منقول ايضا عن اخى احمد المشرف بالحراس

المُلحد المُعاصِرُ عندَهُ مُشكلة أصيلة في الإيمانِ بالخالقِ ..

الخالقُ عِنْدَهُ هوَ "الآب والإبن وَالروح القُدس" ..

أو هوَ "الحروب الصليبيَّة وَالوحشيَّة الدينيَّة" ..

أو هوَ "الخرافاتُ العقليَّة وَالأخطاءُ العلميَّة" ...

لا يَستطيعُ المُلحدُ أنْ يَفصِلَ بينَ "ما يَعرفُه عَنْ الخالق" وَ "ما يجبُ أنْ يَكونَ عليهِ الخالقُ".

وَهذا النقصُ المَعرفيُّ داءٌ أصيلٌ عِنْد البشرِ طالما استغلَّهُ الشيطانُ ليُضلَّ بهِ الإنْسانَ، بدءا مِنَ الشبْهَةِ الأولى وَحتَّى اليوم.

إلا أنَّ النقصَ المَعرفيَّ لا يَكفي أبدا بذاتِهِ للكفْرِ باللهِ تعالى، بلْ يجبُ أنْ يُصاحبَهُ ما صاحبَ الكافِرَ الأوَّل إبليسَ، ألا وَهوَ الكبرُ.

وَهذا الكبْرُ حقيقة هو الذي يَمنعُ المُلحدَ مِنَ البحثِ وَالنظرِ وَمُحاولةِ تعويضِ هَذا النقصِ المَعرفيِّ.

الكبرُ الذي يَجعلهُ يَرى نفْسَهُ أفْضلَ مِنْ المُؤمنين وَالمُتدينين لمزيَّةٍ امتازَ بها أو نقصٍ حصلَ فيهِم.

ثمَّ تتمُّ تركيبَةُ إلحادِهِ بأنْ يَخضعَ للهوى وَيُذعنَ لهُ فيقلبَ الباطلَ حقًّ وَالحقَّ باطلا.

وَهَذا الخضوعُ للهوى هوَ الذي يَجعلُ احتمالا ما مُمكنا يقينيًّا بينما يَجعلُ احتمالا آخرَ أشدَّ إمكانا مُستحيلا.

وَهذهِ التركيبَةُ ذاتُها تجدُها في كلِّ كافِرٍ بلْ وَفي إبليسَ الكافِرِ الأوَّل.

فإبليسُ لمْ يَعرفْ حِكمَة اللهِ تعالى مِنْ أمرِهِ بالسجودِ لآدمَ (نقصٌ مَعرِفيٌّ) ..

وإبليسُ كانَ مُعاندا إلى درجَةِ أنْ يَرفضَ الأمرَ ولو كانَ صادرا مِنَ اللهِ (الكبرُ) ..

وإبليسُ احتجَّ بأفضليَّتِه على آدمَ وَهيَ أمرٌ احتماليٍّ كما لو كانَتْ حقيقة مُطلقة في مُقابلِ احتمالِ أفضليَّةِ آدمَ كأمرٍ أشدَّ احتمالا باعتبارِ الأمرِ الإلهيِّ (اتباع الهوى) ...

وَجميعُ عناصِرِ هذه التركيبَةِ انتقدَها اللهُ تعالى وَحذَّرَ مِنْها ..

قالَ تعالى "قلْ هَل عِنْدكم من عِلمٍ فتخرجوهُ لنا" ..

وَ "لقد استكبروا في أنْفُسِهِم وَعتو عُتوًّا كبيرا" ..

وَقالَ تعالى "أرأيتَ مَنْ اتخذ إلههُ هواهُ أفأنتَ تكونُ عليهِ وَكيلا" ...

وَمُخطئ مَنْ يَظنُّ أنَّ هَذِهِ التركيبَة الشاذَّة يَنفعُ مَعها عِلاجٌ أو تحسينٌ.

بلْ قالَ اللهُ تعالى "ولو فتحنا عليهِم بابا مِنَ السماءِ فظلوا فيهِ يَعرُجونَ () لقالوا إنَّما سُكِّرَت أبْصارُنا بل نحنُ قومٌ مَسحورون"

وَقالَ اللهُ تعالى "إنَّ الذينَ حقَّتْ عليهِم كلمة ربِّكَ لا يؤمنون () ولو جاءَتهم كلُّ آيةٍ حتَّى يروا العَذابَ الأليمَ"

ثمَّ كلُّ إنْسانٍ يكونُ فيهِ بعضُ تِلكَ التركيبَةِ بدرجاتٍ مُتفاوِتَةٍ.

فتجدُ المُسلمَ الذي يُحاسبُ ربَّه لِماذا قالَ كذا أو فَعلَ كذا كِبرا وَعُتوًّا ..

وَتجدُ المؤمِنَ الذي يَعصي ربَّه فيفعلُ المُحرَّمَ أو يَترُكُ الواجبَ عِصيانا وَنزَقا ..

إلا أنَّ الناجيَ بحقٍّ، مَنْ بحثَ عَنْ ربِّهِ بصِدْقٍ، وأطاعَهُ بحقٍّ، وَعصاهُ بظُلمٍ، وَتابَ إليهِ بذُلٍّ.

فإنْ نقصَ عِلمُه فوَّضَ إليهِ أمْرَهُ ..

وَإنْ زادَ كبرُهُ أذلَّ لهُ نفسَهُ ..

وإنْ غلبَهُ هواهُ رفعَ إليهِ عُذرَهُ ...

أمَّا مَلاحدةُ الظنِّ عبيدُ الرُبَّما فلهُم يومٌ أشدُّ عليهِمِ مِنَ السوبر نوفا