1. قال الواقدي عن ااشياخه ان النبي نهى عن القتال وامر بقتل ستة نفر واربع نسوة عكرمة بن أبي جهل وهبار بن الاسود وابن أبي سرح ومقيس بن صبابه والحويرث بن نقيد وابن خطل # قال واما الحويرث بن نقيد فانه كان يؤذي النبي فاهدر دمه فبين هو في منزله يوم الفتح قد اغلق عليه واقبل علي رضي الله عنه يسال عنه فقيل هو في البادية فاخبر الحويرث انه يطلب وتنحى علي عن بابه فخرج الحويرث يريد ان يهرب من بيت إلى بيت اخر فتلقاه علي فضرب عنقه # ومثل هذا مما يشتهر عند هؤلاء مثل الزهري وابن عقبة وابن اسحاق والواقدي والاموي وغيرهم أكثر ما فيه انه مرسل والمرسل اذا روى من جهات مختلفة لا سيما ممن له عناية بهذا الامر وتتبع له كان كالمسند بل بعض ما يشتهر عند اهل المغازي ويستفيض اقوى مما يروى بالاسناد الواحد ولا يوهنه انه لم يذكر بالحديث الماثور عن سعد وعمرو بن

شعيب عن ابيه عن جده لان المثبت مقدم على النافي ومن اخبر انه امر بقتله فمعه زيادة علم ولعل النبي لم يامر بقتله ثم امر بقتله وذلك انه يمكن ان النبي نهىاصحابه ان يقتلوا الا من قاتلهم الا النفر الاربعة ثم امرهم ان يقاتلوا هذاوغيره ومجرد نهيه عن القتال لا يوجب عصمة المكفوف عنهم لكنه بعد ذلك امنهم الامان العاصم للدم وهذا الرجل قد امر النبي بقتله لمجرد اذاه له مع انه قد امن اهل البلد الذين قاتلوه واصحابه وفعلوا بهم الافاعيل # ومن ذلك انه لما قفل من بدر راجعا إلى المدينة قتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ولم يقتل من اسارىبدر غيرهما وقصتهما معروفة

  1. قال ابن اسحاق وكان في الاسرى عقبة بن أبي معيط والنضر ابن الحارث فلما كان رسول الله بالصفراء قتل النضر بن الحارث قتله علي بن أبي طالب كما خبر ثم مضى رسول الله فلما كان بعرق الظبية قتل عقبة بن أبي معيط قتله عاصم بن ثابت # قال موسى بن عقبة عن الزهري ولم يقتل من الاسارى صبرا غير عقبة بن أبي معيط قتله عاصم بن ثابت ابن أبي الاقلح ولما ابصره عقبة مقبلا اليه استغاث بقريش فقال يامعشر قريش علاما اقتل من

بين هاهنا فقال رسول الله على عداوتك لله ورسوله وكذلك ذكر محمد بن عائد في مغازيه # وهذا والله اعلم لان النضر قتل بالصفراء عند بدر فلم يعد من الاسرى عند هذا القائل لقتله قريبا من مصارع قريش والا فلا خلاف علمناه ان النضر وعقبة قتلا بعد الاسر # وقد روى البزار عن ابن عباس ان عقبة بن أبي معيط نادى يامعشر قريش مالي اقتل من بينكم صبرا فقال له النبي بكفرك وافترائك على رسول الله # وقال الواقدي كان النضر بن الحارث اسره المقداد بن الاسود فلما خرج رسول الله من بدر فكان بالاثيل عرض عليه الاسرى فنظر إلى النضر بن الحارث فابده البصر فقال لرجل إلى جنبه محمد
والله قاتلي لقد نظر الي بعينن فيهما الموت فقال الذي إلى جنبه والله ما هذا منك الا رعب فقال النضر لمصعب بن عمير يامصعب انت اقرب من هاهنا بي رحما كلم صاحبك ان يجعلني كرجل من اصحابي هو والله قاتلي ان لم تفعل قال مصعب انك كنت تقول في كتاب الله كذا وكذا وتقول في نبيه كذا وكذا قال يامصعب يجعلني كاحد اصحابي ان قتلوا قتلت وان من عليهم من علي قال مصعب انك كنت تعذب اصحابه وذكر الحديث إلى ان قال فقتله علي بن أبي طالب صبرا بالسيف # قال الواقدي واقبل رسول الله بالاسرى حتى اذا كانوا بعرف الظبية امر عاصم بن ثابت بن أبي الاقلح ان يضرب عنق عقبة ابن أبي معيط فجعل عقبة يقول ياويلي علام اقتل يا قريش من بين من هاهنا قال رسول الله لعداوتك لله ورسوله قال يامحمد منك أفضل فاجعلني كرجل من قومي ان قتلتهم قتلتني وان مننت عليهم مننت علي وان اخذت منهم الفداء كنت كاحدهم يامحمد من للصبية قال رسول الله النار قدمه ياعاصم فاضرب عنقه فقدمه عاصم فضرب عنقه فقال رسول الله بئس الرجل
كنت والله ما علمت كافرا بالله وبكتابه وبرسوله مؤذيا لنبيه فاحمد الله الذي هو قتلك واقر عيني منك # ففي هذا بيان ان السبب الذي اوجب قتل هذين الرجلين من بين سائر الاسرى اذاهم لله ولرسوله بالقول والفعل فان الايات التي نزلت في النضر معروفة واذى ابن أبي معيط له مشهور بلسانه ويده حين خنقه بابي هو واحي بردائه خنقا شديدا يريد
قتله وحين القى السلا على ظهره وهو ساجد وغير ذلك # ومن ذلك انه امر بقتل من يهجوه بعد فتح مكة من قريش وسائر العرب مثل كعب بن زهير وغيره # ىقال الاموي حدثني أبي قال قال ابن اسحاق وذكره يونس بن بكيروالبكائي وغيرهما عن ابن اسحاق قال فلما قدم رسول الله
المدينة منصرفا من الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى اخيه كعب بن زهير يخبره ان رسول الله كتب في قتل رجال بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه # ولفظ يونس والبكائي ان رسول الله قد قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه وان من بقي من شعراء قريش ابن الزبعري وهبيرة ابن أبي وهب وقد هربوا في كل وجه فان كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله فانه لا يقتل احدا جاءه تائبا وان انت لم تفعل فانج إلى نجاتك من الارض وكان كعب قد قال ابياتا نال فيها من رسول الله حتى رويت وعرفت وكان الذي قال % الا ابلغا بجيرا رسالة % فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا % % لتخبرني ان كنت ليس بفاعل % على اي شئ غير ذلك دلكا % % على خلق لم يلق يوما أبا له % ولا انت لم تعرف عليه أبا لكا % % فان انت لم تفعل فلست باسف % ولا قائل اما عثرت لعالكا % % سقاك بها المؤمون كاسا روية % فانهلك المؤمون منها وعلكا %

