الداعي
عضو جميل

الحمد لله تقدَّس إجلالا وتعظيمًا, والصلاة والسلام على من أرسل للعالمين بشيرًا ونذيرًا. تحيةً طيبةً, وبعد:
ثمَّة أسلوب يسير وفقه الملحدون في إثبات فكرة إلحادهم المزعومة, ألا وهو: ضرب علاقات الإنسان الثلاث: علاقة الإنسان مع ربِّه, وعلاقة الإنسان مع غيره, وعلاقة الإنسان مع نفسه. ومرامهم من ذلك أن يقضوا على كلِّ ما من شأنه أن يوجد صلةً بين الإنسان وخالقه؛ ليقولوا: بما أنَّه ثبت أنَّ هذه الشرائع لا تكون من عند الله, فليس ثمَّة صلة بيننا وبين الإله المزعوم, ومن ثَمَّ لا يعوزنا ذلك إلى البحث في فكرة الإله؛ لأنَّه ليس ثمَّةَ رابطٌ بيننا وبينه, ولا صلة.
وأمثلهم طريقةً اللادينيون؛ ذلك أنَّ فطرتهم لم تعنهم على التنكُّر لها, وبالتالي ساقهم ذلك إلى الإقرار بخالق للكون والإنسان والحياة, فاكتفوا بتنزيه خالق الخلق عن هذه الشرائع؛ لأنَّ عقولهم ساقتهم إلى التنكِّر لها, وهذه فكرةٌ سنناقشها في حينها من هذا الطرح.
إنَّ المتأمِّل في واقع من ينبذون الشرائع عامة, وشريعة الإسلام خاصة يستطيع أن يجعلهم فريقين: فريقًا ألحد في خالقه وشرع ربِّه, وفريقًا آمن بخالقه وألحد في شرع ربِّه.
الملحدون في خالقهم وشرع ربِّهم:
إنَّ طبائع الأمور تقتضي أن يقتصر النقاش مع هذه الفئة على أزلية المادة وحداثتها؛ فإن قامت الحجة على أزلية الكون والإنسان والحياة, فقد قامت الحجة على بطلان الإله, وثبت صدق الإلحاد. وإن قامة الحجة على محدودية الكون والإنسان والحياة وحداثتهم, فقد قامت الحجة على حقيقة الإله, وثبت بطلان الإلحاد. وهذا مبحث يقضي إيجاد الفكرة الكلية عن الكون والإنسان والحياة, وهذه هي العقيدة أي عقيدة.
ولمَّا كان المبدأ هو عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام, وهو فكرة وطريقة, ألفينا أنَّ المبادئ ثلاثة: المبدأ الرأسمالي, والمبدأ الاشتراكي ومنه الشيوعي, والمبدأ الإسلامي. والآن نشرع في دحض فكرة الإلحاد الكلي: الإلحاد بالخالق, والإلحاد بالدين.
الفكرة التي نريد إيجادها تتعلق بالكون والإنسان والحياة من حيث المحدودية واللامحدودية, أي من حيث الحداثة والأزلية؛ فالمحدود هو العاجز والناقص والمحتاج, والأزلي هو الذي تستند الأشياء في وجودها إليه, وهو لا يستند إلى شيء, أي ليس عاجزًا أو ناقصًا أو محتاجًا, بل له الكمال المطلق, وهو المنزه عن كلِّ نقص ومعرَّة.
فأمَّا الكون, فإنَّه يتكون من عناقيد مجرية هائلة, والعنقود يتكون من مجرات, ومنها مجرتنا, مجرة درب التبانة, ومجرتنا تتكون من مجموعات شمسية, ومنها مجموعتنا الشمسية, والمجموعة الشمسية تتكون من مجموعة أجرام نحو الكوكب والقمر. المتأمل في الجرم يجده محدودًا, ومجموع المحدود محدود بداهة؛ فالأرض محدودة, ومجموعتنا الشمسية محدودة, ومجرتنا محدودة, وعنقودنا محدود؛ فالكون محدود. وعليه, فالكون ليس أزليًّا, بل حادث؛ لأنه محدود.
وأمَّا الإنسان, فإنَّه ينمو في كلِّ شيء إلى حدٍّ لا يتجاوزه, ولا يستطيع الاستغناء عن إشباع حاجاته العضوية؛ لأنه يهلك, فلا بدَّ إذن من الطعام والماء والهواء والنوم والراحة؛ لئلا يهلك, ثمَّ إنََّ له بداية وله نهاية. وعليه, فالإنسان ليس أزليًّا, بل حادث؛ لأنه محدود.
وأمَّا الحياة, فإنَّها تتمثل بحياة الإنسان والحيوان والنباتات والحشرات والطفيليات...إلخ, ومظهرها فردي, وتنتهي بانتهاء الفرد, ولا تتسم بالخلود. وعليه, فالحياة ليست أزلية, بل حادثة؛ لأنها محدودة.
إذن, العقول القويمة والفطرة السليمة تقودنا إلى محدودية الكون والإنسان والحياة, وبالتالي إلى محدودية الطبيعة؛ ذلك أنَّها تستند في وجودها إلى شيء, ألا وهو الله, خالق كل شيء, وهو على كل شيء وكيل. (أريد دحضًا من الملحدين أو تأييدًا)
اللادينيون (الملحدون في الشرائع):
إنَّ هذه الفئة قد كفتنا عناء الخوض في إثبات محدودية الكون والإنسان والحياة؛ لأنها تقرُّ بخالق لهم, ولكنَّها تلحد في شرعه, وتنزهه عنه, فهل أصابوا في ذلك؟
إنَّ طبائع الأمور تدفعنا دفعًا إلى تسليط الضوء على الآتي:
1_حاجة الناس إلى الرسل.
2_كيفية إثبات رسالة الرسول.
3_عجز العقل عن إدراك حكمة الله من شرعه.

وهذه النقاط أنتظر اللادينيين في طرقها, أمَّا الملحدون, فمن العبث أن تناقش معهم نقاطًا لا فائدة منها من دون الإقرار بخالق لهذا الكون والإنسان والحياة. والله الموفق.

p,hv: lk ogr hggi?