صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 20 من 20
 
  1. #11
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي



    المتأمل لأسلوب (وليد الحسيني) في الطرح، يلحظ أنَّه يلبس الحقَّ بالباطل؛ لعلَّ وعسى أن يصمد خطله وتهافته أمام النقاش العلمي الرصين، فبعد استخفافه بالمؤمنين لإيمانهم لا لشيء آخر، تجده يملي مغالطات، متناسيًا أنَّ للقارئ عقلا كفيلا في إدراك الغث من السمين، ولعله بقي سادرا في غيه بغياب أسلوب يكشف أسلوبه، وهذه هي سياستي في دحض باطله، وكشف خطله.

    فالقوانين الطبيعية (الفيزيائية) حسب زعمه:" وصف بشري للظواهر الكونية والطبيعية". فما دخل الوصف البشري للظواهر بكيفية حدوث الظواهر؟ الوصف البشري ليس هو القانون، بل طريقة حدوث الظواهر هو القانون. وعليه: فقانون الطبيعة:" هو جعل المادة في نسبة معينة أو وضع معين".
    وأضرب مثلا للتوضيح: مبدأ عمل السيارة يتمثل بالقانون الذي بحسبه تشغل السيارة، أي بالكيفية، وهي: خطوات يقوم بها المرء من شأنها تشغيل السيارة. ومثالك عن الصحفي غير منطبق على الواقع، فلا دخل له بالموضوع!

    الظواهر الكونية والطبيعية تحدث وفق أسس وقواعد_ وهي القوانين _؛ فالماء يغلي عند درجة حرارة 100، إذن: درجة غليان الماء هي 100، وهذا قانون غليان الماء، فما دخل الوصف البشري؟ وسؤال آخر: كون الماء لا يغلي إلا عند درجة 100، هو قانون، والغليان لا يحصل إلا به، فهل يستطيع الماء أن يغلي عند درجة 30، وهل تستطيع درجة حرارة 30 غلي الماء؟ الجواب: قطعا لا. إذن: هذا قانون مفروض على الماء والحرارة، أي على المادة، فمن فرضه؟
    إذن، كون الماء يغلي هو سلوك للماء؛ لأنه خاصية من خواصه، ولكن كونه يغلي عند درجة حرارة معينة ليس سلوكا للماء؛ لأنه لا يملك تغييره، ولا يملك التخلف عنه، أي: لا يغلي الماء تحت درجة أقل من 100، ولا يتوقف عن الغلي إذا بلغت حرارته درجة 100، وهذا كاف لإثبات أن غلي الماء خاضع لقانون أوجده من جعل للماء خاصية الغليان. فتأمل.




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  2. #12
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي



    لقد قام الدليل الخريت، والسلطان المبين، والحجة الدامغة، على أنَّ ما يقعُ عليه الحسُّ يستند في وجوده على شيء، فما هذا الشيء؟ إنَّ الإيمان بالله ليس آتيا من إدراك ذاته، بل آت من إدراك وجوده، فما ذاته؟
    بما أنَّنا لا نستطيع التفكير في ذات الله؛ لأنها غير مدركة لنا، وجب ترك الخوض في هذه الذات إلا في أصلها، ونحن هنا أمام ثلاث احتمالات:
    1. الله مخلوق لغيره: وهذا باطل؛ لأنَّه رجوع للمربع الأول: ما أصل من خلق الله، وهلمَّ جرًّا. على أنَّ الخالق هو غير المخلوق.
    2. الله مخلوق لنفسه: وهذا باطل؛ لأنَّ الخلق هو إيجاد من العدم، والعدم هو لا شيء، واللاشيء لا يأتي بشيء. على أنَّ النقيضين لا يجتمعان: الله خالق ومخلوق.
    3. الله أزلي: وهذا ما يحتمه العقل؛ فالله الأول بلا بداية، أي ليس قبله شيء. والله الآخر بلا نهاية، أي ليس بعده شيء.
    وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ صفة الأزلية لا بدَّ منها، فمن آمن بالله آمن بأزليته، ومن ألحد بالله آمن بأزلية المادة.




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  3. #13
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    وليد الحسيني، إنَّ التفكير فيما يقع عليه حسُّنا قادني إلى حدوث المادة، وفي ظل هذه النتيجة سوف أفند الأسباب التي قذفتك في هاوية الإلحاد، فكنت خير ما ناله شيطان، ملحدَّا بخالقك، جاحدًا فضله عليك.

    السبب الأول : وجود الألم والشر وانعدام العدالة في العالَم :-
    يعد هذا أهم وأعظم وأعمق أسباب الحادي حيث أن (الشر - الخالق) كلمتان متضادتان
    فانظر ملايين البشر يموتون جوعا في إفريقيا ملايين البشر يولدون بإمراض لا يستطيعون حتى الاعتماد على أنفسهم فيكون عاله على غيرهم، الأمهات الثكالى كل هذا الألم والمعاناة لا يتفق مع وجود الخالق.
    وعند الاستماع إلى تبريرات المؤمنين نجد العجب العجاب ونجدهم جاهزين بالمقولة المشهورة " أنّ الخالق لم يخلق شراً مطلقاً ، بل خلق الشر كاستثناء لقاعدة الخير لحِكَم معينة أهمها :
    الحكمة الأولى :
    **تمييز فائدة الخير عن طريق تذوق الشر:-
    ( بأضدادها تُعرَفُ الأشياء ) كما يقولون ...
    وهذه مردود عليها أيها المؤمنون لأنّ قاعدة تمييز الخير عن طريق تذوق الشر ، هي من سنن الحياة الكونية التي من المفترض أنّ الخالق هو الذي وضعها – على حسب اعتقادكم - وقد كان بإمكان الخالق بصفته مطلق القدرة أنْ يضع سنة كونية أخرى تمكننا من تمييز فائدة الخير دون الحاجة لوجود الشر !.
    الحكمة الثانية :
    ** أنّ الشر دائماً يحمل في باطنه الخير :
    يقولون أنّه لا يوجد شر مطلق ، وأنّ ما نعتقده شراً بشكل مطلق ما هو في حقيقته إلا وسيلة من وسائل نشر الخير ، كالحروب مثلاً التي تحمل في مآسيها وجود محاولات لاختراعات مفيدة للبشرية ، وكالبركان مثلاً الذي يحمل في حممه وشرره فائدة كبرى وهي التنفيس عن باطن الأرض منعاً لانفجارها ، وهكذا فإنّ كل شيء عندهم في ظاهره شر هو في حقيقته يحمل أوجهاً كثيرة من الخير .
    وهذه أيضاً مردود عليها ، لأنّ الخالق بصفته أيضاً مطلق القدرة ، فإنه كان بإمكانه أنْ يرينا أوجه الخير دون الحاجة لإرسالها مُتَضَمَّنَة بداخل الشر .
    الحكمة الثالثة :
    **أنّ الشر يميز معادن البشر :
    يقولون أنّ حلول الشرور سواءاً المرض أو الحرب هو الذي يميز معادن الرجال عن غيرهم ..
    وأنا هنا أتساءل باستغراب شديد : وماذا سيستفيد الخالق أصلاً من تمييزهم ، ألم يكن يعلم من البداية من هو الغث فيهم ومن هو الثمين ... ثم ما الذي حمله أصلاً على أنْ يخلق الغث ثم يجد نفسه مضطراً بعد ذلك لتمييزه من الثمين ... لم يكن هناك داعي أصلاً من خلق الغث من البداية !!
    الحكمة الرابعة :
    ** أنّ الشر هو من مقتضيات إعطاء الإنسان الحرية :
    يقولون أنّ إعطاء الإنسان حريته سيؤدي به إلى ارتكاب كثيراً من الشرور ، وأنّ منع الشر يقتضي سلب الإنسان هذه الحرية .. وأنّ الإنسان عندما يكون حراً ويخطئ أكرم له من أن يكون عبداً مبرمجاً لا يخطئ مثل الملائكة .. أي أنّ الحرية مع الألم أكرم من العبودية مع السعادة كما قال الدكتور المصري مصطفى محمود في حواره مع صديقه الملحد .. وقالوا أنّ الإنسان عندما ينول الجنة بتغلبه على نزعة الشر التي بداخله سيكون أشرف له من أن يصبح مبرمجاً على العبادة مثل الملائكة .. !!
    وأنا أرد على هؤلاء رد في منتهى البساطة : هل الخالق مطلق القدرة أم ناقص القدرة ؟؟سيجيبوني كلهم بأنه مطلق القدرة ...حسناً : ألم يكن بإمكان هذا الخالق بأي طريقة كانتْ أنْ يعطينا حريتنا مع عصمنا من ارتكاب الشر ، أو بمعنى آخَر : ألم يكن بإمكان الخالق أنْ يعطينا مساحة من الحرية في إطار الخير فقط ؟؟
    بهذا السؤال البسيط الذي أترك إجابته لهم ، أكون قد رددتُ على ما يزعمون أنه حكمة للبشر ..
    وهنا تنفد كل محاولات المؤمنين اليائسة في الرد ..
    وهي محاولات كلها تحمل سمة واحدة ، ألا وهي أنّ الخالق يصلح خطأ بخطأ ..
    جميع ردودهم احتوتْ على هذا المعنى ..
    وهذا لا يليق أبداً بالخالق ..
    هنا يسألني كثير من المؤمنين :أنت لا تريد الشر بأي شكل من الأشكال ، إذن أنت تريدها جنة ، أنت لا تريد هذه الدنيا .. أليس كذلك ؟؟
    وأنا أقول : بلى ، كلامكم صحيح ، أنا لا أريد أي حياة تحتوي على أي شكل من أشكال الآلام أو الشرور ، وبالتالي أنا فعلاً أريدها جنة !
    وهنا تتعالى صيحات الاستنكار منهم قائلين : وماذا فعلتَ أنتَ لكي تستحق الجنة ؟
    وأقول : أنّ الخالق أكرم من أن يساومنا على جنته بمقابل ، هو أكرم من ذلك ..الذي يليق به أنه خلقني ليسعدني دون انتظار لمقابل ، ثم ما الذي سيستفيده هو من المقابل إذا كان هو لا يحتاجه أصلاً ؟؟
    الخالق لم يخيّرني أصلاً في مجيئي إلى الوجود ، وبالتالي فإنّ المفترض أن يأتي بي إلى حياة خالية من الآلام ، أو على الأقل لا يطالبني بمقابل من أجل جنته ، وهو أصلاً كان مطالباً بأن يدخلني فيها مباشرةً بمجرد إيجادي إلى الوجود !!
    هنا تبدأ صيحاتهم في الخفوت قائلين : ولكن حتى لو منطقك صحيح ، فكيف ستستمتع بالنعيم دون أن ترى الشر لتستطيع تقييم نعمة الخير وتذوقها بحق ؟؟
    وهنا أرجع وأقول : أنّ الخالق بصفته مطلق القدرة كان قادراً على أنْ يشعرني بحلاوة النعيم دون الحاجة لتذوق طعم الألم ..
    وهنا أخيراً يلجأ المؤمن إلى الحيلة الأخيرة في الرد وهي قوله :"جميع ما تصفه أنتَ بالشر ، ما هو إلا نتيجة لحماقات البشرية ، ونتيجة لوسوسة النفوس الأمارة بالسوء ، والخالق ليس له ذنب فيما تسميه أنتَ بالشرور "
    وهذا قول مردود عليه برد في منتهى البساطة أيضاً وهو :أنّ هؤلاء البشر .. هذا الإنسان .. من الذي خلقه وخلق بداخله نزعة الشر .. أليس الخالق ؟
    إذن مهما لَفّ المؤمنون وداروا فإنهم سيصمون خالقهم بصفة الشر في نهاية الأمر ، أو إما سينفون وجود الخالق من الأساس حتى يستطيعوا حل المعضلة !!!!




