169 " كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 275 :



أخرجه أبو داود ( 4841 ) و ابن حبان ( 1994 ) و البيهقي ( 3 / 209 ) و أحمد

( 2 / 302 , 343 ) و الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 82 / 1 ) من طرق عن

عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن # أبي هريرة # مرفوعا .



ثم روى البيهقي عن أبي الفضل أحمد بن سلمة : سمعت مسلم بن الحجاج يقول :

لم يرو هذا الحديث عن عاصم بن كليب إلا عبد الواحد ابن زياد , فقلت له :

حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا ابن فضيل عن عاصم به . فقال مسلم : " إنما

تكلم يحيى بن معين في أبي هشام بهذا الذي رواه عن ابن فضيل " .

قال البيهقي :

" عبد الواحد بن زياد من الثقات الذين يقبل منهم ما تفردوا به " .



قلت : و هو ثقة , في حديثه عن الأعمش وحده مقال , و قد احتج به الشيخان , فليس

هذا من روايته عن الأعمش فهو حجة , و بقية رجال الإسناد ثقات , فالسند صحيح .

على أن متابعة أبي هشام الرفاعي - و اسمه محمد بن يزيد بن محمد الكوفي - لا بأس

بها . فإن أبا هشام , و إن ضعفه بعض الأئمة فليس من أجل تهمة فيه , و قد أخرجه

عنه الترمذي ( 1 / 206 ) و قال :

" حديث حسن صحيح غريب " .



( فائدة ) :

-----------

قال المناوي في " فيض القدير " :

" و أراد بالتشهد هنا الشهادتين , من إطلاق الجزء على الكل , كما في التحيات .

قال القاضي : أصل التشهد الإتيان بكلمة الشهادة , و سمي التشهد تشهدا لتضمنه

إياهما , ثم اتسع فيه , فاستعمل في الثناء على الله تعالى و الحمد له " .



قلت : و أنا أظن أن المراد بالتشهد في هذا الحديث إنما هو خطبة الحاجة التي كان

رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه : " إن الحمد لله نحمده و نستعينه

و نستغفره , و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا , من يهده الله

فلا مضل له , و من يضلل فلا هادي له , و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك

له , و أشهد أن محمدا عبده و رسوله " .

و دليلي على ذلك حديث جابر بلفظ :

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيخطب فيحمد الله و يثني عليه بما هو

أهله و يقول : من يهده الله فلا مضل له , و من يضلل فلا هادي له , إن خير

الحديث كتاب الله .... " الحديث .

و في رواية عنه بلفظ :

" كان يقول في خطبته بعد التشهد : إن أحسن الحديث كتاب الله .." الحديث رواه

أحمد و غيره .

فقد أشار في هذا اللفظ إلى أن ما في اللفظ الأول قبيل " إن خير الحديث ... " هو

التشهد , و هو و إن لم يذكر فيه صراحة فقد أشار إليه بقوله فيه : " فيحمد الله

و يثني عليه " و قد تبين في أحاديث أخرى في خطبة الحاجة أن الثناء عليه تعالى

كان يتضمن الشهادتين , و لذلك قلنا : إن التشهد في هذا الحديث إشارة إلى التشهد

المذكور في خطبة الحاجة , فهو يتفق مع اللفظ الثاني في حديث جابر في الإشارة

إلى ذلك . و قد تكلمت عليه في " خطبة الحاجة " ( ص 32 طبع المكتب الإسلامي ) ,

فليراجعه من شاء .

و قوله : " كاليد الجذماء " أي المقطوعة , و الجذم سرعة القطع , يعني أن كل

خطبة لم يؤت فيها بالحمد و الثناء على الله فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة

بها " مناوي .



قلت : و لعل هذا هو السبب أو على الأقل من أسباب عدم حصول الفائدة من كثير من

الدروس و المحاضرات التي تلقى على الطلاب أنها لا تفتتح بالتشهد المذكور , مع

حرص النبي صلى الله عليه وسلم البالغ على تعليمه أصحابه إياه , كما شرحته في

الرسالة المشار إليها . فلعل هذا الحديث يذكر الخطباء بتدارك ما فاتهم من

إهمالهم لهذه السنة التي طالما نبهنا عليها في مقدمة هذه السلسلة و غيرها .



( تنبيه ) :

---------

عزى السيوطي في " الجامع الصغير " الحديث إلى أبي داود فقط و زاد عليه في

" الكبير " العسكري و الحلية و البيهقي في السنن , ففاته الترمذي و أحمد

و الحربي ! و لم أره في فهرست " الحلية " للغماري و الله أعلم .