الشبهة الثالثة و السبعون (73):
- إن الإسلام يحارب الفقراء بأبشع الصور, بحيث لو سرق الفقير الجوعان رغيفاً من الخبز, طُبِّق عليه حد السرقة, وقُطعِت يده, وإذا جاع وسرق رغيفاً آخر, قُطعِت يده الثانية, حتى لو كان سيطعم أولاده الصغار, ما هذه الوحشية يا أيها المسلمون؟

الرد:
- إن حد السرقة فى الإسلام ليس فى الرغيف كما تقولون, إن حد السرقة لا يطبق إلا فى ربع دينار من الذهب, وبشرط أن يكون فى حِرْز, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُقطَع يد السارق إلا فى ربع دينار فصاعداً)) [صحيح مسلم] والدينار يساوى أربعة جرامات وربعاً, فلو قلنا - بالتقدير الحالى تقريباً- إن الجرام يساوى مائة جنيه, فيكون الدينار بأكثر من أربعمائة جنيه (425) وربع الدينار يساوى أكثر من مائة جنيه, ورغيف الخبز الذى تتكلمون عنه يساوى خمسة قروش, أو عشرة قروش, أى أنه لا يساوى بالنسبة لحد السرقة واحداً إلى1000, تنقص أو تزيد قليلاً حسب سعر الذهب والخبز. فالإسلام لا يعاقب بحد السرقة فى أقل من ربع دينار ذهب, ولو كان كسر حِرْزاً, يعنى أننا لا نقطع يد من سرق رغيفاً (كما تقولون) ولا حتى من سرق بطة, أو دجاجة مشوية, فأين هى الوحشية؟ وفى المجاعات لا نقطع يد من سرق ليطعم نفسه أو أولاده, ولو سرق كبشاً, أما عندكم فإن السارق إذا ضُبِطَ وهو يحاول سرقة ثور أو شاة, فضُرِبَ حتى مات, فلا دِيَةَ له, وها هو كتابكم المقدس يقول: إذا سرق إنسان ثوراً أو شاة فذبحه أو باعه يعوّض عن الثور بخمسة ثيران وعن الشاة بأربعة من الغنم. إن وجد السارق وهو ينقب فضُرِبَ ومات فليس له دم (خروج22: 1-2)
فلابد إذن فى قطع اليد من ثلاثة شروط, الأول: أن يكون مقدار السرقة يساوى ربع دينار أو أكثر, فلو سرق بالقيمة الحالية تسعة وتسعين جنيهاً لا تقطع يده. الثانى: لابد أن يكون المال أو المتاع الذى سرقه فى حِرْز, أى فى شىء مغلق عليه, مثل أن يكسر دُرْجاً, أو باب شقة, أو خزانة. فلو خطف السارق شيئاً من أحد يسير فى الشارع - مثلاً - لا تقطع يده, ولو كان الشىء المسروق أكبر من ربع دينار, أما لو هدده بالسلاح وأخذ ماله, فإن هذا يسمى غصباً, ويطبق عليه حد الحِرابة, وهو أشد من قطع اليد, حتى يأمن الناس على أرواحهم وأموالهم, فلابد أن تكون العقوبة رادعة لمن تُسِوِّل له نفسه الاعتداء على خلق الله. الثالث: أن يصل الأمر إلى الحاكم, فلو سرق أحد من حِرْز - ولو 1000 جنيه أو أكثر - ثم جاء أهله واعتذروا لصاحب المال, وتذللوا له أن يترك ولدهم, ولا يرفع أمره إلى الحاكم, فعفا عنه, أو تصالحوا على شىء مقابل عدم البلاغ عنه, فلا تقطع يده, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تَعافُوا الحدودَ فيما بينكم, فما بلغنى من حَدّ فقد وجب)) [سنن أيى داود والنسائى, صحيح الجامع:2954] ومعنى هذا الحديث الشريف أن الناس إذا تسامحوا فيما بينهم فى حقوقهم فلا تطبق عليهم الحدود, أما لو بلغ الأمر إلى الحاكم فقد