وفي محاولة منالتجاوز هذه الصعوبات وللوصول إلى مصطلحات أكثر تركيباً وتفسيرية وشمولاً ودقة نحتنامصطلحات تَنبُع من نموذج تحليلي جديد مركب لا يتبنى المرجعية الغربية أو الصهيونيةويستند إلى إدراك عربي إسلامي للظواهر وإلى مرجعية عربية إسلامية. وكان ديدننا فيذلك هو محاولة تشجيع العقل العربي على أن يتجاوز التلقي وينطلق إلى الإبداع من خلالتجربته الحضارية المتعيِّنة ومعجمه الحضاري الخاص كما فعل الفلاحون الفلسطينيون فينهاية القرن الماضي حينما قابلوا المستوطنين الصهاينة فلم يسموهم «الرواد» أو «الحالوتسيم» كما نفعل نحن الموضوعـيين المتجردين من الذات وإنما سموهم «المسـكوب» أي "أولئـك الذيـن جـاءوا من موسكو"، أي "الغرباء الغربيين" الذين جاءوا لاغتصابالأرض، شأنهم في هذا شأن كل النفايات البشرية التي كانت تسبق جيوش الاحتلال الغربيوتمشي في ذيلها. فالفلاحون هنا نظروا بعيونهم العربية وشعروا بما شعروا به ثم سمواالأشياء بأسمائها خارج نطاق الديباجات والاعتذاريات والادعاءات عن الذات وعن الآخر. كما أننا نتصور أن المصطلحات التي تستـند إلى تجربتنا التاريخية الحية سـتتضمنجوانب من الواقع آثر الغربيون والصهاينة تجاهلها، عن وعي أو غير وعي، ولذا ستكونمصطلحاتنا أكثر تفسيرية. وكون مصطلحاتنا تعبِّر عن ذاتيتنا العربية الإسلامية لايعني بالضرورة أنها محصورة في هذه الذاتية لا تتجاوزها. ومن هنا إصرارنا على مقدرةهذه المصطلحات التفسيرية، رغم أنها تنطلق من ذاتيتنا. وقد عبَّر كل هذا عن نفسه منخلال المصطلحات التي استُخدمت في هذه الموسوعة في أشكال عديدة:

1
ـ يَصدُرالنموذج المركب الذي نستخدمه عن الإيمان باستقلال الإنسان عن الطبيعة، وهو ما يعنيضرورة فصل مصطلحات العلوم الإنسانية عن العلوم الطبيعية والتزام الحذر تجاهالمصطلحات التي تُستعار من عالم الطبيعة، وخصوصاً الصور المجازية العضوية التيتفترض مركزية الطبيعة/المادة. ويظهر هذا في استخدامنا لمصطلح «الإنسان الطبيعي» فيمقابل مصطلح «الإنسان الرباني» (أو «الإنسان الإنسان»). وحينما استخدمنا مصطلح «عضوي»، كما في «القومية العضوية» أو «الشعب العضوي»، بيَّنا دلالة ذلك، كما بيَّنادلالة الصور المجازية العضوية على وجه العموم. وقد استخدمنا مصطلحي «أكثر تفسيريةوأقل تفسيرية» بدلاً من «موضوعي وذاتي لنفس السبب وهو ما نوضحه بإسهاب في المدخلالمخصص للموضوع.