يقول القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، (البقرة: 6).

السؤال: هذه الآية لا تنطبق على كل الكفار، فهناك كفار آمنوا بعد الإنذار، ألا يدل هذا على أن هناك خطأ في هذه الآية؟

الجواب:

قد يتبادر للذهن من دون تدبر أن الآية تصطدم مع الواقع، وبالتالي هي خطأ، ومنشأ هذا الخطأ أنه يغيب عن المرء أن من أساليب القرآن ذكر العام وقصد الخاص، فقد تذكر آيات شيئا ما على عمومه وتريد بعضه، نحو: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾، (التوبة: 5). فلفظ المشركين عام أريد به الخصوص، وهم مشركو العرب، حيث قال الله فيهم: ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾، (الفتح: 16). وكذلك هذه الآية.

وتخصيص العام فيما يخص العقائد يجوز بالعقل ويجوز بالنقل، ومن التخصيص بالعقل قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، والعقل يخرج من ذلك قدرته على خلق إله آخر. وكذلك قوله: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، والعقل يخرج من ذلك أنه خلق ذاته. وكذلك قوله: ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾، والعقل يخرج من ذلك الجبال. وهكذا هلم جرا.

إذن، لفظ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ عام أريد به الخصوص، والعقل يخصصه في أبي لهب وأبي جهل ومن حذا حذوهم ممن عرف الحق وتنكب عنه، فأمثالهم كما قال الله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾.