(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ


{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125

أي ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم , إلى سبيل ربك المستقيم , المشتمل على العلم النافع , والعمل الصالح (بالحكمة) أي : كل أحد على حسب حاله وفهمه وقبوله وانقياده .
ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل, والبداءة بالأهم فالأهم , وبالأقرب إلى الأذهان والفهم , وبما يكون قبوله أتم , وبالرفق واللين , فإن انقاد بالحكمة , و إلا فينتقل معه بالدعوة بالموعظة الحسنة , وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب .

إما بما تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها , والنواهي من المضار وتعدادها , و إما بذكر إكرام من قام بدين الله , وإهانة من لم يقم به .

وإما بذكر ما أعد الله للطائعين من الثواب العاجل والآجل , وما أعد للعاصين من العقاب العاجل والآجل , فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه حق . أو كان داعية إلى الباطل , فيجادل بالتي هي أحسن , وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلا ونقلا .

ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها , فإنه أقرب إلى حصول المقصود , وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها , و لا تحصل الفائدة منها , بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها .

وقوله : (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله) علم السبب الذي أداه إلى الضلال , وعلم أعماله المترتبة على ضلالته , وسيجازيه عليها .
(وهو أعلم بالمهتدين) علم أنهم يصلحون للهداية , فهداهم , ثم منًّ عليهم فاجتباهم .

ابن السعدي

(h]XuE YAgAn sQfAdgA vQf~A;Q fAhgXpA;XlQmA )