الى أن يأتي الضيف المحترم ، ويطرح تساؤلاته حول نقطة : " اقامة حد الردة على المسلم الأصلي المجاهر بردته " ، فسأقوم باثبات توافقها مع العقل السليم بل ومع القوانين المعاصرة ، حتي تكون تساؤلات الضيف مبنية على تصور صحيح للمسألة ...

قال الضيف المحترم في المشاركة رقم (6) :
طيب وماذا عن المسلم نفسه
افرض بعد تعمقه في دراسة الاسلام حب يسيبه .. تبقي النتيجة موته !!
والجواب عنه من وجهين :
الأول : لو اتفقت معي على تجريم الجريمة فسنتفق على عقوبته : فأن الجريمة اذا صدرت من مواطن أصلي أو أجنبي بحق المجتمع الذي يعيش فيه ، فيكون مستحقا للعقوبة ، بل أن المواطن الأصلي يكون أشد في العقاب في ذلك .
ولنضرب لك مثالا : لو أن رجلا ترعرع وعاش في مصر [أي أنه مواطن أصلي] ، فقام هذا الرجل بالتخابر والتجسس لصالح إسرائيل ، فانه في ضوء القانون المصري يُعاقب (سواء كان بالاعدام أو بالسجن الطويل الأمد) .
ولا يقول عاقل حينها إنه لا تجوز معاقبته ، لأن هذا الجاسوس له الحرية التامة في أن يتخابر لصالح الدولة التي يريدها .
فهذا الجاسوس قد خرج عن أحكام الدولة التي يعيش فيها ، والذي هو متجنس بجنسيتها ، وثبتت عليه تهمة التخابر والتجسس لصالح دولة أجنبية ، فاستحق العقوبة التي ينص عليها نظام دولته
فبناء على ولادته لأبوين مسلمين ثبت له حكم الإيمان بانتسابه لهما ، وإن لم يختر الإيمان بعد بلوغه ، وجميع القوانين المعاصرة تعطي للطفل حكم أبويه في إثبات التجنس وفي وجوب الالتزام بالقوانين التي أقر بها أبواه ، وتعاقب من لم يبلغ سن الرشد على جرائمه ، وتعاقبه عقوبة الراشد ولو ارتكب جريمته بعد الرشد بيوم واحد ، وتلزمه الدول بطاعة الحكومة القائمة والتزام قانونها رغم أنه لم يشارك في اختيار هذه الحكومة ؛ وإنما كان هذا النمط من التعامل مع الطفل بإلحاقه بالقوانين القائمة وإن لم يخترها ومعاملته ملحقاً بوالديه ؛ لأن هذا هو مقتضى العدل ؛ إذ إنه منذ ولد وهو يأخذ جميع حقوقه لمجرد ولادته لهذين الأبوين ، سواء في ذلك حقوق المواطنة كما في صورة قوانين الدول أو حقوق المسلم كما في صورة المجتمع الاسلامي ، وليس من العدل أن يفرح بحقوق استحقها لمجرد الولادة لهذين الأبوين ثم يحتج على الواجبات التي تجب عليه بهذا الانتساب .

فثبت من هذا كله بأن الوضع في الاسلام ليس وضعا غريبا ، بل هو المتعارف عليه دوليا وقانونيا فيما يتعلق بالأنظمة الاجتماعية للدول .

الثاني : أن هذا الشخص لو فعلا كان باحثا عن الحق ، وتعمق في الدراسة كما تقول لتحمل ما يتحمله الباحث عن الحق في سبيل الوصول اليه ، ومنها مغادرة وطنه ومفارقة أحبابه الى قوم يستطيع أن يجاهر فيهم بما توصل اليه من الحق الذي يزعمه .
أما اذا جاهر بردته ، فهو قد وضع نفسه تحت طائلة العقوبة .

أسأل الله تعالى أن يهديني ويهديك الى طريق الحق ...