وبعد ان فندنا أصل الرواية نأتي إلى أدلة القرآن التي تفند هذه القصة

من المعلوم قطعاً أن داوود عليه السلام هو نبي من انبياء الله والنبي هو أحق أن يعرف ان الاعمار بيد الله لا يعلمها ولا يمكن أن ندي من الأجل أو نبعده فهو مقدر قبل الخليقة مصداقاً لقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا)النساء 78,77

وليس من يقول أنني أذهب إلى المعركة لأُقتل إلا منافق كما حدثنا عنه الله تعالى (الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) آل عمران 168


فهذا يُنفي تماماً أن يكون داوود عليه السلام قد أرسل هذا الرجل إلى المعركة ليُقتل .



(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص 17

((وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) ص 20

( وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ) ص 25

فكيف يتفق ذلك مع هذه القصة المدسوسة ؟ !


يقول د. مهران ماهر عثمان

أقسام الإسرائيليات:
في بعض الأحاديث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قراءة كتب أهل الكتاب وعن النظر فيها وبالتالي عن حكايتها، من هذا حديث جابر رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنهم أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم- المراد قُرئ عليه لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقرأ- فَغَضِبَ، فَقَالَ أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ - التَّهَوُّك التَّهَوُّر وزناً ومعنىً، وهو الوُقُوع في الأمْرِ بِغَيْرِ رَوِيَّة- وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صلى الله عليه وسلم كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي» [أحمد والدارمي]، هذا النص أفاد عند العلماء : عدم جواز مطالعة كتب أهل الكتب وبالتالي لا يجوز النظر في أخبارهم .


نصٌ ثانٍ يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:«بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» [صحيح البخاري] ،
فهنا : ينفي الحرج .

نصٌ ثالث : في صحيح الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا : { آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا } الْآيَةَ..» .
وقد جمع العلماء بين هذه النصوص ، وذكر قولهم الحافظ ابن كثير – رحمه الله – في أول التفسير قال : قال العلماء – رحمهم الله - : إن أخبار أهل الكتاب على ثلاثة أنواع :



النوع الأول : ما نعلم بطلانه بما جاءنا من الوحي ، فهذا لا يجوز لنا أن نحكيَه ولا أن نسوقَه ، وإن سقناه فإننا نرده ونكذِّبه ، وذلك لما قام لدينا في شرعنا من الدليل على أن هذا من الباطل .

النوع الثاني : ما جاءنا من أخبار أهل الكتاب مما نعلم صدقه لموافقته ما أخبرنا الله عز وجل به ، وهذا كثير من الأشياء في التوراة والإنجيل نجدها توافق ما عندنا ، وبالذات في باب القصص والأخبار ، فهذا النوع هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : «وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» ، أي : فيما عَلِمْتم أنه يوافق ما عندكم .

النوع الثالث : ما لا يوافق ولا يخالف ، فهذا هو الذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم» . «لا تصدقوهم»؛ لأنه لا تعلمون صدقهم فيه ، «ولا تكذبوهم» يعني : أنتم لا تعلمون كذبهم فيه.


ومثل هذه القصة لا جرم أنها كذب واختلاق .

إنتهى الرد بفضل الله .