- قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (15/148- 150): يوسف عليه الصلاة والسلام لم يذكر اللَّه تعالى عنه في القرآن أنه فعل مع المرأة ما يتوب منه، أو يستغفر منه أصلاً، وقد اتفق الناس على أنه لم تقع منه الفاحشة، ولكن بعض الناس يذكر أنه وقع منه بعض مقدماتها، مثل ما يذكرون أنه حل السراويل وقعد منها مقعد الخاتن ونحو هذا، وما ينقلونه في ذلك ليس هو عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا مستند لهم فيه إلا النقل عن بعض أهل الكتاب، وقد عرف كلام اليهود في الأنبياء وغضهم منهم، كما قالوا في سليمان ما قالوا، وفي داود ما قالوا، فلو لم يكن معنا ما يرد نقلهم لم نصدقهم فيما لم نعلم صدقهم فيه، فكيف نصدقهم فيما قد دل القرآن على خلافه، والقرآن قد أخبر عن يوسف من الاستعصام والتقوى والصبر في هذه القضية ما لم يذكر عن أحد نظيره، فلو كان يوسف عليه السلام قد أذنب لكان إما مصرًا وإما تائبًا، والإصرار ممتنع، فتعين أن يكون تائبًا، والله لم يذكر عنه توبة في هذا ولا استغفارًا كما ذكر عن غيره من الأنبياء، فدل ذلك على أن ما فعله يوسف كان من الحسنات المبرورة والمساعي المشكورة، كما أخبر اللَّه عنه بقوله تعالى: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
وإذا كان الأمر في يوسف كذلك: كان ما ذكر من قوله: إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إنما يناسب حال امرأة العزيز، لا يناسب حال يوسف، فإضافة الذنوب إلى يوسف في هذه القضية فرية على الكتاب والرسول، وفيه تحريف للكلم عن مواضعه، وفيه الاغتياب لنبي كريم، وقول الباطل فيه بلا دليل، ونسبته إلى ما نزهه اللَّه منه، وغير مستبعد أن يكون أصل هذا من اليهود أهل البهت الذين كانوا يرمون موسى بما برأه اللَّه منه، فكيف بغيره من الأنبياء ؟ وقد تلقى نقلهم من أحسن به الظن وجعل تفسير القرآن تابعًا لهذا الاعتقاد. اهـ.


2- قال الإمام ابن القيم في «تفسيره» (ص316): قول اللَّه تعالى ذكره: وما أبرئ نفسي [يوسف: 53]، فإن قيل: فكيف قال وقت ظهور براءته: وما أبرئ نفسي؟
قيل: هذا قد قاله جماعة من المفسرين، وخالفهم في ذلك آخرون أجل منهم، وقالوا: إن هذا من قول امرأة العزيز، لا من قول يوسف عليه السلام.


بقي أن نضع بعض النقاط



1 * "وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " الآية 22

وهي الآية التي تسبق الآية " وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا " وقد آتاه الله النبوة وكذلك نجزي المحسنين دليلٌ على أنه كان محسن عاملاً بطاعة الله

2* " وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ " الآية 23

بعد النبوة جاء أمر المراودة وموقف إمرأة العزيز الواضح برغبتها في ذلك وهي تقول " هَيْتَ لَكَ " بعد ان غلقت الأبواب

فأجاب يوسف عليه السلام " قَالَ مَعَاذَ اللّهِ " وهذا دليل على رفضه الفاحشة

3* " وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ " الآية 24
فلولا أن رأى يوسف برهان ربه لهم بها وفي هذا دلالتين

الأولى أن يوسف عليه السلام رجل لا نقص فيه ولا عيب كامل الرجولة وما منعه عن أن يهم بغمرأة العزيز مانع طبيعي وإنما منعه مانع إلاهي .

الثانية هي إثبات العصمة التي تتكلم عنها وتحاول أن تنفيها ويشاء الله ان تكون الآية نفسها دليل العصمة وهي ان يُريَ الله البرهان ليوسف كي لا يهم بامرأة العزيز وجاءت الدلالة مقترنة بالامتناع ف    " كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء " فمن الذي يُصرف؟ .. الله أكبر


4* وفي نفس الآية يقول تعالى " إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ " 24
شهادة له من الله

5* جاء في قول يوسف عليه السلام " قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي " 26

وقالت امرأة العزيز " وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ " 32

وقالت النسوة " قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ " 51

وأكدت ذلك إمرأة العزيز في نفس الآية فقالت " أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ " 51

لمن الصادقين في ماذا ؟

في قوله الذي بدأنا " قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي " 26

6* في قول يوسف " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ " 33
أكبر دليل على رفضه فعل الفاحشة وقد عصمه الله منها فاستجاب له فقال" فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "34


وبعد هذا كله من يقول بأن يوسف عليه السلام قد أذنب ؟!!