شرح التسهيل في الفقه (الجزء الخامس) لفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين باب أحكام أهل الذمة

أولا: يلزمهم التميز عن المسلمين، كيف يتميزون؟ يتميزون باللباس، فلا يلبسون كلباس المسلمين، ذكروا من ذلك أنهم يشدون أوساطهم بزنار، كذلك أيضا يحلقون مقادم رءوسهم، يقصون الناصية ليكونوا بذلك متميزين إذا رآهم المسلم عرف بأنهم ليسوا مسلمين، ولذلك يعاملون غير معاملة المسلمين فيجزون مقدم رءوسهم ويتركون الفرق، المسلمون عادة إذا كان لهم شعر يفرقونه نصفه من اليمين ونصفه من اليسار قد يجرجرونه، وقد يعقصونه فهؤلاء لا يفرقون، إذا كان عليهم رءوس أو شعر فإنهم يسدلونها خلف مع أنهم مأمورون بأن يجزوا مقدم الرأس.
لا يتكنون بكنى المسلمين، ولا يتسمون بأسماء المسلمين حتى لا يشتبه أمرهم، المسلمون لهم كنى، يقال مثلا: أبو محمد، وأبو القاسم، وأبو سعد، وأبو سعيد، وأبو إبراهيم، وأبو أحمد، ونحو ذلك، يمنعون من مثل ذلك، يتكنون بكنى تناسبهم، ويتسمون بأسماء تناسبهم، لا يأخذون أسماء أولاد المسلمين.
لا يمكنون من ركوب الخيل كما يركبها المسلمون، بل يركبون البراذين، يركبون البغال، يركبون الحمير، هكذا فلا يركبون الخيل، وإذا ركبوا على البغل يركبونه عرضا حتى لا يتشبهوا بالمسلمين بأن يجعل وجهه لأحد الجهات لا يجعل وجهه لقدام، هذا معنى كونهم يركبونه عرضا.
ولا يركبون بسرج، بل يركبون بإكاف، السرج هو الذي يجعل على ظهر الفرس، يسمى سرجا، ويسمى قتبا، والعامة يسمونه "هولاني" يربط في ظهر الفرس وفي بطنه، إذا ركب الراكب على الفرس توسط فيه حتى يتمسك.
أما اليهود والنصارى الذميون فإنهم يجعلون إكافا على ظهر البرذون، يسمونها العامة "الوثارة" عبارة عن شبه الوسادة، محشية مثلا بتبن أو قطن أو نحو ذلك، ثم مخيطة حتى لا يجتمع الحشو في جهة من جهاتها يجعلون في وسطها شيئا من الحز أو الفراغ، ويجعلون لها حبالا يربطونها في بطن الحمار أو في بطن البرذون، ويجعلون لها أيضا حلقة يدخلون فيها ذنب الحمار حتى تستمسك يسمونها وثارة، ويسمونها إكافا. فاليهود والذميون لا يركبون إلا بإكاف، لا يركبون بالسرج الذي هو من خصائص المسلمين.
كذلك يلبسون غيارا أي يتغيرون عن المسلمين، يكون لهم لباس خاص، إذا كان المسلمون يلبسون القمص التي لها جيوب ولها أكمام، فإنهم يلزمون بأن يلبسوا مثلا الأزر أو ما أشبهها حتى يكونوا متميزين، يشد فوق ثيابهم زنار، يشد عليهم الزنار الذي هو عبارة عن حزام في طرفيه حلقات، تدخل حلقة في حلقة عندما يتلاقى طرفاه ثم يشد على الوسط يمسك الوسط، فالزنار من خصائص اليهود والنصارى يتميزون به عن المسلمين، ولا يجوز أن يتركوه وهم مسلمون مخافة أن يشتبهوا بالمسلمين، إذا رآهم المسلمون وقد لبسوا هذه الزنانير ورأوهم قد ركبوا على هذا الإكاف، ورأوهم قد قصوا مقادم رءوسهم عرفوا أنهم ذميون فلم يعاملوهم معاملة المسلمين، إذا جعلوا عليهم عمائم، ميزوها بخرقة تتدلى، العمامة التي يضعونها على الرأس يجعلون فيها خرقة، مثلا سوداء تتدلى من أحد الجوانب حتى يعرفوا بأنهم ليسوا بمسلمين، فيعاملون بما يستحقونه، كذلك أيضا يتميزون في رقابهم بخواتيم الرصاص، يجعل كل واحد حلقة في رقبته، فيها خواتيم رصاص، حتى يعرفوا بذلك، إذا دخلوا الحمام، الحمامات الكبيرة التي توجد في بلاد شتى؛ فإنهم يدخلون بجلجل، الجلجل هو الجرس، حتى إذا دخلوا هذه الأماكن المظلمة، عرفهم المسلمون أن هؤلاء ليسوا مسلمين بل إنهم ذميون، فلا يعاملونهم كمعاملة المسلم، هكذا هو الحكم في معاملتهم.

hp;hl hig hg`lm