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  4. #14
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    وليد الحسيني، تحية طيبة، وبعد:

    قد استرعى حفيظتي قولك: "يعد هذا أهم وأعظم وأعمق أسباب الحادي حيث أن (الشر - الخالق) كلمتان متضادتان"؛ ذلك أنك ملحد بالخالق، وليس بالإله الإبراهيمي_ حسب تعبيرك _فقط، فما أدراك أنَّ الشرَّ ضدُّ الخالق؟ أتؤمن بخالق هو ضدُّ الشر؟! ثمَّ إنَّ هذا خطأ؛ ذلك أنَّ (الخير) ضدُّ (الشر)، و(الخالق) ضدُّ (المخلوق)، بينما (الشر) و(الخالق) كلمتان متغايرتان، فتأمَّل.

    لعلَّك تقصد أنَّ وجود الشرِّ يتنافى مع وجود الخالق؟! نعم، هذا ما يظهر من السياق. لكن، لماذا هذا التنافي؟ أهو اجتماع النقيضين مثلا، أم هو افتراض أنت تفترضه؟ وعلى كل حال، العقلاء يرفضون افتراضك، وهو لا شيء.

    وحتى تنكشف الأمور لمن رامها بحقٍّ، أقول: إنَّه لمن الخطأ أن نحاكم الخالق بافتراضات المخلوق، ومن الخطأ أن نقيس الخالق على المخلوق، فما نظنُّه شرًّا ليس بالضرورة أن يكون كذلك، وصدق الله العظيم:" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، (البقرة: 216). وقال كذلك:" فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"، (النساء: 19).
    إذن، كونك ترى وجود الشرِّ شرًّا تنزه عنه الخالق هو تمحل منك لا نرضاه، فقد جعل الله في وجود الشرِّ خيرًا كثيرًا، ومن الطبيعي أن لا نصل بأنفسنا إلى إدراك حكم وجود الشرِّ؛ لأنَّنا لم نحط بعلم الله خبرًا حتى ندرك كلَّ خير لنا أراده. وأضرب مثلا_ ولله المثل الأعلى _: قد نهاني والداي وزجراني عن أمور لم أكن أراها إلا خيرا، وقد كان ينتابني شعور غيظ منهما كلَّما زجراني، ولم أدرك شرَّ ما رأيته من قبل خيرا إلا عندما زادت ثقافتي وتجربتي في الحياة، أي عندما كانت نظرتي للأمور قريبة من نظرة والدي_ حفظهما الله ورعاهما _.

