مؤلفاته:

ترك رسائل كثيرة منها :
رسالة في الرد على القائلين من الطرقيين بوجوب تلقين الأوراد للعوام من المريدين و هي الرسالة التي طبعت سنة 1928 م بمطبعة رودوسي ، و قد قرضها و أثنى عليها عدد من العلماء آنذاك منهم الشيخ البشير الإبراهيمي الذي كتب إليه رسالة مطولة بخصوصها أنقلها هنا:
" الحمد لله
جناب العلامة الاديب أخينا سيدي محمد السعيد البهلولي أطال الله بقاءه و رزقنا لقاءه
السلام عليكم و رحمة الله :
وفاء للثناء الذي أنتم أهله ، و كفاء للفضل الذي أنتم قراراته و محله...
نقدم لكم تهانينا القلبية بهذا العيد، راجين أن يكون طليعة خير و فأل يمن لجميع المسلمين.
و ننهي لأخوتكم الكاملة ، إني اتصلت في أثناء السنة الماضية ، بواسطة الأخ محمد السعيد بن الشيخ الحسن برسالة من وضعكم ، و ابلغني اقتراحا من فضيلتكم على هذا الحقير ، أن يلقي عليها نظرة ، و يعطي فكرة فيما تضمنته ، ثم يرشد إلى طبعها إن رآها صالحة.
هزتني أريحية الثناء على جنابكم أولا لكمال إنصافكم و حسن ظنكم في هذا العاجز و أكبرت صنيعكم في ذلك.
ثم تأملت الرسالة ، فإذا انتم ترمون عن قوس فكرتي ، و ترودون مراد انتجاعي ، فحمدت الله ، و أيقنت أن ذلك نتيجة التعارف الروحي.
المسألة التي كتبتم فيها هي المسألة الشاغلة لأفكار دعاة الإصلاح الديني في الشرق...و لأخيكم الضعيف في هذا الميدان جولة ظهرت آثارها في الشرق مؤيدة بجند الله و البرهان العقلي ، و سلاح الأصلين الأصيلين : كتاب الله و ما صح من سنن نبيه [ صلى الله عليه و على آله وسلم ] القولية و الفعلية ...بيد أن حالة الشرق غير حالة بلادنا ، فالأنصار في الشرق متوافرون ، و فكرة الإصلاح قد تسربت الى نفوس كثير من الطبقات ، و تشربتها و خالطتها بشاشتها ، و شعر الجمهور بفظاعة الحالة الحاضرة ووجوب التزحزح عنها ...
لذلك تضاعف فرحي و ابتهاجي حين طلعت على فكركم في هذه المسألة و أنا أعدكم من أنصار هذه الحركة المباركة – حركة الإصلاح الديني – و أقوى ظهرانينا في هذه البلاد المنكوبة التي ابتليت بجدب العقول و قحط الرجال .
مولاي
نحن في فوضى دينية لا يدرك لها غور، و من كتم داءه قتله ، و نهج السلامة واضح ، و ما هو إلا الرجوع إلى الحق و الخضوع لسلطانه ، و ما الحق إلا ما كان عليه سلفنا الصالح تحققا و اتصافا ثم تبليغا و إرشادا " الكتاب و السنة ، منهما المبدأ و اليهما المرجع"
قامت علينا الحجة بقوله تعالى : " و أن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه " الآية.
فخالفناه و اتبعنا السبل، فتفرقت بنا عن سبيل الله ...و بقوله تعالى: " , أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه " ، و تبرأ منا نبينا صلى الله عليه و على آله وسلم كما علمه سبحانه و تعالى : " إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم" .
إن الباحثين في أحوال الإسلام وبنيه و المنقبين عن عللهم الاجتماعية كانوا يحصرون أسباب انحطاطهم بعد ذلك الصعود ، و ذلهم بعد تلك العزة القعساء في سبب واحد هو ما نحن فيه : خلاف في الدين و مكابرة في اليقين ، و أهواء مطاعة على غير بينة ، و لا هدى و لا كتاب منير ...
... و إنني أهنئ نفسي بوجودكم ، و حسن ذوقكم، وأتوسم فيكم على بعد الدار – عضدا للإصلاح الذي ننشده ، و أن الله لمع الصابرين "
محمد البشير الإبراهيمي
في 4 شوال 1346 هـ [ أفريل 1928م].

- رسالة بعنوان " الدين النصيحة "
كما كان الشيخ ينسخ المصاحف و الكتب ، و قد قال بنفسه بأنه ينسخ مصحفا كاملا في اقل من نصف شهر ، ثم يبيعه ليشتري بثمنه الكتب التي يفتقدها مطبوعة كانت أم منسوخة اثراءا لمكتبه و دعما لطلبته و غيرهم من المهتمين ، وكان لا يكل و لا يمل فقد نسخ المئات من الكتب و المخطوطات و المجلدات
و كان خطه مغربيا أصيلا جميلا سهل القراءة لا اعوجاج في سطروه و لا انحناء و كأنه خط مطبعي.

انتقاله إلى بني اشبانة:

انتقل بعد وفاة أبيه و نشوب خلاف بينه و بين قائد دوار بني ورتيلان الى قرية بني شبانة حيث استقر بها إلى غاية وفاته رحمه الله.
مع العلم انه قبل هذه الفترة جرت عملية تلقيب العائلات الجزائرية ( الألقاب العائلية حتى تستطيع السلطات الإستدمارية الفرنسية و التحكم في الهجرة و التنقل ) فاختير له لقب " فضلاء " عوض لقب ابهلول الذي بقيت بعض أبناء عمومته يلقبون به.

وفاته:

ذكر إبنه محمد الطاهر فضلاء رحمه الله سنة وفاته و كيفيتها فقال: " اجتمع بطلبته في دروسه التي لم ينقطع عنها يوم الأربعاء 21 جانفي ( يناير) 1945 م بقاعة الدرس في معهد زاوية سيدي موسى الوغليسي و كان موضوع درسه الحديث القدسي " أنا عند حسن ظن عبدي بي ..." وقد جلس نحو الساعتين يحلل و يشرح و يعلق ، أحس إثرها بصداع حاد اجبره على التوقف و مغادرة القاعة ، مرفوقا ببعض طلبته إلى منزله الذي لا يبعد إلا أمتارا قليلة عن المعهد ، و بمجرد وصوله إلى البيت استلقى على الفراش فداهمته حمى قوية و أليمة ظل بها أربعة أيام فما تخف تارة الا لتشتد تارة أخرى ، و في يوم الأحد 21 صفر 1346 هـ الموافق ل 4 فيفري 1945 م على الساعة السابعة صباحا اسلم الروح إلى بارئها رحمه الله ، و دفن في ضريح سيدي موسى الوغليسي.

من صفاته و أخلاقه :

كان عالي الهمة و عاش عزيزا كريما ، شجاعا صادقا ، دعا الناس إلى نبذ الخرافات لأنها عين الجمود و الاستكانة و كان سلاحه الإيمان بالله و حجته الكتاب و السنة و أقوال العلماء من السلف الصالح.
رفض إلا أن يكون عالم دين حر فتفرغ كليا لنشر الدين الحنيف و العلم الصحيح، كان رغم ظروف عصره الذي استفحلت فيه الشعوذة و انتشر فيه التدجيل اقرب ما يكون من العلماء المجددين بحكم توسع علمه ووعيه فكان – و في غير هذا – من الأعلام الممهدين للحركة الإصلاحية الباديسية و من المرحبين بها.
وقد وجهت له دعوة للانضمام الى الحركة الإصلاحية الناشئة فرد مؤيدا لها معتذرا عن الانضمام لها لأسباب صحية نظرا لتقدم سنه.
و مما جاء في رده :
" بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله لا رب غيره ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد نور الخلق و خيره [ صلى الله عليه و على آله وسلم]
إلى إخواننا في الله ، سلام عليكم و رحمة الله و بركاته ما دامت روحات اليوم و غدواته
أما بعد:
فان مكتوبكم اتصل بأيدينا و فيه أنكم رغبتم في موافقتنا لما تحاولونه من انشاء اجتماع علماء الوطن لنهج لنهج الطريق الإسلامي لمن يهتدي عملا بقوله تعالى : " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة" الآية.
وقوله تعالى : " و تعاونوا على البر و التقوى" الآية
هذا و إن ما يقتضيه غرضكم ، و أردتم صرف الهمة نحوه من اكبر الطاعات على ظاهر الحال عملا بقوله صلى الله عليه وسلم " لان يهدي الله على يديك رجلا خير ..."
فان ظهر لكم موافقة ما تحاولونه لما تقتضيه شريعة الإسلام ، باجتماع الكلمة من الجميع و انتفاع السامعين، فَنِعم السعي سعيكم ، أعانكم الله على ذلك ، فنحن معكم بالدعاء ، لان السعي في إصلاح الدين من اكبر الطاعات كما تقدم في الحديث ، لا سيما أهل هذا الوطن في وقتنا هذا ، و أما قدومي إليكم فمتعذر علي لكبر سني و عدم طاقتي و السلام من العبد الفقير خديم العلم و اهله السعيد بن الطاهر البهلولي."


المراجع:


- الشيخ السعيد ابهلول الورتيلاني في مجموعة من رسائله و مجالسه و فتاويه.
لمحمد الطاهر فضلاء، نشر دار هومة – 2004 .
- تاريخ الجزائر الثقافي ، أبو القاسم سعد الله ، المؤسسة الوطنية للكتابة، الجزائر،1985.
- مقال بعنوان " جهود أمازيغية في خدمة العربية " لمحمد ارزقي فراد.