  1. وانما قال كعب المؤمون لقول قريش لرسول الله الامين الذي كانت تقول له

فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الارض واشفق على نفسه وارجف به من كان في حاضره من عدوه فقالوا هو مقتول فلما لم يجد من شئ بدا قال قصيدة يمدح فيها رسول الله ويذكر فيها خوفه وراجاف الوشاة به ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة كما ذكر لي فغدا به على رسول الله حين صلى الصبح فلما صلى مع الناس اشار له إلى رسول الله فقال هذا رسول الله فقم اليه فذكر لنا انه قام إلى رسول الله فوضع يده في يده وكان رسول الله لا يعرفه فقال يا رسول الله اني كعب ابن زهير استامن منك تائبا مسلما فهل انت قابل منه ان انا جئتك به فقالل رسول الله نعم قال انا يارسول الله كعب بن زهير # قال ابن اسحاق فحدثني عاصم بن عمر انه وثب عليه رجل من الأنصار فقال يارسول الله دعني وعدو الله اضرب عنقه فقال رسول الله دعه عنك قد جاء تائبا نازعا قال فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم وذلك انه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين الا بخير فقال قصيدته التي قال حين قدم رسول الله ثم انشد ابن اسحاق قصيدته المشهورة بانت سعاد وفيها
% انبئت ان رسول الله اوعدني % والعفو عند رسول الله مامول % % مهلا هداك الله الذي اعطاك نافلة % القاران فيه مواعيظ وتفصيل % % لاتاخذني باقوال الوشاة ولم اذنب ولو كثرت في الاقاويل %

  1. وفي حديث اخر وذلك انه بلغه رسول الله ندر دمه لقول بلغه عنه فقدم على رسول الله مسلما ودخل مسجده وانشد القصيدة فقد اخبر أن رسول الله كتب في قتل رجال بمكة لاجل هجائهم واذاهم حتى افر من فر منهم إلى نجران ثم رجع ابن الزيدي عليه تائبا مسلما واقام هبيرة بنجران حتى مات مشركا ثم انه اهدر دم كعب لما قاله مع انه ليس من بليغ الهجاء لكونه طعن في دين الإسلام وعابه وعاب ما يدعوا اليه الرسول ثم انه تاب قبل القدرة عليه وجاء مسلما وكان حربيا ومع هذا فهو يلتمس العفو ويقول لا تاخذني باقوال الوشاة ولم اذنب # من ذلك ما نقل انه كان يندب إلى قتل من يهجوه ويقول من يكفيني عدوي # قال الاموي سعيد بن يحيى بن سعيد في مغازيه ثنا أبي قال اخبرني عبد الملك بن جريج اخبرني عن رجل اخبره عن عكرمة عن عبد الله بن

عباس ان رجلا من المشركين شتم رسول الله فقال رسول الله من يكفيني عدوي فقام الزبير بن العوام فقال انا فبارزه فاعطاه رسول الله سلبه ولا احسبه الا في خيبر حين قتل ياسر ورواه عبد الرزاق ايضا # وروى ان رجلا كان يسب النبي فقال من يكفيني عدوي فقال خالد انا فبعثه النبي فقتله # ومن ذلك ان اصحابه كانوا اذا سمعوا من يسبه ويؤذيه قتلوه وان كان قريبا فيقرهم على ذلك ويرضاه وربما سمى من فعل ذلك ناصرا لله ورسوله

  1. فروى أبو اسحاق الفزاري في كتابه المشهور في السير عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن سميع عن مالك بن عمير قال جاء رجل إلى النبي فقال اني لقيت أبي في المشركين فسمعت منه مقاله قبيحة لك فما صبرت ان طعنته بالرمح فقتلته فما شق ذلك عليه # قال وجاءه اخر فقال اني لقيت أبي في المشركين فصفحت عنه فما شق ذلك عليه # وقد رواه الاموي وغيره من هذه الطريق


  1. وروى أبو اسحاق الفزاري ايضا في كتابه عن الاوزاعي عن حسان بن عطية قال بعث رسول الله جيشا فيهم عبد الله بن رواحة وجابر فلما صافوا المشركين اقبل رجل منهم يسب رسول الله فقام رجل من المسلمين فقال انا فلان ابن فلان وامي فلانه فسبني وسب امي وكف عن سب رسول الله فلم يزده ذلك الا اغراء فاعاد مثل ذلك وعاد الرجل مثل ذلك فقال في الثالثة لئن عدت لارحلنك بسيفي فعاد فحمل عليه الرجل فولى

مدبرا فاتبعه الرجل حتى خرق صف المشركين فضربه بسيفه واحاط به المشركون فقتلوه فقال رسول الله اعجبتم من رجل نصر الله ورسوله ثم ان الرجل برئ من جراحه فاسلم فكان يسمى الرحيل ورواه الاموي في مغازيه من هذا الوجه # وقد تقدم حديث عمير بن عدي لما قال حين بلغه اذى بنت مروان للنبي اللهم ان علي نذرا لئن رددت رسول الله إلى المدينة لاقتلنها فقتلها بدون اذن النبي فقال النبي اذا احببتم ان تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب فانظروا إلى عمير بن عدي # وكذلك حديث اليهودية وام الولد فان النبي اهدر دمها لما قتلت لاجل سبه وقد قتلت بدون اذنه فهذا مما يدخل في انه اقر من قتل رجلا لاجل سبه # وقد تقدم ايضا حديث الرجل الذي نذر ان يقتل ابن أبي سرح لما افتراه على النبي وإن النبي امسك عن مبايعته ليقوم اليه ذلك الرجل فيقتله ويفي بنذره # وقد ذكروا ان الجن الذي امنوا به كانت تقصد من يسبه من الجن الكفار فتقتله قبل الهجرة وقبل الاذن في القتال له وللانس فيقرها
على ذلك ويشكر ذلك لها # قال سعيد بن يحيى الاموي في مغازيه حدثني محمد بن سعيد يعني عمه قال قال محمد بن المنكدر انه ذكر له عن ابن عباس انه قال هاتف من الجن على جبل أبي قبيس فقال % قبح الله رايكم آل فهر % ما ادق العقول والاحلام % % حين تغضي لمن يعيب عليها % دين ابائها الحماة الكرام % % حالف الجن جن بصرى عليكم % ورجال النخيل والاطام % % توشك الخيل ان تروها نهارا % تقتل القوم في حرام تهام %
% هل كريم منكم له نفس حر % ماجد الجدتين والاعمام % % ضاربا ضربة تكون نكالا % ورواحا من كربه واغتنام %

  1. قال ابن عباس فاصبح هذا الشعر حديثا لاهل مكة يتناشدوه بينهم فقال رسول الله هذا شيطان يكلم الناس من الاوثان يقال له مسعر والله مخزيه فمكثوا ثلاثة ايام فاذا هاتف يهتف على الجبل يقول % نحن قتلنا في ثلاث مسعرا % اذ سفه الحق وسن المنكرا % % قنعته سيفا حساما مبترا % بشتمه نبيا المطهرا %


  1. فقال رسول الله هذا عفريت من الجن اسمه سمحج امن بي سميته عبد الله اخبرني انه في طلبه منذ ثلاثة ايام فقال علي جزاه الله خيرا يا رسول الله # وممن ذكر انه قتل لاجل اذى النبي أبو رافع بن ابن الحقيق اليهودي وقصته معروفة مستفيضة عند العلماء فنذكر منها وضع الدلالة # عن البراء بن عازب قال بعث رسول الله إلى أبي رافع اليهودي رجالا من الأنصار وامر عليهم عبد الله بن عتيك وكان أبو رافع يؤذي رسول الله ويعين عليه وكان في حصن له بارض

الحجاز فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم قال عبد الله لاصحابه اجلسوا مكانكم فاني منطلق ومتلطف للبواب لعلي ان ادخل فاقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كانه يقضي حاجتة وقد دخل الناس فهتف به البواب ياعبد الله ان كنت تريد ان تدخل فادخل فاني اريد ان اغلق الباب فخلت فكمنت فلما دخل الناس اغلق الباب ثم علق الاغاليق على ود قال فقمت إلى الاقاليد فاخذتها ففتحت الابواب وكان أبو رافع يسمر عنده وكان في علالي له فلما ذهب عنه اهل سمره صعدت اليه فجعلت كلما فتحت بابا اغلقت علي من داخل قلت ان القوم نذروا بي لم يخلصوا إلى حتى اقتله فانتهيت اليه فاذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا ادري اين هو من البيت قلت أبا رافع قال من هذا فاهويت نحو الصوت
فاضربه ضربة بالسيف وانا دهش فما اغنيت شيئا وصاح فخرجت من البيت فامكث غير بعيد ثم دخلت اليه فقلت ما هذا الصوت يا أبا رافع فقال لامك الويل ان رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف قال فاضربه ضربة اثخنته ولم اقتله ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى اخذ في ظهره فعرفت اني قتلته فجعلت افتح الابواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درحة له فوضعت رجلي وانا ارى ان قد انتهيت إلى الارض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت لا اخرج الليلة حتى اعلم اقتلته فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال انعي أبا رافع تاجر اهل الحجاز فانطلقت إلى اصحابي فقلت النجاء قد قتل الله أبا رافع فانتهيت إلى النبي فحدثته فقال ابسط رجلك فبسطت رجلي فمسحها فكانما لم اشتكها قط رواه البخاري في صحيحه

  1. وقال ابن اسحاق حدثني الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال مما صنع الرسول ان هذين الحيين من الأنصار الاوس والخزرج كانا يتصاولان معه تصاول الفحلين لايصنع احدهما شيئا الا صنع الاخر مثله يقولون لايعدون ذلك فضلا علينا في الإسلام وعند رسول الله فلما قتل الاوس كعب بن الاشرف تذكرت الخزرج رجلا هو في العداوة لرسول الله مثله فتذاكروا ابن أبي الحقيق في خيبر فاستاذنوا رسول الله في قتله فاذن لهم وذكر الحديث إلى ان قال ثم صعدو اليه في علية له فقرعوا عليه الباب فخرجت اليهم امراته فقالت من انتم فقالوا حي من العرب نريد الميرة ففتحت لهم فقالت ذاكم الرجل عندكم في البيت وذكر تمام الحديث في قتله # فقد تبين في حديث البراء وابن كعب انما تسرى المسلمين بقتله باذن النبي لاذاه للنبي ومعاداته له # وانه كان نضير ابن الاشرف لكن ابن الاشرف كان معاهدا فاذى الله ورسوله فندب المسلمين إلى قتله وهذا لم يكن معاهدا # فهذه الاحاديث كلها تدل على ان من كان يسب النبي ويؤذيه من الكفار فانه كان يقصد قتله ويحض عليه لاجل ذلك وكذلك

اصحابه بامره يفعلون ذلك مع كفه عن غيره ممن هو على مثل حاله في انه كافر غير معاهد بل مع امانه لاولئك او احسانه اليهم من غير عهد بينه وبينهم ثم من هؤلاء من قتل ومنهم من جاء مسلما تائبا فعصم دمه لثلاثة اسباب # احدها انه جاء تائبا قبل القدرة عليه والمسلم الذي وجب عليه حد لو جاء تائبا قبل القدرة عليه لسقط عنه فالحربي اولى # الثاني ان رسول الله كان من خلقه ان يعفو عنه # الثالث ان الحربي اذا اسلم لم يؤخذ بشيء مما عمله في الجاهلية لا من حقوق الله ولا من حقوق العباد من غير خلاف نعلمه لقوله تعالى ^ قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ^ ولقوله الإسلام يجب ما قبله رواه مسلم ولقوله من احسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية متفق عليه

  1. ولهذا اسلم خلق كثير وقد قتلوا رجالا يعرفون فلم يطلب احدا منه بقود ولا دية ولا كفارة # اسلم وحشي قاتل حمزة وابن العاص قاتل ابن قوقل وعقبة بن الحارث قاتل خبيب بن

عدي ومن لا يحصى ممن ثبت في الصحيح انه اسلم وقد علم انه قتل رجلا بعينه من المسلمين فلم يوجب النبي على أحد منهم قصاصا بل قال يضحك الله إلى رجلين يقتل احدهما الاخر كلاهما يدخل الجنة يقتل هذا في سبيل الله فيدخل الجنة ثم يتوب الله على القاتل فيسلم ويقتل في سبيل الله فيدخل الجنة متفق عليه # وكذلك ايضا لم يضمن النبي احدا منهم مالا اتلفه للمسلمين ولا اقام على أحد حد زنى او سرقة او شرب او قذف سواء كان قد اسلم بعد الاسر او قبل الاسر وهذا مما لانعلم بين المسلمين فيه خلافا في روايته ولا في الفتوى به

  1. بل لو اسلم الحربي وبيده مال مسلم قد اخذه من المسلمين بطريق الاغتنام ونحوه مما لا يملك به مسلم من مسلم لكونه محرما في دين الإسلام كان له ملكا ولم يرده إلى المسلم الذي كان يملكه عند جماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم وهو معنى ما جاء عن الخلفاء الراشدين وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ومنصوص احمد وقول جماهير اصحابه بناء على ان الإسلام او العهد قرر ما بيده من المال الذي كان يعتقده ملكا له لانه خرج عن مالكه المسلم في سبيل الله ووجب اجره على الله واخذه هذا مستحلا له وقد غفر له بإسلامه ما فعله في

