بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ... وبعد .

يقول الله عز وجل في محكم اياته ..

{وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا(90)أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا(91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً(92)أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلا بَشَرًا رَسُولاً(93)}.

صدق الله العظيم .


نلاحظ من الأيات القرانية السابقة ان المشركون قالوا : لن نصدِّقك يا محمد حتى تشقّق لنا من أرض مكة عيناً غزيرة لا ينقطع منها الماء {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ} أي يكون لك بستانٌ فيه أنواع النخيل والأعناب {فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا} أي تجعل الأنهار تتفجّر فيها وتسير وسطها بقوة وغزارة {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} هذا هو الاقتراح الثالث أي تجعل السماء تتساقط علينا قِطَعاً قِطَعاً كما كنتَ تخوّفنا وتزعم أن الله سيعذبنا إن لم نؤمن بك قال المفسرون: أشاروا إلى قوله تعالى: {إنْ نَشَأْ نخسفْ بهم الأرضَ أَوْ نُسْقِطَ عليهم كِسَفًا من السَّمَاء} {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً} أي تُحضر لنا اللهَ وملائكته مقابلةً وعياناً فنراهم {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} أي يكون لك قصرٌ مشيَّد عظيم من ذهبٍ لا من حجر أو طين {أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُه} هذا هو الاقتراح السادس والأخير، وكلُّها تدل على سفهٍ وجهلٍ كبير، بسنة الله في خلقه وبحكمته وجلاله أي أو تصعد يا محمد إلى السماء بِسُلَّم ولن نصدّقك لمجرد صعودك حتى تعود ومعك كتاب من الله تعالى منشور أنك عبده ورسولُه نقرؤه بأنفسنا {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلا بَشَرًا رَسُولاً} أي قل لهم يا محمد تعجباً من فرط كفرهم وعنادهم: سبحانَ الله هل أنا إله حتى تطلبوا مني أمثال هذه الخوارق؟ ما أنا إلا رسولٌ من البشر بعثني الله إليكم فلم هذا الجحود والعناد؟!

ولكن هل هذا منع من تواجد معجزات حسية للنبي صلى الله عليه وسلم ؟؟ بكل تأكيد لا .

ان الله عز وجل أيد نبيه محمد بأكثر من ألف معجزة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كان يأتيهم بالآيات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم, ومعجزاته تزيد على ألف معجزة"

عزيزي الاستاذ سمير لا يخفى عليك بداية أن المعجزة كما عرفناها سالفا هي الأمر الخارق للعادة يظهره الله على يد مدعي النبوة تصديقا لدعواه .

فاذا نظرنا مثلا الى معجزة النبي موسى عليه السلام وأقصد هنا معجزة الحية بعينها وجدنا أن في ذلك الوقت كان السحر هو السمة الغالبة على عصره فعندما ألقى عصاه وتحولت العصى الى حية تسعى أيقن السحرة أن هذا ما هو بسحر بل هي معجزة من عند الله فأمنوا به ولم ينتظروا أيد دليل أخر .

فهل لنا أن نقول هنا لماذا كانت المعجزة متمثلة بأفعى وهي في ظاهرها شيء خبيث ؟؟؟ هل لنا أن نقول هنا لماذا أرادها الله أفعى ولم يردها شيء أخر ؟ هل سنملي شروطنا على الله ؟؟

أما المعجزة التي نحن بصددها الأن وهي :

عن أنس بن مالك قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه" متفق عليهه، واللفظ للبخاري.
وعنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب نحو دار القضاء -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب- فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا فرفع يديه، ثم قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، قال أنس: ولا والله ولا نرى في السماء من سحابة ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه صحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله عز وجل يمسكها عنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، قال فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس، قال شريك: أنساً أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري" متفق عليهه.
فقبل أن أجيبك على تساؤلك أحب أن ألفت انتباهك أن هذه المعجزة قد وصلت الينا كغيرها عن طريق التواتر .. وأعتقد اننا لن نختلف على كون ما يصل الينا بالتواتر لاريب أنه قد حصل بالفعل ولا سيما أن التواتر يكون فيه من الرواه التقاة ما يكفي لأن نجزم بحدوث الأمر ... وهذا لن نختلف فيه بكل تأكيد ولاسيما أن عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو علينا ببعيد فما بالك بالقرون الأولى التي تستيقنون بها من فترة موسى والمسيح .

نعود للمعجزة من جديد ..

في حقيقة الأمر أن هذه المعجزة ليست معجزة واحدة بل اثنتان ..

المعجزة الأولى

هي استجابة رب العالمين الى دعاء رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالاستسقاء .. كما جاء في الحديث الذي اقتبس منه الفقرة الأتية :.

وعنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب نحو دار القضاء -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب- فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا فرفع يديه، ثم قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، قال أنس: ولا والله ولا نرى في السماء من سحابة ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه صحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً،
فقد دخل رجل الى المسجد وطلب من الرسول الدعاء فرفع النبي يديه الى السماء فدعى فلم ينزل يديه الشريفتين حتى أمطرت فاستمرت سبتا ..

المعجزة الثانية ..

ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله عز وجل يمسكها عنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، قال فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس، قال شريك: أنساً أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري
وهي استجابة الله عز وجل الى دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم مرة أخرى ليزداد الذين أمنوا ايمانا وحتى تتأكد المعجزة الأولى وهي ليست من قبيل الصدفة أو السحر أو ما شابه فهي معجزة حقيقية متمثلة في استجابة رب السماوات والأرض لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهي منع المطر ..



أما في قول الرجل (( هلكت الأموال وانقطعت السبل))فانظر الى حديث أنس رضي الله عنه أن عمر كان إذا قُحِطوا) بضم القاف وكسر المهملة أي أصابهم القحط (استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال) أي عمر: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون. رواه البخاري) وأما العباس رضي الله عنه فإنه قال: "اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ولم ينكشف إلا بتوبة وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك ..

وأما العباس رضي الله عنه فإنه قال: "اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ولم ينكشف إلا بتوبة ))
فهذا لم يكن الا ابتلاء من الله عز وجل .. ولم يذهب هذا البلاء في حينها الا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم .

يقول شيخنا الفاضل ابن عثيمين : وما دعى داع ربه إلا رجع بغنيمة فإما أن يعطى سؤله الذي سأل وإما أن يفرج عنه من الشر ما هو أعظم من ذلك وإما أن يدخر له أجر دعائه يوم القيامة .

فبهذا الابتلاء تحققت المعجزتان ..

الأولى ابتلاء بعدم نزول المطر لفترة طويلة فدعى الرسول صلى الله عليه وسلم فاستجاب الله له .

والثانية ابتلاء بهلاك الحرث والنسل فلم يزول الابتلاء الا بدعاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .

وأرجوا من الله أن يكون وفقني في الرد على سؤالك .. وان كان لديك المزيد من الأسئلة نجيبك بعون الله ..

تحياتي لك صديقنا الفاضل ..












v]: hefj gd Hki kfd ( lkh/vm ) >