ذكر بعض الأدلة على أن قول أو فعل الكفر كفر

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كشف الشبهات في التوحيد

(( ولكن عليك بفهم آيتين من كتاب الله ، أولاهما : قولُه تعالى : ( لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) [التوبة : 66] .فإذا تحققت أن بعض الصحابة الذين غزوا الروم مع الرسولِ صلى الله عليه كفروا بسبب كلمةٍ قالوها على وجه المزحِ واللعب ، تبين لك أن الذي يتكلم بالكفرِ أو يعمل به خوفاً من نقصِ مال ، أو جاه ، أو مداراة لأحدً أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها
والآية الثانية : قولُهُ تعالى : ( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ )
[ النحل : 106- 107] .
فلم يعذرِ الله من هؤلاء إلا من أكره مع كونِ قلبه مطمئناً بالإيمان ، وأما غير هذا فقد كفر بعد إِيمانه ، سواءً فعله خوفاً أو طمعاًً ، أو مداراة ، أو مشحة بوطنه ، أو أهله أو عشيرته ، أو ماله ، أو فعله على وجه المزاح ، أو لغير ذلك من الأغراض إِلا المكره ، فالآية تدل على هذا من جهتين:
الأولى قوله : ( إِلاَّ مَنْ أُكْرِه َ) فلم يستثن الله إلا المكره . ومعلوم أن الإِنسان لا يكره إلا على العملِ أو الكلام ، وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد .
والثانية : قوله تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ ) ، فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهلِ أو البغض للدين أو محبة الكفر ، وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا فآثره على الدينِ ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ))

و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى الجزء السابع صفحة 219

(( وَلِهَذَا كَانَ الْقَوْلُ الظَّاهِرُ مِنْ الْإِيمَانِ الَّذِي لَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ إلَّا بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين إلَّا الْجَهْمِيَّة - جَهْمًا وَمَنْ وَافَقَهُ - فَإِنَّهُ إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ مَعْذُورٌ لِكَوْنِهِ أَخْرَسَ أَوْ لِكَوْنِهِ خَائِفًا مِنْ قَوْمٍ إنْ
أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ آذَوْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمُ مَعَ إيمَانٍ فِي قَلْبِهِ كَالْمُكْرَهِ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ جَهْمٍ وَمَنْ اتَّبَعَهُ فَإِنَّهُ جَعَلَ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْكُفْرِ مِنْ أَهْلِ وَعِيدِ الْكُفَّارِ إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ . فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } قِيلَ : وَهَذَا مُوَافِقٌ لِأَوَّلِهَا فَإِنَّهُ مَنْ كَفَرَ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَقَدْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا وَإِلَّا نَاقَضَ أَوَّلُ الْآيَةِ آخِرَهَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِمَنْ كَفَرَ هُوَ الشَّارِحُ صَدْرَهُ وَذَلِكَ يَكُونُ بِلَا إكْرَاهٍ لَمْ يُسْتَثْنَ الْمُكْرَهُ فَقَطْ بَلْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى الْمُكْرَهُ وَغَيْرُ الْمُكْرَهِ إذَا لَمْ يَشْرَحْ صَدْرَهُ وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ طَوْعًا فَقَدْ شَرَحَ بِهَا صَدْرًا وَهِيَ كُفْرٌ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ } { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } { لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } . فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ مَعَ قَوْلِهِمْ : إنَّا تَكَلَّمْنَا بِالْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ لَهُ بَلْ كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ وَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ بِآيَاتِ اللَّهِ كُفْرٌ وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا مِمَّنْ شَرَحَ صَدْرَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَلَوْ كَانَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ مَنَعَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ . ))

فهذه النقولات العزيزة تبين أن قول أو فعل الكفر لا عذر فيه إلا للمكره و سؤالنا للدكتور برهامي هل سعد الدين الهلالي مكره على قول الكفر الذي نطق به ؟؟؟؟

إن قال نعم كذبه الواقع فالهلالي كما ظهر في المقطع لم يكن كذلك كما أن المانع الذي اعتمد عليه برهامي في نفي الكفر عن الهلالي لم يكن الاكراه و لو كان كذلك لكان اعتمده في نفي الكفر عن الرجل .

و إن قال برهامي سعد الدين الهلالي لم يكن مكرهاً و لا بد له من ذلك قلنا له إذن كيف سوغت لنفسك أن تضع مانعاً من تكفيره و هو ليس بمانع عند أهل العلم المعتمدين على القرآن الكريم و السنة المشرفة ؟؟؟؟