الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد؛
فاتَّقوا الله - أيُّها المسلمون - حقَّ التقوى، وتَمَسَّكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.


عباد الله:
إنَّ الله تبارك وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، وإن في تربية الأولاد خيرًا لآبائهم وأمهاتهم في الدنيا والآخرة؛ فأخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - أن مما يصل المرء إذا مات دعوةَ الولد الصالح، قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: من علم نافع يُنتفع به، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له)).



ومما يجب الاهتمام به:
الدعاء للأولاد؛ الدعاء لهم بكل خير في الدنيا والآخرة، وليحذر الآباء وليحذر الأمهات من الدعاء على أولادهم؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك؛ فإنه قال: ((لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أولادكم، ولا على أموالكم؛ فتوافق ساعة استجابة)).
فإن كثيرًا ممن تأذَّى، وكثيرًا ممن تضرر؛ بسبب الدعاء عليه من والده أو من والدته، وإنَّ الدُّعاء يكون في الخير ولا يكون في الشر؛ فاحذروا - عباد الله - أن تدعوا على أولادكم، أو تدعوا على أموالكم، وتمسكوا بهدي نبيكم - عليه الصلاة والسلام.
اللهم إنا نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن توفقنا لما تحبه وترضاه، اللهم وفقنا لهداك، واجعل أعمالنا يا رب العالمين فيما يرضيك.
عباد الله:

إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وقال جل من قائل: {إِنَّ اللَّه وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى علي صلاة واحدة؛ صلى الله عليه بها عشرًا"؛ فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وسلِّم تسليمًا كبيرًا.

اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم يا ذا الجلال والإكرام اغفر لنا وللمسلمين، يا ذا الجلال والإكرام، يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدَّم وأنت المؤخَّر، لا إله إلا أنت.

اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعذنا وذرياتنا يا ذا الجلال والإكرام من إبليس وذريته وشياطينه، وأَعِذِ المسلمين وذرياتهم من إبليس وشياطينه وذريته.
اللهم وفِّق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله برضاك، اللهم أعنه على أمور الدنيا والدين، اللهم هيئ له البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم هيئ له البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه يا رب العالمين، اللهم وفق ولي عهده لما تحبه وترضاه، ولما فيه الخير للإسلام يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح اللهم ولاة أمورنا، اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنةً، رخاءً سخاءً، وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم أغثنا يا أرحم الراحمين، اللهم أغثنا يا أرحم الراحمين، اللهم أغثنا يا أرحم الراحمين.

عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 90 - 91].
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

الشيخ علي الحذيفي