هيـــكلزروبابــــل
Zerubabel's Temple
مع هدم هيكل سليمان قام زروبابل (أحد كبارالكهنة الذين سمح لهم الإمبراطور الفارسي قورش بالعودة إلى فلسطين) بإعادة بناءالهيكل في الفترة 520 ـ 515 ق.م، أي في أربعة أعوام (في حين استغرق بناء هيكلسليمان سبعة أعوام)، ويُسمَّى هذا الهيكل «هيكل زروبابل». ويذكر العهد القديم أنالهيكل الثاني بُني بأمر من إله يسرائيل، وبأمر أباطرة الفرس: قورش ودارا الأولوأرتحشتا (عزرا 6/14). ولذا، فقد كانت تُقدَّم فيه قرابين يومية لصالح حامي صهيونالوثني. وكان مرسـوماً على مدخله خريطة لمدينة سوسة عاصمة الإمبراطورية الفارسية.ولم يكن هذا الهيكل (هيكل زروبابل) في عظمة هيكل سليمان. ولا تُوجَد إشارات كثيرةإلى شكله المعماري ولا إلى تقسيمه، ولكن معظم الباحثين يميلون إلى القول بأنه لميكن يختلف كثيراً عن الهيكل الأول في بنيته، ويعود هذا إلى أنه حينما هاجم نبوختنصرهذا الهيكل، فإنه لم يهدمه وإنما نهبه وحرقه. ولكن لم تحترق سوى الأجزاء الخشبيةكالسقف والبوابات الخشبية وكسوة الحوائط الخشبية. أما الهيكل المعماري، فقد بقي كماهو، فاستخدمه العائدون من بابل دون تغيير. أما فيما يتصل بمحتويات الهيكل، فنحننعرف أن قدس الأقداس كان فارغاً تماماً لأن سفينة العهد قد اختفت، ولم تكن توجد سوىصخرة عالية يضع الكاهن الأعظم عليها المبخرة. وكان هيكل زرو بابل يضم أيضاً أوانيهيكل سليمان الأخرى كالشمعدانات الذهبية ومائدة قربان الوجه ومذبح البخور.

وقد لعب هذا الهيكل، مثله مثل سابقه، دوراً أساسياً في إسباغ شرعية على فئةالكهنة التي صارت الفئة الإدارية الأساسية في مقاطعة يهود (أو يهودا) الفارسية.ولأن النظام الملكي لم يُسترجَع، فقد اكتسبت النخبة الكهنوتية والعبادة القربانيةأهمية خاصة، وأصبح استرجاع الملكية جزءاً من عالم آخر الأيام وحسب. وقد نهبأنطيوخوس الرابع هذا الهيكل في القرن الثاني قبل الميلاد، وبنى فيه مذبحاً لزيوس.ويُقال إن خلفاءه قدموا أواني الهيكل للمعبد اليهودي في أنطاكية. وعند اندلاعالتمرد الحشموني، أعاد المتمردون تكريس الهيكل ووُضعت فيه أوان وأدخلوا عليه بعضالتعديلات. وقد اجتاحه بومبي، ونهبه كراسوس بعد ذلك.

هيكـلهــيرود (الهيـكل الثـــاني)
(Herod's Temple (Second Temple
«هيكل هيرود»هو الهيكل الذي بناه الملك هيرود (27 ق.م ـ 4م) الذي عيَّنه الرومان ملكاً، أيحاكماً رومانياً يحمل لقب «ملك» ويشار إلى هذا الهيكل بأنه «الهيكل الثاني». وفيبعض الأحيان يُستخدَم هذا المصطلح الأخير للإشارة إلى الهيكل الذي أسَّسه زروبابل،وبذا يكون هيكل هيرود الهيكل الثالث (وإن كان هذا المصطلح الأخير يشير عادةً إلىالهيكل الذي سيُشيَّد في آخر الأيام مع بداية العصر المشيحاني). وحينما اعتلى هيرودالعرش، وجد هيكل زروبابل متواضعاً للغاية، فقرر بناء هيكل آخر لإرضاء اليهود، ولكنهقرر أن يبني في الوقت نفسه معبداً لآلهة مدينة روما حتى ينال رضا الإمبراطور أوغسطسويثبت ولاءه له. ويبدو أن هذا المعبد الروماني الوثني كان لا يختلف كثيراً في بنيتهالمعمارية عن الهيكل اليهودي. وقد بدأ هيرود في بناء الهيكل عام 20 ـ 19 ق.م، فهدمالهيكل القديم واستمر العمل في البناء وقتاً طويلاً، فمات دون إتمامه، واستمرالبناء حتى عهد أجريبا الثاني (64م)، بل كانت لا تزال هناك حاجة إلى اللمساتالأخيرة حينما هدمه تيتوس عام 70م. ولما كانت أهداف الهيكل دنيوية إلى حدٍّ كبير (أي لزيادة هيبة الدولة)، فإننا نجد أن التركيز كان على رموز الدولة، ولذلك فقدبُني الهيكل على الطراز اليوناني الروماني السائد. وقد وسَّع هيرود نطاق الهيكلليضم مساحة واسعة، فبنى سلسلة من الحوائط مكوَّنة من صفين من الأعمدة طولهما 5050قدماً، تضم منطقة مساحتها 915×1520×1595×1025 قدماً. ويمكن الوصول إلى الهيكل منخلال عدة بوابات وأربعة جسور. وكان ملاصقاً للسور برج أنطونيا الذي بناه سيمونالحشموني (البيرة). وقد قام هيرود بتوسيعه وإصلاحه وأعاد تسميته، فنسبه إلى قيصرروما مارك أنطوني، وكانت تحتله حامية رومانية. وكان السور يضم أروقة معمَّدة أكبرهاالرواق الملكي الذي كان على شكل بازيليكا (مبنى روماني مستطيل في أحد طرفيه جزءناتئ نصف دائري) كان يتجمع فيه التجار الذين يبيعون ذبائح القرابين والصرافون الذينيحوِّلون العملات إلى الشيكل المقدَّس الذي كان على اليهود دفعه للهيكل. وكان هناكداخل هذه الأسوار مباشرة ما يُسمَّى «ساحة الأغيار» لأن غير اليهود كان مسموحاً لهمبالدخول فيها. ثم تتوالى الساحات الأخرى على هيئة مصاطب، وكان هناك حائط شبكي حجرييفصل ساحة الأغيار عن الهيكل نفسه.

وكان يمكن الوصول إلى الهيكل من خلالبوابة تُسمَّى «البوابة الجميلة» (1) (الأرقام تقابل تلك الموجودة في مخطط هيكلهيرود).

تليها الساحة الأمامية وهي ساحة النساء (2) التي كان يحيط بها أربعحجرات للأخشاب (3) والمصابين بالبرص (4) والمنذورين (5) والزيوت (6). وكان هناك سلمله اثنتا عشرة درجة (7) يؤدي إلى بوابة تُسـمَّى «بوابة نيكانور» سمـاها يوسيفوس «البوابة الكورنثية» (8). وكان الكهنة (اللاويون) يقفون على هذه الدرجات وينشدونأناشيدهم فتشاهدهم النساء. وبعد ذلك، ساحة اليسرائيليين أو الرجال (9). وفي أقصىيسار الداخل، كانت هناك غرفة مصنوعة من الحجر المنحوت، وهي التي كان يجتمع فيهاالسنهدرين (10). وبعد ذلك، على اليسار أيضاً، كان هناك المذبح لتقديم القرابين (11). وكان على اليمين مكان الذبح (12) ويقابله ساحة الكهنة (13) في منتصفها سلم (14) يؤدي إلى الهيكل نفسه، وعلى يساره مغسل (15) يغتسل فيه الكهنة. وكانت بعضشعائر العبادة القربانية تتم في ساحة الكهنة. وكان الهيكل نفسه مبنياً من الرخامالأبيض يزينه رواق معمَّد في واجهته (16). وحينما كان باب الهيكل يُفتَح، كان بوسعالناس أن يروا الحرم. وكان هيكل هيرود، مثله مثل الهيكـل الأول، مُقسَّماً إلىالبهـو المقدَّس (17) وقـدس الأقداس (18). ويحتوي البهو المقدَّس على شمعداناتالمينوراه، ومائدة خبز الوجه ومذبح البخور. وكان سقفه من خشب الأرز المطعم بالذهب.وكان مزوَّداً بنوافذ على عكس قدس الأقداس الذي كان مظلماً وخاوياً. ولم يكن الحائطالغربي أو حائط المبكى جزءاً من الهيكل نفسه وإنما كان جزءاً من سوره الخارجي الذيأشرنا إليه. والوصف السابق لهيكل هيرود هو الذي ورد عند يوسيفوس. وهو مختلف عنالأوصاف التي وردت في كتب المدراش. وقد هدم تيتوس الهيكل الثاني عام 70م.


يُشاربتعبير «الهيكل الثاني» إلى هيكل هيرود الذي هدمه تيتوس.

الهيكـل الثالث
Third Temple
«الهيكل الثالث» مصطلحديني يهودي، يشير إلى عودة اليهود بقيادة الماشيَّح إلى صهيون لإعادة بناء الهيكلفي آخر الأيام. ويُشار إلى ذلك بتعبير «الهيكل الثالث» إذ أن الأول هو هيكل سليمانالذي هدمه نبوختنصر، والثاني هو هيكل هيرود الذي هدمه تيتوس، والثالث والأخير هوالذي سيُبنى في العصر المشيحاني، وبالتالي فهو مرتبط بالرؤى الأخروية لا بالتاريخالإنساني. ومع هذا، فقد عَلمن الصهاينة هذه الرؤية وجعـلوا الاسـتيطان الصهيونيهوالعودة المشـيحانية. وبالتالي، فإن الدولة الصهيونية هي الهيكل الثالث أوالكومنولث الثالث. ويُستخدَم هذا المصطلح، في أحيان نادرة، للإشارة إلى هيكل هيرودباعتبار أن الهيكل الثاني هو هيكل زروبابل الذي هدمه هيرود ليبني هيكله.

