اخــوتي الأفـاضــل
الســلام عليــكم ورحمــة الله وبركاته
لســت ممن يحبــون الخــوض في مثــل هــذه المواضــيع لكن الحجــة المروية ألزمتني الرد فأقــول
ألا تــرون اخــوتي أننــا لو أعملنـا هــذه الحجــة فإننــا نســتطيع أن نخــرج شــيئا من عــلم الله أو من قدرتــه أو شــهادته ( وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ؛ ( وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ، (وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ٌ) بل حتى ربــوبيــته والعــياذ بالله ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ )
ذلك أن لفظــة ( كل شيء ) كمــا جــاء في الحجــة لا تعني كل شيء حــقيقة فقــد يخــرج منــها شـيء دون شــرط أو قيــد وهــذا لا يجــوز ، لأن العــام عنــد الأصــوليين لا يخــصص إلا بقــرينة تخــرجه أمــا عنــد أهــل اللغــة فالفعــل يأخـذ صــفته من فاعــله أو مفعــوله ، والقــرآن العظــيم لا يأتيــه الباطــل من بين يديـه ولا من خــلفه ، فلنتــأمل آيات الخــلق التي وردت فيـه وكيف أنهــا مؤكــدة ومثبــتة عمــومها ولكن وقبــل كل شـيء أود أن أوضـح أن الخــلق معنــاه الإبتــداء وأن اللامخــلوق هو الأزلي الذي لا أول له اي لا ابتــداء وهــذه صــفة الخــالق عـز وجــل فهــو الأول فــلا شيء قبــله وهــو الآخــر فــلا شــيء بعــده ،
( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) - آيتي الأنعــام
في الآية الأولى نجـد المعنى مؤكــدا بقـوله وهــو بكل شيء عليم فإن أســقطت شـيئا عن خــلقه فأولى لك أن تســقط شـيئا عن علمـه فقـد تقـدم ذكـر الخـلق وتأخــر العـلم وهــذا غــير جــائز قطــعا ،
وفي الآيــة الثانيــة تـأكد المعـنى مــرتين الأولى في قـوله تعــالى ( فاعبــدوه ) أي لا إله إلا هــو فهـو الأزلي الســرمدي لا شىء غــيره والثانيـة في قــوله ( وهــو عــلى كل شـيء وكــيل ) فلــو أســقطنا فــلوأســقطنا شــيئا عن خــلقه فلنســقط عن وكالتــه وهــذا بالطــبع غــير جــائز ،
فلنقــرأ آيــة الرعــد ( قل من رب السماوات والارض قل الله قل افاتخذتم من دونه اولياء لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الاعمى والبصير ام هل تستوي الظلمات والنور ام جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار )
فتــأكد المعـنى بقــوله تعــالى ( وهــو الواحــد ) أي الأزلي اللامخــلوق ،
أمــا ما أمكن التخــصيص فيــه من الآيات التي وردت في الحجــة كقــوله تعــالى ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) فإن العام ( كل شــيء ) يخــصص بمــا يمكــن تدمــيره بالريح وكذلك القيــد في قــوله تعــالى ( بأمــر ربهــا ) فمــا لم يأمــر الله بتــدميره فلن تتمكن منــه ومن ذلك مســاكنهم ،
وأقــول لو أنني أعـطــيتك رمـانة وأمــرتك بأكلهــا كلهــا فهل يعــني هــذا أني أمــرتك بأكــل قشــرتها ، ولو كانت تفــاحة فهــل تأكل بذوهــا ـ وهــذا ما عنــيته في أول قـولي أن الفعــل يشـمل ما يتصف به فاعــله أو مفعــوله فيصـير تمــام أكلها بإتمــام ما يؤكل منهــا فقــط ،
وقــوله تعــالى ( وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ) فطبيعــة ما أوتيت هــو ما يؤتــاه الملــوك فهي لم تؤت جــزءا من الشـمس مثــلا فهي وقومهـا قد ســجدوا للشــمس من دون الله ، أمــا قــول صاحب الحجــة أن ملك ســليمان علــيه الســلام قد فـاق ملكها أضـعافا فهـذا تــرده لفظــة ( من ) وهي للــتبعيض أي من كل شــيء بعضــا ، وكان بعض ســليمان ( عليـه الســلام ) أعظــم .
هــذا مــا لــزم إيضــاحه في الحجــة المطــروحة ولا أود الخــوض في حــجج أخــرى في هــذا الموضــوع وهي كثــيرة ،