وليد الحسيني، إنَّ التفكير فيما يقع عليه حسُّنا قادني إلى حدوث المادة، وفي ظل هذه النتيجة سوف أفند الأسباب التي قذفتك في هاوية الإلحاد، فكنت خير ما ناله شيطان، ملحدَّا بخالقك، جاحدًا فضله عليك.

السبب الأول : وجود الألم والشر وانعدام العدالة في العالَم :-
يعد هذا أهم وأعظم وأعمق أسباب الحادي حيث أن (الشر - الخالق) كلمتان متضادتان
فانظر ملايين البشر يموتون جوعا في إفريقيا ملايين البشر يولدون بإمراض لا يستطيعون حتى الاعتماد على أنفسهم فيكون عاله على غيرهم، الأمهات الثكالى كل هذا الألم والمعاناة لا يتفق مع وجود الخالق.
وعند الاستماع إلى تبريرات المؤمنين نجد العجب العجاب ونجدهم جاهزين بالمقولة المشهورة " أنّ الخالق لم يخلق شراً مطلقاً ، بل خلق الشر كاستثناء لقاعدة الخير لحِكَم معينة أهمها :
الحكمة الأولى :
**تمييز فائدة الخير عن طريق تذوق الشر:-
( بأضدادها تُعرَفُ الأشياء ) كما يقولون ...
وهذه مردود عليها أيها المؤمنون لأنّ قاعدة تمييز الخير عن طريق تذوق الشر ، هي من سنن الحياة الكونية التي من المفترض أنّ الخالق هو الذي وضعها – على حسب اعتقادكم - وقد كان بإمكان الخالق بصفته مطلق القدرة أنْ يضع سنة كونية أخرى تمكننا من تمييز فائدة الخير دون الحاجة لوجود الشر !.
الحكمة الثانية :
** أنّ الشر دائماً يحمل في باطنه الخير :
يقولون أنّه لا يوجد شر مطلق ، وأنّ ما نعتقده شراً بشكل مطلق ما هو في حقيقته إلا وسيلة من وسائل نشر الخير ، كالحروب مثلاً التي تحمل في مآسيها وجود محاولات لاختراعات مفيدة للبشرية ، وكالبركان مثلاً الذي يحمل في حممه وشرره فائدة كبرى وهي التنفيس عن باطن الأرض منعاً لانفجارها ، وهكذا فإنّ كل شيء عندهم في ظاهره شر هو في حقيقته يحمل أوجهاً كثيرة من الخير .
وهذه أيضاً مردود عليها ، لأنّ الخالق بصفته أيضاً مطلق القدرة ، فإنه كان بإمكانه أنْ يرينا أوجه الخير دون الحاجة لإرسالها مُتَضَمَّنَة بداخل الشر .
الحكمة الثالثة :
**أنّ الشر يميز معادن البشر :
يقولون أنّ حلول الشرور سواءاً المرض أو الحرب هو الذي يميز معادن الرجال عن غيرهم ..
وأنا هنا أتساءل باستغراب شديد : وماذا سيستفيد الخالق أصلاً من تمييزهم ، ألم يكن يعلم من البداية من هو الغث فيهم ومن هو الثمين ... ثم ما الذي حمله أصلاً على أنْ يخلق الغث ثم يجد نفسه مضطراً بعد ذلك لتمييزه من الثمين ... لم يكن هناك داعي أصلاً من خلق الغث من البداية !!
الحكمة الرابعة :
** أنّ الشر هو من مقتضيات إعطاء الإنسان الحرية :
يقولون أنّ إعطاء الإنسان حريته سيؤدي به إلى ارتكاب كثيراً من الشرور ، وأنّ منع الشر يقتضي سلب الإنسان هذه الحرية .. وأنّ الإنسان عندما يكون حراً ويخطئ أكرم له من أن يكون عبداً مبرمجاً لا يخطئ مثل الملائكة .. أي أنّ الحرية مع الألم أكرم من العبودية مع السعادة كما قال الدكتور المصري مصطفى محمود في حواره مع صديقه الملحد .. وقالوا أنّ الإنسان عندما ينول الجنة بتغلبه على نزعة الشر التي بداخله سيكون أشرف له من أن يصبح مبرمجاً على العبادة مثل الملائكة .. !!
وأنا أرد على هؤلاء رد في منتهى البساطة : هل الخالق مطلق القدرة أم ناقص القدرة ؟؟سيجيبوني كلهم بأنه مطلق القدرة ...حسناً : ألم يكن بإمكان هذا الخالق بأي طريقة كانتْ أنْ يعطينا حريتنا مع عصمنا من ارتكاب الشر ، أو بمعنى آخَر : ألم يكن بإمكان الخالق أنْ يعطينا مساحة من الحرية في إطار الخير فقط ؟؟
بهذا السؤال البسيط الذي أترك إجابته لهم ، أكون قد رددتُ على ما يزعمون أنه حكمة للبشر ..
وهنا تنفد كل محاولات المؤمنين اليائسة في الرد ..
وهي محاولات كلها تحمل سمة واحدة ، ألا وهي أنّ الخالق يصلح خطأ بخطأ ..
جميع ردودهم احتوتْ على هذا المعنى ..
وهذا لا يليق أبداً بالخالق ..
هنا يسألني كثير من المؤمنين :أنت لا تريد الشر بأي شكل من الأشكال ، إذن أنت تريدها جنة ، أنت لا تريد هذه الدنيا .. أليس كذلك ؟؟
وأنا أقول : بلى ، كلامكم صحيح ، أنا لا أريد أي حياة تحتوي على أي شكل من أشكال الآلام أو الشرور ، وبالتالي أنا فعلاً أريدها جنة !
وهنا تتعالى صيحات الاستنكار منهم قائلين : وماذا فعلتَ أنتَ لكي تستحق الجنة ؟
وأقول : أنّ الخالق أكرم من أن يساومنا على جنته بمقابل ، هو أكرم من ذلك ..الذي يليق به أنه خلقني ليسعدني دون انتظار لمقابل ، ثم ما الذي سيستفيده هو من المقابل إذا كان هو لا يحتاجه أصلاً ؟؟
الخالق لم يخيّرني أصلاً في مجيئي إلى الوجود ، وبالتالي فإنّ المفترض أن يأتي بي إلى حياة خالية من الآلام ، أو على الأقل لا يطالبني بمقابل من أجل جنته ، وهو أصلاً كان مطالباً بأن يدخلني فيها مباشرةً بمجرد إيجادي إلى الوجود !!
هنا تبدأ صيحاتهم في الخفوت قائلين : ولكن حتى لو منطقك صحيح ، فكيف ستستمتع بالنعيم دون أن ترى الشر لتستطيع تقييم نعمة الخير وتذوقها بحق ؟؟
وهنا أرجع وأقول : أنّ الخالق بصفته مطلق القدرة كان قادراً على أنْ يشعرني بحلاوة النعيم دون الحاجة لتذوق طعم الألم ..
وهنا أخيراً يلجأ المؤمن إلى الحيلة الأخيرة في الرد وهي قوله :"جميع ما تصفه أنتَ بالشر ، ما هو إلا نتيجة لحماقات البشرية ، ونتيجة لوسوسة النفوس الأمارة بالسوء ، والخالق ليس له ذنب فيما تسميه أنتَ بالشرور "
وهذا قول مردود عليه برد في منتهى البساطة أيضاً وهو :أنّ هؤلاء البشر .. هذا الإنسان .. من الذي خلقه وخلق بداخله نزعة الشر .. أليس الخالق ؟
إذن مهما لَفّ المؤمنون وداروا فإنهم سيصمون خالقهم بصفة الشر في نهاية الأمر ، أو إما سينفون وجود الخالق من الأساس حتى يستطيعوا حل المعضلة !!!!