يسرني أن أنقل لكم هذا البحث الرائع لأخينا الحبيب محدث البشارة سيل الحق المتدفق و الذي يفند فيه مزاعم نصراني يدعى ( فانسي ، إند ، هارون المصري ) جميعها مسميات لشخص واحد زعم أن الرسول صلى الله عليه و سلم أول من انتقد القراءات المتواترة . كما أنني إن شاء الله سأعقب ببعض التعقيبات حول هذه الشبهة عند توفر الوقت المناسب .

مادة البحث

بسم الله الرحمن الرحيم

فقد زعم بعض الجهلة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد استنكر على أحد الصحابة قراءته لأحدى القراءات المتواترة بناءا على حديث لا يصح ، وسنفند له هذه الرواية في ضوء قواعد علم الحديث وأصوله ....


فقد وردت هذه الرواية من حديث عبد الله بن عمر وأبي سعيد الخدري وعائشة وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليهم جميعا ...



حديث عبد الله بن عمر :
عن عطية العوفي ، قال : قرأت على ابن عمر : ( اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا ) [الروم : 54] ، فقال : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا ) ، ثم قال : " قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قرأت علي ، فأخذ علي كما أخذت عليك " .

أخرجه أحمد في "مسنده" (2/58) ، ومحمد بن أبي عمر العدني في "مسنده" كما في "اتحاف الخيرة المهرة" للبوصيري (5783) ، وحفص بن عمر الدوري في "جزء قراءات النبي" (91) و (92) ، وأبو داود في "سننه" (3978) ، والترمذي في "جامعه" (2936) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3132) ، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (2/238) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (1177) ، والحاكم في "المستدرك" (2974) ، وتمام الرازي في "الفوائد" (512) ، وأبو حاتم سهل بن السجستانيفي "اختياره" كما في "التدوين في أخبار قزوين" للرافعي (2/374) .

كلهم من طريق فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي به .

قال الترمذي : " هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث فضيل بن مرزوق " .

والحسن عند الترمذي ليس هو الحسن الاصطلاحي ، انما هو مصطلح خاص به وقد بينه في كتابه "العلل الصغير" (ج5 / ص758) : " وما ذكرنا في هذا الكتاب "حديث حسن"، فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا: كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتّهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذاً، ويروى من غير وجهٍ نحو ذاك ، فهو عندنا "حديث حسن". وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث غريب فإن أهل الحديث يستغربون الحديث لمعانٍ. رُبَّ حديثٍ يكون غريباً لا يُروى إلا من وجهٍ واحد " .

قلت : فهو ليس جامعا لشروط التحسين الاصطلاحي ، فلا يصح الاعتماد على مجرد تحسينه ، بل يجب النظر في استيفاء سائر الشروط الأخرى ... من عدالة الرواة وضبطهم ، واتصال السند ، والخلو من العلة القادحة وغيرها ...
وقال الطحاوي : " وهذا حديث لا نعلم روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غيره، وفيه رده على عبد الله بن عمر ( ضَعْفًا
) مكان قراءته ( ضُعْفًا ) وإن كان القراء قد اختلفوا في ذلك، فقراءة بعضهم على {ضعف} ، وقراءة بعضهم على (ضعف) . فالذي عندنا أن الأولى في ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وإن كان واسعا للناس أن يقرءوا القراءة الأخرى ; لأن محالا عندنا أن يكونوا قرءوها إلا من حيث جاز لهم أن يقرءوها، ولأنه قد قرأ كثير منهم هذا الحرف على ما قرأه عليه من قرأها {ضعفا} . وقد يحتمل أن يكون الاختلاف كان في ذلك جاء من الوجه الذي ذكرناه فيما تقدم منا في هذه الأبواب مما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤه على الناس فيأخذونه عنه كما يقرؤه عليهم ثم يعرض القرآن على جبريل صلى الله عليهما فيبدل من ذلك ما يبدل فيكون أحد هذين المعنيين قد لحقه التبديل , ويكون المعنى الآخر هو الذي جعل مكان المعنى الأول , وإن لم يرووه نصا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتسع بذلك عندنا القراءة بكل واحد من الحرفين، غير أن ما فصل من هذين المعنيين المعنى الآخر منهما بحكاية من حكاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رده إياه على من قرأ عليه الحرف الآخر من ذينك الحرفين بالاختيار أولى، والله عز وجل نسأله التوفيق. وقد اختلف أهل القراءة في هذا الحرف، فقرأه بعضهم بالضم، وممن قرأه منهم كذلك أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وعبد الله بن أبي إسحاق ، وأبو عمرو ، والكسائي. وقرأه بعضهم بالفتح، وممن قرأه منهم كذلك يحيى بن وثاب ، وعاصم ، والأعمش ، وكذلك أجازه لنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد ، وذكر لنا عن أبي عبيد اختياره للقراءة الأولى (من ضعف) ، اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم مع من اتبعه عليها ، وبالله التوفيق " [ مشكل الآثار (8/158 و 159 و 160) ] .

وقال الحاكم : " تفرد به عطية العوفي ولم يحتجا به ، وقد احتج مسلم بالفضيل بن مرزوق " .

ترجمة عطية العوفي :
انظر ترجمته بتوسع هنا :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=1292

والخلاصة : أنه ضعيف الحديث .

ذكر من تابع عطية العوفي :
ثم أن عطية العوفي قد توبع ، تابع نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما ، أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (9370) ، وفي "المعجم الصغير" (1128) ، وابن عدي في "الكامل" (4/324) ، وتمام الرازي في "الفوائد" (510) ، والخطيب البغدادي في "تاريخه" (13/194) .
من طريقسلام بن سليمان الثقفي المدائني ، ثنا أبو عمرو بن العلاء ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الروم: 54] , فَقَالَ: (مِنْ ضُعْفٍ) , {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} [الروم: 54] فَقَالَ: (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً) "
.ثم ذكر الطبراني حديثا بعده ، وقال : " لم يرو هذين الحديثين عن أبي عمرو إلا سلام
" .

وذكر له ابن عدي عدة أحاديث وقال : " وهذه الأحاديث ، عن ابن عمرو عن نافع ، عن ابن عمر لا يرويها ، عن أبي عمرو غير سلام هذا " .

قلت : وهذا اسناد منكر لأجل سلام بن سليمان المدائني وهو منكر الحديث وقد تفرد به عن أبي عمرو ... والمنكر أبدا منكر لا يصلح في الشواهد ...

ذكر من تابع الفضيل بن مرزوق :
1- أبو حنيفة :
أخرجه أبو محمد الحارثي في "مسند أبي حنيفة" (1/395) : أخبرنا صالح بن أحمد بن أبي مقاتل الهروي , ببغداد حدثني محمد بن معاوية الأنماطي , أخبرنا حسين بن حسن بن عطية العوفي , أخبرنا أبو حنيفة , عن عطية العوفي , عن ابن عمر , أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ) [الروم : 54] , فرد عليه وقال قل : ( من ضعف ) .قلت : وهذا اسناد ساقط فيه :
1- صالح بن أحمد بن أبي مقاتل الهروي : وهو متروك متهم بالكذب وسرقة الحديث .
قال الدارقطني: متروك كذاب دجال أدركناه ولم نكتب عنه يحدث بما لميسمع .وقال ابن عَدِي: كان يسرق الحديث واسم جده يونس .
وقال الخطيب: كان يذكر بالحفظ غير أن حديثه كثير المناكير .
وقال البرقاني: لمنكن نكتب حديثه قلت: ولم لضعفه؟ قال: نعم هو ذاهب الحديث .وقال ابن السمعاني: كان يقلب الأحاديث لاَ يُحْتَجُّ به .وقال ابن حبان: كتبنا عنه ببغداد يسرقالحديث ويقلبه لعله قد قلب أكثر من عشرة آلاف حديث فيما خرج من الشيوخ والأبواب لايجوز الاحتجاج به بحال .وقال ابن عَدِي: يكنى أبا الحسين .قال: وذكر لنا أنأصله من هراة يسرق الحديث ويلزق أحاديث قوم لم يرهم على أحاديث قوم رآهم ويرفعالموقوف ويصل المرسل ويزيد في الأسانيد .ثم أورد له عدة وقال: هو بين الأمرجدا . [بتصرف من ترجمته من كتاب لسان الميزان للحافظ ابن حجر ، رقم 3846 ] .


2- الحسين بن حسن بن عطية العوفي : وهو ضعيف الحديث .قال ابن سعد : " كان من أهل الكوفة. وقد سمع سماعًا كثيرًا. وكان ضعيفًا في الحديث " [الطبقات (7 /239) ] .وقال أبو حاتم الرازي : " ضعيف الحديث" [الجرح والتعديل لابنه (3/48)] .وقال ابن حبان : " منكر الحديث يروي عن الأعمش وغيره أشياء لا يتابع عليها كأنه كان يقلبها وربما رفع المراسيل وأسند الموقوفات ولا يجوز الاحتجاج بخبره " [المجروحين (1/246)] .وقال يحيى بن معين : "ضعيف" .وقال ابن عدي : " وللحسين بن الحسن أحاديث ، عن أبيه، عَنِ الأَعْمَش وعن أبيه وعن غيرهما وأشياء مما لاَ يُتَابَعُ عَليه " [الكامل (3/238)] .

2- مالك بن مغول ، وعبد العزيز بن أبي رواد :
أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (1175) : نا أبو إسحاق إبراهيم بن راشد الآدمي، نا حفص بن عمر أبو إسماعيل الأبلي، نا مالك بن مغول، وعبد العزيز بن أبي رواد، عن عطية العوفي قال: سمعت ابن عمر يقول: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ) [الروم: 54] فَقَالَ: (مِنْ ضُعْفٍ) يا بني .

قلت : وهذا اسناد منكر فيه حفص بن عمر أبو إسماعيل الأبلي وهو منكر الحديث .قال العقيلي : " وحفص بن عمر هذا يحدث عن شعبة ، ومسعر ، ومالك بن مغول ، والأئمة بالبواطيل " [الضعفاء الكبير (1/275)] .
قال ابن عدي : " ولحفص بن عمر هذا غير ما ذكرت من الحديث وأحاديثه كلها إما منكر المتن أو منكر الإسناد، وهو إلى الضعف أقرب " [الكامل (3/288)].وغيرهما ...

3-
سوار بن مصعب الأعور :
أخرجه أبو بكر القطيعي في "جزء الألف دينار" (220) : حدثنا إبراهيم ، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء ، قال: حدثنا مصعب بن سوار ، عن عطية العوفي ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا ) [الروم : 54] ، قال ابن بكير : كذا يقول عبد الله بن رجاء صوابه سوار بن مصعب .

قلت : وهذا اسناد ضعيف جدا فيه سوار بن مصعب الأعور وهو متروك الحديث .
قال أحمد بن حنبل : " سوار بن مصعب الأعور متروك الحديث ".
وقال يحيى بن معين وقد سئل عنه : " هو سوار الأعمى المؤذن كوفي ضعيف ليس بشئ " .
وقال أبو حاتم الرازي : " متروك الحديث، لا يكتب حديثه، ذاهب الحديث " .

[وكلهم في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/272)]

-----------------------
حديث أبي سعيد الخدري :
أخرجه أبو داود في "السنن" (3979) : حدثنا محمد بن يحيى القطعي ، حدثنا عبيد يعني ابن عقيل ، عن هارون ، عن عبد الله بن جابر ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : (من ضعف) .وخالفه عبد الوهاب بن عطاء ، فأثبت الفضيل بن مرزوق بين عطية وابن جابر ، أخرجه العقيلي (2/238) : حدثناه أحمد بن محمد بن سعيد المروزي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن هارون ، عن عبد الله بن جابر ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأها: (ضعف) " .

ثم قال العقيلي على حديث ابن عمر : " وهذا أولى " .



----------------------------

حديث علي بن أبي طالب :
أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" (12/144-145) : أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ، حدثنا أحمد بن أبي بكر العلاف، أخبرنا محمد بن جعفر بن أحمد الصيرفي، حدثنا أبو خيثمة العباس بن الفضل البوصراني- أخو الحسن بن الفضل- حدّثنا وهب بن منصور الورّاق ، حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قرأ: مِنْ ضَعْفٍ .

قلت : وهذا اسناد ساقط فيه :

1- اختلاط عطاء بن السائب : والذي روى عنه قبل الاختلاط هم شعبة، وسفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد .
2- سوار بن مصعب : وهو متروك الحديث وقد تقدم ترجمته .
3- من دونه لم أجد لهم ترجمة ، ما عدا شيخ الخطيب البغدادي فقد قال عنه الخطيب : " كتبت عَنْهُ ولم يكن بِهِ بأس " [تاريخه (7/403)].

-----------------------
حديث عائشة :
أخرجه أبو بشر الدولابي في "الكني والأسماء" (2/556) : أخبرني أحمد بن شعيب قال: أنبأ عبيدة بن الطيب نسائي ، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن أبي الجهم السدوسي إمام مسجد عارم قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن هارون بن موسى العتكي، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضُعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضُعْفًا وَشَيْبَةً ) [الروم : 54] كلهن بالضم .

قلت : وهذا اسناد ضعيف لأجل أبو زكريا يحيى بن أبي الجهم السدوسي إمام مسجد عارم ، ولم أجد له ترجمة .

--------------------


الخلاصة :
والقراءة بالفتح والضم كلاهما متواتران ثابتان ، ولكن لم يثبت بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على أحد قراءته بالفتح أو الضم ...


والله من وراء القصد ....


hgv] ugn afim hkjrh] hgvs,g wgn hggi ugdi , sgl ggrvhxhj hglj,hjvm