كيف حالكم إخواني
:p01sdsed22:
فلنكمل المسيرة مع خطاب الله للمؤمنين
جعلنا الله منهم صدقا
ومع
.
.
الآية التاسعة .. البقرة (267)




( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)

سبب النزول


قد ورد في سبب نزول هذه الآية جملة روايات، نذكر منها ما يلي:
أولاً: ما رواه الترمذي عن البراء بن عازب ، في قوله تعالى: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }، قال: نزلت فينا معشر الأنصار، كنا أصحاب نخل، فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته، وكان الرجل يأتي بالقِنْو والقنوين، فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصُّفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع أتى القنو فضربه بعصاه، فيسقط من البُسر والتمر فيأكل، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير، يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والحشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه، فأنزل الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه }. قالوا: لو أن أحدكم أُهدي إليه مثل ما أعطاه، لم يأخذه إلا على إغماض وحياء. قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده. قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح. وروى نحوه ابن ماجه .


ثانياً: روى الحاكم عن جابر رضي الله عنه، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر، فجاء رجل بتمر رديء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة : ( لا تخرص هذا التمر )، فنزل القرآن: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }. قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي .


ثالثاً: روى النسائي في (السنن الكبرى) عن سهل بن حنيف عن أبيه، قال: كان الناس يتيممون شرار ثمارهم، فيخرجونها في صدقاتهم، فنزلت: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } .


رابعاً: روى الطبري عن عليٍّ رضي الله عنه، أن هذه الآية نزلت في الزكاة المفروضة، كان الرجل يعمد إلى التمر فيقطعه، فيعزل الجيد ناحية. فإذا جاء صاحب الصدقة، أعطاه من الرديء، فقال عز وجل: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }. وروي نحو هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما و الحسن وغيرهما .
غريب الروايات:

(أهل الصُّفة): هم فقراء المهاجرين، ولم يكن لواحد منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه .
(الشيص): التمر الذي لا يشتد نواه ويقوى. وقد لا يكون له نوى أصلاً .
(الحشف): اليابس الفاسد من التمر .
(القِنْو): الغصن الذي يحمل الرُّطب .

(البَسر): مرحلة من المراحل التي يمر فيها ثمر التمر قبل أن ينضج، مفردها (بُسرة) .

(الخَرْص): هو تقدير ما على النخلة من تمر .

(صاحب الصدقة): الذي يجمع الزكوات ممن تجب عليه .

وكلها تصب في بوتقة واحدة .

وهذا الأمر يشمل الصدقة الواجبة، وصدقة التطوع.


اخوتي في الله : ألا يحب أحدكم أن يدخر ليوم القيامة أفضل ما عنده فهذه فرصته فالصدقة التي يتصدق بها المؤمن ليست للفقير وإنما لله الغني الحميد فأي شيئ تحب أن تعطي في سبيل العاطي المنان ؟!! ..، بالطبع يجب أن ننفق في سبيل الله من أفضل ما عندنا وهذا ما امرنا الله تعالى به في الآية الكريمة قال :salla: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ) رواه مسلم .

فأنفق مما تحب تنال البر مصداقاً لقوله تعالى : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) آل عمران 92.

وفي تفسير الأية محور الحديث قال ابن عباس :radi: : "أمرهم بالإنفاق من أطيب المال، وأجوده، وأنفسه، ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه، وهو خبيثه، فإن الله طيب لا يقبل إلاَّ طيباً".

ولهذا كان الصحابة يتنافسون ويتسابقون في إنفاق أطيب ما عندهم:

فها هو أبو طلحة الأنصاري:radi: عندما نزلت: "لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ"، قال: يا رسول الله، إن أحب أموالي إلي بَيْرُحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله؛ فقبلها منه، وقال: "اجعلها في الأقربين"، ففعل.

وفي الصحيحين أن عمر :radi: قال: يا رسول الله لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر، فما تأمرني به؟ قال: "حبِّس الأصل وسبِّل الثمرة".

وكان ابن عمر :radi: إذا أَعجبه شيء من ماله تصدق به، وتلا: "لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ"، وقد اعتق ابن عمر نافعاً مولاه، وكان أعطاه فيه عبد الله بن جعفر ألف دينار.

واشترى عمر :radi: جارية من سبي جالولا، فدعا بها عمر فأعجبته، فقال: إن الله عز وجل يقول: "لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ"، فاعتقها عمر.

وكان عمر بن عبد العزيز:radi: يشتري أعدالاً من السكر ويتصدق بها، فقيل له: تصدق بقيمتها؛ قال: لأن السكر أحب إليَّ فأردت أن أنفق مما أحب.

وروي عن الثوري :radi: أنه بلغه أن أم ولد الربيع بن خيثم قالت: كان إذا جاءه السائل يقول لي: يا فلانة أعطي السائل سكراً، فإن الربيع يحب السكر، ويتلو: "لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ".

وقال الحسن :radi:: إنكم لن تنالوا ما تحبون إلاَّ بترك ما تشتهون، ولا تدركوا ما تأملون إلاَّ بالصبر على ما تكرهون.




الخلاصة :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا " ينادي الله عباده الذين آمنوا به " أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ "ويأمرهم بأن ينفقوا في سبيله من طيبات ما منّ عليهم به أي من أزكاها وأفضلها وأحبها إليهم "وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ " أي من تمر وحب ومعادن وكل ما تجوز عليه الزكاة ، "وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ " ولَا تَعَمَّدُوا وتقصدوا الرديء في أموالكم وصدقاتكم فتنفقون منه "وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ " وفي ذلك حجة من الله على عباده بان بين لهم انهم لا يأخذون الخبيث " وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ " إلا إذا تساهلتم وغضضتم البصر عنه" إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ" ..فإن كنتم لا تقبلوه إلا بالإغماض فكيف تؤدون به حق الله ؟ .. ثم يبين الله تعالى أنه غني عن عطائهم وصدقاتهم ، فهو أمرهم بها ليطهر نفوسهم ويزكيها فيغني بها عائلهم ويقوي بها ضعيفهم "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَنِيّ حَمِيد " فهو محمود عند خلقه بما تفضل عليهم بفضله وأنعم عليهم بنعمه التي لا تحصى .

والحمد لله رب العالمين .