نقطة اخرى من مداخلتك ..

حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة قال : ثني محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه اليماني


من هم أهل العلم هؤلاء ؟ !!!

ومن هو وهب بن منه اليماني .. تعال يا حبيب لتعرف من تنقل عنهم

وهب بن منبه: ولد في الإسلام سنة 34هـ وهلك سنة 114، وأدرك بعض الصحابة. ولم يعرف أن أحداً منهم سمع منه أو حكى عنه، وإنما يحكي عنه من بعدهم. قال رشيد رضا: «ضعفه عمر بن الفلاس، واغترًّ به الجمهور (قلت: لم يوثقه إلا أبا زرعة والنسائي، فلا يقال اغتر به الجمهور)؛ لأن جلّ روايته للإسرائيليات. ولم يكونوا يدققون النظر في نقدها تدقيقهم في نقد روايات أصول الدين وفروعه. وقلّما كان أحد من رجال الجرح والتعديل يعرف شيئًا من كتب أهل الكتاب ليصح حكمه على الرواة عنها. على أن البخاري رحمه الله تعالى لم يَروِ عنه حديثًا في صحيحه مرفوعًا ولا قصة إسرائيلية، ولا مسألة علمية».
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، في كعب الأحبار وفي وهب بن منبه: «سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان ومما لم يكن، ومما حُرِّفَ وبُدّل ونسخ». وروى عنه الطبري أنواعاً من الإسرائيليات تكفي للتدليل على أن ثقافة وهب يهودية تلمودية. فمما رواه في تاريخه (1|343) عن ابن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول : «إن داود أراد أن يعلم عدد بني إسرائيل كم هم؟ فبعث لذلك عرفاء ونقباء وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ عددهم ، فعتب الله عليه ذلك وقال: قد علمت أني وعدت إبراهيم أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلهم كعدد نجوم السماء وأجعلهم لا يحصى عددهم، فأردت أن تعلم عدد ما قلت إنه لا يحصى عددهم، فاختاروا بين أن أبتليكم بالجوع ثلاث سنين أو أسلط عليكم العدو ثلاثة أشهر أو الموت ثلاثة أيام! فاستشار داود في ذلك بني إسرائيل فقالوا ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر، ولا بالعدو ثلاثة أشهر، فليس لهم بقية، فإن كان لا بد فالموت بيده لا بيد غيره. فذكر وهب بن منبه أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف كبيرة لا يدرى ما عددهم! فلما رأى ذلك داود شق عليه ما بلغه من كثرة الموت فتبتل إلى الله ودعاه فقال: يا رب أنا آكل الحماض وبنو إسرائيل يضرسون! أنا طلبت ذلك فأمرت به بني إسرائيل فما كان من شيء فبي واعف عن بني إسرائيل. فاستجاب الله له ورفع عنهم الموت، فرأى داود الملائكة سالين سيوفهم يغمدونها يرتقون في سلم من ذهب من الصخرة إلى السماء، فقال داود: هذا مكان ينبغي أن يبنى فيه مسجد. فأراد داود أن يأخذ في بنائه فأوحى الله إليه أن هذا بيت مقدس وأنك قد صبغت يدك في الدماء فلست ببانيه، ولكن ابن لك أملكه بعدك أسميه سليمان أسلمه من الدماء، فلما ملك سليمان بناه وشرفه!». أقول: إن أي مسلم يدرك أن إهانة الأنبياء بهذه الطريقة هي عقيدة يهودية مرذولة، فكيف يغفل عن ذلك وهب بن منبه؟ أفما يتقي الله!
وروى له الطبري (1|337) قصة طويلة عن طالوت وجالوت، مخالفة لسائر المفسرين. فقال الطبري معلقاً عليها: «وفي هذا الخبر بيان أن داود قد كان الله حَوَّلَ المُلك له قبل قتله جالوت، وقبل أن يكون من طالوت إليه ما كان من محاولته قتله. وأما سائر من روينا عنه قولاً في ذلك، فإنهم قالوا إنما ملك داود بعد ما قتل طالوت وولده». قلت: وهذا يدل على أنه غير صادق في نقله عن الإسرائيليات.
جاء في تهذيب الكمال (31|147): قال حماد بن سلمة: عن أبي سنان: سمعت وهب بن منبه يقول: «كنت أقول بالقدر (أي بنفيه)، حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء في كلها: من جعل إلى نفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر، فتركت قولي». ويقصد وهب بن منبه بكتب الأنبياء: كتب بني إسرائيل المنسوبة إلى الأنبياء. فهذا اعتراف صحيح منه أنه بقي يأخذ عقائده من كتبهم المحرفة. قال رشيد رضا تعليقاً على هذه المقولة:
(أولاًً) إن كتب الأنبياء التي بأيدي أهل الكتاب لا تبلغ هذا العدد.
(ثانيًا) إننا تصفحنا أشهرها فلم نجد هذا القول فيها، ولا رأينا أهل الكتاب ينقلونه في مجادلاتهم في هذه المسألة.
(ثالثًا) إن هذا القول باطل قطعًا بدليل الآيات الكثيرة في القرآن، المثبتة لمشيئة الإنسان، كقوله تعالى: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف: 29) {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} (التكوير: 28) {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (فصلت: 40) {فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ} (النور: 62) { لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} (المدثر: 67) وفي معنى الآيات أحاديث كثيرة أيضًا، ولا ينافي هذه الآيات قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ} (الإِنسان: 30)، بل يقررها ويؤكدها إذ هو صريح في أن الله تعالى شاء أن يكون للبشر مشيئة خلقها لهم فيما خلقه من صفاتهم وغرائزهم وقواهم.
(رابعًا) إن وهبًا قد انتقل من بدعة القدرية إلى بدعة الجبرية التي هي شر منها وأضر، وأدهى وأمر، فهي التي أماتت قلوب المسلمين وهممهم التي فتحوا بها البلاد، ودكوا بها الأطواد، وأرضتهم بالذل والهوان، وتعبدتهم للظلمة منهم، ثم للمستعبدين لهم من غيرهم. اهـ.

وروى ابن سعد عن وهب قوله: «لقد قرأت ثلاثين كتاباً، نزلت على ثلاثين نبياً». قلت: أنزلت التوراة على موسى، والزبور على داود، والإنجيل على عيسى، والقرآن على محمد، عليهم صلوات الله وسلامه. فما هي الكتب الباقية التي يستمدّ منها وهب بن منبه عقائده؟ أرجو أن لا يكون من بينها التلمود الذي اخترعه حكماء صهيون ونسبوه افتراءً لموسى عليه السلام.
بل له دفاع عتيد بغير حق عن كتب اليهود، فيقول مثلاً: «إن التوراة والإنجيل كما أنزلهما الله تعالى! لم يُغير منهما حرف. ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل، وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم {وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ}. فأما كتب الله فإنها محفوظة ولا تحول»، رواه ابن أبي حاتم. قال ابن كثير: «فإن عنى وهب ما بأيديهم من ذلك، فلا شك أنه قد دخلها التبديل والتحريف والزيادة والنقص، وأما تعريب ذلك المشاهد بالعربية ففيه خطأ كبير وزيادات كثيرة، ونقصان ووهم فاحش، وهو من باب تفسير المعرب المعبَّر. وفهْمُ كثير منهم -بل أكثرهم، بل جمعيهم- فاسد. وأما إن عنى كتب الله التي هي كتبه من عنده، فتلك كما قال محفوظة لم يدخلها شيء». أقول لا ريب أن وهباً يتكلم عن التوراة والإنجيل الموجودين في الأرض لا عن اللوح المحفوظ، فلا شك إذاً أنه كاذب في دعواه.
مع العلم أن بنو منبه أصلهم من خراسان من هراة (شرق أفغانستان)، خرج منبه منها إلى فارس أيام كسرى. وغالب الظن أن أصله من اليهود الذين استقروا في خراسان. ومن البديهي أن يخفي ذلك ولا يُبديه. فإن المجوس لم يكن عندهم أي علم بكتب اليهود ولم تكن التوراة مترجمة للعربية ولا للفارسية، لا سيما مع زعم وهب أنه اطلع على كتب كثيرة غير التوراة، فلا شك بإلمامه بالعبرية. يقول رشيد رضا عن وهب وكعب: «إنهما كانا كثيرا الرواية للغرائب التي لا يُعرف لها أصل معقول ولا منقول. وإن قومهما كانوا يكيدون للأمة الإسلامية العربية: فقاتِلُ الخليفة الثاني فارسي مُرسَل من جمعية سرية لقومه، وقتلة الخليفة الثالث كانوا مفتونين بدسائس عبد الله بن سبأ اليهودي. وإلى جمعية السبئيين وجمعيات الفرس ترجع جميع الفتن السياسية وأكاذيب الرواية في الصدر الأول».
يروي عنه التفسير عدة من أقاربه:
- إسماعيل بن عبد الكريم (ثقة) عن عمه عبد الصمد بن معقل بن منبه (ثقة) عن عمه وهب بن منبه.
- عبد المنعم بن إدريس بن سنان اليماني (كذاب يضع الحديث)، عن أبيه (ضعيف) عن جده وهب بن منبه.
- سلمة بن الفضل (ثقة عن ابن إسحاق، ليّن عن غيره)، عن محمد بن إسحاق (جيد)، عن مجهول، عن وهب بن منبه. وقد أكثر الطبري من هذا الطريق من طريق شيخه ابن حميد (كذاب).


قُضي أمر الحديث الثاني يا حبيب ...


يتبع ..