قال القمص العبوس زكريا بطرس

أشجار وأنهار في الجنة !!! انها قمة المأساة
ثم أضاف
ديانة جسدية



لو قالها سقراط ربما استحق الأمر التفكر ولكن ان يقلها أناس جسدوا الله وحشروه في رحم امرأة ليخرج من فرجها كما قال ابن القيم .. مولودا صغيرا..ضعيفا فاتحا للثدي فاه .. ويأكل ثم يشرب ثم يأتي..بلازم ذاك هل هذا إله؟!.. ان يقل هؤلاء علي المسلمين جسديين فهذا سفه ما بعده سفه وليت شعري اين الجسدية في القول " ليس كمثله شيء لا تحصره الأجسام ولا تصوره الأوهام لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُوًا أَحَدٌ
"
ما علاقة انهار الجنة بالجسدية وما علاقة تجسيد الله بالروحانية.. الشق الثاني من السؤال نتركه للعقلاء ونجيب علي الشق الأول


يعتقد المسلمون ان الجنة حق والنار حق وان بالجنة انهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر خالية من مكدرات خمر الدنيا وأخري من عسل مصفي وكذالك كل انواع الثمرات وقد وصفها الله سبحانه وتعالي بأن " فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين " ( الزخرف : 71 )

والأهم من كل تلك النعم رضي الله جل جلاله " وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " ( التوبة : 72 )


ويعتقد القمص العبوس زكريا برنبرو ان كل شيء في الجنة روحي .. فلا انهار ولا اشجار لا أكل ولا شرب .. لا شيء سوي الفراغ حتي الفراغ نفسه ليس الا فراغا روحيا .. هذا الوصف للجنة يذكرني بالجفاف في القرن الأفريقي، ولا اشك ان صحراء تيه بني اسرائيل أجمل من القحط والجفاف والمجاعة التي يتكلم عنها القمص العبوس زكريا بطرس .. هل يمكن ان تكون هذه الصحراء القاحلة هي الجنة؟ بما فيها من قحط وجفاف .. نترك القواميس العربية والأجنبية بل وقواميس الكتاب المقدس تخبرنا عن معني الجنة وأوصافها

تعريف الجنة في قاموس المحيط

" الجَنَّةُ: الحَديقَةُ ذاتُ النَّخْلِ والشَّجَرِ "

إذن الجنة هي الحديقة والحديقة لا تكون حديقة يدون شجر وماء بل ان العرب لا تطلق علي الحديقة جنة ما لن يكن فيها نحل وعنب كما ذكر المرتضي الزبيدي في تاج العروس


" والجنة الحديقة ذات النخل والشجر ) قال أبو على في التذكرة لا تكون في كلامهم جنة الا وفيها نخل وعنب فان لم يكونا فيها وكانت ذات شجر فحديقة لا جنة وفى الصحاح الجنة البستان " ( تاج العروس من جواهر القاموس )


قواميس الكتاب المقدس لم تختلف مع القواميس العربية في تعريف الجنة ووصفها وقد جاء في قاموس أنجار الجديد للكتاب المقدس ما يلي تحت كلمة الفردوس paradise


" هذه الكلمة أطلقت علي جنة عدن وأخذت في الأسفار الأخيرة من العهد القديم مفهوم المنتزه أو حدائق اللذة
بما تحتويه من اشجار الفواكه تسقي من جداول صافية
انها الجنة التي ضيعها الإنسان لتحرس بسيوف ملتهبة
ولقد اصبحت الفردوس او جنة عدن فيما بعد المستقر الأخير لمؤمنين حيث يحيون في نشوة ونعيم "
The New Unger's Bible Dictionary. Originally published by Moody Press of Chicago 1988

وتحت نفس الكلمة جاء في قاموس نيلسون التوضيحي للكتاب المقدس ما يلي

" مكان ذو قدسية واصلها فارسي وتعني الحدائق المشجرة المليئة بالفواكه وكان اليهود يعتقدون ان المموتي يذهبون الي الهاوية الي ان ظهر مفهوم القيامة في فترة ما بين العهدي القديم والجديد فتغير مفهوم الهاوية سريعا واعتقد اليهود ان المؤمنين يدخلون الفردوس وهو مكان أشبه بجنة عدن قبل السقوط "

Nelson's Illustrated Bible Dictionary, Thomas Nelson Publishers 1996

وجاء في قاموس يوستون للكتاب المقدس تحت نفس الكلمة (الفردوس paradise )

" منتزه المتع او حديقة الملك وتستخدم كمعني للحياة القادمة المفرحة "
Easton's Bible Dictionary

وفي موسوعة النسخة القياسية

" حديقة الملك "

from International Standard Bible Encyclopaedia


تلك هي الجنة كما تصفها القواميس العربية او الفردوس في القواميس المسيحية .. ولقد استخدم المصلوب كلمة الفردوس الموصوفة بحدائق اللذة بما فيها من اشجار الفواكه تسقي من جداول صافية .. استخدمها المصلوب بصرف النظر عن هويته ا في وعده للص المصلوب معه حين قال " الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس " ( لوقا 23:43 ) .. فهل كان المصلوب يتكلم عن صحراء بلا ماء ولا شجر ام كان يتكلم عن الفردوس بمعناها الحقيقي .. ليكن الحكم للقارئ علما بأن المفسر البيرت بارنس لم يتردد في تعريف الفردوس كما يفهمها العقلاء فقال

" هذه الكلمة أصلها فارسي وتعني الحديقة خاصة حديقة للملذات مليئة بالأشجار الخمور ينابيع وزهور " ( ملاحظات بارنس عن لوقا 23:43 ) Barnes' Notes

أما المفسر آدم كلارك فقد قال في تفسير نفس النص ان الفردوس هي جنة عدن المذكورة في سفر التكوين الإصحاح 2/8


إذن الفردوس الذي تكلم عنها المصلوب هي نفس الفردوس المذكورة في سفر التكوين 2/8 فما هي أوصافها وفقا لسفر التكوين.. لنترك سفر التكوين يحدثنا

وسفر التكوبن هو أول كتاب في العهد القديم وينسب زورا وبهتانا الي موسي عليه السلام وجاء فيه ما يلي
. وغرس الرب الاله جنّة في عدن شرقا.ووضع هناك آدم الذي جبله. وأنبت الرب الاله من الارض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل.وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة.ومن هناك ينقسم فيصير اربعة رؤوس. ( 2/8-11 )

أنصدق من يقول ان الملكوت صحراء قاحلة بلا ماء ولا شجر أم نصدق قول سفر التكوين الثقيل علي قلب القمص زكريا بطرس " كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل.وشجرة " ... وجاء في سفر حزقيال " كل الاشجار في جنة الله لم تشبهه في حسنه .. جعلته جميلا بكثرة قضبانه حتى حسدته كل اشجار عدن التي في جنة الله .. وفي سفر الرؤيا قال يوحنا واصفا الجنة ( واراني نهرا صافيا من ماء حياة لامعا كبلّور خارجا من عرش الله والخروف. في وسط سوقها وعلى النهر من هنا ومن هناك شجرة حياة تصنع اثنتي عشرة ثمرة وتعطي كل شهر ثمرها.وورق الشجرة لشفاء الامم ( الرؤيا 22:1-2

قال المفسر ماثيو هينري في تفسير النص


نهر الجنة ... الجنة الأرضية كانت تسقي جيدا ( يقصد التي كان بها آدم ) لا يوجد مكان يمكن ان يكون ممتعا او مثمرا ما لم تتواجد الأنهار
شجرة الحياة كالتي كانت في الجنة الأرضية لكنها هذه افضل بكثير
هذه الشجرة تتواجد ما بين الأنهاروممرات الجنة
هذه الشجرة تسقي من نهر ينبع من عرش الله
هذه الشجرة تنبت ثمارها دائما لا تكون بدون ثمار ابدا ودائما طازجة
Matthew Henry's Commentary

وقال البيرت بارنس

عبارة ماء الحياة تعني المياه الجارية كالجداول او الينابيع أي عكس المياه الراكدة .. وهنا اشارة الي جنة عدن المفقودة حيث كان بها انهارا تسقيها فوجب وجود انهار في الفردوس الذي عاد الينا
Barnes' Notes


وقال ادم كلارك

ماء الحياة تشير الي الجداول او المياه الجارية وهنا ايضا اشارة الي حزقيال 47:7
وقال عن الشجرة
هناك من يري ان الشجرة التي تثمر كل شهر ترمز الي التلاميذ ولكن هذا مجرد تفسير خيالي

تلك الجنة كما هي موصوفة في القواميس العربية والمسيحية بالإضافة الي أقوال المفسرين مقارنة بقحط وجفاف القمص ..
اللهم ارزقنا الفوز بجنات النعيم ، وأعل درجاتنا في دار السلام يارب العالمين اللهم اسقنا بيد حبيبك الشريفة شربه لا نظمأ بعدها ابدا وارزقنا مرافقته في الجنه يا ارحم الراحمين

محمود أباشيخ