قال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي رحمه الله (المتوفى: 463هـ) في مقدمة كتابه " شرف أصحاب الحديث " (ص 7 و 8 و9 ) :

" ولو أن صاحب الرأي المذموم شغل نفسه بما ينفعه من العلوم،
وطلب سنن رسول رب العالمين، واقتفى آثار الفقهاء والمحدثين،
لوجد في ذلك ما يغنيه عما سواه ، واكتفى بالأثر عن رأيه الذي رآه ،
لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد، وبيان ما جاء من وجوه الوعد والوعيد،
وصفات رب العالمين تعالى عن مقالات الملحدين
والإخبار عن صفات الجنة والنار، وما أعد الله تعالى فيهما للمتقين والفجار،
وما خلق الله في الأرضين والسموات من صنوف العجائب وعظيم الآيات،
وذكر الملائكة المقربين، ونعت الصافين والمسبحين.
وفي الحديث قصص الأنبياء، وأخبار الزهاد والأولياء،
ومواعظ البلغاء، وكلام الفقهاء،
وسير ملوك العرب والعجم، وأقاصيص المتقدمين من الأمم،
وشرح مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم، وسراياه وجمل أحكامه وقضاياه، وخطبه وعظاته، وأعلامه ومعجزاته، وعدة أزواجه وأولاده وأصهاره وأصحابه. وذكر فضائلهم ومآثرهم. وشرح أخبارهم ومناقبهم ،
ومبلغ أعمارهم، وبيان أنسابهم.
وفيه تفسير القرآن العظيم، وما فيه من النبإ والذكر الحكيم.
وأقاويل الصحابة في الأحكام المحفوظة عنهم، وتسمية من ذهب إلى قول كل واحد منهم من الأئمة الخالفين والفقهاء المجتهدين.
وقد جعل الله تعالى أهله أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة.
فهم أمناء الله من خليقته، والواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته.
أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائره، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة،
وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأيا تعكف عليه، سوى أصحاب الحديث، فإن الكتاب عدتهم، والسنة حجتهم، والرسول فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعرجون على الأهواء، ولا يلتفتون إلى الآراء،
يقبل منهم ما رووا عن الرسول، وهم المأمونون عليه والعدول،
حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته.
إذا اختلف في حديث، كان إليهم الرجوع، فما حكموا به، فهو المقبول المسموع.
ومنهم كل عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وزاهد في قبيلة، ومخصوص بفضيلة،
وقارئ متقن، وخطيب محسن.
وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم.
وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر، وعلى الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر .
من كادهم قصمه الله، ومن عاندهم خذلهم الله. لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم
المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير وإن الله على نصرهم لقدير "


انتهى .


avt Hwphf hgp]de