مراسم العبادة في الهيكل
Temple Rituals
كانتمراسم العبادة في الهيكل تختلف من فترة إلى أخرى، ولكن ملامحها الأساسية ظلت ثابتة.ففي كل صباح، كان أحد الكهنة ينظف ضريح القرابين من الرماد ثم يُذكي النيران. وبعدذلك، كانت تُقدَّم قرابين اليوم (الجديدة) المكونة من حَمَل وخبز ومشروبات. وكانالكاهن الأعظم (أو من ينوب عنه) يدخل البهو المقدَّس، وينظف الشـمعدانات، ويحرقالبخور على مذبـح البخور، ويُقدِّم قربان خبز الوجه. وعند الغروب، كانت معظمالشعائر تُعاد من جديد. كان هذا هو النمط السائد للعبادة والقرابين في الأعياد وفييوم السبت. وكان الكاهن الأعظم يدخل قدس الأقداس في يوم الغفران، وكان التفوه باسميهوه يمثل ذروة هذه العبادة، حيث كانت هذه اللحظة تشكل نقطة التماس بين الإلهوالشـعب والأرض، فهي النقـطة التي يتجسـد فيها الحلول الكامل.

والعبادةالقربانية المركزية تدور في إطار حلولي، ولذا يُلاحَظ أن القداسة تتغلغل تماماً فيالمؤسسات القومية السياسية، وكان المعبد المركزي (الملحق بالقصر الملكي) والعبادةالقربانية المركزية هما التعبير المتعين عن تَداخُل المطلق والنسبي والمقدَّسوالزمني. وقد كانت الشرعية السياسية متداخلة تماماً مع الشرعية الدينية، ولذايُلاحَظ أن تأسيس الأسر المالكة في الشرق الأدنى القديم يصاحبه دائماً تأسيس معبدمركزي حتى يمكنها تركيز السلطة. ولم يشكل العبرانيون القدامى (جماعة يسرائيل)استثناء من القاعدة، فقد تم تأسيس الهيكل المركزي ليصبح الرمز الواضح والمتجسدللحلول الإلهي وللشرعية الدينية التي كان يحتاج إليها النظام السياسي. فكان حكمالأسرة الداودية (نسبة إلى داود) يستند إلى الهيكل. وعلى مستوى العلاقات الدولية،كان الهيكل يعطي الدولة الجديدة هيبة أمام الزوار الأجانب، ويؤكد لهم شرعية النظامالجديد، كما أن هيمنة الدولة العبرانية عـلى بعـض المناطق المجاورة لها كان يتمبموافقة الكهنة، ويهوه بطبيعة الحال.

وكان تركيز العبادة القربانية تركيزاًلموارد الدولة أيضاً، وقد كانت القرابين من أهم هذه الموارد إلى جانب الضرائب وجزيةالرؤوس التي فرضها سليمان على جميع رعاياه بحيث كان على كل ذكر يهودي أن يدفع نصفشيكل كل عام (وهو الشيكل المقدَّس). لهذا، لم يسمح بتقديم أية قرابين خارج الهيكلبعد تأسيسه. وكان الهيكل، شأنه شأن كثير من الهياكل في الشرق الأدنى القديم، مصرفاًيضع فيه الأثرياء نقودهم ويرسلون إليه النذور والقرابين، كما كانت تُحفَظ فيه رموزالدولة وطنافسها.

وقد استمر هذا الوضع مع هيكل هيرود الذي أشار إليه ولديورانت بأنه « المصرف القومي»، وأشــار إليـه يهـودا مينوهـين بأنـه «الهيكل/السوق »، حيث كان يُوجَد الباعة وتجار الماشية والصيارفة، وكان هذا هو سرّ غضب السيدالمسيح عند زيارته للهيكل.

ولما كان الهيكل هو الخزانة القومية أو المصرفالقومي للدولة العبرانية المتحدة (ثم المملكة الجنوبية)، فإننا نجد أن القواتالغازية كانت تحاول نهبه أثناء الحروب كجزء من الحرب الاقتصادية وكجزء من محاولةضرب الشرعية السياسية.

وكان الكهنة اللاويون يقومون على خدمة الهيكل،يترأسهم الكاهن الأعظم، وهو ما جعل فئة الكهنة من أكثر الفئات نفوذاً. وكانت فرقةالصدوقيين تعبِّر عـن مصالح هـذه الفئة وتدافع عن عبادة الهيكل القربانية. أما فرقةالفريسيين، فكانت تمثل المعارضة. ولذا، فقد كانت هذه الفرقة تؤيد إنشاء المعابداليهودية المستقلة لأنها تحقق انفصال اليهودية عن الهيكل والكهنة.

وكانيقوم بالأعمال الوضيعة مجموعة من عبيد الهيكل في هيكل سليمان يُشار إليهم بالنثينيمأو الجبعونيين.