[justify] [/justify][justify][/justify][justify]
<FONT size=5><FONT face="Traditional Arabic">أيها (al kharek), قد تستطيع أن تخدع القارئ للوهلة الأولى بهذه الكلمات: (لن أهينك بعد في أي حوار؛ فأخلاقي كمسيحي أرقى من ذلك؛ لأن قيمتي في المسيح أعلى)؛ ذلك أنَّك تظهر للقارئ أنَّني أنزلت بك كيلاً من الشتائم, وأنت أرقى من أن تنزل لمستوى الشتنائم, وأرجو من الله أن تكون كذلك.
ولكن اعلم أنَّ كلامك كبرود حبر يتلألأ فيها البصر، فكلما أعيد فيها النظر نقص البصر؛ أي ينبهر به القارئ في أول الأمر, فإذا ما تأمَّله وجده ضعيفًا متناقضًا لا يحمل في طياته صدق القول, ولا حسن الملحظ. فأنت تعلق على قولي: (لأنَّني لم أردَّ عليك بعدُ يا هذا) بقولك: (أولا, شكرًا علي هذا الأسلوب في مناداتي, فأنا لا شيء, بل إن قوتي في المسيح, وقيمتي في المسيح), وتناسيت أنَّك قلت لي في المداخلة رقم (17) ما يلي: (نحن في انتظار الرد من المدعو _الداعي_), فلماذا تستخف بعقلك؟! لعمري إنَّ أسلوبك أشدُّ وأنكى!!
ثمَّ نأتي لما يظهر ضعف حجَّتك, ووهن قولك عندما علَّقت على قولي: (وهنا ظهر جهلك الحالك بأساليب اللغة العربية من حيث الأمر والنَّهي) بقولك: (شكرا لك علي منادتي بالجاهل, فهذا من كرم اخلاقك...فسبك لي لن ينفي هذا). وهنا_ أيها القارئ _انظر إلى أسلوب المناظر الذي يحاول فيه أن يلبس الحق بالباطل, وكيف يتهمني بسبه وشتمه زورًا وبهتانًا؛ فهو يعتبرني أنَّني ناديته بالجاهل, والحقيقة أنَّني لم أنادِه, بل قلت: (وهنا يظهر جهلك الحالك بأساليب اللغة العربية), فأنا أصف قلَّة علمه بأساليب اللغة العربية بناءً على استنتاجاته التي تنبئنا عن مدى جهله اللعين باللغة العربية, وهذا ليس مناداةً له بالجاهل, وليس وصفًا له بالجاهل, ولا سبًّا له, بل هو إخبار عن علمه الضئيل المضمحل بأساليب اللغة العربية, وهو نفسه قال لي: (اللغة العربانية ليست لغتي), وبما أنَّ اللغة العربانية ليست لغته, ولم يتعلمها بحقٍّ فهو جاهل بها, وهذا ليس شتمًا له ولا سبًّا, بل انظر_ أيها القارئ _كيف فهم من قولي سابق الذكر أنَّني ناديته مع أنَّني لم أناده, وهذا خير دليل على جهله في أساليب اللغة العربية, فهو لم يستطع أن يميز النداء من الخبر, فاعتبر الخبر نداءً, وهل هناك شيء أدلُّ على صدق وصفنا لكلامه ممَّا وقع فيه من عدم التمييز بين الخبر والنداء؟ فأنا لم أقل له: (يا جاهل), ولم أقل له: (أيها الجاهل), فكيف ناديته بالجاهل؟! ثمَّ إنني إذا قلت: أنا معلوماتي قليلة باللغة الإنجليزية, فأنا جاهل بأساليب الإنجليز في كلامهم, فهل أنا أشتم نفسي, قطعًا لا.
وعليه, نطلب ممن يصف نفسه أنه كريم الخلق أن يكون كذلك قولاً وفعلاً, فهو لما اعتبرني قد ناديته بالجاهل قد كذب عليَّ, وألبس الحقَّ بالباطل, وقد أنكر الله Y عليهم هذا الأسلوب النكد, فقال: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾, (آل عمران: 71). وقد أنكر عليهم أن يأمروا الناس بالخير من دون أنفسهم, فقال: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾, (البقرة: 44). وقال المتوكل الليثي:


لا تَنْهَ عن خُلُقِ وتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عارٌ عليكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ


فحن نطلب منك أن تأمر بالتزام الأخلاق وأن تلتزمها, وإلا فقلمك سوف يفضحك بسقطات لسانك التي نثرتها هنا وهناك.
ولنأت الآن إلى ما حسبت نفسك به أنك أتيت بشيء, وهو لا شيء, بل قذفت بنفسك في الضلال المبين فيما سطرت, وبيان هذا ما يلي:
قولك:
اي في المعاجم الرجز له معاني كثيره لكن في تلك الايه يقصد به شئ معين الا وهو (الشرك و عباده الاوثان) ..هذا بالنسبه للمعاجم العربيه و المقصود بالرجز في تلك الايه و ليس علي عموم الكلمه.
الجواب:
لقد قلت لك: أقصى ما جاءت به التفاسير والمعاجم هو تفسير لفظ (الرجز) بما يلي: (الأوثان, والمأثم, والإثم, وصنما إصاف ونائلة, والعذاب, والذنب, وعبادة الأوثان, والشرك, الشيطان ووسوسته, والقذر). وقصدت من هذا القول أنَّه لم يقل أحد من المفسرين أنَّ النبي_ صلى الله عليه وسلم _كان يعبد الأصنام وأمره الله بتركها, بل اكتفوا بتفسير لفظ الرجز بما سبق, وكانت كتاباتهم في وقت يكفي به تفسير الألفاظ, وهم يفهمون ما هو المقصود من الآية, فهل قال أحد من المفسرين إن النبي كان يعبد الأوثان, وأمره الله بتركها؟ لم يقل أحد ذلك, ولكنَّهم فسروا لفظ الرجز بعبادة الأوثان, ولم يفهموا من الآية أن النبي كان يعبد الأوثان, بل هذا فهمك الخاص جدًّا, فأين قال مجاهد أن النبي كان يعبد الأصنام؟ وأين قال ابن عباس ذلك؟ لن تجد منهم إلا تفسير لفظ الرجز, ولم يقل أحد منهم أن النبي كان عابدًا للأوثان. فلا تفترِ على الصحابة أنهم قالوا إن نبيهم كان يعبد الأوثان, بل هذا فهم خاصٌّ بك, ونحن_ من جهتنا _لا نثق بفهمِ مَنْ قال عن نفسه: (اللغة العربانية ليست لغتي).
نعم, هكذا كان تفسيرهم, كان يكتفي الواحد فيهم من ذكر معنى اللفظ, والباقون من جهتهم يفهمون معنى السياق الدلالي, أي يفهمون المراد من الآية من دون أدنى لَبْسٍ, ولمَّا شعر ابن كثير في عهده بعد كثرة دخول العجم في الإسلام, وضعف السليقة العربية, لما شعر ابن كثير بذلك كان يزيد على تفسير اللفظ ما يلزم, فلمَّا شعر ابن كثير أنَّ الاكتفاء بتفسير لفظ (الرجز) بـ(عبادة الأوثان) قد يوهم بعضَ العجم ومَنْ ضَعُفَتْ سَلائقُهم في فهم السياق الدِّلالي أنَّ النبي محمدًا_ صلى الله عليه وسلم _كان عابدًا للأوثان قبل البعثة, لما شعر ابن كثير بحصول هذا التوهم قال بعد سرد تفسير الرجز بأنَّها الأوثان أو الأصنام أو المعصية:" وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك". أي مهما كان تفسير الرجز, فليس بالضرورة أن يكون قائمًا بما نهاه الله عنه, وما قال هذا القول إلا دفعًا للتوهم الذي قد يقع به العجم وضعاف اللغة العربية ممن اختلط بالعجم. ولم يكتف ابن كثير بقوله, بل ضرب شاهدًا لغويًّا على وجود هذا الأسلوب في اللغة العربية, فقال:" كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾. وقوله: ﴿وَقَالَ مُوسَى لأخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ".
أراد المناظر (al kharek) أن يدحض قول ابن كثير, فقال: (الرد ببساطه: اذا قلت لك يا الداعي لا تدخل اصبعك في مفتاح الكهرباء, فهل يعني ذلك انك ادخلت اصبعك؟؟؟ اما اذا قلت لك زوجتك فأهجر...فماذا يعني هذا ... سوف اترك الحكم للقارئ), وجيد أنَّه قال:" سوف اترك الحكم للقارئ".
أيها القارئ, انظر مَنْ يردُّ على عالم من أجلِّ علماء التفسير واللغة العربية, يردُّ عليه من يقول عن نفسه: (اللغة العربانية ليست لغتي), ولا أدري كيف تجرَّأ على مناقشة أمر لا يفهمه؟!! ففاقد الشيء لا يعطيه, والأدهى من ذلك والأمرُّ أنَّه لم يستشهد على صحة قوله بقول أيِّ عالم لغوي, فيا حسرة على قلوب قد مسَّها العمى؛ فأصبحت كالكوز مجخيًا!!
إنَّنا حتى نفكِّر في مناقشة قوله عليه أن يقول: قال الخليل كذا, وقال سيبويه كذا, وقال الكسائي كذا, وقال الأخفش كذا, وقال الفراء كذا, وقال ابن جني كذا, وقال الجرجاني كذا, وقال الباقلاني كذا. نعم, هذا علم يؤخذ من أهله, وليس من شخص رسائله في المنتدى زاخرة بالأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية, ووافرة بذلك.
ومع هذا, فلا مانع من إيراد ثغرات جوابه للقارئ الكريم. لقد لجأ المناظر إلى النهي المسبوق بـ(لا), وفي الآيتين جاء النهي بـ(لا): الأولى: ﴿وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ, والثانية: ﴿وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ. ولكنه غفل أو تغافل أنَّ الآية بدأت بالأمر وليس بالنهي, ففي الأولى: ﴿اتَّقِ اللَّهَ, وفي الثانية: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ. وإزاء هذه المناقشة لرده نقول:
1. الدرس الثاني من دروس اللغة العربية في هذه المناظرة هو نوع الأمر؛ فالأمر نوعان: سلبي وإيجابي.
2. الأمر السلبي: هو الأمر الذي ينهاك عن فعل, نحو: دَعْ, انتهِ, اتركْ, اهجر. وحتى يصبح الفعل إيجابيًّا يسبق بـ(لا), فتقول: لا تدع, لا تنته, لا تترك, لا تهجر.
3. الأمر الإيجابي: هو الأمر الذي يطالبك بفعل, نحو: اقتل, ذق, اعبد, اسخر. وحتى يصبح سلبيًّا يسبق بـ(لا), فتقول: لا تقتل, لا تذق, لا تعبد, لا تسخر.
4. الفعل (اهجر) فعل سلبي؛ لأنها ينهى عن فعل, وعبارة: (والرجز فاهجر) تساوي: (ولا تعبد الأوثان).
5. على فهم المناظر, عندما قال الله لنبيه: (اتق الله), فالنبي ليس متقيا لله, وإذا قال موسى لهارون: (وأصلح), فهارون كان يفسد, وهذا هو الخطل بعينه, فهل قال مفسر بهذا؟ أو قال لغويٌّ بهذا؟ قطعًا لا.
6. مثال المناظر: (اذا قلت لك يا الداعي لا تدخل اصبعك في مفتاح الكهرباء, فهل يعني ذلك انك ادخلت اصبعك). ممكن نعم, وممكن لا؛ فقد يكون مفتاح الكهرباء لا تصله الكهرباء؛ لأنَّ التيار منفصل؛ فأضع يدي فيه؛ لألعب, فتقول لي أمي: لا تدخل اصبعك في مفتاح الكهرباء, وأنا أفهم من قولها أنَّها تنهاني عن اللعب بمفتاح الكهرباء؛ لئلا يرجع التيار الكهربائي فجأة فأتضرر.
7. مثال آخر, قد تقول لي أمي: يا بني, عن السهر فابتعد, وأكلَ الحلويات فاهجر. فقولها لي: (وأكلَ الحلويات فاهجر) يفهم منه أمران: فهي إمَّا تنهاني عن أكل الحلويات؛ لأنِّي أأكلها, وإمَّا تنصحني بأمر قبل أن أقع فيه.
8. نكمل مثالك: (اما اذا قلت لك زوجتك فأهجر...فماذا يعني هذا). سأقول لك ماذا يعني. لو تزوج رجل, وقبل أن يضاجع زوجه أهانته ليلة زفافه, فقال له أهله: اهجر امرأتك؛ لأنَّها أهانتك, وهو لم يجامعها بعد, فهل هذا يعني أنَّه كان يجامعها؟ قطعًا لا. أنا لا أختلف معك على معنى الهجر, ولكن أختلف معك بأمور هي من أساليب التعبير في اللغة العربية, فلا يشترط أن تقول لشخص اهجر كذا أن يكون فاعلاً له.
9. وحتى يطمئنَّ القارئ أورد له بعضًا من المسائل التي تعبر عن هذا الأسلوب في كلام العرب. مع العلم أنَّ هذا الأسلوب لا يوجد في أي لغة غير لغة العرب, وهذا يدفعنا إلى التريث, وعدم الظن بالمناظر الظنون؛ لأنَّ هذا الأسلوب في التعبير لا يوجد في أي لغة من لغات العالم غير اللغة العربية, والظاهر أن لغة المناظر هي اللغة القبطية, واللغة القبطية هي خالية من هذا الأسلوب في التعبير. وللاستزادة على القارئ أن يرجع إلى ثلاثة مراجع رئيسة في هذا المضمار, وهي: المزهر في علوم اللغة لأبي بكر السيوطي, وفقه اللغة للصاحبي, والكليات لأبي البقاء. ولنضرب أمثلة على هذا الأسلوب:
· قال الهُذليُّ : (أطَعتُ العِرْسَ في الشَّهواتِ حتى ... أعادَتْني أَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ), وهو لم يكن قبل أسيفاً حتى يعود إلى تلك الحال. والجاهل بأساليب اللغة العربية يقول: كيف يعود أسيفًا وهو لم يكن كذلك؟! إذن كان أسيفًا.
· يقولون: عادَ فلانٌ شيخاً, وهو لم يكن شيخاً قط. والجاهل بأساليب اللغة العربية يقول: لو لم يكن شيخًا, لما عاد شيخًا, كيف يقول عاد وهو لم يكن كذلك؟!
· يقول الله حكاية على لسان شعيب: ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ﴾, (الأعراف: 89).
·وشعيب لم يكن في ملتهم قط. والجاهل بأساليب اللغة العربية يقول: لو لم يكن شعيب في ملتهم لما قال إن عدنا!!
· يقول الله واصفًا حال الكفر وأهله: ﴿يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾, (البقرة: 257). والكفار لم يكونوا في نور حتى يخرجوا منه. والجاهل بأساليب اللغة العربية يقول: لو لم يكونوا في نور لما قال يخرجونهم.
وأنا أكتفي بهذه الأمثلة اليسيرة من لغة العرب, وهذه الأمثلة تجدها_ أيها القارئ _تحت مبحث: (بابُ نظم للعرب لا يقولُه غيرهم). ومن هذه الأساليب قوله: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, وهو لم يكن يومًا عابدًا للأوثان حتى يهجرها. والجاهل بأساليب اللغة العربية يقول: لو لم يكن عابدًا للأوثان, لما قال له اهجرها.
إنَّ في هذه الأمثلة مسلكَ هدايةٍ لمن يروم طريقها, ولكنَّ أهل الكبر والعناد قد قال الله عنهم: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾. فالنزيه ذو اللب يتراجع عن فهمه المعوج, واستدلاله الأعراج بآية المدثر من أن النبي كان عابدًا للأوثان, ولكن من عمي قلبه حاله: (عنزة ولو طارت). فإنا لله, وإنا إليه راجعون. ولا حول ولا قوة إلا بالله, والحمد لله ربِّ العالمين.
وللنتقل الآن إلى مناقشة رأي الرازي. لقد كان الحديث على أنَّ الآية لا توجب بالضرورة أن يكون النبي_ صلى الله عليه وسلم _عابدًا للأوثان, وهذا الأمر قد أجاب عنه الرازي في المسألة الثانية من المسائل التي تخصُّ الآية, ونحن إنَّما نستدلُّ بالجزء الذي يعنينا, وهو هنا الحديث عن أنَّ الآية لا تفيد بالضرورة أنَّ النبي عبد الأوثان قبل البعثة, أو تودد إليها كما يزعم الأفَّاكون, وهذا الحديث موجود في المسألة الثانية, ولكنَّ المناظر قد قال لي عندما اقتصرت على الجزء الذي يلزم حديثنا قال لي: (أَخْذُ مسألةٍ دون الباقي لا يعبر عن أمانة علمية, بل يعبر عن تضليل لنفسك ولغيرك). ولا يدري المناظر أنَّ الجمع بين المسألتين سيكون قاصمة ظهر له, وسينسف رأيه نسفًا. ولأنِّي حريص على الأخذ بيديه للخير, فإنِّي سأحاول إزالة الصمم من أذنه, والغشاوة عن عينه, والران عن قلبه, والله الموفق. قال الرازي:
﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾, (المدثر: 5). فيه مسائل:
المسألة الأولى: ذكروا في الرجز وجوهاً,
· الأول: قال العتبي: الرجز العذاب, قال الله تعالى: ﴿لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرجز﴾, [الأعراف: 134], أي العذاب. ثم سمي كيد الشيطان رجزاً لأنه سبب للعذاب، وسميت الأصنام رجزاً لهذا المعنى أيضاً، فعلى هذا القول تكون الآية دالة على وجوب الاحتراز عن كل المعاصي، ثم على هذا القول احتمالان, أحدهما: أن قوله: ﴿والرجز فاهجر﴾ يعني كل ما يؤدي إلى الرجز فاهجره، والتقدير وذا الزجر فاهجر, أي ذا العذاب فيكون المضاف محذوفاً. والثاني: أنه سمي إلى ما يؤدي إلى العذاب عذاباً تسمية للشيء، باسم ما يجاوره ويتصل به.
· القول الثاني: أن الرجز اسم للقبيح المستقذر, وهو معنى الرجس، فقوله : ﴿والرجز فاهجر﴾ كلام جامع في مكارم الأخلاق, كأنه قيل له: اهجر الجفاء والسفه وكل شيء قبيح، ولا تتخلق بأخلاق هؤلاء المشركين المستعملين للرجز، وهذا يشاكل تأويل من فسر قوله : ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ﴾, [المدثر: 4] على تحسين الخلق وتطهير النفس عن المعاصي والقبائح.
المسألة الثانية: احتج من جوز المعاصي على الأنبياء بهذه الآية، قال: لولا أنه كان مشتغلاً بها وإلا لما زجر عنها بقوله: ﴿والرجز فاهجر﴾, والجواب: المراد منه الأمر بالمداومة على ذلك الهجران، كما أن المسلم إذا قال: اهدنا فليس معناه أنا لسنا على الهداية فاهدنا، بل المراد ثبتنا على هذه الهداية، فكذا ههنا.
أرأيت_ أيها القارئ _كيف أن المناظر وقع في واحدة من اثنتين: فإمَّا أنَّه لم يستطع أن يفهم المسألتين فاعتبرني مضللاً لنفسي وللقارئ, وإمَّا أنَّه أراد أن يلصق للرازي ما لم يقله إذا اعتبر المسألة الأولى تقرُّ أن النبي عابدًا للأوثان, أو مقترفًا للآثام. وأحلاهما مرٌّ.
أيها القارئ, الرازي بحث في المسألة الأولى معنى الرجز, وهذا ما فعله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم, فهم يفسرون معنى الرجز, ولا يعتبرون نبيهم عابدًا للأوثان لأنهم فسروا معنى الرجز بعبادة الأوثان أو الشرك أو الآثام, ثمَّ الرازي نفسه قد ردَّ هذا الفهم السقيم من الآية في المسألة الثانية, فقال: (احتج من جوز المعاصي على الأنبياء بهذه الآية), والمناظر نلحقه بالفئة التي تحدث عنها الرازي, وهم في الأغلب العجم وضعاف اللغة العربية, فهل وافقهم الرازي على فهم هذا؟ لا؛ لأنَّ الرازي دحض فهمهم السقيم للآية بقوله: (والجواب: المراد منه الأمر بالمداومة على ذلك الهجران), ثمَّ مثل لهم بتعبير من تعابير العرب, فقال: (كما أن المسلم إذا قال: اهدنا فليس معناه أنا لسنا على الهداية فاهدنا، بل المراد ثبتنا على هذه الهداية، فكذا ههنا).
أرأيت_ أيها القارئ _كيف أنَّ الرازي الذي فسر الرجز بما فسره السابقون كابن عباس ومجاهد ومع ذلك نفى أن تكون الآية دليلاً على أن النبي كان عابدًا للأوثان. ولا أدرى أين هو تجافي استدلالي مع الأمانة العلمية بالنقل؟!! وهذا ردٌّ على (al kharek) ليس من الداعي, بل من الرازي, ولا تعقيب على مفسر ذي باع في اللغة والتفسير. وهذه دعوة للمناظر إلى فهم أقوال المفسرين قبل أن يأتي لنا بما يقسم ظهره هو, ويؤيد رأينا من حيث لا يشعر. والحمد لله ربِّ العالمين.
ثمَّ نعلق على قول المناظر بعدما سقنا له طائفة من التفاسير, إذ قال لنا: (كل تلك التفاسير لا تلزمني في شئ ..فهي مجرد رد علي ما يثار من شبهات و من الكتب التراثيه و اقوال الصحابه المقربين لنبي الاسلام في زمنه ..فجاءوا بتفاسير من عقلهم ليردوا علي الشبهات..لكن الاصل موجود و هي امهات الكتب و التي بها الكلام الصحيح).
لمَّا رأى المناظر أنَّ هذه التفاسير تنسف له رأيه الذي هو أوهى من بيت العنكبوت قال بكل صلف: (كل تلك التفاسير لا تلزمني في شئ), نعم, فأنت لا تريد أن تخرج من الظلمات إلى النور؛ لأنَّ عينيك لم تعد تحتمل أشعة النور؛ لأنَّك مكثت دهرًا طويلاً وأبدًا بعيدا في التيه والضلال, ونور الحقِّ الذي يصدع ويبرق سبب لعينيك ألمًا, وقولك: (لكن الاصل موجود و هي امهات الكتب و التي بها الكلام الصحيح) هو قول حقٍّ أردت به باطلاً, فكأنَّ هذه الكتب العظيمة تصرح برأيك وتشي به, وتناسيت أنَّ رأيك هو رأيٌ خاصٌّ جدًّا بك, ولو كنت منصفًا, لتأملت قول ابن عجيبة في البحر المديد: (﴿والرُّجزَ فاهجرْ﴾, أي: دم على هجرانها، قاله الزهري وغيره). أرأيت_ أيها المناظر _كيف أنَّ هذا رأي قاله الزهري الذي عاش مع مجاهد وعكرمة, وقاله غيره كذلك, على أنَّ مجاهد وعكرمة لم يقولا برأيك, وإنما هم فسَّرا لفظ (الرجز), وأنت أخذت تبني استنتاجات على مقدمات وضعتها هي أوهى من بيت العنكبوت, والرازي قد أتى مقدماتك التي بنيت عليها رأيك من قواعدها فخرَّت عليك تلك المقدمات, ونسفها الرازي لك نسفًا, فهي قاع صفصف.
ونلحق بهذه المباحث اللغوية الخطل الذي وقع فيه المناظر عندما قال: (عربي مبين و به كلمات غير مفهومه و كلمات اعجميه ..عجبي علي هذا العربي المبين), فالله يقول: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾, أي بلسان عربي خالصٍ, أي لا يوجد في القرآن أي شيء لم يستخدمه العرب لا من حيث الأساليب ولا من حيث المعاني, أمَّا المعاني ذات الدلالات المتعددة فهي من لغة العرب, وأمَّا الألفاظ المعربة فقد استخدمتها العرب, قال امرؤ القيس:


مهَفْهَفَةٌ بَـيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ...تَرَائِبُهَا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ


فلفظ (السجنجل) هو لفظ رومي معرب يعني المرآة. إذن, لا يوجد أي شيء في القرآن ليس من كلام العرب وأساليبهم, وهذا هو معنى الآية, فانتبه واحذر, ولا تتعثر. ولا تفسر من دون توثيق كلامك. وبالنسبة لتعليقك على قولي: (هذا هو درسي الأول لك في أساليب التعبير في اللغة العربية) لم أستغربه؛ وقد قلت لك من قبل: (لكنَّك لن تنتفع منه إن كنت رافضًا للحق), وعدم انتفاعك لا يضيرني في شيء.
وننتقل الآن إلى حديث المناظر عن سبب نزول قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾, (الحج: 52). وهنا لا بدَّ من حقائق نرصفها رصفًا:
1. سبب نزول أي آية يخضع لعلم الحديث من حيث سنده ومتنه, وهنا سنقصر حديثنا على سند سبب نزول هذه الآية.
2. يقول ابن المبارك:" الإسناد من الدين. ولولا الإسناد, لقال من شاء ما شاء". وقال ابن حزم:" نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي_ صلى الله عليه وسلم _مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل". وتاريخ الرجال هو الذي أماط اللثام عن الرواة الكذابين, قال سفيان الثوري:" لما استعمل الرواة الكذب, استعملنا لهم التاريخ". وهنا سوف نخضع سند سبب النزول حتى نعالجه بعلم الحديث.
3. قال ابن كثير عن هذه الروايات, روايات الغرانيق:" وقد ذكرها محمد بن إسحاق في السيرة بنحو من هذا، وكلها مرسلات ومنقطعات، فالله أعلم.". فالحمد لله أن أبطل هذا الخطل. وكلام القاضي عياض في الشفاء (2/107)، قال رحمه الله: "فاعلم، أكرمك الله أن لنا في الكلام على مشكل هذا الحديث مأخذين: أحدهما: في توهين أصله. والثانى: على تسليمه. أما المأخذ الأول: فيكفيك أن هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل.. وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم. وصدق القاضي بكر بن العلاء المالكي حيث قال: لقد بلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير، وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، واختلاف كلماته، فقائل يقول: إنه فى الصلاة، وآخر يقول: قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة، وآخر يقول: قالها وقد أصابته سنة، وآخر بقول: بل حدث نفسه فسها، وآخر يقول: إن الشيطان قالها على لسانه وإن النبي_ صلى الله عليه وسلم _لما عرضها على جبريل قال: ما هكذا أقرأتك، وآخر يقول: بل أعلمهم الشيطان أن النبي- صلى الله عليه وسلم -قرأها فلما بلغ النبي_ صلى الله عليه وسلم _ذلك قال: "والله ما هكذا أنزلت". إلى غير ذلك من اختلاف الرواة. ومن حكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين والتابعين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية. وممن أنكرها الإمام ابن خزيمة وقال: "هذا من وضع الزنادقة" وهذا هو الصواب. للاستزادة, انظر: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ص-314 لمحمد أبي شهبة، ونصب المجانيق لإبطال قصة الغرانيق لمحمد ناصر الدين الألباني.
4. وبهذا, ما جئت به لا محلَّ له من الإعراب, ولا يطلبني إلى وقفة أطول. فالحمد لله أن هيَّأ للإسلام من يصون له أصوله وفروعه, ويدفع عنه انتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين, وتحريف الغالين.
5. تعودنا من بعض الجهلة أن يقول لنا: هذه روايات موجودة في كتب تفسيركم, بل في أمهاتها, ونحن نقول لهم: إن كتب التفاسير ذكرت أسانيد هذه الروايات, وكتب الأحاديث ذكرت أسانيد هذه الروايات, وبذلك يقولون لنا لا تأخذوا هذه الروايات من دون أن تثبت صحة سندها, فالحمد لله على هذه النعمة.
وقبل الانتقال إلى نقطة أخرى لا بدَّ من التنويه لأمر جلل أتاه المناظر, فهو حاول أن يلبس على القارئ ذكر السجود في الرواية؛ كأنَّ النبي والصحابة والمشركين سجدوا للأوثان, وهذا لعمري لهو الخطل, وقد وضع به ضغثًا على إبالة؛ ذلك أن السجود الذي حصل هو ليس للأصنام كما أراد إيهامنا المناظر, بل هو سجود استجابة لآخر آية في السورة, ألا وهي: ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾, (62). وهذه آية من ست عشرة آية فيه سجود في القرآن الكريم, والسجود لله وحده, وليس للأصنام والأوثان كما أراد إيهامنا المناظر.
وعليه, لم يأت لنا المناظر بأية رواية تثبت أن النبي سجد يومًا لصنم. فهل تملك؟! نوال الرواية دونه خرط القتاد, فاحفظ على نفسك وقتها, ولا تحاول أن تركض وراء السراب, فالحقيقة التي تأبى أن تنطمس تنبئنا أن النبي_ صلى الله عليه وسلم _لم يسجد قبل البعثة لأي وثن, ولو حدث هذا لما نال من عصمته شيئًا؛ لأنَّه قبل النبوة. فالحمد لله رب العالمين.
وننتقل إلى جوابك على سؤالي الذي هو: (إذا كان القرآن من عند محمد, فلماذا يفضح نفسه, ويقول للناس أنا كنت أعبد الأوثان؟), وجوابك: (ان نبي الاسلام كان يعيش وسطهم و يرونه و يتعاملون معه ..فكان يتقرب للاوثان وهو شئ كان يحدث أمامهم ..فاذا كذب وقال لا يتقرب الي الاوثان فكان فكانوا سيفتضح كذبه ..لكن في جميع الايات نري انه كان ضالا فوجد ..كانت له ذنوب اثقلت ظهره.. الخ .فهو اجاب بالحقيقه لانهم يعرفون الحقيقه فلماذا ينفيها عن قريش؟؟؟), ولنناقش هذا الجواب:
1. جيد أنك قلت: (سؤال يبدو انه معقول).
2. هو لم يسأل عن حاله قبل البعثة فأجاب عن السؤال بالحقيقة التي تزعمها, بل الآيات هي التي بادرت هذا الأمر.
3. هو نفسه كان يقول أمام قريش:" لما نشأت بُغِّضت إلي الأوثان وبُغِّض إلي الشعر، ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين, كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد، حتى ما هممت بسوء بعدهما حتى أكرمني الله برسالته", فلماذا لم يخف أن ينفضح كذبه؟! وهو نفسه قال:"لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما", فلماذا لم يخف أن ينفضح كذبه؟!
4. إنَّ هذين الحديثين ينسفان جوابك نسفًا؛ ذلك أن القائل هو هو.
5. لو كان القرآن من عند محمد لما ذكر نفسه إلا بخير, أو على الأقل لم يخلد ذكره الوثني في القرآن, وهذا أمر منطقي يدحض جوابك, بل يقتلعه من جذوره.
6. لقد سبق أن قلنا لك: قال القاضي: وأنا أقول إن قريشا قد رمت نبينا_ عليه السلام _بكل ما افترته، وعَيَّرَ كُفَّارُ الأممِ أنبياءها بكلِّ ما أمكنها واختلقته، مما نص الله عليه أو نقلته إلينا الرواة، ولم نجد في شيء من ذلك تعييرًا لواحد منهم برفضه آلهتهم وتقريعه بذمِّهِ بترك ما كان قد جامعهم عليه. ولو كان هذا لكانوا بذلك مبادرين، وبتلونه في معبوده محتجين، ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل أفظع وأقطع في الحجة من توبيخه بنهيهم عن تركه آلهتهم وما كان يعبد آباؤهم من قبل، ففي إطباقهم على الاعراض عنه دليل على أنهم لم يجدوا سبيلا إليه، إذ لو كان لنقل وما سكتوا عنه كما لم يسكتوا عن تحويل القبلة وقالوا: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾, (البقرة: 142). كما حكاه الله عنهم". أي: لو علمت قريش أنَّ محمدًا_ صلى الله عليه وسلم _سحد يومًا لصنم مما كانت تعبد لقالت له: كيف تركت آلهتك التي كنت تعبدها؟! كيف تذم آلهتك التي نشأت على عبادتها؟! وعدم قولهم له ذلك دليل سافر على أنَّه لم يسجد يومًا لصنم, وإلا فقد عايروه بذلك, وهذا الذي لم يثبت.
7. وأقول: لو سحد قبل البعثة لصنم لما نال ذلك من عصمته شيئًا؛ لأن العصمة بعد النبوة.

<FONT size=5>8. <FONT face="Traditional Arabic">أما ما توهمته من الآيتان؛ فوجدك ضالا عن الحق فهداك, أي وجدك غير مدرك الحق وأنت تتعبد في غار حراء, فهداك للحق الذي أنت عليه, وهذه دليل على نبوته, فلو كان القرآن من عنده لما خاطب نفسه بهذا الخطاب. ورفعنا عنك وزرك, قال القرطبي:" <B><FONT color=red>أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية ؛ لأنه كان_ صلى اللّه عليه وسلم _في كثير من مذاهب قومه ، وإن لم يكن عبد صنما و