بكر كل خليقة

بقلم العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الملقب بـ التاعب



الحمد لله نحمده , ونستعين به ونستغفره , ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مُضِل له , ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , وصَيفِّه من خلقه وخليله , بلَّغ الرسالة , وأدى الأمانة , ونصح الأمة , فكشف الله به الغمة , ومحى الظلمة , وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين , وأشهد أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله , وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه .



ثم أما بعد ؛



« اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ».



۩ مقدمة :



النص محل البحث يعتبر شاهد مقابل لنص بحثنا السابق (رؤيا 3/14- بداءة خليقة الله) , وهو النص الموجود في رسالة بولس إلى أهل كولوسي الذي يعتد من النصوص الشائكة في العهد الجديد التي تمس لاهوت يسوع بشكل خطير وحوله جدل كبير بين مفسري العهد الجديد , الجميع يحاول صرف النص عن معناه الظاهر ويحاول تفسيره بشكل يحافظ على لاهوت يسوع بأي شكل وبأي ثمن سواء بالتدليس أو الكذب أو الخداع أو ما شابه ذلك , وإليكم النص محل البحث ؛



Col 1:15 الذي هو صورة الله غير المنظور، بكر كل خليقة.

Col 1:15ὅς ἐστιν εἰκὼν τοῦ Θεοῦ τοῦ ἀοράτου, πρωτότοκος πάσης κτίσεως

Col 1:15 hos estin eikwn tou thee’ou tou aoratou prwtotokos pasees ktisews



موضوع بحثنا اليوم سيكون حول العبارة الأخيرة في النص وهي ؛

(پروتوتوكوس پاسيس كتيسيوس - πρωτότοκος πάσης κτίσεως) والتي لا يختلف إي مسيحي على أن العبارة تصف يسوع ؛

سيكون البحث - بإذن الله عز وجل - مبني على تحليل العبارة بحسب اللغة اليونانية , معتمدين على كم هائل من المراجع الخاصة باللغة اليونانية , بالإضافة إلى المعاني التي أخذتها الكلمات في نصوص أخرى بالكتاب المقدس , ولنرى سوياً هل العبارة محل البحث تجعل يسوع مخلوق أم لا ؟



۩ مفهوم المسيحي لهذه العبارة :



كما في نص الرؤيا 3/14 , يدرك كل مفسر ان نص رسالة كولوسي 1/15 يعطي دلالة ظاهرة لأي قاريء بان يسوع مخلوق , فيقوم المفسر بصرف هذا المعنى الواضح ثم يقوم بإرساخ مفهوم آخر في عقل القاريء ألا وهو أن يسوع موجود قبل كل خليقة مع التأكيد على انه ليس مخلوق منهم وقد يضيف أيضاً أن العبارة تقول بأن يسوع هو مُبديء الخليقة , وإليكم نبذه لما يقدمه المفسر لنا حول هذه العبارة ؛



تفسير العهد الجديد لأنطونيوس فكري

بكر كل خليقة = كلمة بكر فى اليونانية تشير لمعنى المولود الأول، فالمسيح أو الإبن هو مولود من الآب وليس مخلوق، التعبير لا يعنى أول خلق الله. وكلمة بكر تعنى رأس أو بداءة أو مُبدىء كل خليقة الله، والخليقة مخلوقة وليست مولودة. ونفهم قوله بكر كل خليقة أنه المتقدم الذى يفوق الخليقة كلها، وهو قبل كل الخليقة وقبل الزمن.ونسمع بعد ذلك أنه هو الخالق، فكيف يكون خالقاً ومخلوقاً فى الوقت نفسه = الكل به. وإذا كان هو خالق الكل. فهل خلق نفسه؟



هنا نجد ان أنطونيوس فكري يريد إضافة معنى كلمة بكر (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) إلى الآب وليس للخليقة , رغم ان النص واضح وصريح حيث يقول ان يسوع هو (بكر كل خليقة) وليس بكر الآب ! , صراحة انا ارى هذا ضعف وهزيمة , وأكاد أكون متيقن ان أنطونيوس مدرك تماماً ان النص يقول بأن يسوع بكر المخلوقات بمعنى انه أول مخلوق لذلك تجده بعد التدليس الواضح يقول صراحة (التعبير لا يعنى أول خلق الله) وفي هذا لدينا عبارة مصريه عامية تقول (إلّـي على راسه بطحة بيحسس عليها) , حيث أنه يعلم جيداً ان النص يعني ان يسوع أول خلق الله ولكن لا حياة لمن تنادي , ثم يقول ان كلمة بكر تعني رأس أو بداءة كل خليقة وقد علمنا في البحث السابق ان هذا المعنى يثبت ان يسوع مخلوق ولكنك تجد أنطونيوس يضيف في النهاية أن يسوع (مُبديء) كل خليقة , وسوف نرى أن هذا المعنى غير وارد إطلاقاً في كلمة (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) وان وإضافة كلمة (مُبديء) ضمن معاني كلمة بكر يعتبر إما تدليساً أو جهلاً من المُفَسِّر .



أيضاً نرى أنطونيوس يقول (ونفهم قوله بكر كل خليقة أنه المتقدم الذى يفوق الخليقة كلها) وهذا المعنى وارد في كلمة (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) فهو المتقدم أي أنه أول المخلوقات كلها أي خُلق قبل الكل , والذي يفوق الخليقة كلها أي أنه هو الأعلى قدراً ومكانة بين جميع المخلوقات ولكن هذه المعاني مع عدم نفي كون يسوع مخلوق من ضمن المخلوقات .



أيضاً تجد أنطونيوس يقول (وهو قبل كل الخليقة وقبل الزمن) ؛ هنا تجد انه يعيد كلامه مرة أخرى بشأن قبل كل خليقة , ويضيف كذبة جديدة وهي أن يسوع قبل الزمن , وهذا المعنى يعتبر كذب فاجر لا يمت للعبارة التي يقوم أنطونيوس بتفسيرها بأي صلة من الصلات , لكننا ندرك جيداً ان هذا ضعف من المفسر ومحاولة منه لحشو أي معاني (لاهوتية) في رأس المسيحي البسيط حتى يُضَيِّع ما أحدثه النص ! , وفي النهاية تجد تعليقات لا تدل إلا على ضعف الحُجة والنكسار الداخلي , ولكننا من خلال هذا البحث - بإذن الله عز وجل - سنقوم بالرد على جميع هذه التساؤلات .



تفسير العهد الجديد لتادرس يعقوب ملطي

بكر كل خليقة : دعوته “بكر كل الخليقة” أو رئيسها، فلا تعني أنه أحد المخلوقات السامية، إنما وقد تجسد صار بإرادته أخًا ليضم الخليقة إليه، فيحملها إلى حضن أبيه. وأنه وحده قادر بدمه يتمم المصالحة بين الآب والبشرية. يقول البابا أثناسيوس الرسولي أنه لم يرد قط عن السيد المسيح أنه “بكر من الله” أو “خليقة من الله”، إنما كُتب عنه أنه الوحيد الجنس، الابن، الكلمة، والحكمة، هذه كلها تمس علاقة الأقنوم الثاني بالأول، أما قوله “بكر كل خليقة” فهي تسمية تختص بتنازله وتفضّله من أجل الخليقة.



في تفسير تادرس نجد كلاماً غير مفهوما ولا يمت للعبارة بصلة , مع وجود النفي المعهود للمعنى الظاهر للنص (فلا تعني أنه أحد المخلوقات السامية) , ثم يقوم تادرس بإدراج قول من أقوال أثاناسيوس الرسولي الذي يقوم هو أيضاً بكتابة كلام لا يمت لتفسير العبارة بصلة , ويقول في الآخر ان بكر كل خليقة تسمية تختص بتنازل يسوع وتفضله من أجل الخليقة ولا ندري ما دخل هذا الكلام بالعبارة , ومازلنا في حاجة لمعرفة معنى كون يسوع بكر كل خليقة , ما نراه من المفسرين هو هروب واضح للمعنى الجَلِيّ الظاهر من النص الذي سنقوم الآن بتفصيله بإذن الله عز وجل .



۩ التحليل اللغوي للعبارة اليونانية :



(بكر كل خليقة - πρωτότοκος πάσης κτίσεως) هي العبارة محل البحث ؛ أي معلومات لغوية مطروحة لها مرجعية من قواميس ومعاجم خاصة باللغة اليونانية وأيضاً الإستخدام الكتابي لهذه الكلمات ؛ وفي هذا تستطيع الرجوع إلى المراجع المذكورة بالإضافة إلى الملاحق العديدة المدرجة في نهاية البحث .



The Greek NT Byzantine ####Form

Col 1:15οςG3739 R-NSM εστινG1510 V-PAI-3S εικωνG1504 N-NSF τουG3588 T-GSM θεουG2316 N-GSM τουG3588 T-GSM αορατουG517 A-GSM πρωτοτοκοςG4416 A-NSM-S πασηςG3956 A-GSF κτισεωςG2937 N-GSF



أول كلمة في العبارة (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) تعتبر أساس العبارة كلها ومفتاح فهمنا لحقيقة كون يسوع مخلوق أم لا ؛

أتت كلمة (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) في النص كصفة أو نعت للمفرد المذكر , وهذا المفرد المذكر الموصوف هو يسوع ؛

وسوف نفصل في معنى الكلمة لاحقاً .



الكلمة الثانية في العبارة (پاسيس - πάσης) التي ترجع للأصل (باس - πᾶς) والتي تعطي معنى كل أو جميع , وتفيد الشمول والعموم , وتأتي كلمة (پاسيس - πάσης) في العبارة كـصفة أو نعت بالحالة الإعرابية مضاف إليهبحيث ان المذكور قبله منسوب إليه , وبمعنى آخر نقول ان يسوع تم وصفه بأنه (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) وأضيف إلى هذا الوصف وصف آخر وهو (پاسيس - πάσης) .



πασηςG3956 A-GSF

Morphological Analysis Codes

A-GSF

Part of Speech: Adjective

Case: Genative (possession, “of”; also origin or separation, “from”)

Number: Singular

Gender: Feminine



بالطبع لا يستقيم معنى العبارة هكذا فقط , لذلك يجب إضافة كلمة أخرى بعد الصفتين (پروتوتوكوس -πρωτότοκος) و (پاسيس - πάσης) وهذه الكلمة هي الإسم التي ستكون من الناحية الإعرابية مضاف إليه حتى يكتمل المعنى , أي ان هاتين الصفتين من جنس هذا الإسم , كما في النصوص التالية ؛



Mat 23:27 ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة.

Mat 23:27 ουαι υμιν γραμματεις και φαρισαιοι υποκριται οτι παρομοιαζετε ταφοις κεκονιαμενοις οιτινες εξωθεν μεν φαινονται ωραιοι εσωθεν δε γεμουσιν οστεων νεκρων και πασης ακαθαρσιας



Luk 5:17 وفي أحد الأيام كان يعلم وكان فريسيون ومعلمون للناموس جالسين وهم قد أتوا من كل قريةمن الجليلواليهودية وأورشليم. وكانت قوة الرب لشفائهم.

Luk 5:17 και εγενετο εν μια των ημερων και αυτος ην διδασκων και ησαν καθημενοι φαρισαιοι και νομοδιδασκαλοι οι ησαν εληλυθοτες εκ πασης κωμηςτης γαλιλαιαςκαι ιουδαιας και ιερουσαλημ και δυναμις κυριου ην εις το ιασθαι αυτους



Act 8:27 فقام وذهب. وإذا رجل حبشي خصي وزير لكنداكة ملكة الحبشة كان على جميع خزائنها - فهذا كان قد جاء إلى أورشليم ليسجد.

Act 8:27 και αναστας επορευθη και ιδου ανηρ αιθιοψ ευνουχος δυναστης κανδακης της βασιλισσης αιθιοπων ος ην επι πασης της γαζης αυτης ος εληλυθει προσκυνησων εις ιερουσαλημ



Act 20:19 أخدم الرب بكل تواضع ودموع كثيرة وبتجارب أصابتني بمكايد اليهود.

Act 20:19 δουλευων τω κυριω μετα πασης ταπεινοφροσυνης και πολλων δακρυων και πειρασμων των συμβαντων μοι εν ταις επιβουλαις των ιουδαιων



Rom 15:13 وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس.

Rom 15:13 ο δε θεος της ελπιδος πληρωσαι υμας πασης χαραςκαι ειρηνης εν τω πιστευειν εις το περισσευειν υμας εν τη ελπιδι εν δυναμει πνευματος αγιου



هكذا ندرك أن عبارة (پروتوتوكوس پاسيس - πρωτότοκος πάσης) ينقصها الإسم الذي يجب أن يضاف لـ (پاسيس - πάσης) الصفة حتى يكتمل المعنى وتكون الصفتين السابقتين من جنس هذا الإسم , بحيث تكون صفة(پروتوتوكوس - πρωτότοκος) منسوبة إلى (پاسيس - πάσης) التي هي أيضاً صفة منسوبه إلى إسم معين وهو (كتيسيوس - κτίσεως) وتعني خليقة .



وبهذا يكتمل المعنى ويتضح لنا مفهوم العبارة , بكر (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) منسوبة إلى الصفة كل(پاسيس - πάσης) المنسوبة إلى الإسم خليقة (كتيسيوس - κτίσεως) بحيث يكون الموصوف بأنه بكر(پروتوتوكوس - πρωτότοκος) - أي يسوع - من جنس الخليقة ! , والآن اصبحت كلمة (پروتوتوكوس -πρωτότοκος) هي الفيصل في الوصول إلى معنى العبارة بشكل دقيق وصحيح , فهيا بنا نستكشف معنى هذه الكلمة من واقع المعاجم اليونانية بالإضافة إلى الإستخدام الكتابي للكلمة .



۩ كلمة پروتوتوكوس (πρωτότοκος) تحت المجهر :



يجب علينا أن نعلم أن كلمة (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) دائماً وأبداً ما تُرجمت في العهد الجديد - في جميع الترجمات العربية - إلى كلمة (بكر) ؛ وهي في اليونانية كلمة مكونة من مقطعين (پروتو - πρωτό) التي ترجع للأصل (پروتوس - πρῶτος) وتعني أول ؛ و (توكوس - τοκος) التي ترجع للأصل (تيكتو - τίκτω) والتي تأخذ معنى الولادة أو الإنتاج .

تستطيع أن ترى جميع النصوص التي تحتوي على كلمة (پروتوتوكوس - πρωτότοκος) :
يتبع


f;v ;g ogdrm - ds,u log,r lk ,hru hg;jhf