    فإن كان ذلك كذلك، فكيف لعقلك العاجز الناقص المحتاج المحدود أن يدرك أبعاد ومرامي من تنزَّه عن النقص والمعرة، وقد حاط علمه بكل شيء خبرا؟! وهنا لا بدَّ لنا من وقفة على كيفية تحديد الشر:

    نحن_ المؤمنين _لدينا قناعات راسخة متينة، ألا وهي: (الحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع)، (الخير ما أرضى الله، والشر ما أسخط الله). ومنبع هذه القناعات هو إيماننا الراسخ بكمال الله، فالسعادة في نيل رضوانه، ولن نكون أفضل من خالقنا في معرفة ما يصلح شأننا وأحوالنا، فما ارتضاه الله لنا هو خير وأي خير، وما نبذه لنا هو شر وأي شر. وغني عن القول أن أقول لك: إن آمنت بخالق لهذا الكون، فستكون هذه قناعتك الرديفة للإيمان، المتزامنة معه.

    وعليه، فالشرُّ هو مخالفة أمر الله، وقد شاءت حكمته واقتضى عدله أن يهدي الإنسان النجدين، ثم بيَّن له الحقَّ من الباطل، وترك له اختيار السبيل؛ إمَّا شاكرًا وإمَّا كفورا.

    أمَّا ما تراه من ألوف تموت جوعًا وغير جوع في أرجاء المعمورة، فهي أشواك الرأسمالية المنتنة، التي جعلت قيم الحياة مادية بحتة، ومقياس السعادة هو نيل أكبر قدر ممكن من المتع الجسدية_ ولو كان على أنقاض البشر _. ونظرة خاطفة إلى النظام الرباني الذي حكم العالم طيلة أربعة عشر قرنا، ترينا كيف كان الملاذ الآمن للبشرية، وكيف قضى على الفقر أيما قضاء، وكيف ساس الناس بما هو نافع لهم، فعمر الأرض، وأرسى العدل.

    أمَّا بخصوص حكمة الشر، فليس بين أيدينا أي دليل يبين حكمة الله من الشر، وما تسميه حكمة لا يكون كذلك مالم يرد بنص شرعي، وأكثر ما يوصف به: هي فوائد التمسها البشر من وجود الشر، ليس غير. فالحكمة من شيء ما لا نعرفها نحن_ البشر _؛ لأنَّ علمنا قاصر عن إدراك مراد الله، فإن قلنا: حكمة خلقنا هي عبادة الله، فليس ذلك استنتاج عقولنا، بل هو نزول لدى النص الشرعي:" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، (الذاريات: 56). ولا يشترط في الحكمة التحقق، فقد تتحق وقد لا تتحقق.

    وعليه، فما طرحته من حكم للشر وتناولت أطراف الحديث عنه مع زملائك هو مجرد استنتاجات بشرية، تصيب وتخطئ، وهي مبنية على مغالطة وقعت فيها: (الشر_الخالق) كلمتان متضادتان، والحقُّ أنَّك لا تملك دليلا عقليا يقودك إلى الإلحاد بالله لمجرد وجود الشر، بل بنيت اعتقادك على أساس واه، وأقل ما يقال لك: يا سعد، ما هكذا تورد الإبل.

    ونأتي لنقطة مهمة، ألا وهي: إنَّ الله بوصفه كامل القدرة قادر على نفي الشر بعد خلقه، ولكنَّه لم يرد ذلك، فهل أنت ساخط على قضاء الله؟ ما هو الشيء الذي ستؤمن به خالقا ثم تجد نفسك معترضا عليه؟ نعم، المشكلة أنَّك افترضت وهما تظنه حقًّا، فإذا به سهم أصابك في مقتل، وهو: تفترض وجود الشر دليلا على أزلية المادة، فما هذا الخطل؟ ألا تحترم عقلك؟ وأين الدليل على أنَّ وجود الشر ينفي وجود الخالق؟ إن كان لديك تساؤل ساذج مقتضاه: لماذا يسمح الله بالشر؟ فإنَّ الله يقول لك:" لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ"، (الأنبياء: 23).

    أكرر لك لعلك تتدبر: وجود الشر يتنافى مع وجود الخالق هو افتراض، وقد قلت لك: (الحقيقة هي مطابقة الفكر للواقع، وليست هي ما نفترضه أو نتوهمه. فمن قال: إنَّ الحق هو وجود خالق، قلنا له: أيؤيد ذلك الواقعُ أم يرفضه، أي: ما هي أدلتك على قولك؟)، فما دليلك على أنَّ وجود الشر ينفي وجود خالق؟ (لتكن هذه نقطة مفصلية في النقاش؛ لأنَّها هي السبب الأكبر في إلحادك).







    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  5. #15
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    قولك: (وأقول: أنّ الخالق أكرم من أن يساومنا على جنته بمقابل، هو أكرم من ذلك، الذي يليق به أنه خلقني ليسعدني دون انتظار لمقابل)، التعليق:

    قول حقٌّ، لذلك يقول رسولنا_ صلى الله عليه وسلم _:
    «لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ»، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا أَنْتَ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ»، وَقَالَ: بِيَدِهِ فَوْقَ رَأْسِهِ. رواه أحمد. فالله لم يساومنا، ولم يجعل الأعمال الصالحات مقابل الجنة، بل هي سبب لدخولها ليس غير. بيدَ أنَّ عدله وحكمته عاقبت من جحد نعم خالقه، واتبع هواه بغير هدى منه.

