النتائج 1 إلى 9 من 9
 

العرض المتطور

  1. #1

    عضو جديد

    mosaab1975 غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 944
    تاريخ التسجيل : 5 - 1 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 48
    المشاركات : 15
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : غزه في قلبي
    معدل تقييم المستوى : 0

    افتراضي الإسرائيليات في كتب التفسير


    بسم الله الرحمن الرحيم
    {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فصلت:41-42
    وقد صادف هذا البحث المفيد هوىً في نفسي ؛
    لأني أعلم شدة حاجة المسلمين إلى مثل هذا البحث المبسط الذي يذب عن كتاب الله تعالى ما علق بتفسيره من الأباطيل والخرافات والأكاذيب التي كادت تطغى على التفسير الصحيح لكتاب الله تعالى وتخفى الكثير من جلاله ، وجماله ، وهدايته التي هي أقوم الهدايات : {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}(الإسراء :9) ، وعقائده التي هي أسمى العقائد وأحقها بالقبول ، وأليقها بالفطر البشرية ، وأقربها إلى العقول ، وأمسها القلوب ، وتظهر الإسلام أمام الباحثين ، ولا سيما في العصر الأخير : عصر تقدم العلوم الكونية ، والمعارف البشرية ، بمظهر الدين الذي يشتمل على الخرافات والترهات ؛ لأن كتابه الأكبر هو : القرآن الكريم ، وهذه هي : تفاسيره ، فيها كثير مما يخالف حقائق العلم ، وسنن الله الكونية!! ومؤلفوها هم من علماء الإسلام ، بل ومن كبارهم ، فهي صورة للإسلام ، ولتفكير المسلمين ، وذلك مثل : ما روي في بدء الخليقة ، وأسرار الوجود ، وتعليل بعض الظواهر الكونية ، مثل : الرعد ، والبرق ، والخسوف ، والكسوف ، وبرودة مياه الآبار في الصيف ، وحرارتها في الشتاء ،
    وقد حمل كبر هذا الإثم [القساوسة] والمستشرقون ، فقد وجدوا في هذه الإسرائيليات والمختلقات ما يشبع هواهم ، ويرضي تعصبهم الممقوت ، ويشفي نفوسهم المريضة الحاقدة على الإسلام ونبيه ، والقرآن ؛ هذا الحقد والضغن الذي يعتبر امتدادا للحروب الصليبية التي شنوها على الإسلام والمسلمين ، والتي لا تزال إلى عصرنا هذا تتخذ أشكالا شتَّى ، ومظاهر متعددة.

    والعجب من هؤلاء المبشرين ، والمستشرقين : أنهم في سبيل إرضاء صليبيتهم الموروثة ، والتي رضعوها في لبان أمهاتهم ، يصححون الموضوع والمختلق المنحول ، على حين نراهم يحكمون بوضع كثير من الأحاديث الصحيحة ، حتى ولو كانت في الصحيحين اللذين هما أصح الكتب البشرية على الإطلاق وذلك مثل : ما روي زورا وكذبا في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة زينب بنت جحش ، وما روي في : قصة الغرانيق ، مما هو من صنع زنادقة اليهود والفرس ، وأضرابهم ، ونحو ذلك مما طبل له المستشرقون والمبشرون ، وزمروا ، وزادوا فيه ، وأعادوا.


    ومما يؤسف له غاية الأسف أن بعض المتعلمنين والمثقفين الذين تثقفوا بثقافة غير إسلامية ، ولا سيما من صنعتهم أوروبا على عينيها ، وربتهم على يديها ، ويتسمون بأسماء المسلمين ، قد تابعوا سادتهم المستشرقين فيما زعموا وصاروا أبواقا لهم ، يرددون ما يقوله هؤلاء ؛ لأنهم ينظرون إليهم على أنهم قمم في العلم والمعرفة ، والشأن في المغلوب كما قال واضع أساس علم الاجتماع : العلامة ابن خلدون أن يقلد الغالب وتنماع شخصيته في شخصيته ، وبذلك ساعدوا على نفث هذه السموم بين المتعلمين من شباب المسلمين!!

    نبين معنى كلمة : "إسرائيليات,:

    جمع إسرائيلية ، نسبة إلى بني إسرائيل, وإسرئيل هو : يعقوب عليه السلام أي عبد الله وبنو إسرائيل هم : أبناء يعقوب ، ومن تناسلوا منهم فيما بعد ، إلى عهد موسى ومن جاء بعده من الأنبياء ، حتى عهد عيسى عليه السلام وحتى عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
    وقد أكثر الله من خطابهم ببني إسرائيل في القرآن الكريم تذكيرا لهم بأبوة هذا النبي الصالح ، حتى يتأسوا به ، ويتخلقوا بأخلاقه ، ويتركوا ما كانوا عليه من نكران نعم الله عليهم وعلى آبائهم وما كانوا يتصفون به من الجحود ، والغدر ، واللؤم ، والخيانة وكذلك ذكرهم الله سبحانه باسم اليهود في غير ما آية ، وأشهر كتب اليهود هي :

    التوراة ، وقد ذكرها الله في قوله تعالى : {الم ، اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ ، مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَان}(آل عمران1-4),والمراد بها التوراة التي نزلت من عند الله قبل التحريف والتبديل ، أما التوراة المحرفة المبدلة ، فهي بمعزل عن كونها كلها هداية ، وكونها نورا ، ولا سيما بعد نزول القرآن الكريم ، الذي هو الشاهد والمهيمن على الكتب السماوية السابقة ، فما وافقه فهو حق ، وما خالفه فهو باطل..ومن كتبهم أيضا :

