استولى التتار بقيادة هولاكو على بغداد عام 656 وخاف الملك الناصر يوسف فراسل هولاكو يجامله، ويطلب منه الدعم لأخذ مصر غير أنه لم يحدث بين الطرفين ما يدعو إلى التفاهم. وزحف التتار إلى بلاد الشام ووجد الناصر يوسف نفسه ضعيفاً أمام جحافل التتار فاتصل بالمماليك وطلب منهم المساعدة.

استولى التتار على حلب في صفر عام 658، ثم استولوا على ميافارقين بإمرة يشموط بن هولاكو بعد أن دافع عنها أهلها دفاعاً مستميتاً لم يعرفه المغول من قبل، واستشهد صاحبها الملك الأيوبي الكامل محمد
( ابن الملك المظفر غازي بن الملك العادل سيف الدين محمد ابن نجم الدين أيوب) وخضع الملك الأشرف موسى( ابن المنصور ابن الملك المجاهد أسدالدين شيركوه ابن ناصر الدين محمد بن أسدالدين شيركوه بن شادي، ولم يكن ليسيطر إلا على تل باشر قرب الرها)صاحب تل باشر فأعطاه هولاكو إمارة حمص مكافأةً له، وكان الملك الناصر يوسف قد انتزعها منه منذ عام 646، وزحف هولاكو نحو دمشق ففرّ منها الناصر يوسف واتجه إلى غزة فاستقبله سيف الدين قطز ومن معه، وبدأ قطز يتقرّب من جيش الناصر يوسف ويضم أمرؤه إليه، حتى لم يبقى مع الناصر يوسف إلا قليل فذهب بهم إلى جنوب الأردن حيث استقر قرب الجفر ليعيش منزوياً بمن معه منعزلاً عن الأحداث التي تدور في بلاده، وعلم هولاكو بهذا فأرسل مجموعة من الجند إلى الجفر وأحضرت الناصر يوسف، فاستقبله هولاكو استقبالاً كريماً ورأى فيه ضالته، ومنّاه بالتربع على عرش دولةٍ أيوبية تشمل مصر والشام تحت حمى التتار، وقدّمه على الأشرف موسى إذ وجد في الأول خيراً له لما عنده من إمكانات وطاقات.

حاصر هولاكو دمشق في ربيع الأول عام 658 وشدّد الحصار حتى استسلمت في ربيع الثاني أما القلعة فقد صمدت حتى 21 جمادى الآخرة من العام نفسه غير أنها سلمت من التهديم لالتماس أعيانها لديه، واتجه هولاكو نحو انطاكية بعدها.

وصل إلى هولاكو نبأ وفاة أخيه مانغو خان التتار الأعظم، لذا فقد ترك بلاد الشام بعد أن ولّى عليها مكانه القائد كتبغانوين، واتجه إلى قره قورم حاضرة التتار لحضور اجتماع رؤساء التتار لانتخاب الخان الأعظم لهم، وهو يطمع أن يحصل على هذا المنصب لما قدم من خدمات لهم بمد نفوذهم إلى العراق والشام، فلما وصل إلى تبريز بلغه خبر انتهاء الاجتماع وإتمام عملية الانتخاب، واختيار أخيه قوبلاي خاناً أعظم للتتار، فسكت احتراماً لأخيه.

أما المماليك البحرية الذين فرّوا إلى بلاد الشام خوفاً من المماليك المعزية وأميرهم سيف الدين قطز، واتجهوا إلى الملوك الأيوبيين وخاصةً إلى الناصر يوسف والمغيث عمر فقد رجع بعضهم إلى مصر خوفاً من المغول، وترك بعضهم الآخر الناصر يوسف الذي تفاهم مع التتار على كرهٍ منه، أو اعتزل بعد فراره من التتار وانضمام جيشه في غزة إلى سيف الدين قطز هؤلاء قد ساروا إلى المغيث عمر صاحب الكرك ومنهم الظاهر بيبرس البندقداري، وبدؤوا يُغيرون على أملاك الناصر يوسف الجديدة، وهذا ما جعل الناصر يوسف يسير بجيش إلى الكرك ويحاصرها ووجد المماليك أنفسهم في وضع خطير وخاصةً الذين كانوا بجانب الناصر يوسف وفرّوا من عنده مغاضبين لموقفه حتى ليقال إن الظاهر بيبرس كان قد عرض على الناصر يوسف إعطاءه أربعة آلاف مقاتل للوقوف في وجه التتار عندما أرادوا عبور نهر الفرات لمنعهم من ذلك لكن الناصر يوسف لم يستجب لهذا الطلب، في هذا الوقت عفا قطز عن المماليك البحرية فبدؤوا يتجهون نحوه من بلاد سلاجقة الروم، ومن الكرك، ومن دمشق وغدا المماليك مرة أخرى مجموعة واحدة، واستقبل قطز هؤلاء استقبالاً لائقاً وخاصةً بيبرس إذ أنزله بدار الوزارة وذلك عام 658.
يتبع ان شاء الله