أخي الحبيب أبي عبد الله .

أما عن قبول رواية حميد الطويل عن أنس بإطلاق ! فيحتاج إلى تأمل
فقد نقل ابن حجر في ( التهذيب) : وقال أبوبكر البرديجي : وأما حديث حميد فلا يحتج منه إلا بما قال : حدثنا أنس .اهـ
ويدل على ذلك أيضاً قول ابن حجر في ( هدي الساري ) : إلا أنه كان يدلس حديث أنس ، وكان سمع أكثره من ثابت
وغيره من أصحابه .اهـ
نعم يحتاج إلى تأمل وبعد التأمل ستجد أن عمل المحققين على تمشية عنعنة حميد فيما يرويه عن أنس أما قول الحافظ " وغيره من أصحابه " فقد أورد بعد ذلك فقال :
فروى مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة قال عامة ما يروي حميد عن أنس سمعه من ثابت وقال أبو عبيد الحداد عن شعبة لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثا والباقي سمعها من ثابت أو ثبته فيها ثابت فهذا قول صحيح .. انتهى

ومثله ما قال ابن حبان وإن اختلف مع شعبة فيما رواه حميد عن انس سماعا لكنه قال بعد ذلك أن باقي سماعه من ثابت ..
فلادليل على أنه دلس حديث أنس عن غير ثابت كما قال الأخ لأن عمل المحققين على تمشية عنعنته


لذلك قال ابن حجر في ( طبقات المدلسين ) : كثير التدليس عنه ، حتى قيل : إن معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتادة .اهـ


ولا يخفى عليك أن قتادة مدلس ، وبذلك نحتاج لمعرفة الواسطة بين حميد وأنس .


بل لا يخفى عليك أخي الحبيب أن صيغة التمريض لا تعني الثبوت بل تعني عدم التوثيق على الصحيح فقد قال الحافظ " قيل " في طبقات التدليس وكذا في فتح الباري ..

وكما قلت عمل المحققين فيما اطلعت واطلاعي قليل على تمشية عنعنة حميد لحديث أنس إذا صح السند إليه ولم يعللها أحد بالتدليس ..

أما قول من قال أنه لا يُقبل إلا إذا صرح بالسماع مثل الحافظ أبي بكر البرديجي فقول شعبة وابن حبان يطمئن القلب من عنعنته لذلك رد عليهم العلائي بقبول العنعنة بعد إيراد قول شعبة لبيان الواسطة وهو ثابت ..

وكذا نقل عنه السخاوي في فتحه قال :
" وكذا قيل في حميد الطويل إنه لم يسمع من أنس إلا اليسير وجل حديثه إنما هو عن ثابت عنه ولكنه يدلسه
فقال العلائي ردا على من قال إنه لا يحتج من حديث حميد إلا بما صرح فيه قد تبين الواسطة فيها وهو ثقة محتج به "

ولم يستدرك السخاوي على تقرير العلائي وكذلك لم يعقب الحافظ ابن حجر على تقرير العلائي ..

وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود :
ذكر غير واحد من الأئمة أن حميداً كان يدلس عن أنس؛ قالوا: إنما رواها عن ثابت عن أنس، واختلفوا هل سمع من أنس شيئاً أم لا؟!
والصواب الأول؛ فقد صرح حميد بسماعه من أنس يشيء كثير؛ وفىِ "صحيح البخاري " من ذلك جملة، كما قال الحافظ في "التهذيب ".
وينتج من ذلك: أنه صحيح الحديث عن أنس على كل حال؛ سواءً صرح بسماعه أو عنعن.
أما على الأول فواضح؛ لأنه ثقة اتفاقاً.
وأما على الثاني؛ فلأنه إن لم يكن سمعه من أنس؛ فقد سمعه من ثابت عنه، وثابت ثقة أيضا اتفاقاً. ولذلك قال الحافظ أبو سعيد العلائي:
" فعلى تقدير أن تكون أحاديث حميد مدلسة؛ فقد تبين الواسطة فيها؛ وهو ثقة محتج به ".

قلت : و بالنظر في كل طرق الحديث ، لم نجد لثابت البناني في طرق الحديث ناقة و لا جمل

و انما وجدنا لأبان بن أبي عياش ، و هو من أصحاب أنس و لكنه متروك ، و هو الأقرب أن حميد أخذه عنه ، ثم دلسه عن أنس ، و الله أعلم .


نعم أخي الحبيب وملاحظتي لا علاقة لها بهذا الحديث فالسند لم يصح أصلاً إلى حميد لكن الإعلال بعنعنة حميد عن أنس خصوصاً لا أعرف من يُعل بها الحديث إذا كان السند إليه صحيحاً .. والله أعلم

وكما بينت أخي الحبيب أن ذلك في حدود إطلاعي فإذا تبين لك أن أحداً من أهل التحقيق أعل بذلك فأرجوا منك أخي ألا تبخل علينا ببيانه للإفادة وإعادة النظر ..

وجزاك الله خيرا