بقلم الأخ الكريم أكرم حسن مرسي المحامي

الشبهه:

قال
والأحدِ المسلمين: هل من الممكن أن يسلمَ الشيطان ، والقرآن يُخبر أنه من أهلِ النارِ : ((قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً )) (الإسراء63). فهل ممكن أن يسلم هذا الشيطان ؟ ! أجاب المسلمُ قائلاً: لا يسلمُ أبدًا . فقالوا له : شيطانُ الرسول أسلم !! كيف ذلك يا مسلم؟! والدليل على صدقِ كلامِنا ما جاء فيصحيح مسلم كِتَاب ( صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ) بَاب (تَحْرِيشِ الشَّيْطَانِ وَبَعْثِهِ سَرَايَاهُ لِفِتْنَةِ النَّاسِ وَأَنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَرِينًا) برقم 5035


حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنْ ابْنِ قُسَيْطٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ -زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا قَالَتْ : فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ :مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ ؟ فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ" قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ :أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ قَالَ :" نَعَمْ " . قُلْتُ :وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ ؟ قَالَ:" نَعَمْ " .قُلْتُ :وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ:" نَعَمْ وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ ".

الرد على الشبهة


أولاً: إن المسلمين يعتقدون بأن إبليسَ وذريتَه من شياطينِ الجنِ والإنسِ في النار، وذلك لما قالسبحانه وتعالى لإبليسَ :((قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً )) (الإسراء 63).
فإبليس من أهلِ النارِ ، ومن تبعه من الجنِ والإنسِ من جنوده دخلوا معه في النارِ - سلمنا اللهُ منهم - والدليل على أن هناك شياطينَ من الجنِ والإنسِ ؛ قولُه سبحانه وتعالى:((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ )))الأنعام112) .



ثانيًا: كان على أصحابِ الشبهةِ أن يفرقوا أولاً بين إبليسَ ، والشيطان ، وعلى كلٍ أقول : هناك فارقٌ كبيرٌ بينهما ؛ يقول سبحانه وتعالى : ((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً )))الكهف50) .



الملاحظ
من خلالِ الآيةِ الكريمة أن إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ . فإبليس على رأي بعض العلماء مشتق من الإبلاسِ وهو اليأس من رحمةِ اللهِ ، ومُنِعَ منالصرفِ ؛ لأنه لا نظير له من الأسماء ، وهو أبو الشياطين وأصلهم الأول كما أن آدمأبو البشر . والشياطين جمع شيطان ، والشيطان هو كل متمردٍ من الإنسِ والجنِ والحيوانِ ،ويطلق اصطلاحًا على المتمردِ من عالمِ الجنِ ؛ شياطين الإنس والجن توسوس بالباطل ، وتدعوإلى الشر ،وتُقعِد عن الخير،و نعتقد أن الجنَ مكلفون؛ منهم من يدخلون الجنة ، ومنهم ما يدخلون النارَ ؛ خلقهم اللهُ سبحانه وتعالى لعبادتِه يدلُ على ذلك قولُه سبحانه وتعالى : ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) (الذاريات56) .

و قولُه سبحانه وتعالى :((يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ )) (الأنعام130) .
و قولُه سبحانه وتعالى :((وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً )) (الجن14) .

فالأصلُ في الشيطانِ الكفر فإذا أسلم لا يسمى شيطانًا بل هو جنٌ مسلم ، وإذا كفر الجنُ المسلم يسمى شيطانًا ؛ فمن خلال الحديث الذي معنا ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم :" لعائشةَ أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ "؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟قَالَ:" نَعَمْ ". قُلْتُ : وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَالَ :" نَعَمْ " . قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:" نَعَمْ وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ ".
إذًا شيطانُ الرسول صلى الله عليه وسلم كان جنيًا كافرًا فأسلم إلى اللهِ سبحانه وتعالى ، و أما إبليس فلن يسلم أبدًا فهو أبو الشياطين وزعيمهم المطرود من رحمةِ اللهِ ؛ لذا كان لزمًا عليهم أن يفرقوا بين إبليس والشيطان ؛حتى لا يساء فهم الحديث كما كان مع أصحاب الشبهة.




ثالثًا : جاء في شرحِ العقيدةِ الطّحاويّة لابن أبى العز ، بتعليق الشيخ أحمد شاكر على هذا الحديثِ " ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم " أسلم بالضم على الميم في بعض النسخ( أسلمُ ) أي: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سلِمَ من شرورِه ، ومن وساوسه .... وهذا تأويلٌ جيد للحديثِ أيضًا.



منقول من موقع برهانكم للرد على النصارى






afim hk ad'hk hgvs,g Hsgl