فبدلا من أن ينشغل الناس في شهر رمضان المبارك بالعبادة وتلاوة القرآن وغيرها من الطاعات ، نرى أهل الضلال من المؤلفين والملحنين والمطربين والممثلين والمخرجين والقائمين على الاذاعة والتلفاز قد تجهزوا بكل طاقاتهم في استقبال هذا الموسم ، الكل يشحذ أسنانه وأسلحته طوال أحد عشر شهرا ، الكل حريص أن يكون موقعه متميزا في الانقضاض على الفريسة – رمضان المسكين – حتى يطفئوا نوره في قلوب المسلمين ، فقنوات التلفاز رصدت كل طاقاتها ، وحشدت كل حشودها لاستقبال رمضان بكم من اللهو والعبث ، فجندوا أهل الرقص والمجون لأداء برامج رخيصة تمجها الأخلاق ، وتحطم الفضيلة ، والفوازير القذرة والتي فيها ما فيها من عري واختلاط محرم بين نساء ورجال أجانب ، وفتنة النساء من رقص وتمايل وخضوع بالقول والفعل ، ونسمع ونرى أن قادة التلفاز يفخرون بأنهم احتفلوا بشهر رمضان ، وأنفقوا الأموال الطائلة لتجديد الرقصات ، وتحديث التمثيليات ، لاشباع رغبات الفساق ، ومداعبة الغرائز والشهوات ، ويدعون أن ذلك احياء لليالي الشهر الكريم ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا ) [الكهف : 5 ] .

وان كان للاسلام نصيب في تلك القنوات ، فهو اسلام مشوه الصورة ، ترى معه القبلات والنظرات والشبهات ، وما لا يتفق مع الاسلام وروحانية الصيام ، وقد تحايل البعض فسماها : " مسلسلات دينية " و "مسرحيات اسلامية" – زعموا – !!!

هكذا صارت هذه القاذورات وباءا كاملا ، فاحتلت كل مكان ، وحلقت الدين قبل أن تحلق الحياء والعفاف ، وجذبت اليها الرشيد والسفيه ، والقويم والفاسد ، وبذلك تخسر الأمة كل لحظة مواطنا صالحا ، ولا حول ولا قوة الا بالله .

لذا أرجو من مسئولي الاعلام أن يرحموا المسلمين ، وأن يقلل التلفاز ارساله في شهر رمضان الى أدنى حد ممكن ، فالسهر حتى الفجر أو قبيله – في أي يوم – مسألة غير منطقية ، وغير صحية ، وغير اقتصادية ، فما بالك في شهر رمضان ، شهر الطاعات والعبادات واصلاح الأسرة والمجتمع والأمة ، لا شهر اللهو والعبث والسهرات المختلطة ، وقضاء الأوقات فيما لا يفيد ، واني أسألهم : كيف يتسنى لانسان – يتابع هذه البرامج حتى الفجر – أن يصلي لله ركعة ، أو يقرأ من القرآن آية ؟!!! فاذا كانت النية لديكم هي عون المسلمين على فهم دينهم ، وأداء شعائره ، فالواقع الأسيف يكذب هذه النية ، ويعلن في صراحة أن الغرض هو سرقة رمضان من المسلمين ، لأنكم تشفقون من بوار تجارتكم ، وكساد بضائعكم ، فأنني أحذركم من عاقبة أفعالكم ، وأذكركم بقول الملك الوهاب : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) [النور : 19] .
وانني أتوجه بندائي الى كل مسلم غيور على دينه وأقول : اياك وقاطع الطريق الى الله عزوجل ، ذلك الجهاز القذر ، ولا تستجيب لشياطين الانس الذين أبرموا صفقة مع مردة الشياطين – الذين صفدوا في هذا الشهر – ليقوموا مكانهم ، ويتبوأوا مقاعدهم ، فيغمسونك في مستنقعات الشهوات والملذات ، ويضيعوا عليك أزكى الأوقات ، في شهر الرحمات والبركات ، ولا ينالك من صيامك الا الجوع والعطش ، وتخرج في نهاية رمضان عليك لا لك ، والله عزوجل يقول : ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) [الكهف : 28] ، وقوله تعالى : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ) [النساء : 27] ، وتذكر أخي المسلم قوله تعالى : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ) [الاسراء : 36] ، ففر من التلفاز فرار السليم من الأجرب .

ستقول : وما الحل ؟

أقول لك : أرفع جهاز التلفاز من البيت ، ودع الأفلام والمسلسلات فهي أعظم شاغل يحول بينك وبين اغتنام شهر رمضان والتفرغ للطاعات والعبادات ، أو على أقل تقدير اضبط جهازك على قنوات تبث القرآن الكريم ، والعلم الشرعي النافع . والله المستعان .



عودة الى الصفحة الرئيسية للموسوعة الرمضانية

hsju]h] H[i.m hghughl gaiv vlqhk