    قولك: (ثم ما الذي سيستفيده هو من المقابل إذا كان هو لا يحتاجه أصلاً ؟؟) التعليق:
    الله غني عن العالمين، فسبحانه من إله لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وقد خاطبنا:
    «يَا عِبادي، لَو أنَّ أَولَكُم وآخِرَكُم وإِنسَكُم وجِنَّكُم كَانُوا عَلى قَلب أَتقَى عَبدٍ مِنكُم لَم يَزد ذَلك فِي مُلكِي شَيئاً، ولَو كَانُوا عَلى أَفجَر قَلبِ رَجُلٍ لَم يَنقُص ذَلك مِن مُلكِي شَيئاً»، حديث قدسي صحيح. وحكمة الطاعة هي حصول التقوى في النفس المؤمنة:" لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ"، (الحج: 37).

    وهنا أهمس في أذنك: لا تفترض افتراضا مفاده: (إذا كان الله لا يحتاج شيئا، ولا يستفيد من شيء لا يفعله؛ لأنَّه عبث). فالله لا يحتاج لشيء، ولا يستفيد من شيء، ومع ذلك خلق الخلق، وأمر بطاعته، وهو أمر منه عدل وذو حكمة، ولك قول الله:" أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ"، (المؤمنون: 116). فالله ليس بعابث، والمخلوق لا يستطيع أن يحدد العبث إذا قورن علمه بعلم الله الذي وسع كل شيء علما.


    أمَّا قولك هذا: (
    الخالق لم يخيّرني أصلاً في مجيئي إلى الوجود، وبالتالي فإنّ المفترض أن يأتي بي إلى حياة خالية من الآلام ، أو على الأقل لا يطالبني بمقابل من أجل جنته ، وهو أصلاً كان مطالباً بأن يدخلني فيها مباشرةً بمجرد إيجادي إلى الوجود !!) فهو خطل وأي خطل!!

    هذا أسلوب لا يخرج إلا من فيه ملحد؛ ذلك أنَّه يفترض افتراضا، ويتوهم أوهاما، ويحسب نفسه على شيء، ثم يتخيل صفات لإله هو قد اخترعه!! فما دليلك على زعمك؟ إذن، أنت تنسق من العبارات ما يستر عورة إلحادك، أبمثل هذا الأسلوب يعرف الحق؟!

