بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هل يحتاج وجود الله لدليل او بحث ؟
اعترض احد الملحدين على هديه صلى الله عليه وسلم فيما يقوله ويفعله من ابتلي بالوسواس وما يستعان به على الوسوسة فى قوله عليه الصلاة والسلام : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليستعذ بالله ولينته" بقوله كيف يكون ذلك هو الصواب دون بحث او تفكير .
رد الاعتراض
هناك بالفعل أشياء تحتاج إلى التفكير ومراجعة النفس , اما معرفة الخالق والدلالة عليه فلا تحتاج إلى ذلك مطلقا.. لكون الفطرة مفطورة على تلك المعرفة إلى الدرجة التي تجعلها شىء بديهى وواضح ينقاد إليه الإنسان بسهولة ولا يحتاج معه الى دليل , ((فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ))
(الروم – 30)
.
فلقد جعل الله الفطرة نازعة إليه بطبيعتها تطلبه دواماً كما تطلب البوصلة أقطابها مشيرة إليه دالة عليه .
فليس لدى الفطرة مصنوع بلا صانع او فعل بلا فاعل او موجود بلا موجد , حتى اهل الجحود , ينسبون فعله تاره الى الصدفة والاتفاق وتاره الى الطبيعة لانهم لا يمكن ان يتصوروا فعل بدون فاعل , وليس هناك اكثر من اقرارالشيطان لذلك (الجلاء الفطرى فى الدلالة على الخالق) عندما يستغله كارضية خصبة للتضليل بعض البشر وجرهم الى مستنقع الالحاد بعد تشكيكهم باسئلته المعهوده التى تبدأ بمن خلق الكون ؟ وتنتهى بسؤاله القائم على المغالطة , من خلق الخالق ؟ وهو يعلم يقينا الاجابة ... لابد للفعل من فاعل.
ولقد اشار القرآن الكريم الى بداهة وجود الله وذلك فى قوله تعالى : (أفى الله شك ) اى : انه لا يتاتى الشك فى وجود الله عند العقول والفطر السليمة .
والمعنى :ايشك فى الله حتى يطلب دليلا على وجوده ؟ واى دليل اصح واظهر من هذا الدليل .
ثم نبه بعد ذلك القرآن الكريم على الدليل لمن يحتاج اليه لضعف عقله أو انطماس فطرته فى قوله : (فاطر السموات والارض ).
فوجود الله اذن اوضح من إن يبرهن عليه واظهر من إن يحتاج الى دليل خارجى , ولذلك لان الشعور الدينى والايمان بخالق الكون ومدبره امر فطرى فى الإنسان .
والى ذلك يشير القرآن الكريم فى قوله تعالى : (فأقم وجهك للدين القيم فطرة الله التى فطر الناس عليها )
ويقول النبى صلى الله عليه وسلم : (كل مولود يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) . (العقيدة فى ضوء الكتاب والسنة – الدكتور صلاح عبد العليم ص23 )
ويقول الامام ابن القيم : ومعلوم إن وجود الرب تعالى اظهر للعقول السليمه والفطر من وجود النهار ومن لم ير ذلك فى عقله وفطرته فليتهمهما ) . (مدارج السالكين 1/23 طبع المنار )
ويستطرد فيقول :
"تأمل حال العالم كله علويه وسفليه بجميع أجزائه تجده شاهدا بإثبات صانعه وفاطره ومليكه فإنكار صانعه وجحده في العقول والفطر بمنزلة إنكار العلم وجحده لا فرق بينهما بل دلالة الخالق على المخلوق والفعال على الفعل والصانع على أحوال المصنوع عند العقول الزكية المشرقة العلوية والفطر الصحيحة أظهر من العكس
فالعارفون أرباب البصائر يستدلون بالله على أفعاله وصنعه إذا استدل الناس بصنعه وأفعاله عليه ولا ريب أنهما طريقان صحيحان كل منهما حق والقرآن مشتمل عليهما" . (المرجع السابق ج1 ص32 )
والواقع انه حين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم , الجهر بدعوته , بعد نحو ثلاث سنوات من الاسرار بها : فأنه صلى الله عليه وسلم , لم يبدأ بأثبات وجود الله , وانما بدأ بالبرهنة على صدقه هو , وتحدى العرب بصدقه , ومن قبل ذلك حين فاجأه الملك ونزل الوحى لم يبدأ الملكاو لم يبدأ الوحى بأثبات وجود الله , وانما بدأ الامر بأ، يقرأ الرسول صلوات الله وسلانه عليه بأسم ربه : (اقرأ باسم ربك الذى خلق ).
ومضى القرن الاول كله ولم يحاول انسان قط : إن يتحدث حديثا عابرا أو مستفيضا عن اثبات وجود الله تعالى .
ومضى اكثر القرن الثانى والمسألة فيما يتعلق بوجود الله لا توضع موضع البحث .
وذلك لان وجود الله انما هو امر بديهى لا ينبغى إن يتحدث فيه المؤمنون نفيا أو اثباتا ولا سلبا أو ايجابا .
فما الذى يجعل الانسان اذن يضع وجود الله فى مجال البحث؟
يتبع بعون الله تعالى

ig dpjh[ ,[,] hggi g]gdg h, fpe ?