أهلاً بك أخي الكريم

طرح هذه الشبهة مسبقاً القساوسة زمن الشيخ العلاّمة رحمت الله الهندي - رحمه الله تعالى - فأجابهم عليها في كتابه الرائع ( اظهار الحق )

(( الفصل الثاني

في رفع شبهات القسّيسين على القرآن

الشبهة الأولى :
لا نسلم بأن عبارة القرآن في الدرجة القصوى من البلاغة الخارجة عن العادة، ولو سلمنا بذلك فهو يكون دليلًا ناقصًا على الإعجاز، لأنه لا يظهر إلا لمن كانت له معرفة تامة بلسان العرب، ويلزم أن تكون جميع الكتب التي توجد في الألسن الأخرى مثل اليوناني واللاطيني وغيرهما في الدرجة العالية من بلاغة كلام اللّه، على أنه يمكن أن تؤدي المطالب الباطلة والمضامين القبيحة بألفاظ فصيحة وعبارات بليغة في الدرجة القصوى.
(والجواب) عدم تسليم كون عبارة القرآن في الدرجة العليا- مكابرة محضة، لما عرفت في الأمر الأول والثاني من الفصل الأول، وقولهم لأنه لا يظهر إلا لمن كانت له معرفة تامة حقة بلسان العرب، لكن التقريب غير تام لأن هذه المعجزة لما كانت لتعجيز البلغاء والفصحاء وقد ثبت عجزهم ولم يعارضوا واعترفوا بها وعرفها أهل اللسان بسليقتهم وغيرهم من العلماء بمهارتهم في فن البيان وإحاطتهم بأساليب الكلام وعرفها العوام من الفرق بشهادة ألوف ألوف من أهل اللسان والعلماء، فظهر أنها معجزة يقينًا، ودليل كامل لا ناقص كما زعموا، وصارت سببًا من الأسباب الكثيرة التي يعلم بها أن القرآن كلام اللّه.
ولا يدعي أهل الإسلام أن سبب كون القرآن كلام اللّه منحصر في كونه بليغًا فقط وكذا لا يدعون أن معجزة النبي صلى اللّه عليه وسلم منحصرة في بلاغة القرآن فقط بل يدعون إن هذه البلاغة سبب من الأسباب الكثيرة لكون القرآن كلام اللّه، وأن القرآن بهذا الاعتبار أيضًا معجزة من المعجزات الكثيرة للنبي صلى اللّه عليه وسلم كما عرفت في الفصل الأول، وستعرف في الباب السادس إن شاء اللّه تعالى.
وهذه المعجزة ظاهرة في هذا الزمان أيضًا لألوف ألوف من أهل اللسان وماهري علم البيان، وعجز المخالفين ثابت من ظهورها إلى هذا الحين وقد مضت مدة ألف ومائتين وثمانين من الهجرة،)) أي في زمان الشيخ