ثالث المزايا : أن النبي صلى الله عليه وسلم بل جميع الأنبياء والمرسلين لم يبعثوا التقرير توحيد الربوبية أو الأسماء والصفات أصالةً، وإنما بُعثوا أصالة لتقرير توحيد الإلهية، وغيرُ توحيد الإلهية تبعٌ له أو مضمنٌ إياه ، مع أن الأصل توحيد الإلهية والعبادة .
وهذا قرره الإمام محمد ـ رحمه الله ـ في رسائل وكتب ، وهو معلوم مستفيض عنه، ومن ذلك: ما جاء في ((مجموع مؤلفاته)) في الرسائل الشخصية في الرسالة الرابعة والعشرين في صفحتها السادسة والستين بعد المائة الأولى ، وكذا بنحوها في ((الدرر السنية)) في مجلدها الثامن وصفحتها الخامسة والسبعين، وفيه يقول ـ يرحمه الله ـ : ((إن التوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم إفراد الله بالعبادة كلها ليس فيها حق لملَكٍ مقرب ولا نبي مرسل فضلاً عن غيرهم))، كذا قال ـ يرحمه الله ـ
ويدل على صحة ذلك أدلة كثيرة ومن ذلك أيها الخيرة قول الله سبحانه : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ، وكذا عموم قول الله تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، حيث إن هذه فيها دلالة واضحة على أن الله تعالى أمر بعبادته، وهو المسمى بتوحيد العبادة المتعلق بإفراد الإنسان عباداته الله لا أن يجعل له فيها شريكاً .






: {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} ، فإقرارهم بتوحيد الربوبية ـ والكلام لا يزال للإمام – رحمه الله – ـ لم يدخلهم في الإسلام وإن قَصْدَهُم الملائكة والأنبياء والأولياء يُرِيدون شفاعتهم والتقرب إلى الله بذلك : هو الذي أحل دمائهم وأموالهم)) ثم قال بعدُ ـ يرحمه الله ـ : ((وهذا التوحيد هو معنى قولك : لا إلا الله)) ، كذا قال ـ يرحمه الله ـ ويدل على صحة ذلك في الجملة: أدلة كثيرة ، ومن ذلك قوله سبحانه : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} ، وكذا قوله عز من قائل : {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}، وهاتان الآيتان فيهما دلالة على أن الكفار زمن بعثة النبي المختار أفضل صلاة وأتم تسليم كانوا مقرين بتلك الحقيقة مذعنين لها إلا أنهم كانوا يصرفون العبادة لغير الله سبحانه وهذا لا يمنع ـ أعني تقرير ذلك ـ أن يكون هناك من يجحد كل أنواع التوحيد فلا يأتي بتوحيد الربوبية ولا غيره إلا أن الأصل العام هو ما سبق .
المفضلات