    الزبور وهو كتاب داود عليه السلام ، وأسفار الأنبياء ، الذين جاءوا بعد موسى عليه وعليهم السلام ، وتسمى التوراة وما اشتملت عليه من الأسفار الموسوية وغيرها "بالعهد القديم".وكان لليهود بجانب التوراة المكتوبة التلمود ، وهي التوراة الشفهية ، وهو مجموعة قواعد ووصايا وشرائع دينية وأدبية ، ومدنية وشروح ، وتفاسير ، وتعاليم ، وروايات كانت تتناقل وتدرس شفهيا من حين إلى آخر... وقد اتسع نطاق الدرس والتعليم فيه إلى درجة عظيمة جدا ، حتى صار من الصعب حفظه في الذاكرة ، ولأجل دوام المطالعة ، والمداولة ، وحفظا للأقوال والنصوص ، والآراء الأصلية المتعددة والترتيبات ، والعادات الحديثة ، وخوفا من نسيانها وفقدانها مع مرور الزمن ، وخصوصا وقت الاضطهادات ، والاضطرابات ، قد دونها الحاخامون بالكتابة سياجا للتوراة ، وقُبِلَت كسنة من سيدنا موسى عليه السلام.
    ومن التوراة وشروحها ، والأسفار وما اشتملت عليه ، والتلمود وشروحة ، والأساطير والخرافات ، والأباطيل التي افتروها ، أو تناقلوها عن غيرهم : كانت معارف اليهود وثقافتهم ، وهذه كلها كانت المنابع الأصلية للإسرائيليات التي زخرت بها بعض كتب التفسير ، والتاريخ والقصص والمواعظ ، وهذه المنابع إن كان فيها حق ، ففيها باطل كثير ، وإن كان فيها صدق ، ففيها كذب صراح ، وإن كان فيها سمين ، ففيها غث كثير ، فمن ثم انجر ذلك إلى الإسرائيليات ، وقد يتوسع بعض الباحثين في الإسرائيليات ، فيجعلها شاملة لما كان من معارف اليهود ، وما كان من معارف النصارى التي تدور حول الأناجيل وشروحها ، والرسل وسيرهم ونحو ذلك ؛ وإنما سميت إسرائيليات لأن الغالب والكثير منها إنما هو من ثقافة بني إسرائيل ، أو من كتبهم ومعارفهم ، أو من أساطيرهم وأباطيلهم.

    hgYsvhzdgdhj td ;jf hgjtsdv






  2. #2
    الإدارة العامة
    ذو الفقار غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 47
    المشاركات : 17,892
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 26
    البلد : مهد الأنبياء
    الاهتمام : الرد على الشبهات
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي


    وفي هذه الفترة الزمنية الطويلة بين نزول التوراة ونزول القرآن تطورت فيها القصصوالحكايات على حسب الواة وكل فرق ذهب برواية وتدارس الرهبان الحكايات وتنافلوها حتى أصبحت بعد التناقل قصص حقيقية فى الأذهان رغم عدم تضارب مصادرها وعدم وجود مصدر مكتوب يرجع إلى التوراة نفسها


    موضوع قيم أخي الكريم
    جزاك الله خيرا




    إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .



    ( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)



  3. #3

    عضو جديد

    mosaab1975 غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 944
    تاريخ التسجيل : 5 - 1 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 48
    المشاركات : 15
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : غزه في قلبي
    معدل تقييم المستوى : 0

    افتراضي


    إن القرن الثالث الهجري ، لم ينفصل فيه التفسير عن الحديث كل الانفصال ، وأنه كانت فيه الطريقتان ، طريقة التأليف في التفسير كجزء من الحديث ، وطريقة التأليف فيه على سبيل الاستقلال. وليس أدل على ذلك ، من أن الإمام البخاري ذكر في ضمن كتابه : "الصحيح" كتاب التفسير نحو عشر الصحيح ، وألف في التفسير على سبيل الاستقلال كتابه : "التفسير الكبير"كما ألفه فيه ابن جرير الطبري على سبيل الاستقلال ، ثم جاء بعده ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم ، فألفوا في التفسير على سبيل الاستقلال.
    حذف الأسانيد وغلبة الدخيل :
    ثم ألف في التفسير بعد هذا خلائق كثيرون ، فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال من غير أن يعزوها إلى قائلها ، فمن ثم دخل الدخيل من ذي قبل ، والتبس الصحيح بالعليل ، وصار كل من يسنح له قول يورده ، ومن يخطر بباله شيء يعتمده ، ثم ينقل ذلك من يجيء بعده ظانًّا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ، ومن يرجع إليهم في التفسير ، وولع المفسرون بالإكثار من الأقوال حتى رأينا بعضهم ذكر في تفسير قوله تعالى : {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} عشرة أقوال ، مع أن تفسيرها باليهود ، والنصارى هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وجميع الصحابة ، والتابعين ، وأتباعهم ، حتى قال ابن أبي حاتم : لا أعلم في ذلك اختلافا بين المفسرين.(الإتقان في علوم القرآن جـ 2 ص 190 ، مقدمة في أصول التفسير ص 33 ، 34.)
    وقد كان حذف الأسانيد مما ساعد على شيوع القصص الإسرائيلي في كتب التفسير ، وعلى رواج الروايات الواهية ، والمختلقة المكذوبة ؛ لأن ذكر الأسانيد كثيرا ما يدل على موضع العلة ، ومكمن الداء ، ومن هو سبب البلاء.

    تلون كتب التفاسير بثقافة مؤلفيها :

    ثم ألفت بعد ذلك كتب يغلب عليها التأويل ، والتفسير الاجتهادي لعلماء برعوا في بعض العلوم ، وبرزوا فيها ، ومنهم : من هُم من أهل السنة والجماعة ، ومنهم : من هم من أهل الزيغ والابتداع ، فصار كل واحد منهم يميل بالتفسير إلى إبراز ما برع فيه ، فالنحوى ليس له هم إلا الإعراب وذكر الأوجه المحتملة في الآية ، ونقل قواعد النحو ومسائله وخلافياته كأن كتب التفسير مجان للتمرين النحوي ، واستذكار القواعد ، وذلك : كالزجاج ، والواحدي في البسيط ، وأبي حيان في البحر المحيط.
    والإخباري ليس له هَمٌّ إلا ذكر القصص. واستيفاؤها عمن مضى من الأنبياء ، والأمم ، والملوك ، وذكر ما يتعلق بالفتن والملاحم وأحوال الآخرة ، ولا عليه بعد هذا إن كانت صحيحة ، أو باطلة ؛ لأنه لم يتحر الصدق ، ولم يبحث عن الرواة ، وكونهم ثقات أو غير ثقات ، وذلك كما فعل الثعلبي في تفسيره ، فقد حشاه بالكثير من القصص الإسرائيلي ، والروايات المكذوبة الموضوعة.
    والفقيه : يكاد يسرد فيه مسائل الفقه جميعها ، وكثير ما يستطرد إلى إقامة الأدلة ، وبيان منشأ الخلاف إلى غير ذلك مما لا تعلق له بالآية والأدهى من ذلك أنه يفيض في أدلة مذهبه ، والميل بالآية إليه ، ومحاولة إضعاف مذهب غيره ، وذلك : كما فعل الإمام القرطبي في تفسيره ، فإن ما فيه من التفسير أقل مما فيه من الأحكام الفقهية ، ولا سيما على مذهب إمام دار الهجرة مالك رحمه الله تعالى.
    وصاحب العلوم العقلية قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء ، والفلاسفة وشبههم ، والرد عليهم ، ويخرج من شيء إلى شيء ، ويستطرد ، ثم يستطرد حتى ينسى الإنسان أنه في كتاب تفسير ، ويخيل إليه أنه يقرأ كتابا من كتب الكلام ، والملل والنحل ، كما صنع الإمام الجليل : فخر الدين الرازي ، ولذلك : قال أبو حيان في : "البحر المحيط" : جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير ، ولذلك قال بعض العلماء:(قيل : هو ابن عطية) "فيه كل شيء إلا التفسير".

    تفسيرات المبتدعة والباطنية والملحدة :

    وأصحاب المذاهب المبتدعة : كالشيعة ، والمعتزلة ، وأضرابهم. قد نحوا بالتفسير ناحية مذاهبهم ، وفي سبيل ذلك قد حرفوا بعض الآيات وخرجوا بها عن معانيها المرادة ، وعن قواعد اللغة ، وأصول الشريعة وصار الواحد منهم كلما لاحت له شاردة من بعيد اقتنصها ، أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال لإظهار بدعته وترجيح مذهبه سارع إليه ، ومن هذه التفاسير تفاسير جليلة خدمت القرآن خدمة جليلة ، وذلك كتفسير الكشاف للإمام الزمخشري ، ولولا ما فيه من آراء اعتزالية ، لكان أجل تفسير في بابه.
    قال الإمام البلقيني : استخرجت من "الكشاف" اعتزالا بالمناقيش ، من قوله تعالى : {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} ، قال الزمخشري : "وأي فوز أعظم من دخول الجنة" ؟ أشار به إلى عدم رؤية الله في الآخرة ، الذي هو مذهبهم.
    ويرجع الضعف والوضع في التفسير بالمأثور إلى أسباب أهمها :
    1- ما دسه الزنادقة من اليهود والفرس والرومان وغيرهم في الرواية الإسلامية ، فقد دخل هؤلاء الإسلام وهم يضمرون له الشر والعداوة والكيد ، وتستروا بالإسلام ، بل بالغ بعضهم في التستر فتظاهر بحب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما كانوا لا يمكنهم مواجهة سلطان الإسلام لا عن طريق الحرب والعداوة السافرة ، ولا عن طريق الحجة والبرهان ، فقد توصلوا إلى أغراضهم الدنيئة عن طريق الوضع ، والاختلاق ، والدس في المرويات الإسلامية على النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة ، والتابعين ، وكان للتفسير ولا ريب كفل من هذا ، وكان هذا الصنف من أخبث الوضاعين ، فقد وضعوا على النبي أحاديث يخالفها المحسوس ، أو يناقضها المعقول ، أو تشهد أذواق الحكماء بسخافتها ، وإسفافها ، مما لا يليق بالعقلاء.
    2- الخلافات السياسية والمذهبية : فقد سولت هذه الخلافات لأرقاء الدين ، وضعفاء الإيمان أن يضعوا أحاديث تؤيد مذاهبهم ، وأحاديث في فضائل متبوعيهم ، وفي مثالب مخالفيهم ، وذلك : كما فعل الشيعة ، ولا سيما الروافض ، فقد وضعوا في فضل سيدنا علي وآله أحاديث كثيرة ، ونسبوا إليه كل علم وفضل ، وفيها ما يتعلق بتفسير بعض آيات القرآن ، وبأسباب النزول ، كما وضعوا أحاديث في ذم السادة : أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وغيرهم.
    وكذلك : فعل أنصار العباسين ، فقد وضعوا على ابن عباس روايات كثيرة ، ولا سيما في تفسير القرآن ، وصوروه بصورة العالم بكل شيء وقولوه ما لم يقل ، كما وضعوا أحاديث في مثالب الأمويين وذمهم ، وقابلهم أنصار الأمويين بالمثل ، فضلا عن أعقل العقلاء ، وإنما ينصبون بذلك المكيدة لضعفاء الأحلام ، وأرقاء الدين ، حتى يقعوا في ريبة فتتزلزل من نفوسهم عقيدة : أن الإسلام تنزيل من حكيم عليم.
    3- القُصَّاص : فقد كانت هناك فئة تقص بالمساجد ، وتذكر الناس ، وترغبهم ، وترهبهم ، ولما كان هؤلاء ليسوا من أهل العلم بالحديث ، وكان غرضهم من ذكر القصص استمالة العوام ، فقد اختلقوا بعض القصص الباطل ، وروجوا البعض الآخر بذكرهم له ، وفي هذا الكثير من الإسرائيليات والخرافات والأباطيل ، وقد تلقفها الناس منهم ؛ لأن من طبيعة العوام الميل إلى العجائب والغرائب.
    وقد حدثت بدعة القص في آخر عهد الفاروق : عمر رضي الله عنه ، وقد كان ملهما حقا ، حينما أبى أن يقص قاص في المسجد ، وفيما بعد صار حرفة ، ودخل فيه من لا خلاق له في العلم ، وقد ساعدهم على الاختلاق : أنهم لم يكونوا من أهل الحديث.
    4- بعض الزهاد والمتصوفة : فقد استباح هؤلاء لأنفسهم وضع الأحاديث ، والقصص في الترغيب ، والترهيب ، ونحوهما ، وتأولوا في الحديث المتواتر المعروف :"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" ، وقالوا : إنما تكذب للنبي ولا نكذب عليه
    5- النقل عن أهل الكتاب الذين أسلموا ككعب الأحبار ، ووهب بن منبه ، وعبد الله بن سلام ، وتميم الداري وأمثالهم ، وقد حمل هؤلاء الكثير من المرويات المكذوبة ، والخرافات الباطلة ، الموجودة في التوراة وشروحها ، وكتبهم القديمة التي تلقوها عن أحبارهم ورهبانهم جيلا بعد جيل ، وخلفا عن سلف ، ولم تكن هذه الإسرائيليات والمرويات مما يتعلق بأصول الدين ، والحلال والحرام ، وهي التي جرى العلماء من الصحابة والتابعين ، فمن بعدهم على التثبت منها ، والتحري عن رواتها ، وإنما كانت فيما يتعلق بالقصص ، وأخبار الأمم الماضية ، والملاحم، والفتن ، وبدء الخلق ، وأسرار الكون ، وأحوال يوم القيامة.
    وقد تنبه إلى هذا بعض الأئمة القدامى ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، المتوفى سنة 728هـ ، في أثناء الكلام عن تفاسير الصحابة ، قال : "وهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، في تفسيره عن هذين الرجلين : ابن مسعود ، وابن عباس ، ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب ، التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : "بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، ولهذا كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين( الزاملة البعير الذي يحمل عليه -يعني حمل بعيرين.)من كتب أهل الكتاب ، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث ، من الإذن في ذلك ، ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد"( مقدمة في أصول التفسير ص 45) ، وقال أيضًا في رده على البكري ، منكرًا عليه استدلاله بالحديث الذي يرويه ، عن استشفاع آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم : هذا الحديث ، وأمثاله لا يُحتج به في إثبات حكم شرعي ، لم يسبقه أحد من الأئمة إليه..... فإن هذا الحديث لم ينقله أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد حسن ، ولا صحيح ، بل ولا ضعيف يستأنس به ، ويعتضد به ، وإنما نقل هذا وأمثاله كما تنقل الإسرائيليات التي كانت في أهل الكتاب وتنقل عن مثل كعب ، ووهب ، وابن إسحاق ، ونحوهم ، من أخذ ذلك عن مسلمة أهل الكتاب أو غير مسلمتهم كما روي : أن عبد الله بن عمرو وقعت له صحف يوم اليرموك من الإسرائيليات ، وكان يحدث منها بأشياء"(الرد على البكري ص 6.)
    وقد وافق ابن تيمية على مقالته أحد تلاميذه ، وهو : الإمام الحافظ المفسر ابن كثير ، فذكر نحوا من ذلك في مقدمة تفسيره.
    وقد جاء بعد ابن تيمية : الإمام العالم المؤرخ ، واضع أساس علم الاجتماع : عبد الرحمن بن خلدون ، المتوفى سنة 808 ، فأبان عن ذلك بأوفى وأتم في هذا في مقدمته المشهورة في أثناء الكلام عن علوم القرآن من التفسير والقراءات ، قال : "وصار التفسير على صنفين تفسير نقلي ، مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف ، وهي : معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ، ومقاصد الآي ، وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين ، وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا ، إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث ، والسمين ، والمقبول ، والمردود.والسبب في ذلك : أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ، ولا علم ، وإنما غلبت عليهم البداوة ، والأمية ، وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات ، وبدء الخليقة وأسرار الوجود ؛ فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ، ويستفيدون منهم ، وهم أهل التوراة من اليهود ، ومن تبع دينهم من النصارى ، وأهل الكتاب الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ، ومعظمهم من حمير ، الذين أخذوا بدين اليهودية ، فلما أسلموا بقوا علي ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان( أحداثه المشهورة) ، والملاحم ، وأمثال ذلك ، وهؤلاء مثل : كعب الأحبار ، ووهب بن منبه ، وعبد الله بن سلام ، وأمثالهم ، فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم ، وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام ، فتتحرى فيها الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك ، وملأوا كتب التفسير بهذه المنقولات ، وأصلها -كما قلنا- عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ، ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك ، إلا أنهم بعُد صيتهم ، وعظمت أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة ، فتلقيت بالقبول من يومئذ"(مقدمة ابن خلدون : بحث التفسير ص 368 ط الأزهرية)
    وفي كتب التفسير من هذه الإسرائيليات طامات وظلمات ، والكثير منها لم ينبِّه ناقلوه على أصله ، ولم يوقف على قائله ، فكانت مثارا للشك ، والطعن ، والتقول على الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم.
    خطورة رفع هذه الإسرائيليات إلى النبي صلى الله عليه وسلم :
    ولو أن هذه الإسرائيليات ولا سيما المكذوب والباطل منها وقف بها عند قائليها ، لكان الأمر محتملا بعض الشيء ، ولكن الشناعة وكبر الإثم : أن بعض الزنادقة ، والوضاعين وضعفاء الإيمان ، قد رفعوا هذه الإسرائيليات إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم ونسبوها إليه صراحة ، وهنا يكون الضرر الفاحش والجناية الكبرى على الإسلام والتجني الآثم على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن نسبة الغلط ، أو الخطأ أو الكذب إلى الراوي أيا كان أهون بكثير من نسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    وإن ما اشتملت عليه بعض الإسرائيليات من الخرافات ، والأباطيل ليصد أي إنسان -مهما بلغ من التسامح في هذا العصر الذي نعيش فيه -عن الدخول في الإسلام ، ويحمله على أن ينظر إليه نظرة الشك ، والارتياب.
    ولهذا : ركز المبشرون والمستشرقون طعونهم في الإسلام ونبيه على مثل هذه الإسرائيليات والموضوعات ؛ لأنهم وجدوا فيها ما يسعفهم على ما نصبوا أنفسهم له من الطعن في الإسلام ، وإرضاء لصليبيتهم التي رضعوها في لبان أمهاتهم.
    وهذه الأباطيل والخرافات مهما بلغ إسنادها من السلامة من الطعن فيه ، لا نشك في تبرئة ساحة النبي صلى الله عليه وسلم عنها : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.
    الموقوف من الإسرائيليات على الصحابة والتابعين :
    ولو أن هذه الإسرائيليات جاءت مروية صراحة عن كعب الأحبار أو وهب بن منبه ، أو عبد الله بن سلام ، وأضرابهم ، لدلت بعزوها إليهم أنها مما حملوه ، وتلقوه عن كتبهم ورؤسائهم قبل إسلامهم ، ثم لم يزالوا يذكرونه بعد إسلامهم. وأنها ليست مما تلقوه عن النبي أو الصحابة ، ولكانت تشير بنسبتها إليهم إلى مصدرها ، ومن أين جاءت وأن الرواية الإسلامية بريئة منها.
    ولكن بعض هذه الإسرائيليات بل الكثير منها جاء موقوفا على الصحابة ، ومنسوبا إليهم رضي الله عنهم فيظن من لا يعلم حقيقة الأمر ، ومن ليس من أهل العلم بالحديث أنها متلقاة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنها من الأمور التي لا مجال للرأي فيها ، فلها
    حكم المرفوع إلى النبي ، وإن لم تكن مرفوعة واضحة.





  4. #4

    عضو جديد

    mosaab1975 غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 944
    تاريخ التسجيل : 5 - 1 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 48
    المشاركات : 15
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : غزه في قلبي
    معدل تقييم المستوى : 0

    افتراضي الإسرائيليات في قصة هاروت وماروت


    1- الإسرائيليات في قصة هاروت وماروت :
    روى السيوطي في الدر المنثور ، في تفسير قوله تعالى : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوت} روايات كثيرة وقصصا عجيبة رويت عن ابن عمر ، وابن مسعود ،وعلي ، وابن عباس ، ومجاهد ، وكعب ، والربيع ، والسدي ، رواها ابن جرير الطبري في تفسيره ، وابن مردويه ، والحاكم ، وابن المنذر ، وابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، والخطيب في تفاسيرهم وكتبهم(الدر المنثور ج 1 من ص2 97-103 ، تفسير ابن جرير ج1 ص 362-367.)
    وخلاصتها : أنه لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيها من المعاصي والكفر بالله ، قالت الملائكة في السماء : أي رب ، هذا العالم إنما خلقتهم لعبادتك ، وطاعتك ، وقد ركبوا الكفر ، وقتل النفس الحرام ، وأكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنا ، وشرب الخمر ، فجعلوا يدعون عليهم ، ولا يعذرونهم فقيل لهم : إنهم في غيب ، فلم يعذروهم ، وفي بعض الروايات أن الله قال لهم : لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم ، قالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا ، وفي رواية أخرى : قالوا : لا. فقيل لهم : اختاروا منكم ملكين آمرهما بأمري ، وأنهاهما عن معصيتي ، فاختاروا هاروت ، وماروت ، فأهبطا إلى الأرض ، وركبت فيهما الشهوة ، وأمرا أن يعبدا الله ، ولا يشركا به شيئا ، ونهيا عن قتل النفس الحرام ، وأكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنا ، وشرب الخمر ، فلبثا على ذلك في الأرض زمانا ، يحكمان بن الناس بالحق ، وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في سائر الناس كحسن الزهرة في سائر الكواكب ، وأنهما أراداها(راودها عن نفسها.) على نفسها ، فأبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها ، وأنهما سألاها عن دينها ، فأخرجت لهما صنما ، فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا ، فذهبا فصبرا ما شاء الله ، ثم أتيا عليها ، فخضعا لها بالقول ، وأراداها على نفسها ، فأبت إلا أن يكونا على دينها ، وأن يعبدا الصنم الذي تعبده ، فأبيا ، فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم ، قالت لهما : اختارا إحدى الخلال الثلاث : إما أن تعبدا هذا الصنم ، أو تقتلا النفس ، أو تشربا هذا الخمر ، فقالا : هذا لا ينبغي ، وأهون الثلاثة شرب الخمر ، وسقتهما الخمر ، حتى إذا أخذت الخمر فيهما وقعا بها( أي فعلا بها الفاحشة)فمر بهما إنسان ، وهما في ذلك ، فخشيا أن يفشي عليهما ، فقتلاه ، فلما أن ذهب عنهما السكر ، عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئة ، وأرادا أن يصعدا إلى السماء ، فلم يستطيعا وكشف الغطاء فيما بينهما ، وبين أهل السماء ، فنظرت الملائكة إلى ما قد وقعا فيه من الذنوب ، وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض ، فلما وقعا فيما وقعا فيه من الخطيئة ، قيل لهما : اختارا عذاب الدنيا ، أو عذاب الآخرة ، فقالا : أما عذاب الدنيا فينقطع ويذهب ، وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له ، فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما بها يعذبان معلقين بأرجلهما ، وفي بعض الروايات ، أنهما علماها الكلمة التي يصعدان بها إلى السماء ، فصعدت ، فمسخها الله ، فهي هذا الكوكب المعروف بالزهرة.
    ويذكر السيوطي أيضًا في كتابه ما رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه( تصحيح الحاكم غير معتدٍّ به ؛ لأنه معروف أنه متساهل في الحكم بالتصحيح كما قال ابن الصلاح وغيره ، وقد صحح أحاديث تعقبها الإمام الذهبي وحكم عليها بالوضع.)
    ، والبيهقي في سننه : عن عائشة ، أنها قدمت عليها امرأة من دومة الجندل ، وأنها أخبرتها أنها جيء لها بكلبين أسودين فركبت كلبا ، وركبت امرأة أخرى الكلب الآخر ، ولم يمض غير قليل ، حتى وقفتا ببابل ، فإذا هما برجلين معلقين بأرجلهما ، وهما هاروت وماروت ، واسترسلت المرأة التي قدمت على عائشة في ذكر قصة عجيبة غريبة.
    ويذكر أيضا : أن ابن المنذر أخرج من طريق الأوزاعي ، عن هارون بن رباب ، قال : دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل قد ثنيت له وسادة ، وهو متكئ عليها ، فقالوا : هذا قد لقي هاروت ، وماروت فقالوا له : حدثنا رحمك الله : فأنشأ الرجل يحدث بقصة عجيبة غريبة(الدر المنثور ص 101 تفسير الطبري ج1 ص 366.)
    وكل هذا من خرفات بني إسرائيل ، وأكاذيبهم التي لا يشهد لها عقل ، ولا نقل ، ولا شرع ، ولم يقف بعض رواة هذا القصص الباطل عند روايته عن بعض الصحابة والتابعين ولكنهم أوغلوا باب الإثم ، والتجني الفاضح ، فألصقوا هذا الزور إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفعوه إليه ، فقد قال السيوطي : أخرج سعيد ، وابن جرير ، والخطيب في تاريخ ، عن نافع ، قال : سافرت مع ابن عمر ، فلما كان من آخر الليل :قال : يا نافع : انظر : هل طلعت الحمراء ؟ قلت : لا ، مرتين أو ثلاثا ، ثم قلت : قد طعلت ، قال : لا مرحبا بها ، ولا أهلا : قلت : سبحان الله!! نجم مسخر ، ساع ، مطيع!! قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "وإن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ قال : إني ابتليتهم وعافيتكم ، قالوا : لو كنا مكانهم ما عصيناك ، قال : فاختاروا ملكين منكم ، فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت ، فنزلا ، فألقى الله عليهم الشبق ، قلت : وما الشبق ؟ قال : الشهوة ، فجاءت امرأة يقال لها : الزهرة فوقعت في قلبيهما ، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه ، ثم قال أحدهما للآخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي ؟ قال : نعم ، فطلباها لأنفسهما ، فقالت : لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء ، وتهبطان ، فأبيا ، ثم سألاها أيضا ، فأبتن ففعلا ، فلما استطيرت طمسها الله كوكبا ، وقطع أجنحتها ، ثم سألا التوبة من ربهما ، فخيرهما بين عذاب الدنيا ، وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة ، فأوحى الله إليهما : أن ائتيا "بابل" فانطلقا إلى بابل ، فخسف بهما ، فهما منكوسان بين السماء والأرض ، معذبان إلى يوم القيامة ، ثم ذكر أيضا رواية أخرى ، مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تخرج في معناها عما ذكرنا(الدر المنثور ج1 ص 97 تفسير الطبري ج 1 ص 364 )، ولا ينبغي أن يشك مسلم عاقل فضلا عن طالب حديث في أن هذا موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم مهما بلغت أسانيده من الثبوت فما بالك إذا كانت أسانيدها واهية ، ساقطة ، ولا تخلو من وضاع ، أو ضعيف ، أو مجهول ؟!! ونص على وضعه أئمة الحديث!!
    وقد حكم بوضع هذه القصة الإمام أبو الفرج ابن الجوزي(اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ج1 ص 82.) ، ونص الشهاب العراقي على أن من اعتقد في هاروت وماروت أنهما ملكان يعذبان على خطيئتهما : فهو كافر بالله.
    وكذلك : حكم بوضع المرفوع من هذه القصة : الحافظ : عماد الدين ابن كثير ، وأما ما ليس مرفوعا : فبين أن منشأة روايات إسرائيلية عن كعب وغيره ، ألصقها زنادقة أهل الكتاب بالإسلام ، قال رحمه الله في تفسيره بعد أن تكلم على الأحاديث الواردة في هاروت وماروت ، وأن روايات الرفع غريبة جدا ، وأقرب ما يكون في ذلك أنه من رواية عبد الله بن عمر ، عن كعب الأحبار ، كما قال عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله بن ابن عمر ، عن كعب ، ورفع مثل هذه الإسرائيليات إلى النبي كذب واختلاق ألصقه زنادقة أهل الكتاب ، زورا وبهتانا" وذكر مثل ذلك في البداية والنهاية.
    ثم هذه من ناحية العقل غير مسلمة ، فالملائكة معصومون عن مثل هذه الكبائر ، التي لا تصدر من عربيد ، وقد أخبر الله عنهم بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، كما ورد في بعض الروايات التي أشرت إليها آنفا رد لكلام الله ، وفي رواية أخرى : أن الله قال لهما : لو ابتليتكما بما ابتليت به بني آدم لعصيتماني ، فقالا : لو فعلت بنا يا رب ما عصيناك!! ورد كلام الله كفر ، ننزه عنه من له علم بالله وصفاته ، فضلًا عن الملائكة.
    ثم كيف ترفع الفاجرة إلى السماء ، وتصير كوكبا مضيئا ، وما النجم الذي يزعمون أنه : "الزهرة" وزعموا أنه كان امرأة ، فمسخت إلا في مكانه ، من يوم أن خلق الله السموات والأرض.
    وهذه الخرافات التي لا يشهد لها نقل صحيح ، ولا عقل سليم هي كذلك مخالفة لما صار عند العلماء المحدثين أمرا يقينا ، ولا أدرى ماذا يكون موقفنا أمام علماء الفلك ، والكونيات ، إذا نحن لم نزيف هذه الخرافات ، وسكتنا عنها ، أو انتصرنا لها ؟!!
    ما التفسير الصحيح للآية ؟
    قوله تعالى : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}البقرة : 102.
    وليس في الآية ما يدل ولو من بعد على هذه القصة المنكرة ، وليس السبب في نزول الآية ذلك ، وإنما السبب : أن الشياطين في ذلك الزمن السحيق كانوا يسترقون السمع من السماء ، ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ، ويُلْقُونها إلى كهنة اليهود وأحبارهم. وقد دوَّنها هؤلاء في كتب يقرؤونها ، ويعلمونها الناس ، وفشا ذلك في زمن سليمان عليه السلام حتى قالوا : هذا علم سليمان وما تم لسليمان ملكه إلا بهذا العلم ، وبه يسخر الإنس ، والجن ، والريح التي تجري بأمره ، وهذا من افتراءات اليهود على الأنبياء ، فأكذبهم الله بقوله : {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ},,,ثم عطف عليه : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} فالمراد بما أنزل هو : علم السحر الذي نزلا ليعلماه الناس ، حتى يحذروا منه ، فالسبب في نزولهما هو : تعليم الناس أبوابا من السحر ، حتى يعلم الناس الفرق بين السحر والنبوة ، وأن سليمان لم يكن ساحرا ، وإنما كان نبيا مرسلا من ربه ، وقد احتاط الملكان عليهما السلام غاية الاحتياط ، فما كانا يُعلِّمان أحدا شيئا من السحر حتى يُحذِّراه ، ويقولا له : إنما نحن فتنة أي بلاء واختبار ، فلا تكفر بتعلمه والعمل به ، وأما من تعلمه للحذر منه ، وليعلم الفرق بينه وبين النبوة والمعجزة ؛ فهذا لا شيء فيه ، بل هو أمر مطلوب ، مرغوب فيه إذا دعت الضرورة إليه ، ولكن الناس ما كانوا يأخذون بالنصيحة ، بل كانوا يفرقون به بين المرء وزوجه ، وذلك بإذن الله ومشيئته ، وقد دلت الآية : على أن تعلم السحر لتحذير الناس من الوقوع فيه والعمل به مباح ، ولا إثم فيه ، وأيضا تعلمه ؛ لإزالة الاشتباه بينه ، وبين المعجزة ، والنبوة مباح ، ولا إثم فيه ، وإنما الحرم والإثم في تعلمه أو تعليمه للعمل به ، فهو مثل ما قيل :
    عرفت الشر لا للشر لكن لتوقِّيهِ
    ومن لا يعرف الشر من الناس يقعْ فِيهِ
    واليهود عليهم لعائن الله لما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يعلمون أنه النبي الذي بشرت به التوراة حتى كانوا يستفتحون به على المشركين قبل ميلاده وبعثته ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ، ونبذوا كتابهم التوراة ، وكتاب الله القرآن وراء ظهورهم ، وبدل أن يتبعوا الحق المبين اتبعوا السحر الذي توارثوه عن آبائهم والذي علمتهم إياه الشياطين ، وكان الواجب عليهم أن ينبذوا السحر ، ويحذروا الناس من شره ، وذلك كما فعل الملكان : هاروت وماروت من تحذير الناس من شروره ، والعمل به ، وهذا هو التفسير الصحيح للآية ، لا ما زعمه المبطلون الخرفون وبذلك : يحصل التناسق بين الآيات وتكون الآية متآخية متعانقة ، ولا أدري ما الصلة بين ما رووه من إسرائيليات ، وبين قوله : {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} الآية.





  5. #5
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية أمة الله
    أمة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1145
    تاريخ التسجيل : 9 - 7 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 618
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    بارك الله فيكم

    هناك بعض أجزاء في البحث أرى فيها هجوم على المفسرين لا مبرر ولا داعي له

    في زمانهم لم يكن الجهل منتشر كزماننا هذا والكل كان يعرف أنه لا يجوز الاعتقاد في هذه الإسرائليات والأمر كما قال شيخ الإسلام رحمه الله

    أما وجود أحاديث موضوعة فيكفي أنه لا يوجد حديث موضوع واحد انطلى على الأمة بأكملها

    وهناك علماء الحديث سخرهم الله لبيان هذه الأحاديث الموضوعة

    وقيل لعبد الله بن المبارك هذه الأحاديث المصنوعة ؟ فقال تعيش لها الجهابذة ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ).







    من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس
    من عرف ربه اشتغل به عن هوى نفسه.

    ابن القيم - رحمه الله -

  6. #6

    عضو جديد

    mosaab1975 غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 944
    تاريخ التسجيل : 5 - 1 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 48
    المشاركات : 15
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : غزه في قلبي
    معدل تقييم المستوى : 0

    افتراضي


    السلام عليكم
    معاذ الله ان اهاجم علمائنا انما انا بينت ما تحتويه كتب التفسير من امور دخلتها في كتبهم مع يقيني انهم ادوا الرسالة بما استطاعوا فجزاهم الله خيرا





  7. #7
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية أمة الله
    أمة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1145
    تاريخ التسجيل : 9 - 7 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 618
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    وعليكم السلام ورحمة الله

    أعتذر عما قلته فهذا ما فهمته من بعض الأجزاء في الموضوع

    جزاكم الله خيرا







    من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس
    من عرف ربه اشتغل به عن هوى نفسه.

    ابن القيم - رحمه الله -

  8. #8

    عضو جديد

    mosaab1975 غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 944
    تاريخ التسجيل : 5 - 1 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 48
    المشاركات : 15
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : غزه في قلبي
    معدل تقييم المستوى : 0

    افتراضي إسرائيليات في المسوخ من المخلوقات


    إسرائيليات في المسوخ من المخلوقات
    ويوغل بعض زنادقة أهل الكتاب ، فيضعون على النبي صلى الله عليه وسلم خرافات في خلق بعض أنواع الحيوانات التي زعموا أنها مسخت ، ولو أن هذه الخرافات نسبت إلى كعب الأحبار وأمثاله ، أو إلى بعض الصحابة ، والتابعين لَهَانَ الأمرُ ، ولكن عظيم الإثم أن ينسب ذلك إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وهذا اللون من الوضع والدس من أخبث وأقذر أنواع الكيد للإسلام ونبي الإسلام.
    فقد قال السيوطي عفا الله عنه بعد ما ذكر طامات وبلايا في قصة هاروت وماروت ، من غير أن يعلق عليها بكلمة ؛ أخرج الزبير بن بكار في الموفقيات ، وابن مردويه ، والديلمي ، عن علي : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسوخ فقال : هم ثلاثة عشر : الفيل ، والدب ، والخنزير ، والقرد ، والجريث( سمك") ، والضب ، والوطواط ، والعقرب ، والدعموص ، والعنكبوت ، والأرنب ، وسهيل ، والزهر ، فقيل : يا رسول الله وما سبب مسخهن ؟ وإليك التخريف والكذب الذي نبرئ ساحة رسول الله منهما فقال : أما الفيل : فكان رجلًا جبارًا لوطيا ، لا يدع رطبا ، ولا يابسا ، وأما الدب : فكان مؤنثًا يدعو الناس إلى نفسه ، وأما الخنزير : فكان من النصارى الذين سألوا المائدة ، فلما نزلت كفروا ، وأما القردة : فيهود اعتدوا في السبت ، وأما الجريث : فكان ديوثا ، يدعو الرجال إلى حليلته ، وأما الضب : فكان أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه ، وأما الوطواط : فكان رجلا يسرق الثمار من رءوس النخل ، وأما العقرب : فكان رجلا لا يسلم أحد من لسانه ، وأما الدعموص(بضم الدال دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا أخذ ماؤها في النضوب) : فكان نَمَّامًا يُفَرق بين الأحبة ، وأما العنكبوت : فامرأة سحرت زوجها ، وأما الأرنب : فإمرأة كانت لا تطهر من حيضها ، وأما سهيل : فكان عشَّارًا باليمن ، وأما الزهرة : فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل افتتن بها هاروت ، وماروت ؛ ألا قبَّح الله من وضع هذا الزور والباطل ، ونسبه إلى من لا ينطق عن الهوى.
    ومما لا يقضي منع العجب : أن السيوطي ذكر هذا الهراء من غير سند ، ولم يعقب عليه بكلمة استنكار ، ومثل هذا : لا يشك طالب علم في بطلانه ، فضلا عن عالم كبير ، وقد حكم عليه ابن الجوزي بالوضع ، وقد ذكره السيوطي في اللآلئ ، وتعقبه بما لا يجدي ، وكان من الأمانة العلمية أن يشير إلى هذا ، وبعد هذا الكذب والتخريف ينقل السيوطي ما رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف كذا قال : عن عمر بن الخطاب قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غير حينه ، ثم ذكر قصة طويلة في وصف النار ، وأن النبي بكى ، وجبريل بكى ، حتى نوديا : لا تخافا إن الله أمنكما أن تعصياه(الدر المنثور ج1 ص 102 ، 103.) ، وأغلب الظن : أنه من الإسرائيليات التي دست في الرواية الإسلامية.





  9. #9

    عضو جديد

    mosaab1975 غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 944
    تاريخ التسجيل : 5 - 1 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 48
    المشاركات : 15
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : غزه في قلبي
    معدل تقييم المستوى : 0

    افتراضي الإسرائيليات في بناء الكعبة : البيت الحرام والحجر الأسود :


    3-الإسرائيليات في بناء الكعبة : البيت الحرام والحجر الأسود :
    أكثَرَ السيوطي في تفسيره : "الدر المنثور" عند تفسير قوله تعالى : {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(البقرة : 127 )، من النقل عن الأزرقي ، وأمثاله من المؤرخين والمفسرين الذين هم كحاطبي ليل ، ولا يميزون بين الغث والسمين ، والمقبول ، والمردود ، في بناء البيت ، ومن بناه قبل إبراهيم : أهم الملائكة أم آدم ؟ والحجر الأسود ومن أين جاء ؟ وما ورد في فضلهما ، وقد استغرق في هذا النقل الذي معظمه من الإسرائيليات التي أخذت عن أهل الكتاب بضع عشرة صحيفة ، لا يزيد ما صح منها أو ثبت عن عُشْرِ هذا المقدار.
    ولو أنه اقتصر على الرواية الصحيحة التي رواها البخاري في صحيحه(صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب "واتخد الله إبراهيم خليلا".) ، ورواها غيره من العلماء الأثبات ، لأراحنا ، وأراح نفسه ، ولما أفسد العقول ، وسمم النفوس بكل هذه الإسرائيليات ، التي نحن في غنية عنها بما تواتر من القرآن ، وثبت من السنة الصحيحة ؛ وفي الحق : أن ابن جرير كان مقتصدا في الإكثار من ذكر الإسرائيليات في هذا الموضع ، وإن كان لم يسلم منها ، وذكر بعضها ، وذلك مثل ما رواه بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال : إني مهبط معك بيتا يطاف حوله كما يطاف حول عرشي ، ويصلى عنده ، كما يصلى عند عرشي ، فلما كان زمن الطوفان ، رفع ، فكانت الأنبياء يحجونه ، ولا يعلمون مكانه( ولا أدري كيف يحجونه ولا يعلمون مكانه ؟)، حتى بوأه الله إبراهيم عليه السلام وأعلمه مكانه ، فبناه من خمسة أجبل : من حراء ، وثبير ، ولبنان ، وجبل الطور ، وجبل الخمر.
    وأعجب من ذلك : ما رواه بسنده عن عطاء بن أبي رباح ، قال : لما أهبط الله آدم من الجنة : كان رجلاه في الأرض ، ورأسه في السماء!! يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم ، يأنس إليهم فهابته الملائكة ، حتى شكت إلى الله في دعائها ، وفي صلاتها ، فوجه إلى مكة ، فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة ، فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطوف به ، حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوتة ، حتى بعث الله إبراهيم ، فبناه ، فذلك قول الله تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ}(تفسير ابن جرير)إلى غير ذلك مما مرجعه إلى أخبار بني إسرائيل وخرافاتهم ، ولم يصح في ذلك خبر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، ويرحم الله الإمام الحافظ ابن كثير ؛ فقد بين لنا منشأ معظم هذه الروايات التي هي من صنع بني إسرائيل ، ودس زنادقتهم ، فقد قال فيما رواه البيهقي في الدلائل من طرق عن عبد الله بن عمرو ابن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم : "بعث الله جبريل إلى آدم ، فأمره ، ببناء البيت ، فبناه آدم ، ثم أمره بالطواف به ، وقال له : أنت أول الناس ، وهنا أول بيت وضع اللناس".
    قال ابن كثير : إنه من مفردات ابن لهيعة ، وهو ضعيف ، والأشبه والله أعلم أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو بن العاص ، ويكون من الزاملتين(البعير الذي يحمل عليه المتاع.) اللتين أصابهما يوم اليرموك ، من كتب أهل الكتاب ، فكان يحدث بما فيهما(تفسيري ابن كثير والبغوي ).
    وقال في "بدايته" : ولم يجئ في خبر صحيح عن المعصوم : أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام ومن تمسك في هذا بقوله : {مَكَانَ الْبَيْتِ} فليس بناهض ولا ظاهر ، لأن مراده : مكانه المقدر في علم الله تعالى ، المقرر في قدرته ، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم(البداية والنهاية)





 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كل ما تبحث عنه في التفسير ...هنا
    بواسطة دانة في المنتدى المكتبة الإسلامية
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 2011-10-05, 07:33 AM
  2. الإسرائيليات ومحورها .
    بواسطة صقر قريش في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 07:19 AM
  3. التفسير المنير
    بواسطة خالد بن الوليد في المنتدى التفسير وعلوم القرآن
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2009-02-28, 03:38 AM
  4. التفسير المنسوب للإمام الطبراني
    بواسطة خالد بن الوليد في المنتدى المكتبة الإسلامية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2009-02-28, 01:25 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML