المتدين قد لا تتغير أخلاقه و سلوكياته بعد الإسلام لأنه مقتنع بها ، و لكن الإيمان ليس شيء إختياري. هو استنتاج ما تجد من معلومات . دعيني أسألك سؤال : هل يقبل الله في الإسلام أن تؤمن باله واحد ليس كمثله شيء ، و تصلي و تصوم إلخ من الواجبات و الفرائض ، و لا تفعل أي شيء من المحرمات ، و لكن لا تؤمن بشيء غير الله و أنك ستقف أمامه في يوم من الأيام ؟ إن كان الأمر كذلك ، أي أن الإيمان بكل شيء أخر غير ما ذكرته ليس ضروري ، فإن مشكلتي محلولة من هذه اللحظة. فإن كان عنك رد أرجو أن تجيبني ، لأنني أعتقد حسب فهمي يجب الإيمان بالله و كتبه كلها و رسله كلها و ملائكته و اليوم الأخر، و أي شيء ينقص هنا يترتب عنه أن الله لن يقبل منك و لن يغفر لك و ستدخل إلى النار
تعرفي متى يصلح ما تقولين يا أسماء ؟ عندما لا يوجد أصلاً إله ...فوقتها لن نطلب منه أن يرشدنا إليه أو يرسل لنا إشارات بوجوده أو أنبياء يعلموننا ما جهلنا ويخبروننا بهذا العالم الآخر أو يسن لنا قوانين تضمن لنا العيش بالعدل في هذه الدنيا وتحفظ لنا حقنا ممن ظلمنا وترشدنا على كيفية التعامل مع هذه الدنيا
لما مايكونش في إله ساعتها نقول لا داعي للرسل والكتب والملائكة والجنة والنار
لأن وجود إله وبشر ضعيف يقتضي بل ويفرض وجود مساعدة منه لهذه المخلوقات الضعيفة كي تعرفه

ولله وحده المثل الأعلى :فالأم لن تنجب وليدها وتتركه في الغابة وتهرب دون رعاية إلا لو كانت أم مجنونة ومختلة عقلياً والأب لن ينجب طفله ويرميه في طريق مظلم دون أن يعلمه ويرشده ويرعاه إلا لو كان أب معتوه لا يعرف يمينه من يساره

وأنا إن عرفت الله غيري لن يعرفه إلا بمساعدة وآخر لن يعرفه إلا بمعجزة وآخرون لن يعرفونه إلا بصاعقة وآخر يكتفي بأي إشارة أو كلمة تمس قلبه فيؤمن وهكذا هي الفروق الفردية بين البشر

لذلك فما دمتِ تؤمنين بوجود إله فإيمانك بالله يوجب عليكِ إيمانك بأنه سيرشدك ويساعدك كي تصلين إليه ..فكيف تؤمنين بالله وتنكرين رعايته ومساعدته ؟
سؤال يا اسماء : هل إذا أتت الآن امرأة وادعت أنها والدتك الحقيقية هل يمكن أن تشعري تجاهها بعاطفة البنت لأمها وتتركي أمك التي ربتك ورعتك ؟ ألن تطلبي من أمك الجديدة هذه دليل على أنها أمك ؟ ألن تلوميها أنها أنجبتكِ وتركتكِ وحدك دون رعاية ؟
لذلك في الآخرة ألأن يطلب الإنسان من خالقه دليل على أنه خالقه يعرفه به في الدنيا ؟ كيف يصل إلينا هذا الدليل وكيف نعرفه دون مساعدة ؟ حتى وإن وصل إليه البعض بالفطرة دون مساعدة فهناك من يعجز عن الوصول وحده ويحتاج مساعدة
فيجب أن تؤمني أن الله لن يخلقك ويذهب بعيداً عنكِ دون أن يساعدك على الوصول إليه
وإلا فأنتِ تريدين إله يتكبر عن رعاية مخلوقاته ويحب أن يراهم تائهين يبحثون عنه دون دليل يرسله إليهم

لذلك فإن كنتِ تؤمنين بوجود إله خالق فما دليلك من هذا الإله الذي تؤمنين به ؟ يجب أن يخبرك أنه موجود ويجب أن يساعدك ويعينك كي تعيشي في الأرض التي جعلكِ فيها بقوانين وتشريعات تحكم المعاملات بينك وبين باقي المخلوقات وتحفظ حقك في هذه الأرض التي خلقكِ فيها ويجب أن يثيبك على عملك الخير ويعاقبك على الشر
كل هذا قال به الله وأخبرنا أن هناك ملائكة وجنة ونار وحساب
أخبرنا عن طريق أنبيائه ... لا أريد أن تعودي للدائرة المفرغة وتقولي لي أريد رؤية الملائكة والمعجزات فكل هذه الأفكار أجبتكِ عليها من قبل ولا نريد اللف

واسألي نفسك يا أسماء لماذا أنتِ مأمورة أن تؤمني بالملائكة والأنبياء والكتب ولماذا فرض على إيمانك هذه الأشياء التي يراها البعض دون البعض
وأرى أن تحمدي الله أن جعل لكِ من البشر أنبياء يعلمونكِ ويرشدونكِ واحمدي الله أنهم بشر مثلك وليسوا ملائكة
لأن كونهم بشر يتيح لكِ فرصة تقليدهم واتخاذهم قدوة لكِ فعندما تجدي بشر مثلك آمن لن يصعب عليكِ الإيمان أما لو جعل الله رسله ملائكة سيقول الإنسان " هؤلاء ملائكة وليسوا بشر وأنا لست كالملائكة فلن أفعل ما يقولون لي لأنهم لا يشعرون بما أشعر من انفعالات وما أحتاجه من احتياجات "

حتى الآن عندما تطلبين من بشر ألا يخطئ يقول لكِ " أنا مش ملاك " إذاً فتقليد الملاك وجعله قدوة ومُعلّم لا يصلح مع الإنسان ولا يصلح أن يكون قائدك ومعلمك ونبيك ملاك

أما لماذا أمرنا الله أن نؤمن بالملائكة والكتب والرسل والجنة والنار والغيب :

لأن إيمانك بهم يوصلك لإيمانك بالله ويثبت هذا الإيمان ويقويه بل ويرسم لكِ خط سيرك في الدنيا في طريق سليم دون اعوجاج ييسر لكِ طريق الآخرة ... فقد جعل الله هذه المخلوقات من أجلك ومن أجل أن توصلك إليه
فإنكارك لهذه المخلوقات سيوصلك لإنكار تشريعات الله وفرائضه وبالتالي إنكار الله في يوم من الأيام
فعندما تنكرين الملائكة لن تؤمني أنه أرسل أنبياء لأنكِ ستتساءلين.. كيف يتصل الله بالبشر ؟ لأن أنعدام وجود ملائكة سيؤدي إلى انعدام الاتصال بين الله وأنبيائه ومن ثم انعدام الوحي وعدم الحاجة للإيمان به
فقد كانت الملائكة هي رسل من الله للأنبياء فإنكارك للملائكة فيه إنكار للأنبياء
وعندما تُكّذبي الأنبياء لن تؤمني بكتبهم التي جعل الله فيها القوانين التي أوجبها للبشر كي يعبدونه ويسيرون حياتهم الأرضية ويعملون بما فيها لحياتهم الأخروية

وعندما تكذبين التشريعات الموجودة بالكتب ستنكرين الثواب والعقاب لأنه لا يوجد قانون وبالتالي تنكرين الجنة والنار
وعندما ننكر الجنة والنار سيعيث الناس في الأرض فساداً ولن يفعل الخير إلا من أراده والغالبية ستفعل الشر لأنها لا تنتظر عقاب على شرها

وعندما تنكرين الجنة والنار ستنكرين يوم الحساب فمادام لا توجد جنة ولا نار إذاً فلا داعي للبعث مرة أخرى

أرأيتِ هي سلسلة إيمانية مُركَّبة يجب أن تؤمني بها بأكملها كي يكتمل إيمانك

لا تؤمني بالبعض وتنكري البعض لأن إنكارك لشئ واحد منها سيقودك إلى الإنكار الكامل لله في يوم من الأيام

وهذا ما أنتِ فيه يا أسماء : أنكرتِ الكتب التي أرسلها الله فكذبتي الأنبياء التي جاءت بالكتب مما أدى إلى إنكارك للتشريعات والقوانين التي جعلها الله للبشر تساعدهم على التعامل مع الحياة بشكل طبيعي فتمنيتِ تشريعات على هواكِ وبالتالي فعلى كل إنسان أن يخترع شرع على هواه اشمعنه انتي اللي حتمشي الدنيا على مزاجك ؟ ماهو كل واحد له نظرة بقى وكل واحد يعمل اللي عايزه ..صح مش ده منطقك ؟

فأنتِ مثلاً تنتقدين ملك اليمين وتتمنين تحريمه وغيرك سيتمنى عدم وجود حد للقتل فهناك من يستلذ بالقتل وهناك من سيتمنى شرع يبيح له الزنا وهناك من سيتمنى شرع يبيح له السرقة وكل واحد حيتمنى تشريع على حسب هواه وتبقى خلطابيطة

ومادمتِ أنكرتِ الأنبياء إذاً فستكرين الملائكة التي أرسلها الله للأنبياء بالوحي
فلا أنبياء ولا كتب ولا ملائكة ولا تشريعات
وبالتالي أنكرتِ الجنة والنار
فأنتِ لا دينية
والفترة القادمة ستنكرين يوم البعث والحساب والوقوف أمام الله
وبالتالي ستصلي منها إلى الإلحاد التام وإنكار وجود الله أصلا
وقد بدأتِ بها في طلبك رؤية الله جهرة لكي تطيعيه في الدنيا وإلا فلن تنفذي

هل علمتِ الآن قيمة إيمانك بالملائكة والأنبياء والكتب والجنة والنار والنتيجة المترتبة على إنكارهم؟

ولن أقول لكِ أنه شيطان يخرجك من كفر لكفر حتى تصلي إلى الإنكار التام لله فتخلدي معه في النار ولكن سأقول لكِ إن كنتِ سعيدة بإنكار مساعدات الله لكِ فأنتِ سعيدة بعقلك وتعبدين هواكِ وليس الله وفي يوم ما ستنكرين الله وتذكري كلماتي

واقرأي هذه الآيات لتعلمي فائدة إرسال الملائكة والأنبياء والكتب ولماذا نحن مطالبون بتصديقهم

: وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً [الفرقان : 21]
: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [الحج : 75]

: رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء : 165]

كان يمكنني أن أكتب لكِ هذه الآية في بداية الرد على سؤالك وانتهى الموضوع لكنكِ لن تصدقيها
فأحببت أن أحدثك بالعقل أولا وما تقتضيه حكمة إرسال الرسل والكتب والملائكة
لذلك فليس لكِ عند الله حجة يا أسماء إذ أخبرك من خلال هذه الوسائل فإن أنكرتيها فأنتِ تنكرينه من خلال إنكار أوامره ومخلوقاته وتريدين إلها على هواكِ