    ختاما، ما تراه معضلة كان إحدى ضلالاتك وهفواتك، فهلا احترمت عقلك؟ ومسك القول:
    (
    هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  6. #16
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    السبب الثاني : الأخطاء الطبيعية :-
    يتباهى كثير من المؤمنين بدقة تصميم الطبيعة وعدم وجود أية أخطاء بها ، الأمر الذي يدعوهم إلى التأكيد على أنّ هناك خالقاً حكيماً يقف وراء هذا الكون الدقيق ..
    فهل يا تُرَى لو بحثنا بعين الإنصاف في هذه الطبيعة سنجدها فعلاً خالية من الأخطاء ؟؟
    سآتي هنا ببعض النماذج لأخطاء في تصميم الكائنات الحية :وسأنقل كلام الأطباء والعلماء بالنص دون تحيز :ولن أتعرض هنا للأمراض الطارئة التي تصيب الجسم ثم تزول ، بل سأتعرض للمشاكل المزمنة في تصميم أجسام الكائنات الحية نفسها :
    أولا : شبكية العين :
    شبكية العين عكس العديد من الأعضاء في الجسم ، حيث تكون الطبقة الوظيفية في الداخل وتأتيها من الخارج الطبقات المغذية ( الأوعية الدموية ) ، لكن في شبكية العين نلاحظ أن التركيب مختلف ، فالطبقة الحساسة للضوء ( العصيات والمخاريط ) هي في الخارج ، وأما الأوعية الدموية فهي في الداخل .
    ما هي فوائد هذا التصميم بالمقارنة مع التصميم الأكثر منطقية ، وهو كون الشبكية في الداخل وتأتيها الأوعية من المحيط ؟: الجواب لاشيء .
    أما ما هي مضار هذا التصميم ، فهي وجود البقعة العمياء في العين ، وهي بقعة غير حساسة للضوء ، ولكن هذه المشكلة يمكن تجاوزها ، أما المشكلة الأكبر فهي ارتباط العصب البصري بالشبكية من داخل العين فقط وليس من جزءها الخلفي أن يجعل الارتباط ضعيف بين الشبكية ومؤخرة العين ، مما يؤدي عند كثير من البشر إلى حدوث انفصال الشبكية والعمى !!!
    يقول العالِم البريطاني الكبير "ريتشارد دوكنـز" ساخراً في كتابه "صانع الساعات الأعمى" :"إنه من الكفر أن نقول أنّ الله هو مَنْ خَلَقَ العين بهذا التصميم الأخرق" !!!
    ثانيا: وضع مجرى البول في البروستاتا :
    نلاحظ عند الرجال أن الاحليل وهو القناة التي تنقل البول إلى الخارج تمر في وسط البروستات، هذا التصميم بالمقارنة مع تصميم بديل يجعل الاحليل يمر أمام البروستات وليس عبرها يؤدي إلى كثير من المشاكل وخاصةً عند الكهول فحوالي 50% من الكهول
    يصاب بضخامة بروستات مما يعيق تدفق البول وإذا ظننت أن هذه المشكلة بسيطة فأسأل أحد أقربائك المسنين وقل له هل ما هو رايه في الاستيقاظ عدة مرات ليلاً للتبول .
    ثالثا : الأقراص الفقرية في الظهر ... مشلكة آخرى :
    فألم الظهر يعاني منه أكثر من نصف البالغين ، وهو ينجم عن الأقراص الفقرية الرقيقة ووجود التحدب الخاص في أسفل الظهر ، وفي الحقيقة فإن تصميماً بديلاً مع زيادة ثخانة الأقراص وانحناء بسيط مع أعلى الجذع للأمام سيخفف الضغط على الفقرات ويقلل خطر الانفتاق !
    رابعا : مشكلة دوالي الأطراف السفلية :
    من المشاكل الشائعة في الكهولة هي دوالي الأطراف السفلية التي تسبب توسع الأوردة الدموية وانتفاخ أحياناً جلطات دموية مميتة ، هذا الخلل الخطير يمكن إصلاحه بوجود عدد أكبر من الصمامات في أوردة الساق مما يقلل خطر الدوالي !
    خامسا: الفيتامينات المعطلة :
    الإنسان والقرود العليا تحتاج إلى فيتامين "سي" بصفة يومية ، الغريب هو أنّ أغلب الكائنات تملك خاصية الإنتاج الذاتي له في تركيبها ومن بينها الإنسان والقرد . المفروض أنهم يملكون خاصية الإنتاج الذاتي لهذا الفيتامين في تركيبهم الجيني . وهو موجود ولكنه في نفس الوقت "معطل عن العمل" لسببٍ ما !
    سادسا : دعني أصمم الفك نيابة عنك يا الهي :
    فك الإنسان "مصمم" أصغر من الحجم المناسب لعدد الأسنان الموجودة فيه ، وهذا هو السبب في وجود "ضروس العقل" التي تتسبب في حدوث مشاكل عند أغلب الأشخاص !
    سابعا : الأعين المعطلة عند الأسماك ( يخلق أعيناً لا تعمل !! ) :
    الكائنات المائية التي لا تعيش إلا في أعماق الماء والكهوف ، بحيث تكون الرؤية منعدمة تماماً ، لماذا لها أعين معطلة عمياء لا فائدة منها كسمكة السمندل مثلاً ؟!!!لماذا يضع في تركيب الجسم أعين إذا كانت عمياء ولا فائدة منها ؟!!
    ثامنا : الرئة المعطلة لبعض الثعابين :
    ولا ننسى بعض الثعابين التي تمتلك رئتين إحداهما تعمل والأخرى معطلة !!لماذا هذا التصميم السيء وتضييع مكان دون فائدة من أجل الرئة المعطلة ؟!!ولا ننسى البقايا الضامرة لعظام الرجل وعظام الحوض الضامرة والغير مستخدمة في الثعابين والحيتان !!
    تاسعا – الأجنحة موجودة ، والطيران غير موجود ( عجباً!!) : لماذا خلق الخالق أجنحة للطيور التي لا تطير كالدجاج مثلاً ؟؟ والأجنحة الضامرة لطيور لا تطير إطلاقاً كالكيوي ؟ ألم يكن من الأولى أن يحذفهما طالما يؤديان وظيفة في جسم الطائر ؟ طبعاً التفسير التطوري يحل هذه المشكلة بأن يقول أنّ الأجنحة في تلك الطيور تمثل أعضاء ضامرة ، أما المؤمنين بالخالق ، فحلهم للموضوع هو "لله في خلقه شئون" !!!
    عاشرا : الـ dna المعطل : الدي إن إيه المعطل أو "المهمل" ..98% - 99 % من "الدي إن إيه" في جسم الإنسان معطل وليس له وظيفة في بناء الجسم !!
    حادي عشر : العجب العجاب في لخبطة خلق الميتوكوندريا :
    من المعروف أن الميتوكوندريا ( إحدى عضيات الخلايا والمختصة بإمداد الخلية بالطاقة ) تحتوي على جينات البروتينات الخاصة بها في داخلها ، وفي هذا تعتبر الميتوكوندريا "خلية" مستقلة داخل الخلية الأم ، فمن المعروف أنّ النواة فقط هي التي تحوي على جينات صنع البروتينات ، ولكن الميتوكوندريا كسرت هذه القاعدة .
    طبعاً من يرون أن هناك "خالقاً" صنع هذه الخلية لن ستطيعوا أن يفسروا لماذا وضع الخالق هذه الجينات داخل الميتوكوندريا بهذه الطريقة الشاذة ؟ ماذا كان يحسب نفسه يصنع ؟ وللعلم فقد وُجِدَت الجينات الميتوكوندرية المسئولة عن صنع البروتينات الميتوكوندرية ، وُجِدَتْ مكررة مرة أخرى في النواة ! ( مثالنا هنا هو سيتوكروم سي ) الذي توجد الجينات المكونة له مرتين في الخلية ، مرة في النواة ، ومرة أخرى في الميتوكوندريا !
    ثاني عشر : كائن البق :
    البق يلقح أنثاه ، وبعد أن يلقحها ، تقوم الأنثى بغلق الفتحة بسدادة لتجنب النكاح من ذكر آخر ، ولكن بعض الأنواع من البق تطورت بحيث تستطيع ذكورها أن "تتخطى" هذه السدادة ..هناك نوع من البق اسمه "زايلوكاريس ماكوليبنس"يسلك سلوكاً عجيباً في أثناء تكاثره ، فالذكر لا يستطيع فقط "تخطي" السدادة ، بل إنه يستطيع "اغتصاب" ذكر آخر ، ويحمل هذا الذكر الضحية مَنِيّ المغتصِب ، ليضعه في أول أنثى ينكحها ..سلوك عجيب هو هذا السلوك ، يدل تماماً على وجود خالق يقصد ما يصنعه ..
    ثالث عشر الأحصنة :
    في الأحصنة الحديثة توجد الجينات المسببة للخطوط ، والتي تدل على تطور هذا الحيوان من سلف مخطط مثل "الزيبرا" ، لو كان الخالق خلق الحصان بطريقة هوكس بوكس لماذا نسي هذه الجينات في المخزن ؟؟ الحقيقة أن الجينات تدل على "سلوك" تطور الحيوانات ، فمثلاً اكتشف العلماء بعد زراعتهم لجزء من فك جنين طير بجوار جزء من فك جنين "فأر" ، اكتشفوا أن للطيور جينات تكون الأسنان ، هذه الأسنان كانت موجودة في أسلاف تلك الطيور في العصور القديمة ( في العصر الجوراسيكي ) ..
    خلاصة :هذه الأخطاء ما هي إلا أدلة دامغة على حدوث التطور للكائنات الحية فلقد قرأت ان بعد عدة ملايين من السنين سوف تتصلح هذه الأخطاء الموجودة في الإنسان
    فلنستيقظ ، فلا وجود لخالق ولا لبطيخ !!




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  7. #17
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    وليد الحسيني، تحية طيبة، وبعد:

    إنَّ الله_ سبحانه وتعالى _قد خلق الخلق بقدر:" إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"، (القمر: 49). أي: خلقنا كل شيء مقدّرا محكما مرتبا على حسب ما اقتضته الحكمة. وقد كان هذا الخلق متقنًا أيما إتقان:" صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ"، (النمل: 88). وليس أدلَّ على هذه الحقيقة القاطعة من خلق الكون، المسمَّى فيزيائيَّا: (Big bang)، فهو انفجار ليس كغيره؛ انفجار خلَّف نظامًا بديعا لا فوضى، وقد كان بسرعة تقاس بأجزاء أجزاء الثانية حتى مضى، ولازال توسُّع مجراته آية على ما مضى:" وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ"، (الذاريات: 47). وهذا الكون أعظم مما فيه من كائنات:" لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"، (غافر: 57). فهل من احترام العقل_ يا وليد _أن تشهد إبداع الخالق في هذا الكون، ثم يدفعك ما في نفسك من كبر ما أنت ببالغه إلى القول: أخطاء في الطبيعة_ وهي أمثلة في الكائنات الحية _جعلتني ألحد بالخالق؟! تبًّا لعقلٍ غفل عن حقيقة: أمبدعُ هذا الكون، يخطئ في خلق ما هو أقل شأنًا منه ولا يخطئ فيه؟ ذلك أنَّ طرحك مخصوص بالكائنات الحية، لا في المجرات بما فيها من غير الإنسان والحيوان، فنماذجك محصورة في الإنسان والحيوان، ولم تملك نموذجا واحدا على خطأ في الكواكب والنجوم والنباتات والعناصر...إلخ.

    والآن نشرع في تبيان زيف دعواك: (الأخطاء الطبيعية):

    توطئة:
    1. إنَّ الحكم على عضوٍ ما أنَّ به خللا يستوجب استغلاق العلم؛ لأنَّ صانع الأعضاء_ وهو الله سبحانه _قد أحاط بكل شيء علما، وصنع ما صنع بحكمة بالغة. وعليه، قبل الزعم بوجود خلل، يجب إقامة البرهان على أنَّ العلم قد بلغ منتهاه في الأمر محِلِّ النقاش.
    2. يجب إثبات أنَّ هذا الخلل قد ألحق بالعضو ضررًا لم يعد معه قادرًا على تأدية وظيفته.
    3. هل كون تصميم عضوٍ ما يساعد على جلب الأمراض يعتبر خللا؟
    والآن، نتناول أطراف الحديث عن نماذجك:

    أولا_شبكة العين:

    العصيات والمخاريط_ وهما الطبقة الحساسة للضوء _في الخارج، والأوعية الدموية في الداخل، هذا هو تصميم الشبكة، فما هو الخطأ؟
    الخطأ يستوجب إلحاق خلل وظيفي؛ فهل العين لا تميز الألوان؟ هل العين لا تميز الأشكال؟ هل العين تغالط؟ هل العين يلحقها غباش في الرؤية (ضباب)؟
    إذن، أين هو الخلل؟ لا خلل. إذن، لا خطأ في تصميم العين؛ لأنَّها أدَّت الوظيفة على أكمل وجه!
    الآن نأتي للتشدق والتنطع:
    1. هذا التصميم أوجد البقعة العمياء: على ماذا أثرت هذه البقعة؟ لا تأثير.
    2. هذا التصميم يسمح بانفصال الشبكية: قلةٌ من يعانون من انفصال الشبكية، وانفصالها ليس طبيعيا، بل هو نتيجة لمؤثر، نحو: ضربة في الرأس، أي: من الممكن أن يحصل الخلل نفسه في حال تعرض الرأس للمؤثر نفسه في تصميمك المزعوم. وهذا التصميم ينسجم مع الحكمة الربانية، وهو ابتلاء الناس، فالله_ سبحانه _خلق الإنسان بتصميم قابل للابتلاء، وابتلاء المؤمنين هو محبة من الله لهم: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ»، رواه الترمذي. وقد جعل الله هذا الابتلاء مدرَّا للحسنات، مكفِّرًا للسيئات، وأي بلاء هو أعظم من فقد البصر؟ قال رسول الله_ صلى الله عليه وسلم _ فيما يرويه عن ربه: «إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ_ عينيه _ثُمَّ صَبَرَ، عَوَّضْتُهُ عَنْهُمَا الْجَنَّةَ»، رواه البخاري. فحكمة الله_ سبحانه _اقتضت هذا التصميم؛ ليبتلي بعض عباده بفقد بصره، ولكن: أنَّى للملحدين أن يفقهوه؟! وأنَّى لوليد الحسيني أن يعقل؟!
    (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  8. #18
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    ثانيا_وضع مجرى البول في البروستاتا:

    إنَّ إحاطة البروستاتا بالإحليل لا يلحقه بأي خلل، فالبول ينتقل في مجراه من دون أي خلل، فأين الخطأ؟! ذلك أنَّ إحاطة البروستاتا بالإحليل لم تكن كالمحبس يمنعه من خروج البول، وبالتالي لم يؤثر على تأدية وظيفة الإحليل، ألا وهي: نقل البول للخارج. فأين الخطأ؟

    أمَّا كون هذا التصميم يؤدي إلى بعض الأمراض، فهكذا أراده الله، جسدًا قابلا للابتلاء، مقهورًا منه سبحانه. ولكن: أنَّى للملحدين أن يفقهوه؟! وأنَّى لوليد الحسيني أن يعقل؟!


    (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  9. #19
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    ثالثا_الأقراص الفقرية للظهر:

    إنَّ الله_ سبحانه _لم يخلق الإنسان للخلود في هذه الدنيا، واقتضت حكمته ابتلاء البشر في أجسادهم وغيرها، فالأقراص الفقرية تقوم بوظيفتها على أكمل وجه، وهنا لا خلل في تأدية الوظيفة، لذلك لا خطأ. أمَّا كون هذا التصميم قابل للتعوق، وتلحق به أضرار، فنقول فيه ما قلنا في سابقيه. بيد أنَّ تصميمك المزعوم لا يعصمه من إصابته بالخلل، وإن كان_ بالمنظور البشري _يقلل منه.

    ونظرة خاطفة إلى هذه النماذج، فأنت لا تتكلم عن أخطاء؛ لأنَّ حديثك منصب عن كون هذا التصميم غير معصوم من الأضرار، ولعلي في موضوعك (التصميم الذكي ينفي وجود الله) أسهب في الطرح، وأبينه على وجهه، فارتقب.




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

  10. #20
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    رابعًا_صمامات الأوردة:

    لقد غيرت العنوان من (دوالي الأطراف) إلى (صمامات الأوردة)؛ لأنَّ العنوان الأول هو مرض وليس جزءًا من الجسم؛ فتأمَّل. والصمامات هذه تقوم بوظيفتها بشكل ناجح، ولكن نتيجة لظروف يتعرض لها الجسم كالحمل عند المرأة_ مثلا _، تصبح غير قادرة على منع الدم من الرجوع للساقين، مما يؤدي إلى الدوالي. وهنا لا خطأ، فكون صمامات الأوردة يطرأ عليها خلل في وظيفتها لا يعتبرا خطأ، فعدم عصمة الصمامات هو منسجم مع وجود الإنسان في هذه الدنيا. فتأمل.




    ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النُّبوَّةِ

 

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML