السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

و لي سؤالان :

في الحديث الغريب أو الفرد :
فهل رواه مالك عن آخرين ؟؟ أم مااذا ؟؟

و في الفرد النسبي أيضا :

الغريب النسبي أخي حبيب هو ما قال عنه المحدث " غريب من هذا الوجه لم يروه عن فلان غير فلان " ,

أي أنه ببساطة قد يكون هناك حديث رواه أبوسعيد الخدري وأبوهريرة وابن عمر ... مثلا ,

ويأتي الحديث من طريق أبي هريرة هكذا " الأعرج عن أبي صالح عن أبي هريرة " فلا يروه عن أبي هريرة غير أبي صالح , ولا يروه عن أبي صالح غير الأعرج ,

فيكون الحديث غريبا نسبيا - أي بالنسبة لهذا الإسناد وهذا الصحابي بعينه - أما لو رجعنا لأصل الإسناد " الذي هو الصحابي " سنجد أن هناك غير أبي هريرة قد رووه , ورواه عن هؤلاء الصحابة تابعين وهكذا ....,

ويطلق المحدثون الغريب النسبي أيضا على الحديث الذي يرويه عن إمام من الأئمة الذين يُجمع حديثهم راو واحد , كما جاء في التدريب 2/180 : " النوع الحادي والثلاثون الغريب والعزيز إذا انفرد عن الزهري وشبهه ممن يجمع حديثه رجل بحديث سمي غريبا فإن انفرد اثنان أو ثلاثة سمي عزيزا فإن رواه جماعة سمي مشهورا ويدخل في الغريب ما انفرد راو بروايته أو بزيادة في متنه أو إسناده ممن يجمع حديثه "

ومن أمثال هؤلاء الأئمة الزهري وقتادة وغيرهم , ومثال هذا الحديث الذي بين أيدينا الآن :

" مثال حديث " مالك عن الزهري عن أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر " تفرد به مالك عن الزهري . "

فإنك إن طالعت جميع أسانيد هذا الحديث - فيما أعلم - فلن تجد يرويه عن الزهري غير مالك , هذا مع كثرة أصحاب الزهري لدرجة أنهم كانوا يقسمون على خمس طبقات , لكن ذلك لا يكون ضعفا في الحديث خاصة إذا كان راويه إماما مثل مالك .

وأيضا

هل معنى ذلك أن الشيوخ هي هي في جميع الطبقات و يختلف الراوي الأخير فقط ؟؟ أم ماذا ؟

بارك الله فيكم

هذا أيضا من أنواع الغرابة النسبية , إذ أن الحديث في هذه الحالة يكون جميع رواته من بلد واحده , كأن يكونوا جميعا من الشام , ومثال هذا :

" عَنْ أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - ، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يَروي عَنْ ربِّه - عز وجل - أنَّه قالَ : (( يا عِبادي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلمَ على نَفسي ، وجَعَلْتُهُ بَينَكُم مُحَرَّماً فلا تَظالموا ، يا عِبادي كُلُّكُم ضَالٌّ إلاَّ مَنْ هَديتُهُ فاستهدُوني أهدِكُم ، يا عبادي كُلُّكُم جَائِعٌ إلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فاستطعموني أُطعِمْكُم ، يا عِبادي كُلُّكُم عَارٍ إلاَّ مَنْ كَسوتُهُ ، فاستَكْسونِي أكسكُمْ ، يا عِبادي إنَّكُم تُخْطِئونَ باللَّيلِ والنَّهار ، وأنَا أَغْفِرُ الذُّنوبَ جَميعاً ، فاستَغفِروني أغفر لكُمْ . يا عِبادي إنَّكم لَنْ تَبلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ، ولن تَبلُغُوا نَفْعِي فَتَنفَعونِي . يا عِبادي لو أنَّ أوَّلَكُم وآخِركُم وإنْسَكُمْ وجِنَّكُم كانُوا على أتْقى قَلب رَجُلٍ واحدٍ منكُم ، ما زَادَ ذلك في مُلكِي شَيئاً ، يا عِبادي لو أنَّ أَوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنْسَكُمْ وجِنَّكُم كانُوا على أفْجَر قَلبِ رَجُلٍ واحِدٍ منكُم ، ما نَقَصَ ذلك من مُلكِي شيئاً ، يا عِبادي لَوْ أنَّ أَوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنْسَكُمْ وجنَّكم قاموا في صَعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كل إنسانٍ مسألته ، ما نَقَصَ ذلك مِمَّا عِندي إلاَّ كَما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ البَحرَ . يا عبادي ، إنَّما هِيَ أَعمالُكُم أُحْصِيها لَكُمْ ، ثمَّ أُوفِّيكُم إيَّاها ، فَمَنْ وجَدَ خَيراً ، فليَحْمَدِ الله ، ومَنْ وَجَد غيرَ ذلكَ ، فَلا يَلومَنَّ إلاَّ نَفسَه ))"

هذا الحديث خرَّجه مسلم من رواية سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي ذرٍّ ، وفي آخره : قال سعيدُ بنُ عبد العزيز : كان أبو إدريس الخولاني إذا حدَّثَ بهذا الحديث جثى على ركبتيه .

فهذا الحديث لو نظرت في إسناده ستجد أن :

سعيد بن عبدالعزيز : دمشقي شامي .
ربيعة بن يزيد : دمشقي شامي .
أبو إدريس الخولاني : شامي معروف .
أبو ذر : سكن الشام فهو شامي .

لذا كان يقول الإمام أحمد : " هذا أعظم حديث لأهل الشام " .

لذا فإذا نظرت في هذا الإسناد ستقول أن فيه نوع غرابة لأن كل رواته شاميين , مع أنه قد يكون أتى بأسانيد أخرى ليست شامية , فيكون الحديث غريبا بالنسبة لهذا السند وحده .


وهناك ملاحظة هامة هي :

" إن أغلب المتقدمين في كلامهم يطلقون اسم الغريب على نوع الغريب النسبي , ويطلقون اسم الفرد على نوع الغريب المطلق "

أرجو أن يكون الأمر قد اتضح , وإن كان هناك أي سؤال نجيب عليه إن شاء الله بعد إذن شيخنا أبي سفيان .

هذا والله أعلم .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين .