زينب بنت محمد( رضى الله عنها ) الحلقة الثانية

--------------------------------------------------------------------------------

وعندما عاد أبو العاص إلى بيته وجد زوجته {رضي الله عنها} جالسة بانتظاره فإذا به يخبرها بأن والدها محمد دعاه إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام ودين أجداده ، فرحت زينب ظناً منها أن زوجها قد أسلم، لكنه لم يكمل ولم يبشرها بإسلامه كما ظنت فعاد الحزن ليغطي ملامح وجهها الطاهر من جديد. بالرغم من عدم إسلام أبي العاص ألا أنه أحب محمد r حباً شديدا،ً ولم يشك في صدقه لحظة واحدة، وكان مما قال لزوجته السيدة زينب {رضي الله عنها} في أحد الأيام عندما دعته إلى الإسلام :

" والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إليّ من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره لك أن يقال: إن زوجك خذل قومه وكفر بآبائه إرضاء لامرأته "

من هذه المواقف نجد أن السيدة زينب {رضي الله عنها} على الرغم من عدم إسلام زوجها فقد بقيت معه تدعوه إلى الإسلام، وتقنعه بأن ما جاء به الرسول هو من عند الله وليس هناك أحق من هذا الدين لاعتناقه. ومن ذلك نجد أيضاً أن أبا العاص لم يجبر زوجته على تكذيب والدها أو الرجوع إلى دين آبائهِ وعبادة الأصنام ِ وحتى وإن أجبرها فلم تكن هي، لتكذب أباها إرضاء لزوجها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، والملاحظ أن موقف أبا العاص ومسايرته لقومه مرده إلى كبرياء جاهلي ، سيطر على كثيرين من أمثاله ، مبعثه العصبية القبلية .

الهجرة :

اشتد أذى المشركين بالرسول و أصحابه وخاصة بعد وفاة خديجة وأبي طالب فأذن لأصحابه بالهجرة إلى يثرب

( ولا يفوتنا أن نذكر موقف السيدة زينب في رعايتها لإخوتها بعد وفاة أمهم وخاصة فاطمة الزهرة النضرة .. فقد أصبحت زينب نعم الأم لأخواتها )

طبق أجواء مكة ذات يوم نبأ هجرة الرسول وصاحبه إلى المدينة ومطاردة قريش لهما ، فكانت زينب تمضي الليالي مضطربة النفس خائفة القلب على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم ترتح إلا بعد أن وصل خبر وصوله وصاحبه إلى يثرب آمنين سالمين .. وبعد هجرة رسول الله r إلى المدينة المنورة أمر بإحضار ابنتيه فاطمة وأم كلثوم {رضي الله عنهن} إلى دار الهجرة يثرب، أما رقية {رضي الله عنها} فقد هاجرت مع زوجها من قبل ولم يبق سوى زينب التي كانت في مأمن من بطش المشركين وتعذيبهم وهي في بيت زوجها الذي آمنها على دينها.


غزوة بدر

دارت رحى غزوة بدر سريعا وحقق المسلمون فيها نصرا مؤزرا .. فقتل من المشركين من قتل وأسر من أسر وتشرد البقية .. وكان ضمن من وقعوا في الأسر ( أبو العاص بن الربيع )
الذي كان قد خرج مع المشركين يوم ذاك ..

ولما استعرض الرسول الأسرى نحا ( أبا العاص ) جانيا وقال لأصحابه :
استوصوا بالأسرى خيرا .

كانت زينب رضي الله عنها في وضع لا تحسد عليه ، وحين بدأت عملية فداء الأسرى ، كانت زينب راغبة في عودة زوجها إليها مستثيرة همة والدها العظيم لذلك ، فاستخرجت من صندوقها قلادة كانت لأمها خديجة رضي الله عنها أهدتها إياه يوم عرسها ثم حملته لشقيق زوجها عمرو بن الربيع كي يقدمها فدية عن زوجها .

فلم يكد الرسول يرى تلك القلادة حتى رق لها رقة شديدة وخفق القلب الكبير للذكرى العظيمة
وأطرق الحاضرون من الصحابة خاشعة أبصارهم وقد أسروا بجلال الموقف وروعته

وبعد صمت طويل قال ( صلى الله عليه وسلم ) :

- إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالهم فافعلوا
فقالوا جميعا :


- نعم يا رسول الله .


الفــراق

لكن النبي أوصى أبا العاص أن برسل زينب إليه . لأن الإسلام فرق ينهما وأخذ عليه عهد في ذلك
عاد أبا العاص إلى مكة وهو بادي الوجوم ظاهر الحزن وقال لمرأته :
جئتك مودعا يا زينب

وأخبرها بما وعد أباها من ردها إليه .

ثم قال :

مهما يحدث يا زينب فسأبقى على حبك ما حييت وفيا ، وسيبقى طيفك أبدا ملئ هذه الدار التي شهدت أحلى وأطيب أيام حياتنا .

مسحت زينب دموعها المترقرقة ، وانصرفت ، ولكن قريشا تصدت لها ومنعتها وأعادتها إلى مكة وروعت رضى الله عنها بما حدث وكانت حاملا فنزفت دما وأجهضت .. فحماها أبو العاص عنده حتى استعادت عافيتها وقوتها ، فاغتنم يوما غفلت فيه قريش عنها فأخرجها بصحبة أخيه كنانة بن الربيع حتى أبلغها مأمنها عند أبيها .. وعاد كنانة وهو ينشد :
عجبت لهبار وأوباش قومه يريدون إخفارى ببنت محمد
ولست أبالي ما حييت عديدهم وما استجمعت قبضا يدي بمهندي

وهبار هو هبار بن الأسود الذي أعترض مع نفر من قومه زينب رضى الله عنها وتسبب في إسقاطها لجنينها .
ولقد أمر الرسول بقتله بعد علمه بالحدث ..

ماذا حدث لها رضى الله عنها ؟....؟؟؟


يتبع,,,,

v]: lu kshx fdj hgkf,m