دماء المسلمين واموالهم فلم يضمنه بالرد إلى مالكه كما لم يضمن ما اتلفه من النفوس والاموال ولا يقضي ما تركه من العبادات لان كل ذلك كان تابعا للاعتقاد فلما رجع عن الاعتقاد غفر له ما تبعه من الذنوب فصار ما بيده من المال لا تبعة عليه فيه فلم يؤخذ منه كجميع ما بيده من العقود الفاسدة التي كان يستحلها من ربا وغيره # ومن العلماء من قال يرده على مالكه المسلم وهو قول الشافعي وابي الخطاب من الحنبلية بناء على ان اغتنامهم فعل محرم فلا يملكون به مال المسلم كالغصب ولانه لو اخذه المسلم منهم اخذا يملك به مسلم من مسلم بان يغنمه او يسرقه فانه يرد إلى مالكه المسلم لحديث ناقة النبي وهو مما اتفق الناس فيما نعلمه عليه ولو كانوا قد ملكوه كملكه الغانم منهم ولم يرده

  1. والاول اصح لان المشركين كانوا يغنمون من اموال المسلمين الشئ الكثير من الكراع والسلاح وغير ذلك وقد اسلم عامة اولئك المشركين فلم يسترجع النبي من أحد منهم مالا مع ان بعض تلك الاموال لابد ان يكون باقيا # ويكفي في ذلك ان الله سبحانه قال ^ للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا ^ وقال ^ اذن للذين يقاتلون ^ إلى قوله ^ الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق ^ وقال ^ وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام واخراج اهله منه ^ وقال ^ انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم ^ # فبين سبحانه ان المسلمين اخرجوا من ديارهم واموالهم بغير حق حتى صاروا فقراء بعد ان كانوا اغنياء # ثم ان المشركين استولوا على تلك الديار والاموال وكانت باقية إلى حين الفتح وقد اسلم من استولى عليها في الجاهلية ثم لم يرد النبي

على أحد منهم اخرج من داره بعد الفتح والإسلام دارا ولا مالا فان قيل للنبي يوم الفتح الا تنزل في دارك فقال وهل ترك لنا عقيل من دار # وساله المهاجرون ان يرد عليهم اموالهم التي استولى عليها اهلى مكة فابى ذلك واقرها بيد من استولى عليها بعد إسلامه # وذلك ان عقيل بن أبي طالب بعد الهجرة استولى على دار النبي ودور اخوته من الرجال والنساء مع ما ورثه من ابيه أبي طالب # قال أبو رافع قيل للنبي الا تنزل منزلك من الشعب قال فهل ترك لنا عقيل منزلا وكان عقيل قد باع منزل رسول الله ومنزل اخوته من الرجال والنساء بمكة

  1. وقد ذكر اهل العلم بالسيرة منهم أبو الوليد الازرقي ان رباع عبد المطلب بمكة صارت لبني عبد المطلب فمنها الشعب شعب ابن يوسف وبعض دار ابن يوسف لابي طالب والحق الذي بينه وبعض دار ابن يوسف دار المولد مولد النبي وما حوله لأبي لنبي عبد الله بن عبد المطلب # ولا ريب ان النبي كانت له هذه الدار ورثه من ابيه وبها ولد وكان له دار ورثها هو وولده من خديجة رضى الله عنها # قال الازرقي فسكت النبي عن مسكنيه كليهما مسكنه الذي ولد فيه ومسكنه الذي ابتنى فيه بخديجة بنت خويلد وولد فيه ولده جميعا


  1. قال وكان عقيل بن أبي طالب اخذ مسكنه الذي ولد فيه واما بيت خديجة فاخذه معتب بن أبي لهب وكان اقرب الناس اليه جوارا فباعه بعد من معاوية # قد شرح اهل السيرة ما ذكرنا في دور المهاجرين # قال الازرقي دار جحش بن رئاب الاسدي التي بالمعلى لم تزل في يد وللد جحش فلما اذن الله لنبيه واصحابه في الهجرة إلى المدينة خرج ال جحش جميعا الرجال والنساء إلى المدينة مهاجرين وتركوا دارهم خالية وهم حلفاء حرب بني امية فعمد أبو سفيان إلى دارهم هذه فباعها باربع مئة دينار من عمرو بن علقمة العامري فلما بلغ ال جحش انا أبا سفيان باع دارهم انشا أبو احمد يهجوا أبو سفيان ويعيره ببيعها وذكر ابياتا


  1. فلما كان يوم فتح مكه اتى أبو احمد بن جحش وقد ذهب بصره إلى رسول الله فكلمه فيها فقال يارسول الله ان أبا سفيان عمد إلى داري فباعها فدعاه النبي فكلمه فيها فساره بشئ فما سمع أبو احمد بعد ذلك ذكرها فقيل لابي احمد بعد ذلك ما قال لك رسول الله قال قال لي ان صبرت كان خيرا وكان لك بها دار في الجنة قال قلت فانا اصبر فتركها أبو احمد # قال وكان لعتبة بن غزوان دار تسمى ذات الوجهين فلما هاجر اخذها يعلي بن امية وكان استوصاه بها حين هاجر فلما كان عام الفتح وكلم بنو جحش رسول الله في دارهم فكره ان يرجعوا في شئ من اموالهم اخذ منهم في الله تعالى وهجروه لله # امسك عتبة بن غزوان عن كلام رسول الله في داره هذه ذات

الوجهين وسكت المهاجرون ولم يتكلم أحد منهم في دار هجرها لله ورسوله وسكت رسول الله عن مسكنه الذي ولد فيه ومسكنه الذي ابتنى فيه بخديجة وهذه القصة معروفة عند اهل العلم # قال محمد بن اسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر ببن حزم والزبير ابن عكاشة بن أبي احمد قالا ابطا رسول الله يوم الفتح عليهم في دورهم فقالوا لابي احمد ياابا احمد ان رسول الله يكره لكم ان ترجعوا في شيء من اموالكم مما اصيب في الله # وقال ابن اسحاق ايضا في رواية زياد بن عبد الله البكائي عنه وتلاحق المهاجرون إلى رسول الله فلم يبقى أحد منهم بمكة الا مفتون او محبوس ولم يوعب اهل هجرة من مكة باهليهم أموالهم إلى الله والى رسوله الا اهل دور مسمون بنو مظعون من بني جمح وبنو جحش بن رئاب حلفاء بني امية وبنو البكير من بني سعد بن ليث حلفاء عدي بن كعب فان دورهم غلقت بمكة هجرة ليس فيها ساكن # ولما خرج بنو جحش بن رئاب من دارهم عدا عليها أبو سفيان بن
حرب فباعها من عمرو بن علقمة أخي بني عامر بن لؤي فلما بلغ بني جحش ما صنع أبو سفيان بدارهم ذكر ذلك عبد الله بن جحش لرسول الله فقال رسول الله الا ترضى ياعبد الله ان يعطيك الله بها دارا خيرا منها في الجنة فقال بلى فقال ذلك لك فلما افتتح رسول الله مكة كلمه أبو احمد في دارهم فابطا عليه رسول الله فقال الناس لابي احمد يا أبا احمد ان رسول الله يكره ان ترجعوا في شيء من اموالكم اصيب منكم في الله فامسك عن كلام رسول الله # قال الواقدي عن اشياخه قالوا وقام أبو احمد بن جحش على باب المسجد على جمل له حين فرغ النبي من خطبته يعني الخطبة التي خطبها وهوواقف بباب الكعبة حين دخل الكعبة فصلى فيها ثم خرج يوم الفتح فقال أبو احمد وهو يصيح انشد بالله يا بني عبد مناف حلفي انشد بالله يا بني عبد مناف داري قال فدعا رسول الله عثمان بن عفان فسار عثمان بشيء فذهب عثمان إلى أبي احمد فساره فنزل أبو احمد عن بعيره وجلس مع القوم فما سمع أبو احمد ذكرها حتى لقي الله
فهذا نص في ان المهاجرين طلبوا استرجاع ديارهم فمنعهم رسول الله واقرها بيد من استولى عليها ومن اشتراها منه وجعل ما اخذه منهم الكفار بمنزلة ما اصيب من دمائهم وما انفقوه من اموالهم وتلك دماء واموال اشتراها الله وسلمت اليه ووجب اجرها على الله فلا رجعة فيها وذلك لان المشركين يستحلون دماءنا واموالنا واصابوا ذلك كله استحلالا وهم اثمون في هذا الاستحلال فاذا اسلموا جب الإسلام ذلك الاثم وصاروا كانهم ما اصابوا دما ولا مالا فما بايديهم لا يجوز انتزاعه منهم # فان قيل في الصحيحين عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد رضي الله عنه انه قال يارسول الله اتنزل في دارك بمكة قال وهل ترك لنا عقيل من رباع او دور وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرث جعفر
ولا علي شيئا لانهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين وفي رواية للبخاري انه قال يارسول اين تنزل غدا وذلك زمن الفتح فقال وهل ترك لنا عقيل من منزل ثم قال لا يرث الكافر المؤمن ولا المؤمن الكافر قيل للزهري ومن ورث أبا طالب قال ورثه عقيل وطالب وفي رواية معمر عن الزهري اين تنزل غدا في حجته رواه البخاري # وظاهر هذا ان الدور انتقلت إلى عقيل بطريق الارث لا بطريق الاستيلاء ثم باعها # قلنا اما دار النبي التي ورثها من ابيه وداره التي هي له ولولده من زوجته المؤمنة خديجة فلا حق لعقيل فيها فعلم انه استولى عليها واما دور أبي طالب فان أبا طالب توفي قبل الهجرة بسنين والمواريث لم تفرض ولم يكن نزل بعد منع المسلم من ميراث الكافر بل كان من مات بمكة من المشركين اعطي اولاده المسلمون نصيبهم من الارث كغيرهم بل كان المشركون ينكحون المؤمنات الذي هو أعظم من الارث وانما قطع الله الموالاة بين المسلمين والكافرين بمنع النكاح والارث وغير ذلك بالمدينة وشرع الجهاد القاطع للعصمة

  1. قال ابن اسحاق حدثني ابن أبي نجيح قال لما قدم رسول الله مكة نظر إلى تلك الرباع فما ادرك منها قد اقتسم على امر الجاهلية تركه لم يحركه وما وجده لم يقسم قسمة على قسمة الإسلام # وهذا الذي رواه ابن أبي نجيح يوافق الاحاديث المسندة في ذلك مثل حديث ابن عباس قال قال رسول الله كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ماقسم وكل قسم ادركه الإسلام فانه على ما قسم الإسلام رواه أبو داود وابن ماجه # وهذا ايضا يوافق ما دل عليه كتاب الله ولا نعلم فيه خلافا فان الحربي لو عقد عقدا فاسدا من ربا او بيع خمر او خنزير او نحو ذلك ثم اسلم بعد قبض العوض لم يحرم ما بيده ولم يجب عليه رده ولو لم يكن قبضة لم يجز له ان يقبض منه الا ما يجوز للمسلم كما دل عليه قوله تعالى ^ اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين ^ فامرهم بترك ما بقي في ذمم الناس ولم يامرهم برد ما قبضوه


  1. وكذلك وضع النبي لما خطب الناس كل دم اصيب في الجاهلية وكل ربا في الجاهلية حتى ربا العباس ولم يامر برد ما كان قبض فكذلك الميراث اذا مات الميت في الجاهلية واقتسموا تركته امضيت القسمة فان اسلموا قبل الاقتسام او تحاكموا الينا قبل القسمة قسم على قسم الإسلام فلما مات أبو طالب كان الحكم بينهم ان يرثه جميع ولده فلم يقتسموا رباعة حتى هاجر جعفر وعلي إلى المدينة فاستولى عقيل عليها وباعها فقال النبي لم يترك لنا عقيل منزلا الا استولى عليه وباعه فكان معنى هذا الكلام انه استولى على دور كنا نستحقها اذ ذاك ولولا ذلك لم تضف الدور اليه والى بني عمه اذا لم يكن لهم فيها حق ثم قال بعد ذلك لا يرث المؤمن الكافر ولا الكافر المؤمن يريد والله اعلم لو ان الرباع باقية بيده إلى الان

لم تقسم لكنا نعطي رباع أبي طالب كلها له دون اخوته لانه ميراث لم يقسم فيقسم الان على قسم الإسلام ومن قسم الإسلام ان لا يرث المسلم الكافر فكان نزول هذا الحكم بعد موت أبي طالب وقبل قسمة تركته بمنزله نزوله قبل موته فبين النبي ان عليا وجعفرا ليس لهما المطالبة بشيء من ميراث أبي طالب لو كان باقيا فكيف اذا اخذ منه في سبيل الله فاذا كان المشرك الحربي لايطالب بعد إسلامه بما كان اصابه من دماء المسلمين واموالهم وحقوق الله ولا ينتزع ما بيده من اموالهم التي غنمها منهم لم يؤاخذ ايضا بما اسلفه من سب وغيره فهذا وجه العفو عن هؤلاء # وهذا الذي ذكرناه من سنة رسول الله في تحتم قتل من كان يسبه من المشركين مع العفو عمن هو مثله في الكفر كان مستقرا في نفوس اصحابه على عهده وبعد عهده يقصدون قتل الساب ويحرضون عليه وان امسكوا عن غيره ويجعلون ذلك هو الموجب لقتله ويبذلون في ذلك نفوسهم كما تقدم من حديث الذي قال سبني وسب أبي وامي وكف عن رسول الله ثم حمل عليه حتى قتل وحديث الذي قتل اباه لما سمعه يسب النبي وحديث الانصاري الذي نذر ان يقتل العصماء فقتلها وحديث الذي نذر ان يقتل ابن أبي سرح وكف النبي عن مبايعته ليوفي بنذره

  1. وفي الصحيحين عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال اني لواقف في الصف يوم بدر فنظرت عن يميني وعن شمالي فاذا انا بغلامين من الأنصار حديثة اسنانهما فتمنيت ان اكون بين اضلع منهما فغمزني احدهما فقال اي عم هل تعرف أبا جهل قلت نعم فما حاجتك اليه يا أبا ابن أخي قال اخبرت انه يسب رسول الله والذي نفسي بيده لئن رايته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الاعجل منا قال فتعجبت لذلك قال وغمزني الاخر فقال لي مثلها فلم انشب ان نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت الا تريان هذا صاحبكما الذي تسالاني عنه قال فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله فاخبراه فقال ايكما قتله فقال كل واحد سنهما انا قتلته فقال هل مسحتما سيفيكما فقال لا فنظر رسول الله إلى السيفين فقال كلاكما قتله وقضى رسول الله بسلبه لمعاذ بن عمرو الجموح والرجلان معاذ

ابن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء # والقصة مشهورة في فرح النبي بقتله وسجوده شكرا وقوله هذا فرعون هذه الامة هذا مع نهيه عن قتل أبي البختري ابن هشام مع كونه كافرا غير ذي عهد لكفه عنه واحسانه بالسعي في نقض صحيفة الجور ومع قوله لو كان المطعم بن
عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى يعني الاسرى لاطلقتهم له يكافيء المطعم باجارته له بمكة والمطعم كافر غير معاهد فعلم ان مؤذي الرسول يتعين اهلاكه والانتقام منه بخلاف الكاف عنه وان اشتراكا في الكفر كما كان يكافيء المحسن اليه باحسانه وان كان كافرا # يؤيد ذلك ان أبا لهب كان له من القرابة ماله فلما اذاه وتخلف عن بني هاشم في نصره نزل القران فيه بما نزل من اللعنة والوعيد باسمه خزيا لم يفعل بغيره من الكافرين كما روي عن ابن عباس انه قال ما كان أبو لهب الا من كفار قومه حتى خرج منا حين تحالفت قريش علينا فظاهرهم فسبه الله وبنو المطلب مع مساواتهم لعبد شمس ونوفل في النسب لما اعانوه ونصروه وهم كفار شكر الله ذلك لهم فجعلهم بعد الإسلام مع بني هاشم في سهم ذوي القربى وابو طالب لما اعانه
ونصره وذب عنه خفف عنه العذاب فهو من اخف اهل النار عذابا وقد روي ان أبا لهب سقي في نقرة الابهام لعتقه ثويبة اذ بشرته بولادته # ومن سنة الله ان من لم يمكن المؤمنين ان يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فان الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه اياه كما قدمنا بعض ذلك في قصة الكتاب المفترى وكما قال سبحانه ^ فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين ^ والقصة في اهلاك الله واحدا واحدا من هؤلاء المستهزئين معروفة قد ذكرها اهل السير والتفسير وهم على ماقيل نفر من رؤوس قريش منهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والاسودان بن المطلب وابن عبد يغوث والحارث بن قيس # وقد كتب النبي إلى كسرى وقيصر وكلاهما لم يسلم لكن قيصر اكرم كتاب رسول الله واكرم رسوله فثبت ملكه فيقال ان الملك باق في ذريته إلى اليوم وكسرى مزق كتاب رسول الله
واستهزا برسول الله فقتله الله بعد قليل ومزق ملكه كل ممزق ولم يبق للاكاسرة ملك وهذا والله اعلم تحقيق قوله تعالى ^ ان شانئك هو الابتر ^ فكل من شناه او ابغضه وعاداه فان الله تعالى يقطع دابره ويمحق عينه واثره وقد قيل انها نزلت في العاص بن وائل او في عقبة بن أبي معيط او في كعب بن الاشرف وقد رايت صنيع الله بهم # ومن الكلام السائر لحوم العلماء مسمومة فكيف بلحوم الانبياء عليهم السلام # وفي الصحيح عن النبي قال يقول الله تعالى من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة # فكيف بمن عادى الانبياء ومن حارب الله حرب واذا استقريت قصص الانبياء المذكورة في القران تجد اممهم انما اهلكوا حين
اذوا الانبياء وقابلوهم بقبيح القول او العمل وهكذا بنو إسرائيل انما ضربت عليهم الذلة وباؤوا بغضب من الله ولم يكن لهم نصير لقتلهم الانبياء بغير حق مضموما إلى كفرهم كما ذكر الله ذلك في كتابه ولعلك لاتجد احدا اذى نبيا من الانبياء ثم لم يتب الا ولا بد ان يصيبه الله بقارعة وقد ذكرنا ما جربه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار اذا تعرضوا لسب رسول الله وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة وهذا باب واسع لا يحاط به ولم نقصد قصده هنا وانما قصدنا بيان الحكم الشرعي # وكان سبحانه يحميه ويصرف عنه اذى الناس وشتمهم بكل طريق حتى في اللفظ ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله الا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم يشتمون مذمما ويلعنون مذمما وانا محمد فنزه الله اسمه ونعته عن الاذى وصرف ذلك إلى من هو مذمم وان كان المؤذي انما قصد عينه

  1. فاذا تقرر بما ذكرناه من سنة رسول الله وسيرة اصحابه وغير ذلك ان الساب للرسول يتعين قتله فنقول اما ان يكون تعين قتله لكونه كافرا حربيا او للسبب المضموم إلى ذلك والاول باطل لان الاحاديث نص في انه لم يقتل لمجرد كونه كافرا حربيا بل عامتها قد نص فيه على ان موجب قتله انما هو السب فنقول اذا تعين قتل الحربي لاجل انه سب النبي فكذلك المسلم والذمي واولى لان الموجب للقتل هو السب لا مجرد الكفر والمحاربة كما تبين فحيثما وجد هذا الموجب وجب القتل وذلك لان الكفر مبيح للدم لا موجب لقتل الكافر بكل حال فانه يجوز امانة ومهادنته والمن عليه ومفاداته لكن اذا صار للكافر عهد عصم العهد دمه الذي اباحه الكفر فهذا هو الفرق بين الحربي والذمي فاما ما سوى ذلك من موجبات القتل فلم يدخل في حكم العهد # وقد ثبت بالسنة ان النبي كان يامر بقتل الساب لاجل السب فقط لا لمجرد الكفر الذي لا عهد معه فاذا وجد هذا السب وهوموجب للقتل والعهد لم يعصم من موجبه تعين القتل ولان أكثر مافي ذلك انه كافر حربي ساب والمسلم اذا سب يصير مرتدا سابا وقتل المرتد اوجب من قتل الكافر الاصلي والذمي اذا سب فانه يصير كافرا محاربا سابا بعد عهد متقدم وقتل مثل هذا اغلظ