وقد اختلطت المفاهيم؛ فالفرحة في مواطن الحزن والعكس بالعكس، نحن في موطن الفرح، وينتكس الحال، وتنقلب الأوضاع، فالأمر الذي يستدعي إلى وقفة، يقف كل منا فيها مع نفسه يراجع حتى مشاعره، ولنا فيمن تقدمنا بإحسان أسوة وقدوة، رجع البعض إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول له (إنا نجد في أنفسنا ما أن يخر أحدنا من السماء أهون عليه من أن يتحدث به، قال: أوقد وجدتموه، ذاك صريح الإيمان) وقال: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)
أشياء وجدوها في نفوسهم وما تحدثوا بها. وأنت مطالب بأن تقف هذه الوقفة، وإلا فكل امرئ بما كسب رهين (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)(عبس:34-36).

أمم أبيدت وهي في لعبها وهي في لهوها، قال -سبحانه وتعالى-: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ)(الأعراف:97-98).

حتى الفرحة تحتاج إلى ضبط، متى نفرح؟ وكيف نفرح؟ كل هذا يحتاج إلى ضبط. ما هو حجمالفاعلات والسلوكيات مع الفرحة؟ هل يطيش العقل مثلاً؟ هي ينقلب الفرح إل نوع من البطر، قال الله -سبحانه وتعالى- عن أهل الجاهلية: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)(الأنفال:35)، أي: تصفيقاً وصفيراً. وقال -تعالى-: (وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً)(الإسراء:37).

فاتفق العلماء على حرمة الرقص، بل لا يحل لرجل ولا لامرأة أن ترقص في الشوارع على مثل هذا النحو.

أعلام تُرفع، وتُرسم على الخدود، وتشديد على معنى الفرعنة، وهو المعنى الذي ذمه -سبحانه وتعالى- في كتابه، وأنتم تعلمون سيرة الفراعنة؛ ادعوا الألوهية والربوبية مع الله -جل وعلا-، حضارة عفنة، ولو أطلق عليها اسم حضارة، فهل ينتهز البعض فرصة المباراة لكي ينبهر بالعفن.

وفرعون هو الذي قال لقومه: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)(القصص:38)، وقال: (يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)(الزخرف:51)، وقال لهم: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى)(النازعـات:24)، فكيف نجدد هذا العفن؟ وننسى إسلامنا وديننا بالمباريات.

عصبية جاهلية تطل برأسها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما سمع البعض يتنادى: يا للمهاجرين، والبعض يقول: يا للأنصار، فقال: دعوها فإنها منتنة أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، فلا يصح التمادي بنعرات الجاهلية؛ فنقطع ما أمر الله به أن يوصل.

أن تكون الفرحة سبباً في البطر، وسبباً في الفسق والفجور واختلاط النساء بالرجال، والرقص والغناء، وكل ذلك يصنعونه بزعم الفرح بهذا الفوز والنصر التاريخي.

مسائل تحتاج إلى وقفات تقفها مع نفسك اليوم، وإلا فكل إنسان يقف بين يدي ربه -عز وجل- في يوم عظيم.