وجب عليه تطبيق الحد. ولو سرق أحد من حِرْز, فكسر خزينة - مثلاً - وسرق مائة ألف جنيه, ورُفِعَ أمره إلى الحاكم, واعترف بسرقته, ولكنه اعتذر عن سرقته بأنه عَمِلَ عند هذا الرجل, ولم يعطه أجره الذى يساوى أكثر من المبلغ الذى سرقه, وأتى بشهود فشهدوا له بما قال, فلا تقطع يده. ولو سرق فقير لشدة حاجته واضطراره - مثلاً - إلى إجراء عملية فيها إنقاذ لحياته, أو لحياة ولده, ولا يجد من يساعده, فلا تقطع يده. وقطع اليد فيه حفاظ على أموال الناس, فكما أنه يحذرك من سرقة غيرك, ففى الوقت نفسه يحذر جميع الناس أن يسرقوا منك. والدول التى تطبق حد السرقة - مثل السعودية - يعيش الناس فيها آمنين على أموالهم, ومن يَمُنّ الله عليه بالحج أو العمرة يرى أصحاب المحلات يتركونها مفتوحة, ويذهبون إلى الصلاة وهم آمنون, فمن يضحى بيده ولو أعطيته كنوز الأرض؟ وهنا سؤال يطرح نفسه.. هل معنى هذا أن كل من سرق ولم تنطبق عليه شروط إقامة الحد لا يُعاقَب؟ إذن لاحترف السرقة خلق كثيرون! ونقول لهم: إن هذه الأحوال فيها التعزير, وهو ما يحدده القاضى - أو من ينوب عنه - من عقوبة, مثل الضرب, أو السجن, أو النَّفْى, كل بحسب حاله.
والذين يتهموننا بالوحشية فى قطع يد السارق, عندهم ما هو أشد من ذلك, فقد جاء فى كتابهم المقدس:
إذا تخاصم رجلان بعضهما بعضاً رجل وأخوه وتقدمت امرأة أحدهما لكى تخلِّص رُجُلَها من يد ضاربه ومدَّت يدها وأمسكت بعورتِهِ فاقطع يدها ولا تشفق عينك (تثنية25: 11-12) وجاء فيه أيضاً: فإن أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك خيراً لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى فى النار الأبدية ولك يدان أو رجلان. وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى فى جهنم النار ولك عينان. (متى18: 8-9), والله أعلم.



الشبهة الرابعة و السبعون (74):
- لماذا تصرون على ارتداء المرأة للحجاب, مع أن هذا لا يعنى تدينها, ولا يضمن لها السلامة الخُلُقية, بدليل أن المرأة العربية فى الجاهلية كانت محتجبة, وهناك كثير من النساء يرتدين الحجاب وهن غير متدينات, بل ويأتين الفاحشة, فما قيمته إذن؟

الرد:
- ما رأيكم فى الصورة الفوتوغرافية التى تقولون إنها صورة السيدة مريم, رضى الله عنها؟ وما رأيكم فى أمِّكم (تريزا) التى تحبونها وتوقرونها, وتقولون إنها قامت بأعمال خيرية كثيرة للفقراء فى الهند وغيرها, ثم توفِّيَت فى فترة التسعينيات بعدما تجاوزت الثمانين عاماً؟ هل كانتا ترتديان الحجاب أم لا؟ فإذا كنتم تؤمنون بهما, وتحبونهما, وقد كانتا محجبتين, فلماذا تنكرون الحجاب علينا؟ ثم إن هناك أدلَّة كثيرة فى كتابكم المقدس - ليس على الحجاب فقط - بل على النقاب أيضاً, حتى إنه قد حكم على التى ترفض الحجاب بقص شعرها, واقرأوا إن شئتم:
وأما كل امرأة تصلِّى أو تتنبّأ ورأسها غير مُغطَّى فتُشين رأسها لأنها والمحلوقة شىء واحد بعينه. إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليُقَصُّ شعرها. وإن كان قبيحاً بالمرأة أن تقص أو تحلِق فلتتغطَّ. (الرسالة الأولى إلى كورنثوس11: 5-6)
احكموا فى أنفسكم. هل يليق بالمرأة أن تصلِّى إلى الله وهى غير مُغطّاة. (الرسالة الأولى إلى كورنثوس11: 13)
ها أنتِ جميلة يا حبيبتى ها أنتِ جميلة عيناكِ حمامتان من تحت نقابِك. (نشيد الأنشاد4: 1)
خدّك كفلقة رمّانة تحت نقابِك. (نشيد الأنشاد4: 3)
إن الحجاب له قيمة عظيمة, فكما أنه حماية للمرأة من الاغتصاب والمعاكسات, فهو حماية للرجال من الفتنة فى دينهم, وإشاعة الفساد فى المجتمع, فليس شرطاً أن التى ترتديه تكون متدينة, بل إنه يُفرَض حتى على النساء الكافرات فى بلاد المسلمين, لأنها لو ابتذلت وتكشَّفت, لكانت مثيرة للغرائز والشهوات, وفِتنة للشباب المسلم, فنقول لها لكِ حرية العقيدة, ولكن لا تؤذينا فى ديننا. فالشاب الذى لا يجد ما يعف به نفسه من الحلال, ماذا يفعل؟ إمّا أن يحاول الوصول إليها, وحينها يكون معرَّضاً لعقوبة الدنيا والآخرة, أو يكبت شهوته, فيصاب بالعقد النفسية. والرجل المتزوج من امرأة دميمة حين يرى الجميلة يسخط على قَدَر الله, ويتحسر, ويبغض امرأته, وينظر إليها نظرة احتقار, وربما طلَّقها, أو أساء معاملتها, أو حاول الوصول لغيرها, أما لو غطت المرأة مفاتنها فلن تثير أحداً, ولن يتعرض لها أحد, لأنه لا يدرى أهِىَ صغيرة أم كبيرة, أهى جميلة أم قبيحة, أهى بيضاء أم سمراء... إلخ. ولو فرضنا أن سلوكها الشخصى غير منضبط, فإن هذا لا يضر إلا القليل, أما التى تخرج من بيتها متبرجة - وإن كانت عفيفة - فكم تفتن من الرجال؟ وكم نظرة زنى تتعرض لها؟ وكم صدَّت عن سبيل الله؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كُتِبَ على ابنِ آدمَ نصيبُهُ من الزنى مُدرِكٌ ذلك لا مَحَالةَ, فالعينانِ زناهُما النظر, والأُذنانِ زناهُما الاستماع, واللسانُ زناهُ الكلام, واليدُ زناها البَطْش, والرِّجلُ زناها الْخُطَى, والقلب يهوى ويتمنى, ويُصَدِّقُ ذلكَ الفرجُ ويُكَذِّبُه)) [صحيح مسلم] وما كثرة حوادث الاغتصاب إلا من كثرة تبذُّل النساء وعُريهن, حتى إن الله عز وجل حينما تكلم عن الزنى ذكر المرأة أولاً, لأنها السبب, فقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2] وإلا- فأخبرونا عن أى امرأة مختمرة أو منتقبة اغتُصِبَت (والعياذ بالله). إن من أهمية الحجاب التى لا يُستهانُ بها أنه يحجز من ترتديه – إلى حد كبير - عن فعل المنكرات, لأنها تستحى – فى كثير من الأحيان – من بعض الأفعال التى لا تليق بحجابها, كالشرطى الذى يرتدى بَدْلَة عَمِله, تجده لا يتصرف كتصرفه لو خلعها. ويكفى الحجاب شرفاً أن الله سبحانه وتعالى وَجَّه الأمر به لزوجات النبى - صلى الله عليه وسلم - وبناته أولاً, ثم لنساء المؤمنين من بعده, فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب:59] فالعفاف لا يغنى عن الحجاب, فاعتبروا يا أُولِى الألباب.
