بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين أما بعد اعتذر لأخواني عن الدرس السابق وذلك لمرضي والحمد الله . كنا قد تكلمنا في الدرس السابق عن الخبر المتواتر وأنواعه وحكمه واليوم إن شاء الله نكمل ما قاله الحافظ .
قال الحافظ : والثاني المشهور وهو المستفيض على رأي.
قلـــــــــــت : أي أن القسم الثاني من أنواع الحديث من حيث الوصول إلينا هو الأحاد بأعتبار تقسيم الحديث من حيث الوصول إلينا .
تعريف الأحاد : هو ما لم يبلغ حد التواتر .
تعريف المشهور : هو ما رواه عدد كثير .
وبعض أهل العلم يعبر عن هذا العدد الكثير بقوله "أن يرويه الجماعة " وبعضهم يقول " ثلاثة فأكثر " ولعل من عبر بالجماعة أولى وهو تعبير الإمام الخطيب البغدادي رحمة الله فإن الخبر العزيز كما سيأتي قد قال بعض أهل العلم " إنه ما رواه أثنان أو ثلاثة" . والخبر المشهور يسمى مستفيض ايضا عند المحدثين يستعمل ذلك الإمام مسلم والإما الحاكم وغيرهما من أهل العلم والمستفيض والمشهور عند المحدثين بمعنى واحد .
وهذا كله هو المشهور الإصطلاحي وهناك نوع أخر من المشهور وهو غير الأصطلاحي أقصد به ما اشتهر على ألألسنة من غير شروط تعتبر فيشمل
1- ما له اسناد واحد
2- ما له أكثر من اسناد
3- ما لا يوجد له اسناد أصلا
أنواع المشهور الغير الاصطلاحي :
له أنواع كثيرة أشهرها
أ- مشهور بين أهل الحديث خاصة : مثال حديث أنس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان"
ب- مشهور بين أهل الحديث والعلماء والعوام : مثال " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"
ج- مشهور بين الفقهاء : مثال " أبغض الحلال الى الله الطلاق"
د- مشهور بين الأصوليين : مثال " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
ه- مشهور بين النحاة : مثال " نعم العبد صهيب لو لم يخف اله لم يعصه " لا أصل له
و- مشهور بين العامة مثال " العجلة من الشيطان "
* حكم المشهور .
المشهور الأصطلاحي وغير الأصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحا أو غير صحيح بل منه الصحيح والحسن والضعيف بل والموضوع لكن ان صح المشهور الاصطلاحي فتكون له ميزة ترجحه على العزيز والغريب .
* أشهر المصنفات فيه :
المراد بالمصنفات في الأحاديث المشهور هو الأحاديث المشهورة على الألسنة وليس المشهورة اصطلاحا ومن هذه المصنفات .
أ- المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة للسخاوي .
ب- كشف الخفاء ومزيل الالباس فيما اشتهر من الحديث على ألسنة الناس للعجلوني .
ج- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث لابن الديبع الشيباني .
قال الحافظ : والثالث العزيز .
قلــــــت : تعريفه . عرفه الحافظ نفسه وقال . أن لا يرويه أقل من اثنين عن اثنين .
وقد خالف هنا الحافظ أكثر المؤلفين في تحديد العزيز بثنان فقد قال " ابن الصلاح والعراقي والنووي وابن دقيق العيد وابن كثير وابن طاهر " أن الحديث العزيز ما رواه اثنان أو ثلاثة وأن الذي يروية جماعة من الرواة دون أن يبلغ حد التواتر فهو المشهور .
يقول البيقوني .
عزيز مروي اثنين او ثلاثة مشهور مروي فوق ما ثلاثة
يقول شيخي أبو معاذ طارق بن عوض الله في كتاب المدخل ( صـــــ52-53 )
والتحقيق أن العدد ليس شرطا في ذاته بل العزيز صفة للحديث الذي هو بمنزلة وسط بين الغريب وبين المشهور وربما وصفوه بالغريب وربما بالمشهور ومنه قولهم
"فلان عزيز الحديث " أي قليل الرواية وليس معنى قولهم " عزيز الحديث " أن كل
حديث من أحاديثه قد تابعه عليه راو أو رويان أو أكثر هذا لا يقصد ونه إنما يقصدون من قولهم " فرن عزيز الحديث " أي قليل الرواية .
قال الحافظ : وليس شرطا للصحيح خلافا لمن زعمه .
قلــــــــت : قال الحافظ نفسه في شرح النخبة أن هناك بعض الناس قالوا هذا شرط للحديث الصحيح وهو أبو علي الجباني من المعتزلة وإليه يشير كلام الحاكم أبي عبد الله في علوم الحديث قال " الصحيح أن يرويه الصحابي الزائل عن اسم الجهالة بأن يكون له روايان ثم يتداوله أهل الحديث إلى وقتنا كالشهادة على الشهادة "
وتعقب الأئمة هذا القول بأن أول حديث عند البخاري من رواية واحد عن واحد وأخر حديث عنده ايضا حديث غريب من رواية واحد عن واحد .
يقول الحافظ : والرابع الغريب
قلـــــــت : الحديث الغريب أو الفرد هو . ما تفرد بروايته راو واحد .
يقول الحافظ : وكلها سوى الأول آحاد وفيها المقبول و المردود لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال رواتها دون الأول وقد يقع فيها ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار .
قلـــــــت : أي أن كل كا سبق من الأنواع سوى المتواتر فيه المقبول والمردود حسب أحوال رواتيه .
وأما الكلام على أخبار الآحاد من حيث الثبوت يكون على مقامات :
1- أحاديث الآحاد التي يرويها الثقات العدول عن مثلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير شذوذ أو علة حجة بنفسها ويجب العمل بها .
قال ابن عبد البر في التمهيد وأجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع على هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة لإلى يومنا هذا إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع شرذمة لا تعد خلافا . أ هـ
قلت وعل هذا درج الأئمة المصنفون .
فبوب الشافعي في الرسالة قال " الحجة في تثبت خبر الواحد " وساق تحته أدلته على ذلك .
وبوب البخاري في صحيحه " باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام "
وبوب ابن حبان في صحيحه " ذكر الخبر المدحض قول من نفي جواز قبول خبر الواحد "
وبوب الدارقطني في سننه " باب خبر الواحد يوجب العمل "
قلــــــــت وقد اختلف العلماء في خبر الواحد العدل هل يوجب العلم والعمل جميعا أم يوجب العمل دون العلم بمعنى هل هو ظني الثبوت أم قطعي ؟
قال ابن عبد البر " والذي عليه أكثر أهل العلم أنه يوجب العمل دون العلم وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه والنظر ولا يوجب العلم عندهم إلا ما شهد به على الله وقطع العذر بمجيئه قطعا ......... وقال قوم كثيرون من أهل العلم وبعض أهل الأثر وبعض أهل النظر أنه يوجب العلم الظاهر والعمل جميعا منهم الحسين الكرابيسي وغيره وذكر ابن خواز بنداد أن القول يخرج على مذهب مالك .............. "
وقال ابن حزم في الإحكام ( 1/114 وما بعدها ) " ........... نأخذ إن شاء الله تعالى في إيراد البراهين على خبر الواحد العدل المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام الشريعة يوجب العلم ولا يجوز فيه البتة الكذب ولا الوهم ......" ثم ساق براهينه على ذلك فليراجع.
قال الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه على اختصار علوم الحديث ( صــ31 )
والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه ابن حزم ومن قال بقوله من أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي سواء أكان في أحد الصحيحين أم في غيرهما وهذا العلم اليقيني علم نظري برهاني لا يحصل إلا للعالم المتبحر في الحديث العارف بأحوال الرواة والعلل .
وهذا العلم اليقيني النظري يبدو ظاهرا لكل من تبحر في علم من العلوم وتيقنت نفسه بنظرياته واطمأن قلبه إليها ودع عنك تفريق المتكلمين في اصطلاحاتهم بين العلم والظن فإنما يريدون بهما معني آخر غير ما نريد . أهــ
يقول الحافظ : ثم الغرابة إما أن تكون في أصل السند أو لا فالأول الفرد المطلق والثاني الفرد النسبي ويقل إطلاق الفرد عليه .
قلـــــــت : رجع الحافظ مرة اخرى للنوع الرابع وهو الغريب أو الفرد كما ذكرنا ويقول هنا قسمين للغريب أو الفرد .
1- الفرد المطلق . تعريفه
هو ما كانت الغرابه في أصل سنده أي ما ينفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده.
مثال حديث " انما الأعمال بالنيات " تفرد به عمر بن الخطاب رضى الله عنه .
هذا وقد يستمر التفرد إلى آخر السند وقد يرويه عن ذلك المتفرد عدد من الرواة .
2- الفرد النسبي : تعريفه .
هوما كانت الغرابة في أثناء سنده أي أن يرويه أكثر من راو في اصل سنده ثم ينفرد بروايته راو واحد عن ألئك الرواة.
مثال حديث " مالك عن الزهري عن أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر " تفرد به مالك عن الزهري .
قلـــــــت : وهناك أنواع من الغريب النسبي أو الفرد النسبي :
أ- تفرد ثقة برواية الحديث : كقولهم لم يروه ثقة غير فلان .
ب- تفرد راو معين عن راوي معين : كقولهم تفرد به فلان عن فلان .
ج- تفرد أهل بلد أو أهل جهة : كقولهم تفرد به أهل مكة أو أهل الشام .
د- تفرد أهل بلد أو جهة عن أهل بلد أو جهة أخرى : كقولهم تفرد به أهل البصرة عن أهل المدينة أو تفرد به أهل الشام عن أهل الحجاز .
*- وهناك تقسيم آخر فقد قسم العلماء الغريب من حيث غرابة السند أو المتن إلى .
أ- غريب متنا واسنادا : وهو الحديث الذي تفرد براوية متنه راو واحد .
ب- غريب اسنادا لا متنا : كحديث روى متنه جماعة من الصحابة ، انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر.
وفيه يقول الترمذي " غريب من هذا الوجه "
*- من مظان الغريب .
1- مسند البزار
2- المعجم الأوسط للطبراني
*أشهر المصنفات فيه :
1- غرائب مالك للدارقطني
2- الأفراد للدارقطني
3- السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة لأبي داود السجستاني . أ هــــ
إلى هنا نكون قد انتهينا من شرح درس اليوم والحمد الله رب العالمين هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء .
" كتبه "
( أبو سفيان الإسماعيلي الأثري السلفي )
عفا الله عنه وعن المسلمين جميعا

hrjthx hgHev favp kofm hgt;v ( hg]vs hgehkd )