مداخلتك كلها تصب في مصب واحد وهذا ردي عليها بحول الله وقوته



من الواضح أن القصة أخرجها ابن جرير في «تفسيره» (7/200، 201) الخبر (19023) عن السدي

والقصة الأخرى أخرجها أيضًا ابن جرير في «تفسيره» (7/260) الخبر (19435) عن ابن عباس. ... وأورد القصة الثعلبي في «قصص الأنبياء» (ص131). واشتهرت القصة في كتب التفسير،

ووجب علينا التحقيق في القصة لنعلم صدقها من عدمه

1- قال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا أسباط، عن السدي. فذكر القصة.

والسدي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن.

قال الإمام المزي في «تهذيب الكمال» (2/190/456): إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي أبو محمد القرشي الكوفي الأعور، سكن الكوفة، وكان يقعد في سُدَّة باب الجامع بالكوفة، فسمي السُّدي، وهو السدي الكبير، روى عنه أسباط بن نصر الهمداني. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (1/72): «إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة السدي، من الرابعة». اهـ.

قلت: وهي طبقة تلي الطبقة الوسطى من التابعين، جُلُّ روايتهم عن كبار التابعين. كذا قال الحافظ في المقدمة. وبهذا يتبين أن الخبر الذي جاءت به القصة عن السدي مقطوع وليس بمرفوع. قال البيقوني:
وما أضيف للنبي المرفوع
وما لتابع هو المقطوع

قلت: ومع أن الخبر لا أصل له مرفوعًا، فلم يصح أيضًا مقطوعًا بل هو خبر تالف، فقد أخرج الإمام العقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/87/101) عن المعتمر بن سليمان قال: إن بالكوفة كذَّابَيْن: الكلبي والسدي.

وأخرج عن عبد اللَّه بن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت الشعبي، وقيل له: إسماعيل السدي قد أُعْطي حظًا من علم القرآن، فقال: إن إسماعيل قد أعطي حظًا من الجهل بالقرآن. اهـ.

وأخرج عن يحيى بن معين ذكر إبراهيم بن المهاجر والسدي، فقال: كانا ضعيفين مهينين.

ثم قال العقيلي: حدثنا داود، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: قلت لأبي عبد اللَّه: السدي كيف هو ؟ قال: أخبرك أن حديثه لمقارب وإنه لحسن الحديث؛ إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به أسباط عنه فجعل يستعظمه، قلت: ذاك إنما يرجع إلى قول السدي، فقال: من أين وقد جعل له أسانيد ما أدري ما ذاك. اهـ.

قلت: وأقر هذا الإمام الذهبي في «الميزان» (1/236/905)، ثم نقل عن الجوزجاني أنه قال: حدثت عن معتمر، عن ليث قال: «كان بالكوفة كذابان، فمات أحدهما: السدي والكلبي».

ونقل عن الفلاس، عن ابن مهدي أنه ضعيف.

ثم قال الذهبي: وهو السدي الكبير، فأما السدي الصغير فهو محمد بن مَرْوان، يروي عن الأعمش، واهٍ بمرة. اهـ.
ونقل الإمام المزي في «تهذيب الكمال» (2/192) هذه الأقوال وأقرها، ونقل عن السعدي قال: السدي كذاب شتام.
ونقل الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (1/273) هذه الأقوال في السدي وأقرها.

وعلة أخرى:

أسباط بن نصر أبو يوسف الهمداني.

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/332): أسباط بن نصر أبو يوسف الهمداني روى عن سماك والسدي. حدثني أبي قال: سمعت أبا نُعيم يُضَعِّفُ أسباط بن نصر وقال: أحاديثه عامية سقط مقلوبة الأسانيد.

ثم قال: أخبرنا حرب بن إسماعيل فيما كتب، إلى أن قال: قلت لأحمد: أسباط بن نصر الكوفي الذي يروي عن السدي كيف حديثه؟ قال: ما أدري - وكأنه ضعفه. اهـ.
وأورده الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (1/185)، ونقل عن الساجي قوله في «الضعفاء»: روى أحاديث لا يتابع عليها عن سماك بن حرب. وعن ابن معين قال: ليس بشيء.

ثم بيَّن الحافظ أن لأسباط حديثًا في الاستسقا، ثم قال: وهو حديث منكر أوضحته في التعليق. اهـ.

وبهذا يتبين وهن القصة عن طريقها الأول






يتبع ...