والذين يقولون: إن الحجاب تخلُّف وعَوْدَة للوراء, نقول لهم: أهُوَ حجاب للعقل أم للبدن؟ وهل التحضّر والرُّقِى والثقافة فى التعرِّى؟ وهل الحجاب منع النساء أن يتفوقنَ؟ إن الناظر لصور المتفوقات فى الثانوية العامة فى الصحف والمجلات, يجد أن كلهن - أو أكثرهن - محجبات, فلماذا لم يمنعهن الحجاب من التفوق؟ ولو ارتدت الحجاب أى امرأة ممن تفتخرون بعلمهن وثقافتهن, فهل يطير العلم من رأسها؟ ولو ارتدت الحجاب أى وزيرة, أو أستاذة جامعية - أو حتى رئيسة دولة - فهل تصبح أُمِّية, أو متخلِّفة؟ وهل كل المتبرجات مثقفات؟ إنهن بالملايين فى الدول المتخلفة - مثل بعض البلاد الأفريقية - فأين هى ثقافتهن؟ وحين فتح المسلمون البلاد, ودانَت لهم المشارق والمغارب, هل كانت نساؤهم متبرجات؟, والله أعلم.



الشبهة الخامسة و السبعون (75):
- إن عدم الاختلاط عندكم أصاب الشباب والشابات بالكبت والعقد النفسية, فلماذا لا تبيحون الجنس كما هو عندنا فى الدول الأوربية؟

الرد:
- إن قائل هذا القول لا دراية له بالنفس البشرية, والشاهد من واقعنا أن الذى يطلق لنفسه العنان فى إشباع رغباته الجنسية, يأتى عليه بعد فترة شعور بالألم النفسى, والحسرة, وعدم الاستقرار, وينظر لمن عَفَّ نفسه بالحلال, وأصبحت له أسرة وأطفال, نظرة غِبطَة, ويتمنى أن لو كان مكانه, وكذلك المرأة التى لا تبالى بأى قيود شرعية أو غير شرعية, تشعر هى الأخرى بعد فترة بالتمزق النفسى, وتتمنى أن لو كان لها زوج وأطفال من الحلال, هذا لأن الإنسان كما هو محتاج لإشباع جسده فهو محتاج لإشباع روحه, وإشباع روحه لا يأتى إلا بالتقرب إلى من خَلَقَها, والدليل على ذلك أن أكبر نسبة انتحار فى العالم توجد فى الدول الأوربية, حيث الرُّقِى المادى, والانحلال الجنسى, وكل وسائل الترف والنعيم, ولكن نفوسهم خَواء. وسَلُوا قائل هذا القول: هل استقرت الأمور بعد أن أطلقتم الحريات, حتى لا يكاد يتأكد أحد من معرفة أبيه؟ وهل الانحلال عندكم أدَّى إلى إشباع جنسى واستراحت النفوس؟ إنهم لم يكتفوا بالمتاح لهم من النساء, فلجأوا إلى الاغتصاب, حتى وصل الاغتصاب فى أوربا وأمريكا إلى أعلى النسب العالمية, ولم يردعهم رادع, رغم قسوة القوانين, التى وصلت فى بعض البلدان إلى الإعدام, ولقد أصيبوا بالأمراض النفسية, والشذوذ الجنسى, لدرجة أنهم أباحوا ما يسمى بزواج المِثلَيْن (أى زواج الذكرين وزواج الأنثيين) حتى إن القساوسة فى أمريكا وأوربا يقومون بعقد هذا الزواج فى كنائسهم! هذا فضلاً عما أصيبوا به من الأمراض الفتّاكة المهلكة, كالزهرى, والسيلان, وسرطان عنق الرحم, وكان آخرها مرض الإيدز, الذى تتكلف أبحاثه مليارات الدولارات, ورغم هذا فهو فى زيادة مطردة. وظهور الأمراض الجديدة التى تتسبب فيها الفاحشة, أخبر عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((يا معشر المهاجرين, خِصال خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة فى قوم قط حتى يعلنوا بها, إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن مضت فى أسلافهم الذين مضوا, ولم يُنقِصوا المكيال والميزان, إلا أُخِذوا بالسنين, وشدة المؤنة, وجَوْر السلطان عليهم, ولم يمنعوا زكاة أموالهم, إلا مُنِعوا القطر من السماء, ولولا البهائم لم يُمْطَروا, ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله, إلا سلَّط الله عليهم عدواً من غيرهم, فأخذوا بعض ما كان فى أيديهم, وما لم تحكم أئِمَّتهم بكتاب الله عز وجل, ويتخيَّروا مما أنزل الله, إلا جعل الله بأسهم بينهم)) [سنن ابن ماجه, صحيح الجامع:7978] هذا بالإضافة إلى التفكك الأُسَرِى, وكثرة أطفال الشوارع واللُقطاء.
إن الاختلاط هو سبب المصائب, وسبب الفواحش, ما ظهر منها وما بطن, نار وبنزين, نسمح للفتى والفتاة فى أوْج شهوتهما أن يختلطا ببعضهما, بحجة الزمالة, أو القرابة, أو ما شابه ذلك, ونقول إنهما مثل الإخوة, وقد تربّيا مع بعضهما! ثم نعض على أصابعنا حين يحدث ما لا تُحمَد عُقباه. لقد قدَّروا حالات الأطفال الذين لا يعترف بهم آباؤهم فى بلادنا بنحو أربعة عشر ألفاً. إن التبرج والاختلاط هو الذى يأتى بالكبت والعقد النفسية, عَرْض السلعة ومَنْع الشراء, أضَع أمامك الطعام وأنت جوعان, ثم أقول لك: إياك إياك أن تمتد إليه يدك! فهل يُقِرّ ذلك عاقل؟ إن بعض الدول الإسلامية التى حذت حَذْو الغرب, وسمحت بالاختلاط بين الشباب والشابات, كثرت فيها الفواحش, والزواج العرفى, والأب آخر من يعلم, لقد قدَّروا عدد حالات الزواج العرفى فى بلادنا بنحو 6 ملايين, أكثرها بين طلبة المدارس والجامعات, وهو ليس بنكاح, ولكنه سفاح, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا نكاح إلا بوَلِىّ)) [صحيح البخارى] وقال: ((أيما امرأة نُكِحَت بغير إذن وليها, فنكاحها باطل, فنكاحها باطل, فنكاحها باطل)) [صحيح الجامع:2709] فلابد من موافقة ولى الزوجة (وهو أبوها أو من يحل محله) والإشهار, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فَصْل ما بين الحلال والحرام, الدُّف والصَّوْت فى النكاح)) [سنن النسائى وابن ماجه, صحيح الجامع:4206] ولا يُفهم من الحديث الشريف أن "الصَّوْت" يُقصَدُ به الزغاريد, أوالأغانى الماجنة, أو الموسيقى, ولكنه الضرب بالدُّف فقط, والأغانى العفيفة, بدون تميّع, أو اختلاط بين الرجال والنساء, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صوتان ملعونان فى الدنيا والآخرة: مِزمار عند نعمة, ورنَّة عند مصيبة)) [صحيح الجامع:3801]
إن الإسلام حارب الرذيلة, وحمى المجتمع منها بفرض الحجاب, وغض البصر, وتحريم الخلوة بين الرجل والمرأة, والخضوع بالقول, وكل ما من شأنه إثارة الغرائز والشهوات, وشجع على الزواج وتعدده, حتى لا تبقى عوانس, أو مطلقات, أو أرامل بغير زوج, لأن عدد الرجال فى أى دولة فى العالم أقل من عدد النساء, وحث على عدم الغُلُو فى المهر والنفقة, حتى لا يكون عائقاً للحلال, مُشجِّعاً على الحرام, قال الله عز وجل: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور:32] {الْأَيَامَى} جمع أيِّم, ويطلق على الرجل والمرأة, فيقال (رجل أيِّم) أى بغير زوجة, و(امرأة أيِّم) أى بغير زوج, وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر الشباب, من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغضّ للبصر, وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم, فإنه له وِجاء)) [صحيح مسلم] ((وِجاء)) أى وقاية, أما إن بقيت بعد ذلك حالات خيانة فهى نادرة, وتعبر عن فطرة ملتوية غير سليمة, والله أعلم.



يتبع