولاتكما يزعم المعادون لليهودية) أو بالعودة إلى تصريحات الصهاينة وغيرهم.






  3. #33
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    ولذا، فإننا في سياق محاولة نحت نموذج تحليلي جديد مركب، لم نذهب إلىالتوراة والتلمود والبروتوكولات وحارات الجيتو ولا إلى بقعـة جغــرافية معيَّنة أولحظــة تاريخيــة بعينــها. وحــاولنا ألا نســتنيم لأية أطروحــات أو مســلماتعامــة (الصــراع العــربي الإسـرائيلي إن هو إلا صراع طبقي أو اقتصادي ـ العنصرالاقتصادي هو الذي يحرك كلاً من العرب واليهود ـ اليهود إن هم إلا بورجوازيون صغارـ إسرائيل إن هي إلا قاعدة للاستعمار الغربي)، فدرسنا كل جماعة يهودية في سياقهاالسياسي والاقتصادي والتاريخي والحضاري والديني والإنساني المتعيِّن حتى نفهمالعناصر التي تنفرد بها عن غيرها والعناصر التي توجد في كل الجماعات.

    وقدوجدنا أن من الأجدى من الناحية التفسيرية، ألا نشير إلى اليهود في كل زمان ومكانباعتبارهم «اليهود» وحسب، وبشكل مجرد وكلي ومغلق، بل رأينا أن نشير إليهم باعتبارهم «أعضاء الجماعات اليهودية» في هذا المكان أو ذاك الزمان، وذلك حتى ينفتح الجيتووحتى نستخدم مصطلحاً قادراً على التعامل مع كل الجوانب المتعددة والثرية للظواهراليهودية. ونفس الشيء بالنسبة لمسألة «التاريخ اليهودي» الذي يصبح «تواريخ الجماعاتاليهودية» و«الهوية اليهودية» التي تصبح «الهويات اليهودية» و«الجريمة اليهودية» التي تصبح «الجريمة بين أعضاء الجماعات اليهودية». فهذه الجماعات اليهودية يمكن أننجدها في الصـين في القرن الرابع عشر أو في بولندا في القرن التاسـع عشـر أو فيجنوب أفريقيا في القرن العشرين. وبينما تميل الدراسات الصهيونية (والمعادية لليهود) والمتأثرة بها إلى أن تؤكد عناصر التشابه بين هؤلاء، وجدنا أن من الأجدى أن نرصدكلاًّ من عناصر التشابه والتجانس والاختلاف وعدم التجانس ثم نرتب العناصر حسـبمقدرتها التفسيرية. ولقد وجدنا أن عنـاصر التشـابه والتجانـس، رغم أهميتها أحياناً،أقل أهمية من عناصر الاختلاف وعدم التجانس (ومن هنا صيغة الجمع).

    ثم طورناعدة نماذج لكل مستواه التعميمي وسياقاته ومستويات فعاليته، ولكنها مع هذا ينتظمهانموذج تحليلي مركب أكبر تلتقي من خلاله كل أو معظم النقط الأساسية:






  4. #34
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    1
    ـ أولهذه النماذج هو نموذج الجماعات الوظيفية الذي طورناه لدراسة وضع الجماعات اليهوديةفي العالم الغربي ووضع الأقليات المماثلة في الحضارات الأخرى (الصينيون في جنوب شرقآسيا والهنود في أفريقيا... إلخ). أي أن دراسة الحالة هنا أخذت شكل دراسة أعضاءالجماعات اليهودية في إطار عِلم اجتماع الأقليات والجماعات التجارية الهامشيةوالجماعات الإثنية. وما يحدث لليهودي يحدث لكل أعضاء الأقليات (والجماعات الوظيفية) الأخرى، أي أن اليهودي يظهر باعتباره الإنسان عضو الأقلية الدينية أو الإثنية أوالوظيفية.

    2
    ـ اكتشفنا الحقيقة البديهية (والتي غابت عن الكثيرين): أنالظاهرة اليهودية ابتداءً من عصر النهضة في الغرب تحوَّلت تدريجياً إلى ظاهرة غربيةبالدرجة الأولى، أي أن السياق الأساسي للجماعات اليهودية في العالم أصبح هو الحضارةالغربية الحديثة. وفي داخل هذا الإطار، اكتشفنا أن تجربة يهود بولندا هي أهمالتجارب التاريخية للجماعات اليهودية سواء من ناحية الكم (الغالبية الساحقة من يهودالعالم الغربي، مع نهاية القرن التاسع عشر، إما من بولندا أو من أصل بولندي) أو منناحية الكيف والتطورات التاريخية اللاحقة. فالصهيونية هي حركة نشأت أساساً في صفوفيهود اليديشية، والتجربة الاستيطانية الصهيونية اللاحقة أكدت أهمية تجربة يهودالأرندا في أوكرانيا كممثلين لطبقة الشلاختا (النبلاء البولنديين) في إطار الإقطاعالاستيطاني في أوكرانيا وثورة شميلنكي ضد هذا الإقطاع.

    لكن تاريخ الحضارةالغربية الحديثة منذ عصر النهضة، سواء في شرق أوربا أم خارجها، هو تاريخ التحديثوالتغريب والعلمنة الجزئية والشاملة والمشاكل المرتبطة بظهور الدولة العلمانيةالقومية المركزية. وهذا التاريخ ليس تاريخ العلمنة وحسب وإنما هو أيضاً تاريخالإمبريالية، فتاريخ التشكيل الحضاري الغربي الحديث هو أيضاً تاريخ التشكيلالإمبريالي الغربي الحديث. وقد ارتبطت الجماعات اليهودية في الغرب، منذ البداية،بالتشكيل الاستعماري الاستيطاني الغربي، وتحدَّد مسار هجرة أعضاء الجماعات اليهوديةبحركة الاستيطان الغربي. كما أن رؤية الإنسان الغربي للعالم ولذاته وللجماعاتاليهودية أصبحت رؤية علمانية إمبريالية. ومن هنا، كان لابد من توسيع نطاق النموذجليشمل هذه الرؤية. وكان هذا يعني ضرورة تطوير نموذج آخر هو نموذج الرؤية العلمانيةالإمبريالية الشاملة، وهو نموذج أكثر اتساعاً من نموذج الجماعات الوظيفية وأكثرعمومية إذ لا يضع اليهود في سياق الأقليات وحسب وإنما في سياق التشكيل الحضاريالإمبريالي الغربي، وهو التشكيل الذي هيمـن على العـالم بأسره وضمنه أعضـاءالجماعات اليهودية. وقد طبقنا هذا النموذج على اليهود باعتبارهم حالة محددة: أقليةإثنية دينية تعيش في عصر العلمانية الشاملة. وهنا يظهر اليهودي باعتباره الإنسانالغربي الحديث، وما يحدث له (من اندماج ودمج وتدجين وتوظيف وتنميط وعلمنة وإبادة) هو ما يحدث للملايين من البشر في العصر





  5. #35
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي


    الحديث. وهو إنسان يعيش في عصر أزمة الحداثة (ما بعد الحداثة).

    3
    ـ استخدمنا في دراستنا لتطور اليهودية نموذج الحلوليةالكمـونية الواحدية مقابل نموذج التوحيد والتجاوز (الذي يفـترض وجـود ثنائيةفضفاضة)، وبيَّنا أن الصراع بين النموذجين يشكل التوتر الأساسي في اليهودية (وفي كلالأديان). فهو تعبير عن تناقض إنساني أساسي يسم إنسانيتنا المشتركة، يأخذ شكلالنزعة الجنينية (وهي الرغبة في فقدان الهوية والالتحام بالكل والتخلي عن الوعي وعنالمسئولية الخلقية) في مقابل النزعة الإنسانية والربانية (وهي أن يؤكد الإنسانهويته الإنسانية المستقلة عن الطبيعة ويتحمل المسئولية الخلقية عن هذا الوضع).

    ومن خلال نموذج الحلولية الكمونية هذا أرّخنا للعقيدة اليهودية ولتصاعدمعدلات الحلولية الكمونية فيها إلى أن سيطرت القبَّالاه عليها تماماً. وهنا يظهراليهودي باعتباره الإنسان ممثل الإنسانية المشتركة في واقعها المأساوي والملهاوي،وفي مقدرتها الهائلة على تجاوز عالم المادة وعلى الغوص فيه، وعلى الصعود إلى أعلىدرجات النبل، وعلى الهبوط إلى أدنى درجات الخساسة.


    النماذج الثلاثةالأساسية: استقلالها الواضح ووحدتها الكامنة
    كل نموذج من النماذج الثلاثةالفرعية (الحلولية الكمونية ـ العلمانية الشاملة ـ الجماعة الوظيفية) له استقلالهعن النموذجين الأخرين، وكل سياق له آلياته وحركياته وسماته، ويتفاوت البُعد الزمانيفي النماذج الثلاثة، فهو أكثر وضوحاً في نموذج الجماعة الوظيفية، ويكاد يتلاشى فينموذج الحلولية، ولكن النماذج كلها مع هذا تتلاقى وتتقاطع. فسنجد أن أعضاء الجماعاتالوظيفية من حملة الرؤية الحلولية الكمونية الواحدية (الروحية/المادية). ولكن ثمةتقابلاً اختيارياً بين الحلولية والعلمانية الشاملة، كما أن عضو الجماعة الوظيفيةإنسان وظيفي متحوسل ذو بُعد واحد، لذا سنجد أن أعضاء الجماعات الوظيفية هم عادةً منحملة الفكر العلماني الشامل (الحلولي الكموني الواحدي المادي) الذي يُترجم نفسهعادةً إلى رؤية إمبريالية.

    والنقطة المشتركة بين كل هذه النماذج أنهاواحدية تنكر التجاوز وتُلغي الثنائيات الفضفاضة والحيز الإنساني، فالحلوليةالكمونية هي رؤية للواقع ترى أن الإله قد حل في العالم حتى أصبح الإله غير متجاوزللعالم متوحداً معه، ومن ثم أصبح الإله والطبيعة والإنسان شيئاً واحداً، أي أنثنائيات: الخالق والمخلوق، والإنسان والطبيعة، والكل والجزء، والعام والخاص تمإلغاؤها لتظهر الواحدية الكونية المادية. والعلمانية (الشاملة) ترى أن العالم يحويداخله ما يكفي لتفسيره وأنه لا حاجة لتجاوز هذا العالم الذي تسوده قوانين واحدةتسري على الطبيعة والإنسان، وهو ما يقضي على ثنائية الإنسان والطبيعة لتظهرالواحدية المادية (والإمبريالية بطبيعة الحال تنظر للعالم باعتباره مادة محضة يمكنللأقوى حوسلتها لصالحه، أي أنها هي الأخرى تدور في إطار شكل من أشكال الواحديةالمادية التي نطلق عليها «الواحدية الذاتية الإمبريالية»). ويُعرَّف أعضاء الجماعاتالوظيفية في ضوء وظيفتهم وحسب لا في ضوء إنسانيتهم المتعينة، ومن ثم فإن أبعادهمالإنسانية الأخرى يتم إنكارها لتظهر الواحدية الوظيفية. فثمة محور مشترك وسمةأساسية، وهي الواحدية الكاملة، والتي تتبدَّى على مستويات مختلفة. فالحلوليةالكمونية تتبدَّى بالدرجة الأولى على المستوى الديني والمعرفي (الكلي والنهائي)،بينما تتبدَّى الجماعات الوظيفية أساساً على المستوى الاقتصادي والوظيفي، أماالعلمانية والإمبريالية الشاملة فإنها تتبدَّى بشكل مكثف على المستويات السياسيةوالاقتصادية والاجتماعية.






  6. #36
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    ولقد قلنا "بالدرجة الأولى" و"أساساً" و"بشكلمكثف" عن عمد، لأن كل نموذج يتبدَّى في واقع الأمر على كل المـستويات، وكل ما فيالأمر أنه قد يتبدَّى بشـكل أكثر كثافة على مـستوى معيَّن دون المـستويات الأخرى. ولهذا، فقد احتفظنا بتعدد المستويات واستقلالها ومقدرتها التفسيرية ولكن مع تأكيدوحدتها على مستوى أعمق وهو المستوى المعرفي (الكلي والنهائي).

    وكل النماذجالفرعية ـ كما أسلفنا ـ تنضوي تحت نموذج أكبر ووحدة أساسية كامنة فيها، إلا أنناأكدنا أن هذا النموذج الأكبر لا يتبدَّى بنفس الطريقة في كل زمان ومكان وفي جميعالحالات، فالنموذج مثل الإمكانية التي قد تتحقق، وقد لا تتحقق، وإن تحققت فإن مايتحقق هو أجزاء وجوانب منها وحسب، ومن هنا فإن النموذج العام لا يُغني عن دراسة كلحالة على حدة. ولذا فإننا رغم حديثنا عن نموذج الجماعات الوظيفية اليهودية داخلالحضارة الغربية، أكدنا أن هذا النموذج لا يتطور بنفس الطريقة ولا يَطَّرد بنفسالأسلوب وعلى نفس المستوى من مرحلة زمانية لأخرى. ونحن ننبه دائماً إلى أن النموذجالذي طرحناه نموذج عام جداً، يصلح إطاراً تصورياً ذا قيمة تحليلية وتفسيرية كليةوحسب، ويظل التطور التاريخي نفسه مختلفاً ومليئاً بالتعرجات والنتوءات والمنحنياتالخاصة التي يتطلب رصدها وفهمها وتفسيرها جهداً إبداعياً خاصاً وإدراكاً للطبيعةالاحتمالية للنموذج التحليلي التفسيري.

    ويمكن أن نُعرِّف دراسـتنا بأنهادراسـة لحالة محدَّدة هي اليهود واليهودية في الحضارة الغربية أساساً والصهيونيةوإسرائيل، وهي دراسة تاريخية اجتماعية مقارنة تركز على العلاقات السياسيةوالاجتماعية والاقتصادية بين أعضاء الجماعات اليهودية (بما في ذلك المستوطنالصهيوني) من جهة، وأعضاء المجتمعات المختلفة من جهة أخرى، كما تركز على الأبعادالمعرفية لهذه العلاقات. لكن هذه الدراسة، رغم أنها دراسة حالة، إلا أنها دراسةلنماذج تحليلية مركبة ذات مقدرة تطبيقية تتجاوز الحالة موضع الدراسة، فهذه النماذجتتوجه لقضايا عامة مثل: علاقة الأقلية (خاصةً أعضاء الجماعات الوظيفية) بالأغلبية،وعلاقة الأقليات بالدولة القومية المركزية، وطبيعة الحضارة الغربية الحديثة، وعلاقةالإنسان بالطبيعة، وعلاقة الحلولية بالتوحيد، وعلاقة الفكر بالمادة، وعلاقة الذاتبالموضوع والصراع بين الواجدية (المادية) والثنائية الفضفاضة (استبعدنا أربعةمجلدات كانت تشكل الإطار النظري، وقمنا بتلخيصها في هذا المجلد، وسوف تَصدُر هذهالمجلدات كموسوعة مستقلة بعنوان موسوعة العلمانية الشاملة بعد صدور هذه الموسوعة).

    والجماعات اليهودية تشكل جماعات وظيفية مثل كل الجماعات الوظيفية الأخرى،لكن وجودها داخل الحضارة الغربية أعطاها تفرُّداً معيَّناً. وهي تتفاعل معالمجتمعات العلمانية ومع التشكيل الإمبريالي تفاعل الجماعات البشرية الأخرى، ولكنهانظراً لوضعها الخاص فإن تفاعلها مع العلمانية يأخذ شكلاً أكثر حدة. وهي جماعاتتتنازعها النزعات الجنينية والربانية شـأنها شأن كل البشـر في كل زمان ومكان، لكناليهودي هو الإنسـان في حالة ضيق متبلورة. وبسبب حالة الضيق هذه، تظهر كثير منأبعاد الظاهرة الإنسانية بشكل نماذجي متبلور من خلاله. وخصوصية الجماعات اليهودية،أو خصوصياتها التي تتنوع في كل زمان ومكان، هي خصوصيات لا تختلف عن خصوصياتالجماعات الأخرى، وإن كان هناك شيء فريد بالفعل فربما يكون متمثلاً في نوعيةالعناصر الإنسانية العامة التي تدخل في تشكيل الموضوع اليهودي وطريقة ترابطها. وهيعناصر تدخل في تشكيل كثير من الظواهر الإنسانية الأخرى وتترابط بطرق فريدة مختلفة!






  7. #37
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي




    هيكل الموسوعة
    «هيكل الشيء» هو دعامته الأساسية الملموسة، فهيكلالمنزل هو دعامته الخرسانية والهيكل العظمي هو دعامة الجسد. وتُطلق كلمة «هيكل» علىالشكل الخارجي الذي يمكن معاينته. ويمكن القول بأن مصطلح «هيكل» يتداخل مع مصطلح «بنية»، فكلاهما يعبِّر عن طريقة أو منطق ترتيب الأشياء. ولكن بينما يتسم الهيكلبالوضوح فإن البنية تتسم بالكمون. وهيكل هذه الموسوعة هو تعبير عن نموذجهاالتفسيري. وقد قلنا عن هذه الموسوعة إنها «موسوعة تأسيسية» بمعنى أنها ليست موسوعةمعلوماتية ولا موسوعة نقدية تفكيكية، فهي تطمح إلى أن تطرح نموذجاً تفسيرياًوتصنيفياً جديداً. ولهذا السبب، نجد أن الجزء النظري طويل نسبياً فلم يكن هنـاك مفرمن إعادة تعريف كل المصطلحات. ولنفـس السـبب نجد أن تبويب الموسـوعة تم على أسـاسموضوعات. فقد رتبناها ترتيباً مختلفاً عن ترتيب الموسوعات العادية، لأن الترتيبالألفبائي يعني أن القارئ عارف بالمصطلحات والشخصيات، أو أنه يقابل مصطلحاً جديداًأو شخصية جديدة ويريد المزيد من المعلومات عنها. أما الترتيب حسب موضوعات، فإنهيعني أن القارئ لابد أن يتدرج مع الموسوعة من الإشكاليات إلى محاولة الإجابة إلىالعرض التاريخي وهكذا (على أننا زودنا الموسوعة بفهرس ألفبائي حتى يُيسِّر عمليةالوصول إلى المداخل المختلفة، وحتى يستطيع القارئ أن يصل إلى أي مصطلح أو شخصيةيقابلها).

    ويعكس هيكل الموسوعة محاولة الوصول إلى قدر من التعميم دون إلغاءلخصوصية الأجزاء واستقلالها، فنحن نؤمن بأن القصص الصغرى (كما يقول دعاة ما بعدالحداثة) مهمة وممتعة ومباشرة ولها شرعيتها المحدودة، ولذا لابد أن تُروَى هذهالقصص. لكن هناك داخل كل قصة صغرى إشارات للقصة العظمى التي تربط القصص الصغرىوتعطيها مغزاها، وبدون هذه الإشارات، تصبح القصص الصغرى لا معنى لها؛ محض تسليةولغو حديث.

    ويتضح الالتزام بكل من التعميم والتخصيص من خلال تقسيم الموسوعةإلى ثمانية مجلدات. أما المجلد الأول فهـو يضم الإطار النظري العام (الذي يتجاوزالظاهرة اليهودية)، فهو بمنزلة المستوى الأكثر تجريداً وكلية، نشرح فيه النموذجالأكبر وما يتفرع عنه من نماذج صغرى، بل نشرح فيه فكرة النموذج ذاتها كأداة تحليليةكما نشرح المصطلحات التي نستخدمها. وتناولنا في المجلدين الثاني والثالثالإشـكاليات العامة المتعلقة بدراسة الشأن اليهودي. وفي المجلد الرابع خفضنامستوانا التعميمي، فتناولنا تواريخ الجماعات اليهودية كلاًّ على حدة في مختلف بلدانالعالم والتشكيلات الحضارية. ولذا، كان التقسيم هنا جغرافياً، فهناك باب عن فرنساوآخر عن إنجلترا وعدة أبواب عن كلٍّ من روسيا وبولندا والولايات المتحدة. وحاولناأن نبيِّن التجليات المتعيِّنة للإشكاليات النظرية العامة في كل بلد على حدة، كماحاولنا أن نبيِّن بعض الجوانب التي لا تندرج بالضرورة تحت إطار النموذج المطروح. كما بيَّنا التطور التاريخي داخل كل بلد في جانبيه العام والخاص. ففي بولندا،مثلاً، أفردنا عدة مداخل لتاريخ بولندا ومداخل مسـتقلة لطبقـة الشـلاختا والإقطاعالاسـتيطاني وجماعات الهايدماك، وهكذا. وتناول المجلد الخامس اليهودية، والسادسالصهيونية ، والسابع إسرائيل. أما المجلد الثامن فيضم آليات الموسوعة وملحق خاصبالمفاهيم والمصطلحات الأساسية وثبت تاريخي والفهارس الألفبائية.






  8. #38
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    وقُسِّمكل مجلد في الموسوعة إلى أجزاء أقل عمومية من عنوان المجلد. فالمجلد الثاني يُسمَّى «إشكاليات» حيث يتناول كل باب إشـكالية بعينها (طبيعة اليهود في كل زمان ومكان ـإشـكالية الجوهر اليهودي ـ يهود أم جماعات يهودية؟ ـ يهود أم جماعات وظيفية يهودية؟ـ إشكالية العداء الأزلي لليهود). وقُسِّم كل جزء إلى أبواب مختلفة، وكل باب يضممداخل مختلفة تبدأ عادةً بما يمكن تسميته «المدخل المظلة» (المدخل العام بالنسبةلهذا الباب) وهو المدخل الذي تُطرَح فيه إشكالية الباب ككل، وفيه تتم محاولةالإجابة عنها من خلال النموذج التفسيري الجديد. ويعقب ذلك المدخل الرئيسي مداخلتفصيلية تمثل التطبيق والتوضيح لما جاء في المدخل الرئيسي، وهي أيضاً بمنزلة الوصفالتفصيلي المُكثَّف الذي يوضح النموذج بشكل متعيِّن ويُبيِّن تجلياته المختلفةوتحوراته. كما أنه يقوم بتعديل النموذج ويتجاوزه دون إلغائه. فنحن ننكر، على سبيلالمثال، أن البُعد اليهودي في إسهامات المبدعين من أعضاء الجماعات اليهودية له قيمةتفسيرية عالية، ولكننا مع هذا أدرجنا مداخل عن ظواهر وشخصيات لا يمكن تفسيرها إلافي ضوء البُعد اليهودي، فكأننا ننبه القارئ بذلك إلى فعالية نموذجنا التفسيري وعدمشموليته في الوقت نفسه.

    والعلاقة بين مداخل الموسوعة ليست عضوية أو صلبة،فهي تَجَل لنفس النموذج، ولذا لابد أن تكون ثمة علاقة تَماثُل قوية بينها. ولكنالتماثل ليس ترادفاً، ولذا فإن هناك فراغات بين المداخل هي تعبير عن قدر من عدمالتجانس والانقطاع وعدم الترابط الذي لا يؤدي بالضرورة إلى نفي فكرة الحقيقة. وعلىالقارئ أن يتخيل وجود عبارة "والله أعلم" مع نهاية كل مدخل (وتظهر بالفعل في نهايةالمدخل الأخير من كل مجلد) تعبيراً عن هذا البحث عن الحقيقة الذي يعرف من يخوضهمسبقاً أن الوصول إلى الحقيقة المطلقة والكاملة مستحيل، ففوق كل ذي علم عليم. وقديحاول القارئ أن يقوم بعملية الربط، وقد يكتشف أن الظاهرة موضع الدراسة تتَّسمبالاستمرار والانقطاع، وأن الأجزاء لا تلتحم عضوياً مع الكل، وأن القصة الكبرى لاتبتلع القصص الصغرى. وقد رُتبت المداخل حسب منطق محدد، وكان الترتيب في معظمالأحيان هرمياً، بحيث نبدأ بالأكثر عمومية وأهمية ونتدرج منه لنصل إلى الخاص وربماالهامشي. والمداخل التفصيلية المختلفة (الشخصيات ـ الجمعيات) ليست شاملة وإنمامُمثِّلة وحسب لما نتصور أنه حالات مختلفة لنفس النموذج، حالات لها دلالة من ناحيةالمنهج أو من ناحية الممارسة التاريخية المتعيِّنة.







  9. #39
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي


    وقد حاولت الموسوعة أنتجمع بين التعاقب الذي يكشف البُعد التاريخي للظاهرة (المتغيِّر عبر الزمان) والتزامن الذي يكشف البُعد البنيوي (المستقر نسبياً عبر الزمان). ففي المجلداتالثلاثة الخاصة بالجماعات اليهودية (من المجلد الثاني إلى المجلد الرابع)، تناولالمجلدان الثاني والثالث موضوعاتهما من منظور التزامن (إشكاليات عامة ـ إشكالياتالتحديث والثقافات) وكان البُعد التاريخي ثانوياً بالنسبة للبُعد الإشكاليوالبنيوي. أما في المجلد الرابع، فالعكس هو الصحيح إذ تناولنا تواريخ الجماعاتاليهودية وأصبح البُعد البنيوي ثانوياً. وطبقنا المبدأ نفسه داخل المجلدات الخاصةباليهودية والصهيونية وإسرائيل. وبنية المداخل نفسها تتضمن التعاقب والتزامن، فمعظمالمداخل الرئيسـية تبدأ بمحـاولة تفكيكية حيث يرفض كل مدخـل التعـريف القـائم إنكانت مقدرته التفسيرية ضعيفة، ثم يطرح مصطلحاً جديداً من خلال عملية تركيب جديدةتركز على السمات البنيوية الأساسية التي تجاهـلها أو هَمَّشها النمـوذج القديم، ثميتم عرض لتاريخ الظـاهرة. وفي آخر المدخـل، نطرح بعـض الإشكاليات. ومع هذا، يتنوعشكل المداخل فلم يتم تنميطها تماماً حتى يمكن أن تتناول هذه المداخل المنحنياتالخاصة للظواهر المختلفـة. ورغم أن هذا التناول للظواهـر موضـع الدراسـة تناولنماذجي، إلا أننا حاولنا قدر استطاعتنا أن نزود القارئ بالمعلومات التي نبرهن بهاعلى المقدرة التفسيرية لنموذجنا وبما نراه ضرورياً حتى ولو كان الأمر لا يخدمإطارنا التفسيري. ويُلاحَظ أن كل مدخل هو وحدة مستقلة، قائمة بذاتها، ولكنها تنتميإلى كل. وبسبب هذا، فإن هناك بعض التكرار إذ أن استقلالية المدخل كانت تتطلب ذكربعض العناصر التي وردت في مداخل أخرى.

    الـمصـطـلح
    كلمة «مصطلح»، وهيعلى زنة «مُفتَعَل»، من الفعل «اصْطَلَح»، أو قولهم «اصطلح القوم» أي «زال ما بينهممن خلاف» و«اصطلحوا على الأمر» أي «تعارفوا عليه واتفقوا» و«تصالحوا» بمعنى «اصطلحوا». و«مصطلح» هو «الاصطلاح». و«الاصطلاح» اسم منقول من مصدر الفعل «اصطلح» ومعناه اتفاق طائفة ما على شيء مخصوص، ولذا سُمِّي علم الاصطلاح «علم التواطؤ». ولكل علم اصطلاحاته. و«الاصطلاح» في العلم هو اتفاق جماعة من الناس المتخصصين فيمجال واحد على مدلول كلمة أو رقم أو إشارة أو مفهوم، وذلك يتم عادةً نتيجة تراكممعرفي وحضاري وممارسـات فكرية لمدة من الزمن، ويتبع ذلك محـاولة تقنين هذه المعرفة.

    وتحديد المفاهيم والمصطلحات مسألة ضرورية لضبط وتنظيم العملية الفكريةوتأطير ممارسات الفكر الاجتماعي في سياق منهجي بعيداً عن الفوضى والشتات الذهني، منأجل صياغة منطق مشترك بين تفاعلات الأفراد.






  10. #40
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,234
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 33

    افتراضي



    ومشكلة المصطلح لها شقان:

    أ ) محاولة توليد مصطلحات جديدة نتيجة تعريف المفاهيم ووصف الظواهرالأسـاسية ثم تسميتها.

    ب) ترجمة المصطلح، فالترجمة شكل من أشكال التفسير،ومترجم المصطلح يجد نفسه، شاء أم أبى، متوجهاً للقضايا الفلسفية والمعرفية الكامنةوراء المصطلح.

    والقضيتان رغم انفصالهما متداخلتان وتثيران الإشكالياتنفسها.

    ولكن، إذا كان المصطلح أو الاصطلاح تصالحاً، فما العمل إن كان منيسك المصطلح لم يتصالح معنا؟ أو كان يسك المصطلح لتغييبنا نتيجة لخصومته معنا ولأنوجودنا يعني غيابه؟ أو يسك مصطلحاً يخبئ مفاهيم وقيماً تتنافى مع مفاهيمنا وقيمنا،ويتبنى نموذجاً تحليلياً معرفياً متحيزاً ضدنا؟ وهذه هي الإشكالية التي تواجهنابخصوص المصطلحات المستخدمة في وصف الظواهر اليهودية والصهيونية. فقد تم سكها فيالعالم الغربي بعناية بالغة، وهي مصطلحات تنبع من تجارب تاريخية ونماذج تحليليةورؤى معرفية ووجهات نظر غربية وصهيونية، متمركزة حول الذات الغربية واليهودية،وتحتوي على تحيزات إنجيلية وإمبريالية وعرْقية لا نشارك فيها بل نرفضها، وهي تحيزاتجعلت الدارسين الغربيين والصهاينة يضخِّمون كثيراً من جوانب بعض الظواهر ويهملونالجوانب الأخرى، وجعلتهم يفترضون وجود وحدة حيث لا وحدة، ولا يدركون في الوقت نفسهالعلاقة بين ظواهر نرى نحن أنها وثيقة الصلة. وهي مصطلحات تعبر عن خلل واضح (منوجهة نظرنا) في المستوى التعميمي والتخصيصي، فيتحدثون بصيغة العام عن ظواهر خاصةوفريدة، وبصيغة الخاص عن ظواهر عامة، ويُهمِّشون ما هو مركزي وأساسي ويضفون صفةالمركزية على ما هو هامشي من وجهة نظرنا. ويمكن أن ندرج بعض سمات المصطلحاتالغربية/الصهيونية فيما يلي: ـ

    1
    ـ تنبع المصطلحات الغربية من المركزيةالغربية، فالإنسان الغربي يتحدث، على سبيل المثال، عن «عصر الاكتشافات» وهي عبارةتعني أن العالم كله كان في حالة غياب ينتظر الإنسان الأبيض لاكتشافه. والصهاينةيشيرون أيضاً إلى أنفسهم على أنهم «رواد»، والرائد هو الشخص الذي يرتاد مناطقمجهولة فيستكتشفها بنفسه ويفتحها لينشر الحضارة والاستنارة فيها بين شعوبهاالبدائية.

    وحروب العالم الغربي تُسمَّى «الحروب العالمية» ونظامهالاستعماري يُسمَّى «النظام العالمي الجديد». ويتبع الصهاينة نفس النمط، فقد كانهرتزل يحاول تأسيس دولة يضمنها «القانون الدولي العام» وكان يعني في واقع الأمر «القانون الغربي» أو بمعنى أصح «القوى الإمبريالية الغربية». والمنظمة الصهيونيةتُوجَد أساساً في العالم الغربي حيث تتركز الغالبية الساحقة ليهود العالم إذ لايوجد يهود في الصين أو الهند أو اليابان أو في معظم بلاد آسيا (باستثناء بضعة أفرادفي الصين وبضع عشرات في اليابان وبضع مئات في الهند). ولا يوجد يهود في أفريقيا إلافي جنوب أفريقيا (في الجيب الاستيطاني الغربي) وبضعة آلاف في المغرب. ورغم هذهالحقيقة، إلا أن المنظمة الصهيونية تشير إلى نفسها باعتبارها «المنظمة الصهيونيةالعالمية» لا «المنظمة الصهيونية الغربية». وحينما صدر وعد بلفور، وردت فيه إشارةإلى «الجماعات غير اليهودية»، أي سكان فلسطين من العرب البالغ عددهم آنذاك ما يزيدعن 95% من عدد السكان، أي أن الغالبية الساحقة من سكان فلسطين تم تهميشها لصالحالمستوطنين الصهاينة. ولا يمكن فهم عملية التهميـش هذه إلا في إطار أن الصهاينة هناهم ممثلو الحضارة الغربية التي تظن أنها تحتل مركز الكون والتاريخ، ولذا فإن حقوقهمفي فلسطين حقوق مركزية مطلقة. أما حقوق غيرهم من البشر ممن أقاموا في هذه الأرضوزرعوها وحصدوا ثمارها وبنوا منازلهم فيها عبر آلاف السنين، فهي هامشية، وهم مجردجماعات غير يهودية.






 

صفحة 4 من 54 الأولىالأولى 123456781434 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السادس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 61
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:20 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML