النتائج 1 إلى 3 من 3
 
  1. #1

    عضو جديد

    من دار الارقم غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1033
    تاريخ التسجيل : 15 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 23
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 0

    رسالى تحكيم القوانيين الوضعية الوضيعة


    بسم الله الرحمنالرحيم


    الحمد لله والصلاة والسلام علىرسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

    قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهالله تعالى في رسالته "تحكيم القوانين":إنّ من الكفر الأكبر المستبين، تنزيلالقانون اللعين، منزلة ما نزل به الروح الأمين، على قلب محمد صلى الله عليه وسلم،ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرّدِّ إليه عندتنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله عزّ وجلّ: {فإنْ تنازعتُم في شيءٍفرُدّوه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُتأويلاً}[النساء:59]. وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عمن لم يُحَكِّموا النبيصلى الله عليه وسلم، فيما شجر بينهم، نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي وبالقسم، قالتعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَبَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَوَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65]. ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيمللرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم،بقوله جل شأنه: {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّاقَضَيْتَ}.والحرج: الضيق. بل لا بدّ من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلقوالاضطراب.

    ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذينالأمرين، حتى يضموا إليهما التسليم: وهو كمال الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم،بحيث يتخلّونها هنا من أي تعلق للنفس بهذا الشيء، ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتمّتسليم، ولهذا أكّد ذلك بالمصدر المؤكّد، وهو قوله جلّ شأنه: {تسليمًا} المبيّن أنهلا يُكتفى هاهنا بالتسليم.. بل لا بدّ من التسليم المطلق وتأمل ما في الآية الأولى،وهي قوله تعالى: {فإنْ تنازعتُم في شيءٍ فرُدّوه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تؤمنونبالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً..} .كيف ذكر النّكِرة، وهي قوله: {شيء} في سياق الشرط، وهو قوله جلّ شأنه: {فإنْ تنازعتم} المفيد العمومَ فيما يُتصوّرالتنازع فيه جنسا وقدرًا .

    ثم تأمل كيف جعل ذلك شرطا فيحصول الإيمان بالله واليوم الآخر، بقوله: {إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} ، ثمقال جل شأنه: {ذلك خيرٌ} . . فشيء يُطلقِ اللهُ عليه أنه خير، لايتطرّق إليه شرّأبدا، .بل هو خير محض عاجلا وآجلاً ثم قال: {وأحسنُ تأويلاً} أي: عاقبةً في الدنياوالآخرة، فيفيد أنّ الردَّ إلى غير الرسول صلى الله عليه وسلم عندالتنازع شرٌّمحضٌ، وأسوأ عاقبة في الدنيا والآخرة. عكس ما يقوله المنافقون:{إنْ أَرَدْنا إلاإحْسانًا وتَوْفيقًا} [النساء:62]. وقولهم: {إنّما نحنُ مُصلِحون} [البقرة:11].

    ولهذا ردّ اللهُ عليهم قائلا: {ألاَ إنّهم هُمُ المُفْسِدونَ ولكن لايَشْعُرون}[البقرة:12].وعكس ما عليهالقانونيون من حكمهم على القانون بحاجةالعالم (بل ضرورتهم) إلى التحاكم إليه، وهذاسوء ظن صِرْفٍ بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحضُ استنقاص لبيان اللهورسوله، والحكم عليه بعدم الكفاية للناس عند التنازع، وسوء العاقبة في الدنياوالآخرة إن هذا لازمٌ لهم.

    وتأمّل أيضا ما في الآيةالثانية من العموم، وذلك في قوله تعالى: {فيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم}،فإنّ اسم الموصولمع صِلته مع صيغ العموم عند الأصوليين وغيرهم، وذلك العمومُ والشمولُ هو من ناحيةالأجناس والأنواع،كما أنه من ناحية القدْر، فلا فرقَ هنا بين نوع ونوع، كما أنّه لافرق بين القليل والكثير، وقد نفى اللهُ الإيمانَ عن مَن أراد التحاكم إلى غير ماجاء به الرسول صلىالله عليه وسلم، من المنافقين، كما رسالى تحكيم القوانيين الوضعية الوضيعة: {أَلمْ تَرَ إلىالذينَ يَزْعُمونَ أنّهم آمنوا بما أُنْزِلَ إليكَ وما أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَيُريدونَ أنْ يتحاكموا إلى الطاغوتِ وقدْ أُمِروا أنْ يكفُروا به ويُريدُالشيطانُأنْ يُضلّهم ضلالا بعيدًا} [النساء:60]
    فإنّ قوله عز وجل: {يَزْعُمونَ} تكذيب لهم فيما ادّعوهمن الإيمان، فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معالإيمان في قلب عبدٍ أصلاً، بل أحدهما ينافي الآخر، والطاغوت مشتق من الطغيان، وهو: مجاوزة الحدّ فكلُّ مَن حَكَمَ بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أوحاكَمَ إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حَكَمَ بالطاغوت وحاكمإليه وذلك أنّه مِن حقِّ كل أحدٍ أن يكون حاكمًا بما جاء به النبي صلى الله عليهوسلم، فقط، لا بخلافه. كما أنّ من حقِّ كل أحدٍ أن يُحاكِمَ إلى ماجاء به النبي صلىالله عليه وسلم.. فمَن حَكَمَ بخلافه أو حاكم إلى خلافه فقد طغى،وجاوز حدّه،حُكْمًا أو تحكيما، فصار بذلك طاغوتا لتجاوزه حده.

    وتأمل قوله عز وجل: {وقدْأُمِروا أنْ يكفُروا به}، تعرف منه معاندة القانونيين، وإرادتهم خلاف مراد اللهمنهم حول هذا الصدد، فالمراد منه مشرعًا والذي تعبّدوا به هو: الكفر بالطاغوت لاتحكيمه.. {فبدَّل الذينَ ظَلموا قولاَ غيرَ الذي قيلَ لهُم..} [البقرة:59]ثم تأملقوله: {ويُريدُ الشيطانُ أنْ يُضلّهُم}كيف دلَّ على أنّ ذلك ضلالٌ، وهؤلاءالقانونيون يرونه من الهدى،كما دلّت الآية على أنّه من إرادة الشيطان، عكس ما يتصورالقانونيون من بُعدهم من الشيطان، وأنّ فيه مصلحة الإنسان، فتكون على زعمهم مراداتالشيطان هي صلاح الإنسان،ومراد الرحمن وما بُعث به سيدُ ولد عدنان معزولا من هذاالوصف، ومُنحىً عن هذا الشأن وقد رسالى تحكيم القوانيين الوضعية الوضيعة منكرا على هذا الضرب من الناس، ومقرراابتغاءهم أحكام الجاهلية، وموضحا أنه لا حُكم أحسن من حُكمه: {أَفَحُكمَالجاهليةِيَبْغونَ ومَنْ أحسنُ مِن اللهِ حُكمًا لِقومٍيُوقِنون}[المائدة:50].فتأمل هذهالآية الكريمة وكيف دلّت على أنّ قِسمة الحكم ثنائية، وأنّه ليس بعد حكم الله تعالىإلاّ حُكم الجاهلية، شاءوا أمْ أبوا، بل هم أسوأ منهم حالاً، وأكذب منهم مقالاً،ذلك أنّ أهل الجاهلية لا تناقُضَ لديهم حول هذا الصدد وأما القانونيون فمتناقضون،حيث يزعمون الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويناقضون ويريدون أنْيتّخذوا بين ذلك سبيلاً، وقد قال الله تعالى في أمثال هؤلاء: {أُولئكَ هُمُالكافرونَ حَقَّاوأَعْتدنا للكافرينَ عذابًا مُهينًا}[النساء:151]، ثم انظر كيفردّت هذه الآية الكريمة على القانونيين ما زعموه من حُسن زبالة أذهانهم، ونحاتةأفكارهم،بقوله عزّ وجلّ:{ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًالِقوْمٍيُوقِنون}.
    قال الحافظابن كثير في تفسير هذه الآية: "ينكر اللهُ على من خرج من حكم الله المُحْكم المشتملعلى كل خير، الناهي عن كل شرّ، وعَدَلَ إلى ماسواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات،التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله،كما كان أهل الجاهلية يحكمون به منالضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتارُ منالسياسات الملكية المأخوذة عن مَلِكهم "جنكيز خان" الذي وضع لهم كتابًا مجموعًا منأحكامٍ قد اقتبسها من شرائع شتى، من اليهودية،والنصرانية، والملة الإسلامية، وغيرهاوفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بَنيهِ شرعا مُتّبعايقدِّمونها على الحكم بكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فهوكافرٌ يجب قتاله حتى يرجعَ إلى حكم الله ورسوله، فلا يُحَكِّم سواه في قليل ولاكثير. رسالى تحكيم القوانيين الوضعية الوضيعة: {أَفَحُكْمَ الجاهليةِ يَبْغون}، أي: يبتغون ويريدون، وعن حكمالله يعدلون{ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يوقِنونَ}، أي: ومن أعدلمن الله في حكمه، لِمَن عَقَل عن الله شرعه وآمن به وأيقن، وعلِم أنّ الله أحكمُالحاكمين، وأرحمُ بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادرعلى كل شيء، العادل في كل شيء". (انتهى قول الحافظ ابن كثير).

    وقد قال عزّ شأنه قبل ذلكمخاطبا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم: {وأَنِ احْكُمْ بَيْنهُم بما أنزل اللهُولا تَتَّبِعْأ هْواءهُم عَمّا جاءَك مِن الحقّ}، ورسالى تحكيم القوانيين الوضعية الوضيعة: {وأنِ احْكُمْبَيْنهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ولا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ واحْذَرْهُم أَنْيَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إليك..} [المائدة:49]،ورسالى تحكيم القوانيين الوضعية الوضيعةمُخيرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، بين الحُكم بين اليهود والإعراض عنهم إنْجاءُوه لذلك: {فَإنْ جاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُم أوْأَعْرِضْ عَنْهُمْ وإنْتَعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وإنْ حَكَمْتَ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْبِالقِسْطِ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ} [المائدة:42]، والقسط هو: العدل ولاعدل حقا إلاّ حُكم الله ورسوله، والحكمبخلافه هو الجور، والظلم، والضلال، والكفر،والفسوق، ولهذا رسالى تحكيم القوانيين الوضعية الوضيعة بعد ذلك: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُفَأُولئِكَ هُمُالكافِرون} [المائدة:44]، {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَاأَنْزَلَ اللهُفَأُولئِكَ هُمُ الظالِمُون} [المائدة:45]، {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْبِمَا أَنْزَلَاللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقون} [المائدة:47].

    فانظر كيف سجّل تعالى علىالحاكمين بغير ما أنزل الله الكفرَ والظلمَ والفسوقَ، ومِن الممتنع أنْ يُسمِّياللهُ سبحانه الحاكمَ بغير ماأنزل اللهُ كافرًا ولا يكون كافرًا، بل كافرٌ مطلقًا،إمّا كفر عمل وإما كفراعتقاد، وما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في تفسير هذهالآية من رواية طاووس وغيره يدلُّ أنّ الحاكم بغير ما أنزل اللهُ كافرٌ إمّا كفرُاعتقادٍ ناقلٌ عنالملّة، وإمّا كفرُ عملٍ لا ينقلُ عن الملّة.

    أمّا الأول: وهو كفر الاعتقادفهو أنواع،أحدها: أن يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله أحقيّة حُكمِ الله ورسوله وهومعنى ما رُوي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير أنّ ذلك هو جحودُ ما أنزلاللهُ منالحُكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم، فإنّ الأصول المتقررة المتّفقعليها بينهم أنّ مَنْ جَحَدَ أصلاً من أصول الدين أو فرعًا مُجمعًا عليه،أو أنكرحرفًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قطعيًّا، فإنّه كافرًا الكفرَ الناقلعن الملّة.

    الثاني: أنْ لا يجحد الحاكمبغير ما أنزل الله كونَ حُكماللهِ ورسولِهِ حقًّا، لكن اعتقد أنّ حُكم غير الرسولصلى الله عليه وسلم أحسنُ منحُكمه، وأتمّ وأشمل... لما يحتاجه الناسُ من الحُكمبينهم عند التنازع، إمّا مُطلقاأو بالنسبة إلى ما استجدّ من الحوادث، التي نشأت عنتطوّر الزمان وتغير الأحوال، وهذا أيضًا لا ريب أنه كافرٌ، لتفضيله أحكامَالمخلوقين التي هي محضُ زبالةِ الأذهان، وصرْفُ حُثالة الأفكار، على حُكم الحكيمالحميد وحُكمُ اللهِ ورسولِه لايختلف في ذاته باختلاف الأزمان، وتطور الأحوال،وتجدّد الحوادث، فإنّه ما من قضية كائنة ما كانت إلاّ وحُكمها في كتاب الله تعالى،وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم،نصًّا أو ظاهرًا أو استنباطًا أو غير ذلك، عَلِمَذلك مَن علمه، وجَهِلَه مَن جهله وليس معنى ما ذكره العلماء من تغيّر الفتوى بتغيرالأحوال ما ظنّه مَن قلَّ نصيبُهأ و عدم من معرفة مدارك الأحكام وعِلَلها، حيثظنّوا أنّ معنى ذلك بحسب ما يُلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيويةوتصوّراتهم الخاطئة ولهذا تجدُهم يحامون عليها، ويجعلون النصوص تابعة لها منقادةإليها، مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الكَلِم عن مواضعه.

    وحينئذٍ معنى تغيُّر الفتوىبتغير الأحوال والأزمان مرادالعلماء منه: "ما كان مُستصحبه فيه الأصول الشرعية،والعلل المرعية، والمصالح التيجِنْسُها مرادٌ لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم،ومن المعلوم أنّ أربابالقوانين الوضعية عن ذلك بمعزل، وأنهم لا يقولون إلاّ على مايلائم مراداتهم، كائنةما كانت، والواقع أصدقُ شاهدٍ.

    الثالث: أنْ لا يعتقد كونَهأحسن من حُكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين الذين قبله، في كونهكافرًا الكفرَالناقل عن الملّة، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق والمناقضةوالمعاندةلقوله عزّ وجلّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء..} [الشورى:11].ونحوها منالآيات الكريمة، الدالّة على تفرُّدِ الربّ بالكمال،وتنزيهه عن ممثالة المخلوقين،في الذات والصفات والأفعال والحُكم بين الناس فيمايتنازعونفيه.

    الرابع: أنْ لا يعتقد كون حُكمالحاكم بغير ما أنزل اللهم ماثلاً لحكم الله ورسوله، فضلاً عن أنْ يعتقدَ كونه أحسنمنه، لكن اعتقد جوازالحُكم بما يخالف حُكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدُقُعليه ما يصدق عليه،لاعتقاده جوازَ ما علم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعةتحريمه.

    الخامس: وهوأعظمها وأشملهاوأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله،ومضاهاة بالمحاكمالشرعية، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا، وحكما وإلزاما،ومراجع ومستندات. فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلىكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانونالمُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي،والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلىالشريعة وغير ذلك.

    فهذه المحاكم في كثير من أمصارالإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناس إليها أسرابٌ إثْر أسراب،يحكُمُحُكّامُها بينهم بما يخالف حُكم السُنّة والكتاب، من أحكام ذلك القانون،وتُلزمهمبه، وتُقِرُّهم عليه، وتُحتِّمُه عليهم.. فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر، وأيُّ مناقضةللشهادة بأنّ محمدًا رسولُ اللهِ بعد هذه المناقضة.

    وذِكْرُ أدلّةجميع ما قدّمناعلى وجه البسْطِ معلومةٌ معروفة، لا يحتمل ذكرها في هذا الموضوع. فيا معشرالعُقلاء، ويا جماعات الأذكياء وأولي النهى كيف ترضون أنْ تجري عليكمأحكامُأمثالكم، وأفكارُ أشباهكم، أو مَن هم دونكم، مِمّن يجوز عليهم الخطأ، بلخطأهم أكثرُمن صوابهم بكثير، بل لا صواب في حُكمهم إلاّ ما هو مُستمدٌّ من حُكماللهِ ورسولهِ،نصًّا أو استنباطًا، تَدَعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم،وأعراضكم وفيأهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائرحقوقكم؟؟ويتركون ويرفضون أن يحكموافيكم بحُكم الله ورسوله، الذي لا يتطرّقإليه الخطأ، ولا يأتيه الباطل من بين يديهولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ..وخُضوع الناس ورضوخهم لحكم ربِّهم خضوعٌ ورضوخٌلِحُكم مَنْ خلقهم تعالى ليعبدوه فكما لايسجدُ الخلقُ إلاّ للهِ، ولا يعبدونَ إلاّإياه ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أنلا يرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلاّ لحُكمالحكيم العليم الحميد، الرؤوف الرحيم،دون حُكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكتهالشكوكُ والشهواتُ والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات فيجب علىالعُقلاء أن يربئوا بنفوسهم عنه، لمافيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواءوالأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاًعن كونه كفرًا بنصِّ قوله تعالى: {ومَنْ لَمْيَحْكُمْ بِمَاأَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرون} [المائدة:44].

    السادس: مايحكُم به كثيرٌ منرؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم، وعاداتهمالتي يسمُّونها "سلومهم"، يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحُضُّون على التحاكمإليه عند النزاع، بقاء على أحكام الجاهلية، وإعراضًا ورغبةًعن حُكم الله ورسوله،فلا حول ولا قوة إلاّ بالله .

    وأمّا القسم الثاني منقسم يكُفر الحاكم بما أنزل الله، وهو الذي لا يُخرجُ من الملة فقد تقدّم أنّ تفسيرابنعباس، رضي الله عنهما، لقول الله عزّ وجلّ: {ومَنْ لَمْيَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَاللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرون} [المائدة:44]،قدشمل ذلك القسم، وذلك في قوله ـرضي الله عنه ـ في الآية: "كُفر دون كفر"، وقوله أيضًا: "ليس بالكفر الذي تذهبونإليه" وذلك أنْ تَحْمِلَهُ شهوتُه وهواهُ على الحُكم في القضية بغير ما أنزل الله،مع اعتقاده أنّ حُكم الله ورسوله هو الحقّ، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدىوهذا وإنْ لم يُخرِجْه كُفْرُه عن الملّة،فإنه معصية عُظمى أكبرُ من الكبائر،كالزنا وشُرب ..الخمر، والسّرِقة واليمين الغموس، وغيرها فإنّ معصية ً سمّاها اللهُفي

    كتابه كفرًا، أعظمُ من معصية لم يُسمِّها كُفرًا نسأل الله أنْ يجمع المسلمينعلى التحاكم إلى كتابه، انقيادا ورضاءً، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه.

    تمّت الرسالة وللهالحمد.

    vshgn jp;dl hgr,hkddk hg,qudm hg,qdum






  2. #2

    عضو ماسي

    الصورة الرمزية عزتي بديني
    عزتي بديني غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 104
    تاريخ التسجيل : 10 - 1 - 2008
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 3,031
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : في رحمة الله
    الوظيفة : "من كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله بالكلم الطيب والعمل الصالح". ابن القيم
    معدل تقييم المستوى : 20

    افتراضي


    بارك الله فيكم ونفع بكم

    جزيتم خيرا





  3. #3
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية الداعي
    الداعي غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1022
    تاريخ التسجيل : 11 - 5 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 38
    المشاركات : 937
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : فلسطين
    معدل تقييم المستوى : 16

    افتراضي


    جزا الله الشيخ خير الجزاء على ما صدع به من الحقِّ.





 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. فوبيا "تحكيم الشرع" تخلص منها الكفار فمتى يتخلص منها المسلمون؟؟؟
    بواسطة way_2_islam في المنتدى الرد على الإفتراءات حول الشريعة الإسلامية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2010-01-15, 08:16 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML