السلام عليكم ورحمة الله
فتوى اللجنة الدائمة في ما إذاوافق يوم العيد يوم الجمعةرقم 21160 وتاريخ 8/11/1420 هـ


الحمد لله وحده،والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .. أما بعد:

فقد كثرالسؤال عما إذا وقع يوم عيد في يوم جمعة فاجتمع العيدان: عيد الفطر أو الأضحى مععيد الجمعة التي هي عيد الأسبوع، هل تجب صلاة الجمعة على من حضر صلاة العيد أميجتزئ بصلاة العيد ويصلى بدل الجمعة ظهراً، وهل يؤذن لصلاة الظهر في المساجد أم لا؟إلى آخر ما حصل عنه السؤال، فرأت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدارالفتوى الآتية:

الجواب:في هذهالمسألة أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة منها:
1-حديث زيد بن أرقمرضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سأله: ((هل شهدت مع رسول اللهصلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم، قال: كيف صنع؟ قال: صلىالعيد ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يصلي فليصل)). رواه أحمد، وأبو داود،والنسائي، وابن ماجه، والدارمي، والحاكم في (المستدرك) وقال: ((هذا حديث صحيحالإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد على شرط مسلم)). ووافقه الذهبي، وقال النووي في(المجموع): ((إسناده جيد)).

2-وشاهده المذكورهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قد اجتمعفي يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون)). رواه الحاكم كماتقدم، ورواه أبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود، والبيهقي، وغيرهم.

3
-وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((اجتمع عيدان علىعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ثم قال: من شاء أن يأتي الجمعةفليأتها ومن شاء أن يتخلف فليتخلف)). رواه ابن ماجه، ورواه الطبراني في (المعجمالكبير) بلفظ: ((اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم فطر وجمعة،فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، ثم أقبل عليهم بوجهه فقال: يا أيهاالناس إنكم قد أصبتم خيراً وأجراً وإنا مجمعون، ومن أراد أن يجمع معنا فليجمع، ومنأراد أن يرجع إلى أهله فليرجع)).

4-وحديث ابن عباسرضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اجتمع عيدان في يومكم هذافمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون إن شاء الله)). رواه ابن ماجه، وقال البوصيري: ((إسناده صحيح ورجاله ثقات)). انتهى.

5-ومرسل ذكوان بنصالح قال: ((اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة ويوم عيدفصلى ثم قام، فخطب الناس، فقال: قد أصبتم ذكراً وخيراً وإنا مجمعون، فمن أحب أنيجلس فليجلس -أي في بيته- ومن أحب أن يجمع فليجمع)). رواه البيهقي في السنن الكبرى.

6-وعن عطاء بن أبي رباح قال: ((صلى بنا ابن الزبير فييوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا، فصليناوحداناً، وكان ابن عباس بالطائف فلما قدمنا ذكرنا ذلك له، فقال أصاب السنة)). رواهأبو داود، وأخرجه ابن خزيمة بلفظ آخر وزاد في آخره: ((قال ابن الزبير: رأيت عمر بنالخطاب إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا)).

7-وفي صحيح البخاريرحمه الله تعالى وموطأ الإمام مالك رحمه الله تعالى عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قالأبو عبيد: ((شهدت العيدين مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبةثم خطب، فقال: يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظرالجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له)).

8-وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لما اجتمع عيدانفي يوم: ((من أراد أن يجمع فليجمع، ومن أراد أن يجلس فليجلس)). قال سفيان: ((يعنييجلس في بيته)). رواه عبدالرزاق في المصنف ونحوه عند ابن أبي شيبة.

وبناء على هذه الأحاديثالمرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذه الآثار الموقوفة عن عدد من الصحابةرضي الله عنهم وعلى ما قرره جمهور أهل العلم في فقهها، فإن اللجنة تبين الأحكامالآتية:
1-منحضر صلاة العيد فيرخص له في عدم حضور صلاة الجمعة، ويصليها ظهراً في وقت الظهر، وإنأخذ بالعزيمة فصلى مع الناس الجمعة فهو أفضل.
2-من لم يحضر صلاةالعيد فلا تشمله الرخصة، ولذا فلا يسقط عنه وجوب الجمعة، فيجب عليه السعي إلىالمسجد لصلاة الجمعة، فإن لم يوجد عدد تنعقد به صلاة الجمعة صلاها ظهراً.
3-يجب على إمام مسجد الجمعة إقامة صلاة الجمعة ذلك اليومليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد إن حضر العدد التي تنعقد به صلاة الجمعةوإلا فتصلى ظهرا.
4-من حضر صلاةالعيد وترخص بعدم حضور الجمعة فإنه يصليها ظهراً بعد دخول وقت الظهر.
5-لا يشرع في هذا الوقت الأذان إلا في المساجد التي تقامفيها صلاة الجمعة، فلا يشرع الأذان لصلاة الظهر ذلك اليوم.
6-القول بأن من حضر صلاة العيد تسقط عنه صلاة الجمعة وصلاة الظهر ذلك اليوم قول غيرصحيح، ولذا هجره العلماء وحكموا بخطئه وغرابته، لمخالفته السنة وإسقاطه فريضةً منفرائض الله بلا دليل، ولعل قائله لم يبلغه ما في المسألة من السنن والآثار التيرخصت لمن حضر صلاة العيد بعدم حضور صلاة الجمعة، وأنه يجب عليه صلاتها ظهراً واللهتعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بنعبدالله بن محمد آل الشيخ.
عضو: عبدالله بن عبدالرحمن الغديان.
عضو: بكر بن عبدالله أبو زيد.
عضو: صالح بن فوزان الفوزان.

ملحوظه مهمه للشيخ /عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرينرحمه الله
من بحث بعنوان: الرأي السديد فيما إذا وافق يوم الجمعة العيد

…...تكون الرخصة في ترك الجمعة خاصة بمن منزله بعيد ، كمن بينه وبين الجمعة مسيرة ساعة أو أكثر.
…………………..
أما في هذه الأزمنة فقد خفت أو عدمت المشقة التي يلاقيها الأولون ،
فأولا: بوجود وسائل النقل ، وهي السيارات المريحة ، والتي تقرب البعيد ، بحيث تقطع الفرسخ في بضع دقائق ، بدل ما كان يستغرق السير فيه أكثر من ساعة ونصف ، فمع توفر هذه الوسائل ، وتيسر الحصول عليها لا عذر في ترك الجمعة ، ولو شهد العيد ، فمن لم يملك السيارة وجدها عند جاره أو قريبه ، أو دفع أجرة لركوبه لا تضر باقتصاده غالبا ، فمن لم يجد الأجرة ، ولم يستطع السير إلى الجامع على قدميه؟ لاستغراقه زمنا كثيرا كساعة ونصف أو أكثر فهو معذور في تركها ، ولو في غير يوم العيد كما هو الواقع من الكثير .
وثانيا: ما حصل من تسهيل العلماء في الإذن بتعدد الجوامع ، والإكثار منها ، فالمدينة النبوية في العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين ليس فيها مسجد تقام فيه الجمعة سوى المسجد النبوي ، أما الآن فقد توسع الناس وأكثروا من الجوامع ، حتى بلغت العشرات هناك ، ويقال كذلك في مكة المكرمة ، والطائف ، وجدة ، والرياض ، وغيرها ، فقد كثرت الجوامع بل وتقاربت ، بحيث يسمع بعضهم خطبة الآخر وتكبيراته ، فضلا عن الأذان بل تكررت في القرى الصغيرة وملحقات المدن ، وإن كان هذا التوسع خلاف المشهور من أقوال العلماء ، وخلاف ما شرعت له الجمعة من اجتماع أهل البلد ، وتعارفهم ، وتقاربهم ، ولكن حصل هذا التساهل بسبب كثرة الزحام ، وصغر المساجد ، أو التعلل بالمشقة والضعف ونحو ذلك ، وبكل حال فإن تقارب الجوامع وكثرتها تزول معه المشقة في شهود الجمعة لمن حضر صلاة العيد وغيره ، فلا يجوز التسهيل في أمرها ، والترخيص في حضورها أو تركه ، وإن كان ذلك القول المشهور في المذهب الحنبلي؛ نظرا لزوال العذر أو تخفيفه كما ذكرنا ،
والله أعلم ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.