الحمد لله و كفى و سلام على عباده الذين اصطفى لا سيما عبده المصطفى و آله المستكملين شرفا و بعد :

إن من اكثر الامور المحرجه للمسيحيين هى موضوع الطلاق و الزواج الثانى , فبرغم انه لم يرد نص صريح على منع الزواج الثانى لا فى العهد القديم ولا فى العهد الجديد فإن الكاثوليك يتمسكون بانه لا طلاق ولا حتى لعلة الزنى و الاورثوذكس يخالفوهم فى ذلك و يقولون بالطلاق لعلة الزنى رغم خلاف ذلك لاقوال كثير من اباء الكنيسه القدامى و المحدثين , و اما البروتستنت فيخالفون ذلك كله و يضعون اسباب عده لفسخ رباط الزوجيه و يمكن لاى من الزوجين الزواج مره اخرى و عليه فإن هذا الامر يعد من اكثر الاشياء التى حرج كثير من المسيحيين بل و هددت عرش الكنيسه فى فترة من الفترات و لا تزال حجر عثرة امام الكنيسه الى وقتنا هذا خاصة اذا علمنا ان امام المحاكم اكثر من ربع مليون قضية لفسخ الزواج و الزواج باخرى .

و صدق من قال :
ان شرع الطلاق فى الاسلام من اكثر اسباب استمرار الزواج . و يسأل احدهم كيف ذلك , فأقول: سبحان الذى خلق الانسان و عرف ما تؤل له مصالحه و ما توسوس به نفسه و هو اقرب اليه من حبل الوريد , فهو الذى صنعه و يعرف ما يكون فى صالحه و ما يسعد حياته و يجعلها تستمر , و انت كإنسان حين تشعر بانك دخلت الزواج و كأنه زنزانه سجنت فيها طوال حياتك فلا مخرج منها الا الموت , فلن يكون لديك اى دافع للاخلاص او السعاده كيف و انت تشعر بانك مسجون , اما و انت تجلس فى غرفه تعرف يقينا انك وقتما اردت الخروج خرجت , سعدت و اطمئنت نفسك و جلست فى الغرفه عن طيب خاطر فتعاملت افضل المعامله و استمرت حياتك على افضل ما يكون .

و على كل ما قلناه من الكلام الذى يخاطب العقل الا انك تجد من المسيحيين من يحاول ان ينفى عن نفسه الحرج لذك سازيد ممن الحرج بذكر بعض المصادر :

اولا : البابا شنوده فى كتابه شريعة الزوجه الواحده ص 96- 97



و معنى الكلام ان الكنيسه تقر بالتطليق و الذى هو الفصل بين الزوجين بناء على حكم محكمه ولاسباب تقرها الكنيسه , فما هى الاسباب التى تقرها الكنيسه و اخفاها شنوده عن عوام النصارى ثم قام بتغيير لائحة 38 لكى تتماشى مع ما يعتقد رغم انها تخالف كلام استاذ استاذه الاغيومانس فيلوثاؤس عوض :

جاء فى كتاب الخلاصه القانونيه فى الاحوال الشخصيه - تأليف الايغومانوس : فيلوثاوس ( رئيس الكنيسه الكبرى المرقسيه ) ص 19 : 34

تحت عنوان الفرع الثالث فى فسخ الزواج و انحلاله :



ثم يبدأ فى تعديد الاسباب التى تؤدى الى فسخ رباط الزوجيه كما يلى :

1- اكتشاف وجود قرابه بين الزوجين يوجب التفريق و ان لم يريدا ذلك .
2- اكتشاف التدليس من احد الزوجين فى الموانع الشخصيه و رغبة الطرف الاخر فى فسخ الزواج .
3- عدم النصرانيه او التحول الى مذهب اخر
4 - الزنى
5- الرهبنه



و يكمل فيقول :



و طبعا للاسباب تكمله حتى ص 34 و ليس هناك مجال لذكر كل الاسباب التى تؤدى الى فسخ الزواج .

و المصيبه انه ما يزال من المسيحيين من يقول بأنه لا طلاق فى المسيحيه الا لعلة الزنى رغم مخالفة هذا المنطق للعقل فضلاً عن النقل , بل و يخالف معظم الطوائف المسيحيه و هو عكس ما يقوله البابا شنوده فى كتابه شريعة الزوجه الواحده انه من ضمن الاشياء التى اتفقت عليها جميع الطوائف المسيحيه عدم الطلاق الا لعلة الزنى , و لمن اراد مراجعة كلامى يمكنه مراجعة كتاب الوجيز فى احكام الزواج و الاسره للطوائف المسيحيه للدكتور الفريد ديات .

http://www.al-maktabeh.com/ar/play.php?catsmktba=1096

و اخيراً فإن الاسلام ما ترك لنا شيئاً من الخير الا و دلنا عليه و ما ترك من الشر شيئا الا و حذرنا منه و لذلك لم يترك الامر لكل عالم يجتهد فيه بما يشاء و ما يعتقد فوضع الله فى القرآن سورة تتلى الى يوم القيامه و هى سورة الطلاق و هكذا رفع الله عن المسلم الحرج و جعل رأسه تعانق الجوزاء لان الله هداه الى خير دين و خير شريعه , و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .